حتّى وقت قريب كان الفعل ( دهس ) ومشتقّاته ( يدهس – دهساً ) من الأفعال " الناقصة " - على الأقل - إن لم أقل " المعدومة /المنعدمة " " تماماً " فى السودان المُعاصر. ولأنّه لفظ غريب على ( الأُذن ) السودانيّة ، آثرت أن أستعين بقاموس المعانى، ضمن قاموس /معجم اللغة العربيّة المُعاصر ، عبر محرّك البحث الشهير ( قوقل ) "جزاهما الله خيراً " ، لإستجلاء الموقف .فوجدتّ ضالّتى فى التعرُّف على ( الدهس ) فى المعنى : دهَسَ يَدهَس ، دَهْسًا ، فهو داهس ، والمفعول مَدْهوس. وجاء الشرح المُفيد الأكيد ( دهَس الشَّيءَ داسه دَوْسًا شديدًا ، وطِئه وطئًا شديدًا ) . ولتقريب المعنى لأذهان المعاصرين لجأ القاموس لضرب المثل ، فأضاف شارحاً - بين قوسين- ( دَهَسَتْهُ السَّيَّارَة ) لإيصال الفهم وتقريبه لأذهان المعاصرين .ودهس الناس يالسيّارات " عمداً "، فعل غريب على المجتمع السودانى- الذى نعرفه - وأخلاقه وتقاليده المرعيّة ، ناهيك أن يقوم بعمليّة ( الدهس) الشنيع " مُنفّذوا القانون " وهم فى حالتنا هذه - للأسف - ( الشرطة السودانيّة ) التى كان حتّى وقت قريب شعارها (( الشرطة فى خدمة الشعب )) !. مرّة أُخرى - وليست أولى أو أخيرة - يثبت بما لا يدع مجالاً للشك ،ومن أكثر من مصدر موثوق ( شاهد عيان- نشطاء حقوق إنسان - صحافة - ) أنّ الشرطة السودانيّة ، وعبر " دفّاراتها " تقوم بإرتكاب جريمة " دهس " مواطنين سودانىين ،وتتسبّب مباشرة فى " مقتلهم " عبر " دفّاراتها " مفردها ( الدفّار ) فى التعامل مع التظاهرات والمسيرات . وهاهى " حادثة " مقتل مُتظاهر " دفّاريّاً " على مقربة من السفارة الأمريكيّة بالخرطوم (الجمعة - 14 سبتمبر2012 )، تقول قرائن الأحوال أنّه ذهب فى تظاهرة للتعبير - سلميّاً - عن غضبه ،على إهانة الرسول الكريم ، وأقول وأُصر على " سلميّاً " لأنّ الضحيّة ، من ( الطرق الصوفيّة ) السودانيّة، التى تعرف بالتسامح والتعبير السلمى ،وليس من تقاليدها وتعاليمها ( العنف ). هانحن نورد هذه الحادثة ، ونعيد للأذهان جرائم وإنتهاكات مماثلة ، متكرّرة و" ممنهجة " وقد أصبحت للاسف " نمطاً " ، من ذات الجهات وغيرها، تمّ ويتم التستُّر عليها و" دغمستها ". وهانحن نسمع ونقرأ فى الصحف أنّ ( المجلس الوطنى /البرلمان ) سيستدعى وزير الداخليّة ، ابراهيم محمود ،- عبر لجنة الدفاع والأمن - للإستفسار حول مُلابسات " دهس " مواطن. وسيطّلع البرلمان على ملابسات الأحداث التى وقعت أمام السفارات الألمانيّة والبريطانيّة والأمريكيّة . ترى هل ستصل التحقيقات والإستدعاءات والمُطالبات بتشكيل لجان تحقيق فى هذه الحادثة وغيرها ، للمحاسبة والإنصاف عبر التحقيق والتقاضى النزيه ، أم أنّ منهج " الدغمسة " سيقضى على الموضوع ، ليستمر الدهس وتنتصر سياسة ( البمبان ) وإستخدام (العنف المُفرط ) ، فى التعامل مع الأحداث ،العاديّة والطارئة . وفى البال عشرات - بل - مئات الأحداث ، الجانى فيها هى الشرطة ،ومنها على سبيل المثال - لا الحصر - جريمة ( بورتسودان ) و أحداث (زانجى ) و(سنجة ) و(ديوم الخرطوم) وغيرها،من الأحداث التى شًكّلت لها (لجان تحقيق ) !. وللأسف مازال عرض (الفلم ) المسىئ لسمعة ودور وواجبات الشرطة فى حفظ الأمن ،وتعاملها " الفظ " و "دهسها " وغير اللائق ،بل غير القانونى، مع حقوق الناس- بما فى ذلك الحق فى التعبير والحق فى الحياة - مستمرّاً!. إنّه بإختصار دهس للحق فى التعبير والحق فى الحياة ودهس لكل الحقوق !. المعجم: اللغة العربية المعاصر