مقاربات صنع فلم فى أمريكا عن نبي الإسلام .. أعتبر ذلك إساءة للمسلمين .. فخرجت مظاهرات فى القاهرة وتسلقوا مبنى السفارة .. نزعوا العلم الأمريكي واستبدلوه بعلم أسود. فى بنغازي بشرق ليبيا أفادت مصادر بان متظاهرين مسلحين هاجموا مبنى القنصلية الأمريكية هناك احتجاجا على الفلم المذكور و اضرموا النار فيها وقتلوا أربعة دبلوماسيين بينهم السفير الأمريكي لدى ليبيا ! هناك إتهام بان اليهود هم وراء صنع الفلم .. أقباط المهجر فى أمريكا نفوا انهم وراء الفلم .. لكنهم قالوا انهم قاموا بعملية التوزيع فقط! حتى لا أحكم على شيء لم أشاهده.. بحثت عن مقاطع من الفلم المزعوم على يوتيوب وشاهدته ... كانت المشاهد مثيرة للغضب لأنها صنعت أصلا للاستفزاز وأثارة الغضب .. لست خبيرا فى مجال صناعة السينما ولكن تلك المقاطع كانت من فلم يبدو انه من صنع هواة وبميزانية لا تزيد عن بضعة مئات من الدولارات على اكثر تقدير ... الأزياء و التمثيل والديكور كانت كلها هزيلة... و بخلفية اصطناعية ثابته.. الامر الغريب أن الفلم فيه "حمار" .. والحمار هو شعار الحزب الديموقراطي.. حزب الرئيس أوباما ! وإسرائيل وبشكل خاص نتنياهو لا يحبان أوباما ! كما يبدو أن من بين أهداف صنع هذا الفلم الهراء ربما جلب شهرة “غير مستحقة بالتأكيد ".. أو توجيه ضربة للرئيس اوباما ! وأعتقد بانهم قد نجحوا فى ذلك المسعى بشكل أو آخر .. ليس بفضل ذلك العمل الهزيل بل بسبب "مصيدة" ردة الفعل التي نصبت لنا فى العالم الإسلامي ! فى الغرب يزعمون انهم مع حرية الرأي .. كلنا مع حرية الرأي .. ولكن تلك الحرية لا تعني “ قلة الأدب" و الإساءة للعقائد الدينية أو لتقاليد الآخرين.. صحيح انهم فى الغرب يسخرون من الأسر الحاكمة لديهم ومن رؤسائهم ويتحدثون عن فضائحهم .. ربما لانهم غاضبون ! وهذا لا يعنينا.. لكننا نعلم انه رغم كل تلك الدعاوى التي "صدّعونا" بها بشأن حرية الرأي فى الغرب .. إلا أن هناك خطوطا صفراء حمراء فاقعة.. نحن نتذكر جيدا انه عندما بدأ الصحفي الأمريكي اللامع " بيتر آرنيت" فى قناة "سي ا ن ان" بنشر تحقيقات فى التسعينيات عن قيام القوات الأمريكية باستخدام الغاز السام خلال حرب فيتنام تم فصله من تلك القناة.. و لم نعد نسمع به أو نراه بعد أن كان ملء البصر والسمع والبصر ! " ذهب مع الريح " ؟ كذلك لا أحد تقريبا فى الغرب يجرؤ على التشكيك فى ما يعرف بالهولوكوست أو المحرقة التي لا يعنينا أمر التشكيك فيها أو تأكيدها .. لأنها مسألة أوروبية بحته بين اليهود والألمان.. ما يعنينا حقا هو المحرقة التي ترتكب ضد الفلسطينيين منذ عام 48! أيضا نذكر مؤخرا أن القصر الملكي فى بريطانيا فرض حظرا على كافة الصحف ومنعها من نشر الصور الفاضحة التي التقطت للأمير هاري فى أمريكا .. ولم تجرؤ صحيفة على النشر سوى صحيفة "ذي صن" التي يمتلكها روبرت ميردوك .. رغم أن ذلك النشر من جانب ميرودوك كان فى اطار تصفية حسابات مع بريطانيا بسبب ما لحق بصحيفة "نيوز اوف ذي وورلد" التي كان يمتلكها قبل قيامه بتصفيتها بسبب ممارساتها التي انتهكت أخلاقيات العمل الصحفي. فى الغرب هناك ولع بالشهرة وبالمشهورين .. كل إنسان هناك لديه هوس بان يصبح مشهورا.. حتى و لو " بالاونطة " ، كما يقول المصريون ، لذا فانهم يفعلون أمورا مستفزة .. لكن يجب أن نعرف لماذا يريد طرف ما أن يستفزنا؟ .. وماهي غايته من ذلك .. يجب أن نقرأ ما بين السطور وألا نستجيب لأي استفزاز.. لأن هذه النوعية من الأعمال تصبح بلا قيمة إن تجاهلناها و سفهناها ولم نستجب لذلك الاستفزاز. لا اعتقد أن أحدا كان يمكن أن يذهب لمشاهدة ذلك "الفلم" الهزيل لأنه لم يكن يتمتع باي شكل أو مضمون .. واعتقد أن أي هاو يمتلك كاميرة فيديو كان يمكن أن يصور فلما افضل منه . الكاتب البريطاني الهندي الأصل سلمان رشدي لم يكن أحدا ليسمع به وكان يمكن أن يظل نكرة لو لم يصدر الخميني فتوى بإهدار دمه بسبب كتابه آيات شيطانية "الهايف". ولكنه اصبح بعد تلك الفتوى مشهورا ! بسبب ردة فعلنا الغاضبة من كتابه الخراء ! الذى لم يكن أحدا فى العالم ليلتفت إليه لو كنا قد تجاهلناه . الإسلام دين عظيم لا تهزه مقالة أو فلم أو كتاب أو حتى العالم كله.. وجد الإسلام ليبقى ويبشر و ينتشر بقوته الذاتية.. رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين وتربص المتربصين وجهل الجاهلين ! لذا يجب أن نعرف كيف ومتى وأين ولماذا وعلى من نصب جام غضبنا ! الأمر الغريب أن أحدا لم يكن ليرغب فى مشاهدة ذلك الفلم التافه .. ولكن بعد ما حدث ، يريد الآن من لم يشاهده أن يشاهده لمعرفة سبب كل هذا الغضب من جانب اتباع دين عظيم .. تفكير الناس الغرب مختلف .. هم يرون أن ذلك الفلم عمل تافه وانه لا يستحق كل هذا القدر من ردة الفعل ! أخيرا ، الفلم الذى ظهر فيه "حمار" وهو شعار الحزب الديموقراطي.. حزب أوباما يأتى خلفية الانتخابات الرئاسية الأمريكية .. والذكرى الحادية عشرة لا حداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 .. و التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة بسبب استخفاف البيت الأبيض بدعوات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بشأن كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني ورفض البيت الأبيض وضع خطوط حمرا ء لإيران فى هذا الشأن كما طالبت إسرائيل .. و بروز الإسلاميين فى المنطقة بعد ثورات الربيع العربي. هذا الفلم لم يكن يستحق المشاهدة... ولم يكن يستحق ردود الفعل تلك.. ولم يكن أحدا ليشاهده لولا ردة فعلنا المتشنجة وغير المدروسة التي انجررنا إليها جرا.. بحسن نيتنا.. لكن النوايا الحسنة فقط لا تكفي! لان تلك النوايا قد تؤدى لتحقيق أهداف جهات أخرى وقفت بخبث وراء هذا العمل .. ربما .. أقول ربما.. لتوجيه ضربة للرئيس أوباما! 12 سبتمبر 2012