إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    بعد رحلة شاقة "بورتسودان.. الدوحة ثم الرباط ونهاية بالخميسات"..بعثة منتخب الشباب تحط رحالها في منتجع ضاية الرومي بالخميسات    على هامش مشاركته في عمومية الفيفا ببانكوك..وفد الاتحاد السوداني ينخرط في اجتماعات متواصلة مع مكاتب الفيفا    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منبر السلام العادل .. حتمية السقوط والتلاشي الحلقة الأولى والثانية

نشر المقال بصحيفة التيار يومي ( الخميس والجمعة 10 و11 مايو 2012م )
حتى لا نظلم المنبر وحتى نكون منصفين مع أنفسنا والإنصاف والعدل من الشيم والقيم التي تقربك من الله باعتبار أنها أمر قرأني حيث يقول الله تعالى : " ولا يجر منكم شنأن قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى " ، كما أننا سنتحرى الصدق فيما نذكره عن المنبر ورأسه وصاحبه وذلك امتثالاً لأمر نبينا صلى الله عليه وسلم الذي حث على الصدق بقوله : " لا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكُتب عند الله صديقاً " ومحذراً في ذات الأمر من الكذب بقوله : " لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً " ..
الحقيقة والدليل :
فما سأذكره أبتغي به أولاً قول الحق وتجلية الحقيقة للرأي العام في شأن هو من أعظم شؤون الأمة الآن وفي فترة امتدت من العام 2003م ، إلى هذا الوقت تغيرت فيه كثير من الحقائق الواقعية التي ألفها الناس ردحاً من الزمان ، وخلال فترة 6 سنوات هي من أخطر الفترات في تأريخ السودان لعبت فيه كثير من القوى التقليدية المعروفة والجديدة الناشئة أدواراً تحسب مرات لها وفي أغلبها عليها .
منبر السلام باعتباره مكون حديث في الساحة السياسية لا يمكن قراءة واقعه الحالي أو استشراف مستقبله بمعزل عن قراءة ظروف وملابسات تكوينه بادئ الأمر كما لا يمكن استشراف مستقبله إلا بالرجوع لقراءة الخارطة الفكرية والحركة التنظيمية من خلال مكونين الكادر المؤهل والإدارة الفاعلة للكادر .
ملابسات وظروف تكوين المنبر :
في تلك الفترة الأيام الأولى للعام 2003م ، كان وضع البلاد كما يراه المراقبون يتلخص في الآتي ضغط دولى من القطب الأوحد أمريكا – حصار اقتصادي – هذا فيما يتعلق بالأمر الدولي – أما إقليمياً فكانت العلاقات مع دول الجوار سيئة لأبعد الحدود ، أما فيما يتعلق بالداخل فكانت الحروب في كل من الجنوب ، وجبال النوبة ، والشرق جبهة ممتدة من النيل الأزرق حتى كسلا ، وكانت الأحزاب المعارضة قد شكلت مع الحركة الشعبية أجنحة مسلحة ، وقامت ببعض العمليات العسكرية في شرق السودان ، وقد شكل انشقاق الحركة الإسلامية فيما عُرف بعد ذلك بالمؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي إضعاف الحكومة ، إذ أدى هذا الانشقاق لخروج كثير من الكوادر المؤهلة المحسوبة على الإسلاميين للعمل المعارض أو بالأصح للعمل المسلح كالذي انتهجته حركة العدل والمساواة .
لواء السودان الجديد :
كانت دعاوي الحركة الشعبية والمتحالفين معها من الأحزاب ذات التوجه الليبرالي واليساري ، قد بدأت تظهر – فيما يتعلق بمشروعهم المطروح باسم السودان الجديد – ذلك الهدف الذى أنشأت الحركة الشعبية والحركات الشمالية المتحالفة معها قوات اسمتها " لواء السودان الجديد – New Sudan Brigade " ، وجعلت مقر قيادته بالدولة الجارة إريتريا ، وكانت لهذه القوات مع قوات الحركة الشعبية التي أغلبها من أبناء الجنوب هدف واحد معلن – حسب ما ورد في أدبيات الحركة الشعبية – السودان الجديد يعني إنهاء العنصر العربي المسلم المتحكم عن طريق الإحلال والإبدال .
ثم صارت الساحة السياسية تضج بالدعاوي العنصرية والجهوية ، والشعارات المنادية بإعادة تأريخ السودان .. والزج بدعوى أن العرب والمسلمين أقليات وافدة .. وانتشرت مقولة عراب الحركة الشعبية والعدو الأول لكل ما هو عربي إسلامي الدكتور منصور خالد الذي قال : " لقد آن للسودان أن يحكمه مسيحي زنجي " في إشارة لقائد الحركة الشعبية " جون قرنق " ، الذي ردد مقولة عنصرية بغيضة جعلت كل الغيورين والشرفاء يصطفون صفاً ويشكلون جسماً وكياناً مضاداً للحركة الشعبية لتحرير السودان كانت عبارته : " العرب مكثوا في الأندلس ثمانمائة عام وأخرجوهم كذلك سيخرجون من السودان " مثل هذه وتلك ، والسلوك الهمجي الذي مارسه الجيش الشعبي إبان محاولته لضرب همشكوريب وكسلا وغيرها من مدن الشمال ، غير ما فعله في مدن الجنوب بالعرب المسلمين والشماليين منذ العام 1955م ، إلى تلك الأيام ، جعل الوجدان الشعبي لمسلمي شمال السودان يرفضون دعاوي الحركة الشعبية ، وهذا وقد أوجد مناخاً مناسباً لتكوين ونمو وبروز تيار منبر السلام وذلك قبل تسجيله كحزب سياسي .
حقيقة قيام منبر السلام العادل :
يجدر بنا أن نذكر أن المنبر لم يقم في الأساس على فكرة انفصال الشمال عن الجنوب ، لكن علو صوت بعض القيادات وأذكر منهم الطيب مصطفى الرئيس الحالي لحزب منبر السلام العادل ، وإصرارهم على إبراز هذه النقطة بطريقة تغلب عليها العاطفة وغير الموضوعية ، وكتابتهم عبر الانتباهة تحديداً ، صبغ المنبر بهذه الصبغة ، ومن ثم رميه بعد ذلك بالعنصرية والجهوية ، ورغم نفي الطيب مصطفى المتكرر لهذه الصفات المتلازمة البغيضة ، إلا أن الرأي العام لم يصدق الطيب مصطفى وذلك مرده للكاتب - الطيب مصطفى - نفسه إذ أنه يردد دائماً عبارات موغلة في الانطباعية مثل " الورم السرطاني " ، " الصداع المستمر " ، وغيرها من العبارات التي تبرهن على النفسية المتعالية والمستكبرة والموغلة في الاستخفاف والإستثارة غير المرتبة ..
الكراهية وتأزم الوضع الحالي :
المنبر عندما كان تياراً كان يجمع أشتات من أهل القبلة والمواطنين ، وكثير من الغيورين من مختلف الأحزاب ، كان فيهم من حزب الأمة العميد عبد الرحمن فرح مدير المخابرات في عهد الصادق ، والدكتور قطبي المهدي من الحركة الإسلامية وهو رجل المخابرات السابق ، والفريق إبراهيم الرشيد الذي لم ينتمِ إلا للمؤسسة العسكرية رغم خلفيته الختمية ، والدكتور بابكر عبد السلام القيادي بالمؤتمر الوطني وأخرون غيرهم ليس لهم أحزاب .
خطاب منبر السلام العادل ومرتكزاته :
1/ التوعية بما يدور في اتفاقيات ظالمة جانحة أقل ما توصف به أنها اتفاقيات هدم وتدمير وليس اتفاقيات سلام وتعمير ، وأن الغرض الأساس من هذه الاتفاقيات توفير ملاذ آمن للحركات المسلحة ذات الطابع العنصري الجهوي ثم نقل الحرب للسودان الشمالي ، وقد حدث بالفعل بدخول " الجنوب الجديد " أبيي ، جنوب كردفان ، والنيل الازرق في نفس مسلسل الحرب – المسماة بحرب التحرير .
2/ تعبئة الأمة لتقوم بدورها في حماية كيانها وإيجاد الدعم الكامل لمعركتها الكبيرة والمتشعبة والمتبلورة في صور شتى أخفها على الإطلاق الجانب العسكرى وأكبرها وأخطرها المعركة ذات البعد العقدي القيمي – الذي إذا خسرناه خسرنا معركتنا العسكرية ..
وكان المنبر تياراً يلبي رغبات كثير من الإسلاميين والوطنيين والأشراف والغيارى ، لذلك وجد رواجاً في اتجاه تعزيز القضايا الكبرى التي تهم كل الأمة : مثل قضية الحفاظ على الهوية وتعريفها تعريفاً شرعياً مقبولاً ، ومثل قضية توحيد أهل القبلة باعتبار أن هذا مطلب رباني وأمر مثل الصلاة والجهاد وبقية فرائض الإسلام ، كما أعلى المنبر عندما كان تياراً من قضية وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية باعتبار أن أغلب أهل السودان مسلمين ويجب عليهم تطبيق الشريعة الإسلامية التي هي كل العدل وما عداها ظلم محض ، ولا يثبت إيمان أحد إلا بالإقرار بأن الله هو الحكم وإليه الحكم .
وكانت قضية الانفصال القضية الأخيرة وإنما طرحت باعتبارها حلاً وليست أصلاً وذلك لإصرار الحركة الشعبية على طرح رؤيتها لسودان خالي من الإسلام ، واتجاهها الفعلي في تثوير الإثنيات غير العربية وجمعها تحت لوائها أو تكوين حركات مستنسخة منها .
الطيب مصطفى أضرّ بقضية المنبر :
لقد أضر الطيب مصطفى بقضية المنبر أيما إضرار ، كما أضرت قراراته وآراؤه الشاذة التي تفتقر إلى الصواب والحكمة بالحزب كما سنبين لاحقاً ، لقد عرض الطيب قضية المنبر من باب الانفصال مع أن الأخرين من القيادات المؤثرة والفاعلة ترى أن الطيب مصطفى جنح جنوحاً خطيراً بالقضية ، وأخطأوا حينما تركوا له الحبل على القارب ، وزاد الطين بلة أن الظروف السياسية في البلاد وفق اتفاق نيفاشا أفرزت ما يسمى بقانون مسجل الأحزاب وفرضت على كل من يريد ممارسة العمل السياسي تسجيل حزب ، رغم أن هذا القرار تبطله نيفاشا ذاتها التي اعتمدت دستوراً ينص على حرية ممارسة العمل السياسي للهيئات والأفراد ، وتبطله المواثيق الدولية الراعية لما يعرف في شرعهم بالحق في ممارسة الحريات . وأذكر ذلك من باب السرد والتبين وليس من باب الإقرار .. فرأى حين ذاك بعض قيادات المنبر أن يتم تسجيل حزب باسم " منبر السلام العادل " ونذكر موقف للتأريخ للدكتور بابكر عبد السلام أنه لم يوافق على تسجيل الحزب ، وذلك لرؤيته أن ذلك سيؤدي لخروج عدد مقدر من القيادات المؤثرة والفاعلة للانضمام لأحزابهم الأصلية ، ممّا يسهم في إضعاف المنبر باعتباره تياراً قوته الحقيقية تأتي من رؤيته التوافقية وجمعه لكوادر التنظيمات الأخرى في العمل التنظيمي الجماهيري ، بما يحقق المصلحة العليا للأمة مع التذكير بأن مصالح الأمة في كثير من الأحيان تتعارض مع مصلحة الأنظمة الحاكمة أو المصالح الشخصية للحاكم وحاشيته .
لقد كانت رؤية دكتور بابكر عبد السلام صائبة ، إلا أن ذلك اصطدم بتطلعات الطيب مصطفى وآخرين ، وأصرارهم على تسجيل حزب فكان نتيجة هذا الخطأ أن فقد المنبر كونه تياراً جامعاً يعبر عن أمة من الناس ثم فقد قيادات لا شك أنها راشدة وحكيمة .
قيادات إسلامية تركت المنبر :
كان المنبر عندما كان تياراً تديره عقول واعية مخلصة لقضيتها ، مقبولة لحد كبير تتمتع بصفات قيادية وتاريخ مشرف ، أذكر منهم أعضاء المكتب القيادي للمنبر د. قطبي المهدي ، الدكتور عبد الوهاب عثمان وزير المالية الأسبق ، عبد الحميد موسى كاشا ، الحاج عطا المنان ، بابكر عبد السلام وكابتن شيخ الدين وآخرين .
وأهم ما كان يتميز به المنبر آنذاك ، أنه كان يدار بعقلية جماعية ويتخذ قراراته وفق رؤية جماعية تغلب مصلحة البلاد ، المتمثلة في تعزيز الهوية الإسلامية ومحاربة مشروع السودان الاستئصالي العنصري لذلك كان النجاح والتوفيق حليفاً للمنبر في تلك الفترة .
الآثار السالبة :
وقد حدث بعد تسجيل المنبر باعتباره حزب سياسي بعد عقد ما أوهم به الرأي العام أنه مؤتمر عام لحزب منبر السلام العادل ، إن خرج عدد مقدر من القيادات وانضمت لأحزابهم الأصلية مثل د. قطبي المهدي ، الحاج عطا المنان ، د. عبد الوهاب عثمان ، د. بابكر عبد السلام ، رجل الأعمال وشيخ العرب سعد العمدة ، وعبد الحميد موسى كاشا الوالي السابق ، كل أولئك النفر من القيادات الفاعلة عادت للمؤتمر الوطني ، وآخرون في الولايات رجعوا للمؤتمر الوطني مثل الشيخ كمال عبد الله أول من أدخل دعوة المنبر لولاية الجزيرة ، وأسس للمنبر عملاً فاعلاً ، انطلق بدءاً من الحصاحيصا ، وتبع هؤلاء القيادات مجموعة كبيرة من شباب الجماعات الإسلامية انسحبت حين تمّ تسجيله حزباً سياسياً ، هذا الانسحاب أدى لفقدان الحزب السياسي الجديد لكوادر متمرسة في شتى مجالات العمل التنظيمي ، مما جعل المنبر في بداياته وبعد تسجيله يعاني من مشكلات عديدة ، ولولا صحيفة الانتباهة صاحبة الصوت العالي لكان المنبر حزباً مثل الأحزاب العاطلة التي تملأ الساحة ، لقد أتاحت الانتباهة للمنبر أن يظهر أكبر من حجمه الحقيقي ، ونفخت فيه روح ليست روحه الحقيقية غطت المشكلات والنقص الذي يعاني من حزب الطيب مصطفى ، فحصلت أكبر عملية خداع وتضليل للرأي العام وتوهم رئيس الحزب أن هذه الانتفاخة ستمكنه من وراثة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية ، والسيد رئيس المنبر لم ينتبه بعد أن المشكلة تبرز في عدة نقاط :
سطحية الطيب مصطفى سبب الفشل :
1- حزب منبر السلام العادل ليس لديه خطاب سياسي مبني على الموضوعية والواقعية – بل خطابه السياسي الآن تشكله الحالة النفسية والمزاجية لرئيسه ، الذي يتميز خطابه دائماً بالانفعالية والعاطفة وإظهار المرارات الشخصية ، وبعيد تماماً عن معالجة القضايا الجوهرية بصورة منطقية ومرتبة ، وأن عرض الرئيس حلاً لقضية ما ، فغالباً ما يكون عرضه سطحياً !؟ هذه السطحية أصبحت سمة لازمة لكل تصرفات الرئيس ومواقفه وتصريحاته وقراراته صبغ بها التنظيم ، حتى أصبح كأنه أحد مقتنياته الشخصية .
2- نقص الكادر المؤهل في حزب المنبر كان واضحاً لا سيما في قطاع الشباب والطلاب ، الذي أصر الطيب مصطفى أن يكون تحت إشرافه المباشر ، ظناً في نفسه أنه مبدع ويستطيع أن يأتي بما لا يستطيعه الأوائل ، وكانت نتيجة هذا العمل صفر كبير ، وأنه صطدم في أهم قطاع وتبين له أنه لن يستطيع بناء تنظيم عملاق بمثل هذه الكوادر عديمة القدرات ، التي تجمع أشر صفات البشر الكذب والإدعاء ، الخداع وعدم التورع عن فعل أي شيء لأجل كسب مادي رخيص .
لم يكن هناك كادر مؤهل في قيادة حزب منبر السلام العادل ، وليس هناك خطة لاستقطاب كوادر ، كما ليس هنالك خطة فاعلة لتأهيل كوادر تقود الحزب !؟ وحزب منبر السلام الآن ليس له مقدره على إقناع الجماهير وذلك لتقديمه كوادر ضعيفة وساقطة في امتحان القيم والأخلاق .
أزمات المنبر ومن يغطيها :
نظام إدارة الحزب غير فاعل وذلك لتكريسه للرؤية الأحادية ، المتمثلة في رؤية رئيس الحزب فقط دون غيره ، وتكريس كل الشؤون في يديه ، إن النظام السابق في الإدارة القائم على الأمانة العامة ، وأنها جهة تنفيذية تتابع تفاصيل العمل اليومي ، كان مناسباً لحزب يعاني إشكاليات وأزمات مثل أزمات حزب منبر السلام العادل .. إن نظام الأمانة العامة كان يغطي بنشاطه الزائد على أزمات المنبر فلم تكن تلك الأزمات ظاهرة بل ظهرت بعد إلغاء نظام الأمانة العامة مباشرة .
لماذا ألغيت الأمانة العامة ؟؟
إن الصراع الذي أدى لإلغاء نظام الأمانة العامة لم يكن في مصلحة الحزب ، وإن توهم رئيس الحزب غير ذلك ، فقد أفقد هذا الصراع الحزب كوادراً فاعلة مثل الأستاذ البشرى محمد عثمان والعميد ساتي سوركتي الذي زج به في موقع مستشار الرئيس للإعلام ، وهو موقع أقل من قدراته وإمكانياته ، مما يكشف بحق مستوى ضعف المنبر ، ولقد خسر المنبر غير ذلك كثيرين في الولايات مثل ولاية كسلا وسنار ، وذلك بجانب الصراعات في ولاية البحر الأحمر داخل الحزب من جهة ، ومع والي الولاية من جهة أخرى وقس على ذلك ، كما أن عدد من الولايات ليس للمنبر فيها نشاط وإن افتتح داراً وجعل ممثلين من عضويته ، أو من الذين يزعمون أنهم عضويته .
فضائح الأعضاء وتناقض دوافع العضوية :
تناقض دوافع العضوية بالنسبة للانضمام والعمل بالمنبر ، وبما في ذلك الرئيس وملأوه .. من المعلوم أن المنبر الآن يتكون من أناس جاءوا من مشارب شتى وأصلاً كانوا كوادر جماعات أخرى ، أو ما زالوا كوادر تنظيمات أخرى ، اقتضت خططهم اختراق منبر السلام العادل ، إنني لا أشك بل أني مستيقن ولو شئت لسميت ، فمن دوافع انضمام البعض للمنبر توفير معلومة للجهة التي يعمل لصالحها مثل بعض العضوية المقربة جداً من رئيس الحزب ، ينتمون لتنظيم آخر ويزعم هذا المقرب من الرئيس أنه كان ضابطاً مهماً في أحد الأجهزة !؟ ثم اعترف لنا بعد ذلك أنه مصدر للحزب لمدة 23 سنة .
ومثل تلك القيادية التي تحمل كل صفات المنتمين لليسار ومثل ذلك ... ومثل تلك .. والأمثلة كثيرة وبقى أن نقول : إن المنبر الآن فيه عدد من التيارات المتطاحنة والمتباينة وأعني التيارات ذات التوجه الفكري والعقدي الذي يؤثر على المنهجية والإلتزام العام ونذكرها :
التيار السلفي
التيار السلفي الحركي – الخارج من عباءة جماعات العمل الدعوي التي يقودها الشيخان عبد الحي يوسف ومحمد عبد الكريم فهؤلاء بعضهم الآن حول رئيس المنبر ، إلا أنهم يعلمون أن رئيسهم الطيب مصطفى لا يوافقهم الرأي بشأن كثير من القضايا – وضمنها قضايا عقدية فهو يغض الطرف عن أفكارهم واعتقاداتهم للاستفادة من إمكانياتهم وعلاقاتهم بالجماعات هذه .. وهم يغضون الطرف عن أخطاء الطيب مصطفى العقدية والمنهجية والفقهية لمصلحة يقدرونها هم فقط .
التيار الليبرالي والانفلات الأخلاقي :
التيار اليبرالي المتحرر – والعجيب أن هؤلاء يتعاملون مع الحزب كأنه نادي العراة الفرنسي ! وهم مجموعة متحللة من القيم والأخلاق ، أبرز سماتهم الاختلاط القبيح بالنساء ، وعدم التورع في المباسطة والاختلاء ، وغير ذلك من نشر أفكار الرذيلة والفجور ، تحت سمع وبصر رئيس الحزب الذي لم ينكر يوماً عليهم ، بل عندما وصلته أنباء جرائم أخلاقية كونت لها لجنة برئاسة أمين أمانة الرصد والمتابعة السابق الرائد (م) ياسر حسن هاشم ، لم يتحرك لرئيس الحزب جفن حتى خيل إلى الكثيرين أن السيد رئيس الحزب لا تعنيه مثل هذه الأزمات الأخلاقية ؟؟!! لقد اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن السيد رئيس الحزب الذي يزعم أنه يؤيد التيار الوسطي ، والمنبر هو حزب يدعو للوسطية ، يريد مثل هذه الوسطية التي تجمع المتحلل أخلاقياً ، والداعي لإخراج الدين من المنبر ، مثل ذلك العضو المقرب من الرئيس الذي قال في اجتماع مجلس الشورى الرابع معترضاً على الاستدلال بالقرآن والسنة : " ما تقول لي البخاري والطبري وابن كثير نحن في جامع !!؟؟ امشوا قولوا كلامكم ده في حتة تانية " ..
الطيب مصطفى يريد ديناً بدون التزامات :
تيار يزعم أنه وسطي هذا يقول به الرئيس فقط ، وقد يكون معه بعض الأفراد ، إلا أن السيد الرئيس الحزب يريد دين ليس فيه أية التزامات عقدية !؟ يريد دين فضفاض !! ليس لمحمد صلى الله عليه وسلم فيه قول أو رأي أو حق إتباع !! بل يريد دين تجمع فيه كفريات الغرب مع شعائر الإسلام الظاهرة !! مع إطلاق عنان النفس وراء شهواتها وأهوائها !! وتتبع سقاطات الفقهاء واتخاذها دين !!؟ إن الطيب مصطفى يدعو لإسلام ليبرالي بنسخة سودانية ، ولا شك أنه في هذه داعية ضلال إن لم إن لم يستغفر ربه ويتب ويتبع نهج النبي صلى الله عليه وسلم .
الخديعة الكبرى :
بقى أن نقول : إن منبر السلام العادل الآن ليس فيه مقومات التنظيم الناجح الفاعل ، فهو الآن يقوم بأكبر عملية للخداع والتضليل ونشر عوامل الاسترخاء في الأمة ، وذلك عندما يعتقد الناس أن هناك حزب يستطيع التعامل من أجلهم في أوقات الخطر والدفاع عنهم ، فيسترخون لأجل هذا الشعور غير الحقيقي ، فيكتشفون حين تفاجئهم الطامة الكبرى أن منبرهم ليس بالقوة التي كانوا يتوهمون .
منبر السلام خيال مآتة :
إن منبر السلام العادل اليوم وتحت قيادة الطيب مصطفى يتكون من جماعات متصارعة لا يجمع بينهم فكر ولا قيم ، بل جمعتهم قصعة الطيب مصطفى وثريده ، الذي لا يلبث أن ينفد فيجد نفسه كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى .
إن السيد رئيس المنبر يجب عليه أن يعلم أن منبره أصبح بقراراته المتعجلة غير المدروسة وانسياقه خلف مجموعات شكلت عليه ضغطاً ، قد دمر الحزب وأصبح الآن خيال مآته فقط ، فهو لا يستطيع أن يجمع عدد 50 طالباً للخروج في مظاهرة سلمية ، ولا يستطيع أن يجمع من قطاع الفئات 50 طبيباً لعقد مؤتمر لهم ، وليقف على حقيقة وإن كانت مرة أن التناقض في مكونات المنبر الآن هو من أكبر عوامل الهدم الذي بدأ ولن يتوقف .
على الطيب مصطفى إصلاح نفسه أولاً ثم الحزب :
إن السيد الرئيس إذا أراد وقف الهدم وإصلاح الحال ، فليبدأ بنفسه ، هو نفسه يحمل أكبر مشكلة وإني أعد تسنمه لقيادة التنظيم وانفراده به أزمة .. فالرجل غير مؤهل للقيادة إطلاقاً ولا يصح أن يترك منفرداً ، فهو يعاني من نواقص لا تؤهله قائداً ، واتضح لي من خلال تعاملي معه خلال فترة 6 سنوات ، أنها صفات جُبلية من الصعب أن يغيرها بعد أن بلغ السبعين ، فهو عاطفي ، مزاجي ، انطباعي ، متعجل ، قلق ، وضعيف في اتخاذ القرارات .. وكل هذه الصفات شكلت لديه شخصية غير قيادية ، فإن من اتصف بالقلق الحاد والانطباعية لا يمكن أن يستخلص قراءة صحيحة لما حوله ، فتكون تقديراته وقراءته دائماً غير موفقة ، كما أن النفسية الانطباعية تجعل صاحبها دائماً تحت تأثير الآخرين ، مما يسهل خداعه في كثير من الأحيان .
إن منبر السلام العادل يحمل في أحشائه بذور فنائه فليس هنالك خطاب سياسي ، وليس هناك كادر مؤهل ، ونظام إدارة معتل وعضوية متصارعة متشاكسه ، ورئيس إنطباعي برغماتي يتعامل بقدر كبير من النرجسية والإستعلاء والنهج الفرعوني " ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " إن المنبر الآن سقط ، فهو أشبه بالبرميل الفارغ الذي فيه حفنة من الحصى يدحرجه معتوه .. ولك أن أن تتخيل مقدار الإزعاج والضوضاء الذي يصدرها ..
لم يبقى للسيد رئيس المنبر والملأ المتداعين حول قصعته من الأكلة والسابلة إلا أن ينفضوا ، بعد أن يأخذ كلٌ نهمته أو نهبته ، كما فعل السيد مساعد الرئيس لشئون الولايات ، وكما يفعل أخرين هو يعلمهم وسيأتي كشفهم لاحقاً ..
على السيد رئيس المنبر أن يعلم أن إدارة المنبر بمنهج فرعون في الإستعلاء والإنفراد بالقرارات ، ومنهج قارون في الحرص على الثروات وجمعها ، والتي هي مالٌ عام وتبديدها بمثل ما نراه اليوم .. سيؤدي في النهاية لنتيجة واحدة مقرونة مع بقية العوامل الأخرى إلى التلاشي فهو نتيجة حتمية وسنةٌ كونية إذا توفرت أشراطها وإنتفت موانعها وقعت ولا شك كما حكم الله تعالى في كتابه الكريم " سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا " .
ناصر الدين محمود ( أبو فاطمة )
عضو مجلس الشورى
مقرر أمانة شئون الولايات ( سابقاً )
مقرر أمانة الرصد والمعلومات ( سابقاً )
هاتف : 011721610


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.