تواصلا لابراز بعض الخفي من تراث الفور، يسعدني ان استهل هذا المقال بالتطرق لموضوع الحروف الابجدية الشائك، وتاتي محاولتي هذه بغرض بسط دورها في لغة الفور قدر الامكان خصوصا للمهتمين بدراسة هذا التراث. و حيث من المعلوم ان الحروف هي أس تراث اي كلام (بله/بلي) بها نتلفظ بنطق اللغات التي تلهجها السنتنا تعبيرا و افصاحا لما تكن انفسنا من افكار او تجييشمن عواطف، من ثم فان من المسلم به ان صناعة لغة اي إنسان كائنا ما يكون لا تتأتي بغير هذه الحروف، لذا يعد هذا الفلق بداهة غريزية و إعجازا ينم عن وحدة جنسنا البشري طالما تصطلح كل الالسن عليها فتصوغ افكارها المعنوية علي نهجها مثلما تبرز بها دلالاتها المادية من صور و رموز و اشكال. هذه الحروف و برغم التميز في كتابتها و تنوع اصوات نطقها من شعب لاخر او حضارة و اخري الاٌ انها جميعا تتفق علي تعريفها بالصيغة أ-ب-ت—الخ كمثال العربية و اخواتها او- الخ كما في اللاتينية و غيرها.A-B-C و لما كان تعريف الكلمة عند العربية انها تتركب من حرفين او اكثر كما يذهب علماؤها الي ذلك، القول الذي يلقن به النشئ منذ اولي مدارج تعلمهم، الا ان لغة الفور (بلي) لا تساير هذه القاعدة في بعض منحاها ، اذ نجد ان الحرف في لغتهم تقوم مقام الكلمة او هو كلمة بذاتها بدلالة تامة و مفهوم معزز بالمنطق مثلما هو حرف إشارة ايضا للتنويه او الإحالة ، و في هذا تستوي الابجديتين العربية و اللاتينية مما نتطرق لكل منها علي حده. الابجدية العربية كما يشاع 1- الحرف - أ – : بمعني/إستفهام لقول لم يستوعبه المرء او استفسار منه لامر قد تجاوزه بالنسيان اي إستراك في الحالتين. 2- الحرف – إ – بتخفيف الكسرة : بمعني/من – كأن تقول ( إ / كي؟ ) من هو ، او (إ / كاي ؟) ما هو الشيئ، او ( إ/ كا؟ ) أأنا اي استفهام في كل الاحوال. 3- الحرف – أُ – بضم الالف: بمعني / مطلق انثي الحيوان البالغ، و به تعرف انثي البقر – أُ- علي وزن -اُوا- انثي البقر بالفينيقيه. 4- الحرف – ءِ-: بمعني / نعم، و كذلك إستدراك لامرحسي لم يدركه المرء او بوغت به. 5- الحرف – اّ - بمعني / فعلت الشيئ ، اي الاعتراف بالفعل المعنوي او المادي كمثال الاعتراف امام العدالة كالانموذج الوارد في العدالة كما جاء في احد كتب الموتي عن الحضارة الفرعونية ( اّ/ني) اي فعلت كذا وكذا –(1) فضلا عن اللفظ – ( اّ/مين) اي الشكر، من جهة اخري هو مبتدأ اسم الجلالة (الله) ويتكون من (اّ)اي خلقت (ل ل ) للنفي اي نفي الاله عن الخلق ، و لفظهما معا – (الل) بمعني غير مخلوق ، وفي القديم كان يكتب اسم الله – اُل- حيث ورد (- اٌل- الاله الاعظم ملك القوي السماوية الاقدر(2) 6- الحف – بَ-: بمعني / اخذ ، فعل ماضي، ايضا فعل امر للجمع (بَ) بمعني/ ضعو الشيئ حيث يكون، كذلك بمعني/نفذو العمل (تاري/بَ) ، الي جانب (سَ/بَ) ابقو لبعض حين –الخ. 7- الحرف –ت- : بمعني النعم، اي كل انواع النعمالظاهرة منها و الباطنة ، كمثال (لو/تّ) و هو اوان نضوج كافة انواع النعم الظاهرة من نبات و شجر و تكاثر الانعام لمعطي الامطار في فصل موسمها ، لهذا سميت الحاضرة النوبية القديمة – نبتة- و هو اسم جري اشتقاقه من (ن/ب/ت) او (نا/با/تا)، علما بان روايتها تفيد بحدوث حريق حينذاك قضي علي كل المساكن و البنايات في تلك المدينة عند اوان سابق فأرجأ بنائها مرة اخري الي اوان وفرة مواد البناء فضلا عن الغذاء للناس مما كان ذلك بعد فصل الخريف (تَ) و لذا سميت المدينة باسم – ن – ب – ت - ، الجدير بالذكر ان القحط و المجاعة و هما نقيض الشبع (ت) يعرف باسم (تّي) و به كان يعرف مدينة (تي/با) اي طيبة في مصر – و مدلوله ،المكان الذي فيه يتجمع الجوعي و النازحين اليه بسبب القحط و المجاعة ليتم اغاثة جموعهم فيه، الشكل الذي به تعرف اليوم باسم باسم معسكرات الاغاثة. 8- الحرف – نَ - : بمعني الان – كمثال (ن/بو) اي الان اذهبو ، او (ن/ب) اي الان اعملوا مثلما هو حرف اشارة (ن/كي) اي ايضا نحن ، او (ن/كيي) اي مثل من. 9- الحرف – ج - : فعل امر بمعني ضع، اي اضع الشيئ في المكان ، كما هو فعل ماضي الامر كمثال (جَ/ ئِري) اي رفعه الي فوق، و ايضا بمعني 1-خبأه 2- خزنه 3- حفظه (ئِري/جَ). بينما يعرف السماء باسم(جويل) بمعني رفعه الله ، و مصدر اشتقاق هذا الاسم هو (جً/ئِل). 10- الحرف – د- : بمعني منتصف النهار ، (دولي/دَ) مثلما يعرف به القصر المشيد (دَ) يقال (ارينق/دَ) اي قصر السلطان ، ايضا تعرف غرفة او غرف المسكن باسم (دَ) بينما بينما تكني الاخت الاكبر (دَدَ) كما هو لفظ للاشتقاق عن حدث غير سار (دَ) او (دَقا) عند بعض الجماعات. 11- الحرف – و- : بمعني 1- قلت ، (كَ/وَ)اي انا قلت 2- الواحة، مثل (و/وسسي)اي الواحة الواسعة ، وهو اسم ناحية في شمال نهر النيل و يكتب واوسسي و كذلك (سِ/وَ) وهي ناحية في مصر /سيوة و يعني واحة البحر او الواحة البحرية ، هذا فضلا عن الاسم حواء و مصدره (اَ/وَ) بمعني قلت كن حيث يلفظه الفور (اَوَ) / (أوا). 12- الحرف – س - : بمعني حين من الوقت ، كمثال (سَ/بونق)اي ابقو لبعض الوقت او (سَ/بَ) اي امكثو الي حي او وقت. 13- الحرف – ف – اسم عرف به احد الاجناس القديمة ممن استوطن جبل مرا في غابر الزمان قبل طروء العماليق (جرمينقا) اليه، و كانو يتخذون سكانهم تحت الكهوف فوق مرتفعات الجبال و ما زال بعض اَثارهم بادية الي اليوم خصوصا في ناحية جبال (كوره) الامتداد الشمالي لجبل مرا و الي الغرب من الفاشر حاضرة دارفور. الجدير بالذكر ان كلم جرما و الجمع (جرمينقا) يعني الفارس او الفرسان بلغة الفور. 14- الحرف – ك - : بمعني 1-انا ، اي الذات القائل 2-الروح 3- الارادة .لذا كان الملوك النوبيين يكنون باللقب كَ او/ كا - كمثال كاموسى و الاصل ( كَ – مو – سى ) اي ملك ماء او نهر النيل ، كذلك تهراكا و الاصل (ت/ ارى/ كَ) بمعني كيال النعم و ايضا الملكة كنداكا و الاصل (كندي/ك) اي الملكة كندي /اسم علم ك ، كما تكني الخالة – (كالا) شقيقة الام. 15- الحرف – ل - : بمعني فيما بعد ، كمثال (لَ/بل) اي تعالوا فيما بعد و بتكراره مرتين يكون بمعني النفي – (لَ لَ ) اي لا. 16- الحرف – م - : بمعني 1- الام الوالدة 2-المحامي او الحليف المدافع 3- اختصار للكنية (م م ) او ما ما الخال شقيق الام 4- الحمل صغير الشاه (م)او (ما) . 17- الحرف – ر –: بمعني الراحة، الاسترخاء الاستلقاء كمثال (رَ/جَ) او (را/ جا) الاسم الذي تعرف به الناحية (راجا) في جنوب السودان و هي بمعني ارتاح هنا . جدير باذكر ان الحرف – ر – اسم يرمز للاله (اَ/ مون / رَ ) اي امون رع مثلما كان يختصر به الاسماء مثل راحيل ، راشيل ، رخيه التي اندثرت تقريبا. 18- الحرف – ي –: بمعني كنية الام غير الوالدة كمثال (يَ/مرم) اي العزراء الام المقدسة مريم. 19- الحرف – ق -: و ينطقونه معطشة – و هو اسم لطائر اللقلق. ============= جدير بالذكر بان لغة الفور تتضمن لفظان لحرفين لا توجدان في الابجدية العربية كمثال: (نيجري)اسم نبات القطن و هو علي وزن الكتاب بالروسية – كنجيقا – . و الحرف الاخر في كلمة( نقارا ) اي مرض الجرب علي وزن – نوقارا – الطبل. ****يلاحظ دارس لغة الفور بانها نفتقر عددا من حروف الابجدية العربية مما يستعاض عنها بالمثال التالي : و بالرجوع لما اورده اللغويون عن الحروف الابجدية ، ذكر الشيخ نسيب وهيبة الخازن في كتابه ( ولما حل الساميون في العراق، و اخذو الكتابة عن السومريين ، لم يتمكنو من تدوين النطق بالاحرف التي لم تكن في نطق السومريين ، و بذلك ضهقت عندعم الحروف – ع ، غ ، ه ، خ ، الي ان زالت و زالت الحرفان – ض ، ذ (3) لقد ضمت كل المعاجم العربية في متونها الكثير من الكلمات التي تفسرها وهي اي هذه الكلمات تعد اصيله في لغة ( الفور ) و يتحدثون بها الي اليوم مثلما تتوفر مثل هذه الكلمات في طي اسفار الكتب المقدسة – التوراة – الانجيل ، القران مما سنتطرق لها في مقبل التواصل – من ثم يدفعنا هذا الامر للتنويه الي التقصير الذي صاحب جهود الباحثين من المؤرخين و اللغويين لتجاوزهم اختفاء اثر القربية في افريقيا و حصرها في الشرق الاوسط او المنطقة العربية في الوقت الذي نبه بعض العلماء الي اسبقية افريقيا كمهد تصل من الحامية و السامية سيما بما اورده الشيخ نسيب وهيبة الخازن ايضا ذكر ( منذ سنة 1887 قال – نولدكي و هو المستشرق الاكبر في هذا البحث، انه يميل الاي الاعتقاد بان افريقية موطن الساميين الاصلي ، و ذلك سبب التشابه الكبير بين اللغتين السامية و الحامية و قد اخذ اخيرا بهذه النظرية العلامه بارتون (4). من جهته ذكر الدكتور حسن ظاظا في كتابه ( و من الاقتراحات التي قدمت عن مهد الساميين ما ذكره المستشرق تيو دور نولدكة من ميله الي ان تكون افريقيه هي تلك البيئة الاوالي ، لما لاحظه من وجوه الشبه بين اللغات السامية و لغات المجموعة الحامية . و قد يبع هذه الفكرة العالم البريطاني – بارتون – في كتاب له ظهر في لندن سنة 1924 بعنوان – اصول الساميين و الحاميين الاجتماعية و الدينية – و الاعتراض الموجه الي هذه النظرية هو كيف اختفت الساحل (5). في هذا الصدد يمكن القول بان دارفور علي وجه الخصوص هي المنطقة الاثرية التي ما زالت تحتفظ في ارضها بالاماكن التي تدل تسمياتها بان سام بن نوح و بنيه كان موطنهم في هذه البلاد و علي سبيل الذكر كمثال: 1- سام بو – وتكتب سامبو / بمعني بركة سام 2- سامينق دلو – بمعني / اثار قرية سام و من ابناء سام الذين تعرف بهم بعض الانحاء في جبل مرا:- 1- روم سام 2- تون سام 3- كرو سام و من المرجح ان ذرياتهم قد انتشرت في انحاء الارض و لعلها علي النحو التالي :- 1- روم سام – بلاد الروم 2- تون سام – بلاد اوروبا 3- سري سام – بلاد اسيا 4- كرو سام – افريقيه لكم التحية اجزله يتواصل - 3 زكريا سيف الدين سمين 0915902833 التاريخ/ 13اكتوبر2012 نيالا المراجع: 1- جيمي هنري برستد – انتصار الحضارة – تاريخ الشرق القديم – ص/137 – ترجمة احمد فخري. 2- شارلز أندري جوليان – تاريخ افريقيا الشمالية ص/118 – تعريب – محمد مزالي/ البشير بن سلامة – الرواد التونسيه للنشر. 3- الشيخ نسيب وهيبة الخازن – من الساميين الي العرب – ص/26 منشورات دار مكتبة الحياة - بيروت /لبنان . 4- الشيخ ونسيب وهيبة الخازن – مصدر سابق – ص/11. 5- الدكتور حسن ظاظا – الساميون ولغاتهم – تعريف بالقرابات اللغوية و الحضارية ص/12 مكتبة الدراسات اللغوية – دار المعارف بمصر طبعاعة : د. جمال محمد عبدالمولي
