القوى السياسية السودانية بنوعيها التقليدي و العقائدي هي نتاج ظروف و تاريخ و تفاعلات المجتمع السوداني و تاثره بمحيطه المحلي و الاقليمي و العالمي كما هي نتاج نضاله و تطلعاته لبناء دولة ومجتمع اقوم . و الكل يعمل من اجل بناء هذه الدولة و المجتمع حسب فكره و رايه و تاريخه , والكل قد يصيب او يخطئ وذلك شي طبيعي اما ان ينتهج حزب ما الحقد علي المجتمع و يسعي الي تدميره بالكيفية التي نراها تحدث الان في السودان فهذا امر جدير بالوقوف عنده و الوقوف ضده . و اكثر القوى السياسية التي حكمت السودان هو المؤتمر الوطني وليد الجبهة الاسلامية وليدت حركة الاخوان المسلمين التي تتبنى في ظاهر الامر الشعارات الاسلامية و لكن عند التدقيق و المعايشة و التجربة يردك المرء الصورة الحقيقية و هذا ما ادركه تماما شعب السودان الان ,.ان تجربة حكم (( الانقاذ)) خلال العقدين الماضيين تجعل الانسان السوداني يقف مذهول و مندهش بل مصاب بالصدمة لما يراه يحدث و يتفاعل . و يتساءل لماذا اتسمت تجربة الانقاذ بكل هذه السلبيات والكوارث التي ارهقت الشعب السوداني و اذاقته مر المعاناة و ويلات الحروب و القتل و التشريد , بل قسمت دولته و الي شمال وجنوب و ربما الي دويلات اخرى ضعيفة و متحاربة و يتم كل ذلك بسبب الجهوية و القبلية التي تتبعها الانقاذ وتتخذ منها منهج وهذا ما ينبغي التنبه له والتعامل معه بجدية اكثر والعمل من كل السودانيين علي افشاله. و السؤال البديهي طالما الافتراض ان التوجه اسلامي لماذا كل هذه الجهوية و العنصرية المقيتة حيث اصبح لا يمكن لاي سوداني تلقي التعليم والعلاج و التقديم لاي وظيفة الا بعد تعبئة استمارة يوضح فيها قبيلته و جهته و استنادا لذلك يتم تقديم الخدمة له ام لا . و طالما الشعب معروف عنه التسامح لماذا اتسمت الانقاذ بكل هذا العنف و الكراهية و القتل . و طالما الشعب السوداني كريم و معطاء و متكافل لماذا اتسمت الانقاذ بكل هذا الجشع و البخل و الاستحواذ و مصادرة حقوق الناس و كرامتهم وحرياتهم و سبل عيشهم و رزقهم و فصلهم و تشريدهم من مؤسسات الدولة تحت بند الصالح العام بل مصادرة حقهم في الحياة الذي وهبه الله لهم و لماذا تعمل الانقاذ علي تدمير الروابط الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي , اي سادية وميكافيلية تلك التي نراها في تدمير الدولة وهدم اركانها و تفتيت المجتمع و تمزيق علاقاته و روابطه . لقد عرف العالم اجمع السياسيين السودانيين بالأدب و الاحترام و الكياسة , فأي بذاءة و اي شتائم و اساءات تلك التي يمارسها جماعة المؤتمرالوطني و اي تعابير تلك التي جلبت الي منابر الاعلام , مثل ((لحس الكوع و البوع )) و لقد سمعنا ((الدكتور)) مصطفي عثمان اسماعيل يشتم الشعب السوداني و يصفه ب(( الجيعان المقطع)) و سعمنا (( الدكتور كمال عبيد )) يشتم المهندس الصحفي عثمان ميرغني بعد انتهاء حلقة برنامج (حتي تكتمل الصورة ) و اضف الي ذلك حديث الرئيس في مدينة الابيض الذي فيه كثير من الاستعلائية و الدونية اتجاه الاخيرين و قبل ذلك راينا شتائم الفريق صلاح عبدالله قوش اتجاه بعض القوى السياسية خلال فترة الانتخابات المزورة السابقة و الاغرب من هذا و ذاك الكلام الذى نقله الترابي ( ابو الجبهة اللاسلامية ) ومفكر و منظر الخراب و القتل حيث نقل الرجل الفتنة ان الرئيس البشير قال ( اذا واحد جعلي اغتصب غرباوية فده شرف ليها ) و الحديث موجود في صحيفة الراكوبة الاليكترونية و علي ذمة راويه و بصوت و صورة ( الشيخ و المكفر الترابي ) ويمكن الاطلاع عليه ، وبصراحة كلام تقشعر منه الابدان ويرويه الترابي بطريقة مقززة و مقرفة لأبعد الي الحدود و بصراحة كلام لا يمكن ان يصدر او ينقل و يروى من اي سوداني مهما كان مستواه الاخلاقي ناهيك عن كونه سياسي و يعرف حساسية الامور. انه حديث فتنه (والفتنة اشد من القتل ) و العياذ بالله . و بعد كل ذلك هل يمكن الحديث عن هذه المجموعة بانها اسلامية او مسلمة و هل هذه المواقف والألفاظ تمت للانسانية بصلة ناهيك عن الاسلام و التغطي به نفاقا لارتكاب كل تلك الفظائع و الانتهاكات المريعة التي لم يعرفها تاريخ السودان و التي بدأتها الانقاذ باغتيال 28 ضابط من خيرة ابناء السودان و بدون محاكمة او حتي تسليم جثامينهم لذويهم او الكشف عن مكان دفنهم و حينها ظنت الانقاذ بانها امتلكت السودان فبدات ووسعت حروبها و اغتيالاتها وبدأت التدمير المنظم للدولة السودانية عبر عمليات فساد مخطط وكبير وباعوا مؤسسات الدولة لبعضهم بابخس الاثمان و اكل وحش الفساد شعبنا ودولتنا في بطنه حتي غدت توصف بانها افسد دولة علي وجه الارض . لقد استمرأ اهل الانقاذ خداع و احتقار الشعب السوداني ايما استمراء و اهانوه ايما اهانة وقتلوا الملايين في حرب الجنوب الملعونة و باعوا حقوق الشعب في نيفاشا دون ان يرف لهم جفن وأشعلوا له حرب اخرى في دارفور قتلت مئات الالاف وشردت الملايين ثم جنوب كردفان و النيل الازرق و قسموا دولته الي جنوب و شمال و مثلثات حمدي و مربعات الجاز و مخمسات الطيب مصطفي و مارسوا عليه ابشع اشكال الجهوية و القبلية و العنصرية . ذاك الشعب الذى تعايش مئات السنين و رضي بافريقيته وعروبته و اسلامه و مسيحيته و ارضه و انتج فضائل الاخلاق وسماحة المعشر ونبل الصفات و اصبح مضرب للمثل في ذلك لكل العالم. وفي ظل كل هذه الانزلاقات السياسية و الامنية و الاخلاقيات الخطيرة لا بل الانهيارات التي تعصف بالدولة و المجتمع السوداني و التي تعبر فقط عن اصحابها و ضحالة فكرهم و فقر عقولهم و سوء نواياهم و هذا النوع من الانحرافات لا يمت لشعب السودان و اهله وكل قبائله التي يعرفها القاصي و الداني بصلة علي الاطلاق وهو ليس وليد تاريخ السودان و ثقافته و لا يشبهه و لا علاقة للاسلام به بل هو فكر دخيل و مستورد قامت مرجعته بالاساس علي الارهاب و العنف و القتل و الاستحواذ علي حقوق الناس طمعا في السلطة و المال و الجاه بميكافيلية تخوض دماء البشر و تسير فوق جثثهم لتحقيق مأربها الشريرة ..... وفي ظل كل ذكر ينبغي علي ابناء شعبنا - العظيم الطيب المؤمن العفيف الطاهر بكل قواه الوطنية و السياسية المبدعة التي فجرت اكتوبر الاخضر و مارس ابريل المجيدة و منظماته المدنية و احزابه العريقة المعروفة بنضالها ضد الظلم و الديكتاتورية و كل قبائله الشجاعة الكريمة التي تساندت و تلاحمت و ناضلت و شكلت و كونت هذا الوطن العظيم الكبير الغني هذه القبائل التي ولدت المهدي و عبدالله التعايشي و عبدالرحمن النجومي و الفكي علي الميراوي وعبدالقادر ود حبوبه والمك نمر والسلطان علي دينار و علي عبداللطيف وآلاف القادة العظام و المناضلين الشرفاء والمفكرين و المبدعين كل هذا الطيف العظيم و التاريخ الذي نعتز به و يشكل لنا قوة دفع معنوية و مادية ستبقي ما بقيت الحياة - ينبغي على أبناء شعبنا ان يتحركوا وينتفضوا لينقذوا الوطن من فتن الحروب و الجهوية و التمزق و الانهيار الذى تسوقنا اليه مجموعة (الانقاذ) التي اخذتها العزة بإثمها وغيها و غرورها . و في رأيي المتواضع علينا عدم الاستسلام بل مقاومة الانهيار و انقاذ ما ابقته (الانقاذ) من السودان و علينا جمعيا كسودانيين عدم انتظار الطوفان و الصوملة و تقسيم السودان الي دويلات حيث مخطط تقسيم السودان ظاهر وواضح امام اعيننا و لا يحتاج الي ذكاء لمعرفته و انها مسؤولية تاريخية و انسانية و اخلاقية بل فرض عين علي كل سوداني وطني و شريف العمل بكل ما يملك علي منع انهيار و تمزق السودان و الامر هنا لا يتعلق بمعارضة حكم او مساندته بل الامر اكبر من ذلك بكثير انها قضية وجود دولة و مجتمع و وطن ,علينا ان نفكر و نتأمل الصورة خلف الانهيار واي مآل و اي حروب و خراب سيحدث و علي الذين في اعينهم غشاوة و اذانهم وقر و في بصائرهم ظلمة ازالة ذلك و اقول ان التمسك بالدين يختلف عن الهوس الديني و الخرافات و من بهم ذلك وعليهم غيبوبة قبلية و جهوية عليهم ازالة ذلك و التخلص منه وعدم التعامل برد الفعل السلبي بل الفعل النضالي و الجهادي الايجابي و الشجاع والتوجه الي انتشال الوطن و هذه مسؤولية القوى الوطنية و السياسية و كل اهل السودان و هذا واجب كل قبائل السودان و زعمائها و ابناءها تلك القبائل التي اسست هذا الوطن وضحت اعظم التضحيات من اجله و حمت وجوده مئات السنين و الشعب السوداني قادر و لديه الوسائل و الادوات و الشجاعة علي انتشال وطنه و وضعه في المسار الصحيح .... م/ الصادق عبدالملك