راشد عبد الرحيم: عودة المصباح    مصطلح الكسرة في السودان يعني الرشوة ولا تقل خطرا من بندقية حميدتي    "أشعر ببعض الخوف".. ميسي يكشف آخر فريق سيلعب لصالحه قبل اعتزاله    بعد انحسار الأزمة.. الاقتصاد يعزز التوافق بين الرياض والدوحة    ميسي: هذا النادي سيكون وجهتي الأخيرة    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    شاهد بالفيديو.. في أجواء جميلة.. لاعبو صقور الجديان يحملون علم جنوب السودان عقب نهاية المباراة ويتوجهون به نحو الجمهور الذي وقف وصفق لهم بحرارة    الدولار يسجل ارتفاعا كبيرا مقابل الجنيه السوداني في البنوك المحلية    "ضحية" عمرو دياب يريد تعويضا قدره مليار جنيه    شاهد بالفيديو.. الفنانة إيمان الشريف تغني لصقور الجديان عقب الفوز على جنوب السودان وتنشر أهداف المباراة (السودان بي جيوشو فيهو رجال بحوشو)    شاهد بالفيديو.. الجيش يتمدد في أم درمان ويقوم بتنظيف السوق الشعبي والمناطق المجاورة له    عائشة موسى تعود إلى الواجهة    ناشط جنوب سوداني يكتب عن فوز صقور الجديان على منتخب بلاده: (قاعدين نشجع والسودانيين يهتفوا "دبل ليهو" ولعيبة السودان بدل يطنشوا قاموا دبلوا لينا..ليه ياخ؟ رحمة مافي؟مبروك تاني وثالث للسودان لأنهم استحقوا الفوز)    ابو الغيط: استمرار الحرب في السودان يعجز الدولة عن القيام بدورها    الشراكة بين روسيا وقطر تتوسع في كافة الاتجاهات    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    البرهان يهنئ صقور الجديان    هدية معتبرة    المريخ يعود للتدريبات ويخضع البدلاء لتدريبات خاصة    قطر ياأخت بلادي ياشقيقة،،    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    تُقلل الوفاة المبكرة بنسبة الثلث.. ما هي الأغذية الصديقة للأرض؟    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    لماذا قد تبدي "حماس" تحفظًا على قرار مجلس الأمن؟    عدوي: السودان يمر بظروف بالغة التعقيد ومهددات استهدفت هويته    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    انقطاع الكهرباء والموجة الحارة.. "معضلة" تؤرق المواطن والاقتصاد في مصر    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ كمال رزق عضو هيئة علماء السودان وخطيب مسجد الخرطوم الكبيريقول: لستُ مُطبلاً وتجربة الإنقاذ لا تعبر عن الشريعة

فرطنا في الجنوب و(فكينا المسلمين فيه عكس الهواء)
أُحب الأخ الطيب مصطفى ومنهج السلام العادل والحركة الإسلامية لا يختلفان!!
حاوره: فتح الرحمن شبارقة
هو ليس مجرد شيخ، أو إمام وخطيب لمسجد الخرطوم الكبير، أو حتى داعية إسلامي كما بات يوصف الكثيرون في الآونة رغم وهن السقوف الفقهية التي يستظلون تحتها، فالشيخ كمال عثمان حسن رزق المعروف بآرائه وخُطبه القوية خاصة في الأمور السياسية، هو المدير العام لمؤسسة تدريب وتأهيل الدعاة، ويتكيء على معرفة عميقة بأمور الدين والدنيا حسبما تكشف لي من خلال الجلوس إليه صبيحة الإثنين الماضي بمقر المؤسسة بأركويت.
وقتها، بدا لى وكأنه كمال آخر غير كمال رزق الذي يتهيبه الكثيرون، ويثير حماس البعض وغضب آخرين عندما يصعد إلى منبر الجمعة ليصوّب بدقة متناهية لبعض مواطن الخلل. فقد أحسن استقبالي، وفي سِفر (قبسات من علم الدعوة) الذي ألفه، كتب إهداءً رقيقاً وصادقاً في آن. ولكن شيئاً من تلك الرقة لم ينسرب إلى أسئلة (الرأي العام) التي أجاب كمال - حتى على الإتهامي منها - بذات طريقته الواضحة والجريئة:
* في الأيام الفائتة، نُسب إليك تصريحاً كان صادماً للبعض مفاده أن (90%) من المسلمين لا يريدون الشريعة.. فهل كنت تقصد بهذه النسبة المسلمين في السودان، أم في كل العالم ربما؟
- أنا قلت هذا الكلام في سياق ندوة عن الشريعة قدمتها هيئة علماء السودان، وأنا حقيقة لم أكن المتحدث الأول أو الثاني أو الثالث، فهناك ورقات قُدِمت وبعد تقديمها فُتح باب التعليق وعلق قبلي عدد كبير من الناس، ومن ضمن ما سمعت من التعليق أن أهل السودان كلهم يريدون الشريعة الإسلامية كلها كما هي بحدودها وأحكامها وشرائعها وبشعائرها، وأنا حقيقة عندما جاء دوري قلت إن هذا الكلام ليس كلاماً دقيقاً، فأهل السودان كلهم لا يريدون الشريعة وبنسبة (90%) وهذا الكلام سبقني فيه رب العالمين في آية من آيات القرآن (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون). يعنى هذا التطبيق يحتاج لسلطان ثم بعد ذلك عندما يروا النتائج سيحبون الشريعة..
*لماذا قلت هذا الكلام الذي عده البعض تكفيراً ربما ل (90%) من المسلمين ممن لايريدون الشريعة؟
- أنا حقيقة لم أقل إن أهل السودان كفار، أو المسلمين كلهم لا يريدون الإسلام، فأنا أتحدث في القوانين وعن الشريعة كمنهج حياة ولم أتحدث عن عقائد الناس وأنهم كفار وغير ذلك مما ذهب بها الناس مذهبا بعيداً. وقلت هذا الكلام لمعطيات كثيرة موجودة في الساحة، أولاً بعض الناس يظن أن التجربة الماثلة هذه هي الشريعة الإسلامية، وأنا هنا أقول لهم بوضوح إن هذه التجربة لا تعبر عن الشريعة بكمالها وبجلالها..
=مقاطعة=
*تقصد تجربة الإنقاذ؟
- التجربة الآن، تجربة الشريعة الآن لم تتحقق بالقدر المطلوب الذي يعود على الناس بفائدة وبخير وبأكل وشرب، هكذا علم الناس عن الشريعة (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم)، فهناك إشارات إذا طُبِقت الشريعة تعود على الناس بالمنفعة والخير، وهذه التجربة صدت كثيرا من الناس عن هذا الأمر، وظنوا أن الشريعة لا تحقق للناس شيئاً، لذلك بعض الناس انصرف لغيرها من الموجود في الساحة من تجارب غربية أو غيرها يعيش الناس فيها في أمن وطمأنينة ويأكلون، وظنوا أن تلك المناهج تعود عليهم بالخير أكثر من الشريعة الإسلامية، فالتطبيق الخاطئ أفرز عدداً كبيراً من الناس، إذا ذكرت لهم الشريعة يقولون لك: (لا نريدها).
*هل تعتقد أن النماذج المطبقة للشريعة في بعض الدول، وفي السودان على وجه التحديد قد نفّرت بعض الناس من الشريعة؟
- أنا قلت في حديثي الذي لم يذكره الشخص الذي نقل الحديث، قلت بالحرف الواحد إن التجربة التي عشناها أيام نميري ما ذقنا أمناً ولا راحة ولا طمأنينة مثلها. وقلت تلك التجربة أفاضت على الناس كثيراً من الحب للشريعة والطمأنينة والعدل رغم أن البعض جاء وأسماها بقوانين سبتمبر وأنا لا أتفق معهم في هذا.
*ألا ترى أن هذه مفارقة موجعة قد تغضِب منك البعض عندما تقول إن تطبيق الشريعة على أيام نميري كان أفضل مما هو عليه على أيام الإنقاذ؟
- أنا أتفق معك وهذا ما قلته، وأنا أقول ذلك لأني من الذين عاشوا تلك الفترة ورأيت كيف أن الشارع قد انضبط وكيف إن كل مظاهر الفساد قد انحسرت انحساراً واضحاً, وكيف أن اللصوص دخلوا في أجحارهم وكيف أن الناس ينامون حتى الفجر وهم في أمن وأمان.
*كأنك تريد أن تقول إن الإنقاذ كرّهت الناس في الشريعة؟
- لا أقول ذلك، وإنما أقول إن التطبيق الذي تم ليس هو التطبيق المطلوب، وليس هو التطبيق الذي يبلغنا النتائج التي نريد وهى أن يلتف الناس حول الشريعة. يعنى الآن بكل وضوح - ودعنا من كل كلام ليس مستقيماً - إذا قلت للناس نريد أن نطبق الشرع سيكون في نفوسهم شىء كثير من حتى، لأنه إذا أراد أن يقيس بالتجربة الموجودة فإنه فلن يكون معك بأي حال من الأحوال، وإذا أراد أن يقيس كذلك بتجرية سمعها أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيام طُبِق الإسلام بشكل تام، فلن تجد كذلك النتيجة التي تريد.
*عوداً على بدء شيخ كمال، فأنت قلت إن (90%) من المسلمين لا يريدون تطبيق الشريعة، فمن أين لك بهذه النسبة أم أنها مسألة تقديرية؟
- أنت ما انتظرتني حتى أُكمل لك الأسباب، فهذه واحدة التي ذكرتها أن الناس يقارنون بين عائد الشريعة إذا طُبِقت وبين الواقع الذي يعيشون فيه ويزعمون أن الشريعة طُبِقت، فهذه واحدة. والمسألة الثانية هناك فئة من الناس تظن أن الشريعة هى فقط الحدود ولا يعرفون منها غير هذا, لذلك هم يقاومونها لأنها تعترض كثيراً من شهواتهم، وهنالك نوع آخر ينطلق من أيدولوجية فكرية ويعتقد أن الإسلام ليس منهج حياة ولا يصلح للحياة ,وأنه دين تجاوزه الزمن لذلك يبحث عن غيره، ويرى في غيره الحلول لمشاكل البشرية التي يعيش فيها الناس. فهذه أنواع، وأنا حقيقة فقط أقول بما قال به الله سبحانه وتعالى: (وإن كثيراً من الناس لفاسقون)، ومعنى ذلك أنهم لا يريدون الشرع, لأن الشرع يصطدم بأهوائهم، وهناك آيات كثيرة ليس هذا مجالها تدل على أن القِلة هى المؤمنة (وقليل منهم) و (قليل من عبادي الشكور)، وعندما قلته قلت حقيقة شيئاً آخر مهم ولم يذكر، فأنا قلت ينبغي على الدولة أن تطبق الشريعة لأن هناك من الشباب في خارج الأرض وتحت الأرض وتريد أن تطبق الشريعة بالقوة، فهذه الخلايا موجودة ودونكم شمال مالي، وهذه الخلايا ليس لديها ما تحافظ عليه في الدنيا، وليس لديها شىء تخشاه وترى أن أقصر طريق هو الشهادة في سبيل الله، لذلك هذه الخلايا الآن موجود ظاهرة ومستترة وتطبيق الشريعة يحقق السلامة والأمن من كل تطرف ومن كل غلو. فهذا لم يُذكر وإنما ذُكرت فقط نسبة مبهمة.
* إذن نسبة ال (90%) هى تقديرية ولم تبنى على استبيانات أو شيء من هذا القبيل؟
- هى نسبة تقديرية، وأنا قلتها للمبالغة.
* أياً كانت النسبة، فهي توقعك في فخ فقهي، فكأنك تريد تكفير نسبة من لا يريدون الشريعة خاصة إذا قرأنا تلك النسبة مع إحدى آيات الحاكمية: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً)؟
- واضح طبعاً أن الحديث عن الشريعة وليس عن الدين، ولم نقل إن الناس كفرة ولم نشر إلى كفر المجتمع، وأنا بالمناسبة ومعي اثنان آخران من قادة مقاومة الفكر التكفيري وهما الشيخ عبد الحي يوسف والشيخ محمد عبد الكريم، فنحن ضد الفكر التكفيري جملة وتفصيلاً.
*لكن عندما ننظر إلى القسم الإلهى بين لاءين في تلك الآية (فلا وربك لا يؤمنون...) نجد تشديداً في الأمر وإخراجاً لمن لا يريدون الشريعة وتحكيم الله من زمرة المؤمنين؟
- إذا لم يحكموا بالشريعة فهم حقيقة خرجوا من دائرة الإيمان لأن هنالك آيات تؤيد ذلك، فعدم تطبيق الشريعة لا يمكن بأي حال من الأحوال يجعلك في دائرة المؤمنين.
* ولكنه لن يخرج من ملة الإسلام؟
- صحيح ممكن تكون باقٍ في الإسلام بالشهادة، فالإسلام أولاً ثم الإيمان، فالإيمان درجة، فأنت باقٍ في الإسلام ولكن ليس باقياً في الإيمان.
* غض النظر عن النسبة، إذا كان هناك كثير من الناس لا يريدون الشريعة أفأنت تكرههم حتى يكونوا مؤمنين؟
- الإكراه هذا قبل الدخول في الإسلام، يعنى أنت عندما تأتي تدخل في الإسلام لا تُجّبر، لكن إذا دخلت الإسلام فأنت دخلت في دين فيه لوائح وقوانين ونظم وأشياء لابد أن تلتزم بها، ف (لا إكراه في الدين) قبل الدخول في الإسلام، أما بعد الدخول في الإسلام فهناك إكراه، والإكراه مثلاً أن تُصلى، وإذا لم تُصل تستتاب، وإذا لم تعود تقتل، فهذه قوانين. ومن قوانين الإسلام وأنت في داخله أن المرأة تلبس بشكل جيد أن الرجل يستتر وأن الربا لا يتعامل به في البنوك، وهذه كلها قوانين، ف (لا إكراه في الدين) هذه فقط قبل الدخول في الإسلام، لكن دخلت في الإسلام في إكراه طبعاً. والآن أية دولة تدخلها سواء أكانت السعودية أو غيرها لديها قوانين تلتزم بها، فكيف يكون دين بأكمله ما عنده قوانين؟!
* ألا ترى من المناسب للإنقاذ مثلاً أن تدعو للشريعة قبل أن تطبقها؟
- الناس لن يقتنعوا بهذه الشريعة أصلاً إلا إذا طُبِقت، فالناس يريدون بياناً بالعمل، ويريدون أن يروا ثماراً ويقفوا على شيء حي, لذلك في زمان الرسل جاءت المعجزات لأن كثيراً من الناس لا يؤمن إلا بما يرى ويشاهد ويُحس.
*برأيك هل الإنقاذ الآن دولة إسلامية تُطبِق الشريعة بالشكل المطلوب الذي يشجع الآخرين على تطبيق الشريعة؟
- هى دولة إسلامية ولكنها لا تُطبِق الشريعة الإسلامية بالشكل المطلوب، ولا نقول دولة كافرة لأنها تقام فيها الصلاة وحاكمها مسلم والناس يؤمنون بالله، ولكن لا تُطبق الشريعة بالشكل المطلوب الذي يعود للناس بما وعد الله به في كتابه.
*ألا ترى من الأفضل أن تحسن الظن بالناس بدلاً عن النبش في نياتهم والحديث عن أن كثيراً منهم لا يريد الشريعة؟
- أنا لا أنبش في النيات, ولا أتحدث عن النوايا، وإنما أتحدث عن أن حكم الله هذا غالبية الناس لا يريدونه لأنه يصطدم بأهوائهم وقد دللت إليك بآية من أيات كتاب الله (كثير من الناس لفاسقون)، ورُبِطت هذه الآية بالحكم (فاحكم بينهم بما أنزل الله)، وكثير من الناس وهم الأغلبية لا تريد الحكم الذي يمنع الخمر والهوى والنساء وهذه الأشياء، وهذه هي الأغلبية، وأنا لا أقول غير ذلك ولا اتهم أحداً بعينه، فالجنة يدخلها أناس كثيرون ولكن كلاً يدخل بباب من أبواب الجنة، ولكن نحن نتحدث عن الحكم.
*لكن ما تفضلت به هو معكوس لحديث سائد، فقد كان يقال إن الشعوب تريد الشريعة والحكام يريدون العلمانية ولذلك جاء تكوين الحركات والجماعات الإسلامية وجاء التطرف، ولكنك عكست الآية فيما يبدو؟
- أنا لم أعكس الآية وأتيت بها كما هي، فحكم الله سبحانه وتعالى يريد تطبيقاً واضحاً حتى يرى الناس النتائج أمامهم، والمسألة الثانية (كثير من الناس) هذه الآية جاءت في سياق الحكم والله سبحانه وتعالى يأمر رسوله مباشرة (ولا تتبع أهواءهم)، (وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)، (وإن كثيراً من الناس لفاسقون)، هذه النسبة التي ذكرها الله لم يقل قليلة وإنما هى كثيرة, والسبب بسيط وهو أن هذه الشريعة تعترض أهواء وشهوات الناس وتقف أمامها ولا تحقق كثيراً من المصالح لأنها ليست بالطريقة الشرعية، فليس هناك عكس لآية، ثم إن كل الحركات المتطرفة التي ظهرت في العالم والجماعات المسلمة هدفها واحد هو تطبيق الشريعة، وبعضها يرى أن عدم تطبيقها كُفر للدولة كلها، وبعضها يرى أن عدم التطبيق تقصير من الحاكم ينبغي أن يُكمل، وبعضهم يرى أن الخطوات في تطبيقها خير من عدمها، وأنا أرى ذلك أيضاً، فكل يوم يمكن أن نطبق فيه شيئاً جديداً من دين الله, هذا عمل جيد ولا يُكفر جهة من الجهات، حتى في الحديث القدسي (من تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً.... ومن جاءني يمشي أتيته هرولة). فأنا لا أرى غير هذا، لذلك التطرف يأتي من تركها أصلاً أو من وجودها مع كل مظاهر الفسوق والفجور وهى موجودة بين الناس.
* ومع ذلك فالدعاة ينبغي عليهم أن يكونوا دائماً متفائلين، فسيدنا يونس عندما ذهب مغاضباً وقال إن هؤلاء لن يؤمنوا ابتلعه الحوت، وأنت الآن تقول ما قد يقود لتكفير الكثير من الناس الذين قلت إنهم لا يريدون الشريعة؟
- أنا قلت ذلك في الندوة كما قلت لك لأني خشيت أن يظن الناس أن الكلام عن أهل السودان كلهم يريدون الشريعة الإسلامية صحيح، إذن ليست هناك مشكلة، فأنا قلت هناك مشكلة لأننا لو أخذنا هذا الكلام هكذا على عواهنة لا يدل على الحقيقة، وإذا كان كل الناس يريدون الشريعة فإذن تنفض الندوة لأنه لا توجد مشكلة، والكلام لن يكون بهذه الصورة البسيطة، فلا بد من أن تظهر الآيات كذلك التي تبين أن حكم الشريعة هذا يحتاج إلى حاكم يطبق الشريعة ويظل يعلم في الناس.
* بحديثك هذا، ألا يصدق علينا كتاب أبو الحسن الندوي (رِدة ولا أبا بكر لها)، لأننا نريد من يرجعنا للدين في موضوع الحاكمية؟
- أنت تسأل الآن وأتيت لمنطلقات التكفير، ومنطلقات التكفير الآن يعتبرونها ردة وهم أبابكر. فهذه هى منطلقات التكفير ونحن لا نراها بهذه الصورة.
*ولكن البعض يراك قريباً في الواقع من تلك المنطلقات, وربما يحرك أحدهم إجراءات جنائية ضدك لأنك وضعته ضمن الكثيرين في دائرة الكفر والفسوق؟
- هذا الكلام ليس صحيحاً. فأنا لا أدعو لتكفير الناس وإلى ردة الدولة، وقد شرحت كلامي بوضوح وإذا كانت هناك عواقب فأنا لا أخشاها لأني أؤمن بما أقول. أما مسألة أن يذهب الناس لمذاهب أبعد من ذلك ويعملوا كذا أو كذا، فأنا يومها سآتي بأدلة كثيرة جداً تبيّن أن غالبية الناس لا يريدون شرع الله لأن شرع الله هو الذي يحييهم وهم يريدون أن يبقوا أمواتاً.
*طيب بعد كل ما قلته ماهو العلاج برأيك وكيف يرجع أولئك الناس إلى الدين؟
- الرجوع إلى الدين أخي فتح الرحمن لن يكون فقط بالكلام أوالمواعظ، وإنما بخطوات عملية. أولاً الآن لابد من مراجعة المناهج التعليمية، فمناهجنا التعليمية الآن خاوية على وفاضها ولا تخرج لنا حتى من يفهم الدين دعك من أن يقيم الدين، فهي مناهج ليست فيها تنقيح أو مراجعة حتى تستقيم مع التربية. ونحن في حاجة إلى مراجعة للإعلام الذي يظل الليل والنهار يبث لنا أشياء لا تقودنا حقيقة إلى أي شىء أو إلى شباب يحب الله ويحب الرسول كما ينبغي, وذلك الحب طبعاً يستدعي عملاً وإستقامة للشباب، فنحن الآن نحتاج إلى مراجعة التعليم والجامعات والإعلام والكتب والمجلات وما يكتب وما يقرأ، فالتربية لا تتجزأ ولا يمكن أن تأخذ جزءاً من التربية وتقول أنا أُربي الناس، لا يمكن.
*إلى أى تيار ينتمي الشيخ كمال رزق، وهل لديك علاقة مع الحركة الإسلامية أم أنك محض شيخ؟
- أنا واحد من أبناء الحركة الإسلامية، ولكن لست مطبلاً لكل ما أراه وأسمعه وهذا منهجي في الحياة، ولن تجدني في يوم من الأيام أبصم على كل شيء، وأعتقد أن هذه هى رسالة، وأعتقد أن الحركة الإسلامية هى منهج لفكرة قادمة وينبغي أن تكون الفكرة حية في حياة الناس يراهها القاصي والداني ويلمسها حتى الأعمى الذي لا يرى. فأنا مؤمن بفكر الحركة الإسلامية وتربيت في ساحتها وتعلمت منها الكثير، ولكني لست تابعاً أعمى، وأكثر ما خرجت به أني لا أكون تابعاً غيري أو ما نهانا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يكون أحدكم إمعة).
* البعض يرى أنك متفلت ؟
- المتفلت هو الإمعة لأنه خالف توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول نفسه كان الناس يراجعونه، وسيدنا عمر كان الناس يراجعونه، والخلفاء كذلك كان يراجعهم الناس، فما الذي جعل الحركة الإسلامية في موضع قداسة لا يتحدث الناس عن رجل فيها حديثاً واضحاً مكشوفاً؟!
*من واقع تجربتك هل ترى أن الحركة الإسلامية تسمع الصوت الناقد والصوت الآخر، أم أنها لا تسمع غير صوتها فقط، أو بالأحرى صوت بعض المتنفذين بها؟
- هى تسمع الصوت الآخر من خارجها، أما من داخلها فذلك يتم بصعوبة.
*قلت إنك عضو في الحركة الإسلامية، فهل يعني ذلك أنك عضو في المؤتمر الوطني بالضرورة؟
- أنا عضو قديم في الحركة الإسلامية وأرى أن المؤتمر الوطني هو الحزب السياسي الذي يمثل الحركة، فأنا لست بعيداً عن المؤتمر الوطني ولكني لست راضياً عن كل ما يخرج من المؤتمر الوطني .
* ما هي حقيقة علاقتك بمنبر السلام العادل على وجه الدقة، خاصة وأن البعض يصنفك ضمن حزبهم؟
- علاقة حب، أنا أُحب الأخ الطيب مصطفى وبيني وبينه علاقة حب قديمة.. وليس هذا هو السبب لأن هذا ضرب من ضروب التبعية كذلك. ولكن أنا أرى في الطيب حقيقة وضوحاً ، وأرى في الطيب منهجاً وخطاً واضحاً فيما يقول وفيما يريد، ولا أحس بأنه هو الرجل الذي يتلون، ومنهج السلام العادل الآن لا أرى فيه شيئاً يختلف حتى عن منهج الحركة الإسلامية، إلا أن منهج السلام العادل الذي يسير فيه حقيقة فيه إعتزاز كبير، وفيه رجوع بقوة للأهداف التي يريدها الإسلام من الناس.
* ألهذا ربما كنت تنظر لقضية الجنوب والجنوبيين من ذات منظور الباشمهندس الطيب مصطفى؟
- لا لا لا.. أنا قلت له - وهو يعرف ذلك تماماً وسيقرأ هذا الكلام- لست معك في مسألة فصل الجنوب، وأنا من الناس الذين ربيت على يدي أكثر من ألف جنوبي في الدعوة وأخرجتهم دعاة، فلست معه في هذا الخط. وإلى يومنا هذا - وهو لن يرضى في هذا الكلام- أنا أعتقد أننا فرطنا في جنوب السودان، وفي المسلمين الموجودين في الجنوب و(فكيناهم عكس الهواء) ، وبعد أن (فكيناهم عكس الهواء)، ما رعيناهم حتى الذين يربطنا معهم رباط سياسي ومنهجي فرطنا فيهم.
* لكن من يستمع لحديثك ومهاجمتك لاتفاق الحريات الأربع مثلاً يخشى ليس على التفريط في الجنوب الذي تم بالفعل، وإنما حتى في مجرد إقامة علاقات جيدة معه؟
- انتقادي للحريات الأربع ليس لأني آمنت بفصل الجنوب، لكن بعد أن انفصل لا يمكن أن نزيد الخسائر..
*ولماذا تزداد الخسائر أصلاً من اتفاق الحريات الأربع ؟
- لماذا تزداد الخسائر؟، لأني أعرف إن الحريات الأربع هذه لن تمكن المسلمين من شراء بيت في الخرطوم مثلاً لأن معظمهم فقراء، ولن تمكنهم من تجارة بين الشمال والجنوب لأن معظمهم فقراء كذلك، فهذه المسألة ستستفيد منها الكنيسة والجهات الغربية التي تريد أن تأكل الشمال كلقمة سائغة.
* برأيك.. هل الجنوب الآن هو أرض دعوة أم دار كُفر؟
- هو أرض إسلام، أنا الآن أُسميه أرض إسلام، لأن الأغلبية في جنوب السودان مسلمة، وأنا لا أسميه الجنوب المسيحي، وإنما الجنوب الإسلامي. ويقيناً إن عدد المسلمين الآن في جنوب السودان يتجاوز ال(35%) بينما لا يزيد عدد المسيحيين عن (17%) بتقاريرهم هم، فأنا أسميه الجنوب المسلم ومعنى ذلك أنه أرض دعوة.
* من أين جئت بهذه الأرقام والنِسب التي ذكرتها ؟
- أولاً الكنيسة في عام 1983م عملت إحصاء، وقالت المسلمين (18%) والمسيحيين (19%) والباقي وثنيين، فهذه إحصاءات الكنيسة نفسها...
=مقاطعة=
*لكن تلك النسب شهدت تغييراً كبيراً بالضرورة منذ إحصاء الكنيسة في الثمانينيات فقد مرت الكثير من المياه تحت الجسر وحدث تغيير ديمغرافي كبير؟
- نعم مر زمن طويل، ونحن إشتغلنا خاصة في جانب الدعوة الإسلامية شغل كبير جداً جداً وأظن إن النسبة التي ذكرتها أقل من الواقع.
*كيف تهاجم اتفاقاً أبرمته الدولة مثل اتفاق الحريات الأربع ، وتسعى لنسفه وأنت تعلم أن المسلمين عند شروطهم؟
- إذا أبرمت الدولة كل شىء ونحن نبصم على كل ما تبرم الدولة، فمعنى ذلك ان الدولة تعيش بدون بطانة أو من المطبلين لها فقط. وهذا يجب أن تسعد به الدولة وعندما تجد من يقول هذا الاتفاق فيه كذا من الخطأ يجب أن تفرح.
* ألم تشعر بغضب الكبار في الحكومة منكم بسبب انتقاداتكم اللاذعة لهم؟
- والله أنا ما شعرت بذلك، ربما يغضبوا سراً، لكن لا أذكر أن أحداً منهم يقابلني بوجه عابس، أو بكلمات شديدة أو بشىء من ذلك، وبعضهم يفهم حقيقة أنني أتكلم في مصلحة الدولة نفسها وليس في مصلحتهم هم، أتكلم في كيف تسير الدولة حتى تصل إلى غاياتها، وأظن كثيراً منهم لا يشككون في نواياي، لأني لا أبحث عن وظيفة أو لأن أكون في منصب معين، فهذا والله يمكن إذا بحثت في حذائي لن تجد شيئاً من هذا.
* النقد والهجوم هما جزء يسير من الإرشاد والتوعية، فكيف تسخر منبر الجمعة وتوظفه في النقد والمهاجمة بدلاً من الإرشاد والتوعية حسبما يتهمك البعض؟
- الناس بطبيعتهم لا يحبون النقد سواء أكانوا وزراء أو غيرهم، وكثير من الناس لا يحب النقد لأنه يظهره بأنه على خطأ، وكثير من الناس لا يريد أن يظهر أنه على خطأ. ومسألة النقد هذه لو جُرِدت من كل شىء وقيلت هكذا كلمة (نقد) حقيقة تكون أفسدت كل ما عمل من قبل، لكن هناك تصويباً الناس يسمونه نقداً ، وهناك بيان الناس يسمونه نقداً ، وهناك تصحيح لأفكار خاطئة الناس يسمونه نقداً ، فأصبحت كلمة نقد تنطلي على كل عمل مفيد.. والمنبر هذا أنا لست حريصاً عليه، والذي جاء بي إليه في التسعينيات هو الأخ الدكتور المرحوم محمد البشير البخيت، وأنا لست موظفاً في الأوقاف ولم آخذ أجراً منذ (23) سنة.
*هل تقبل النقد وتحتمل أن أوجه لك أسئلة ناقدة؟
- وإلا ما جلست معك الآن!.
* ألا ترى أن الحكومة قد فتحت لكم المنابر ومنحتكم المرتبات وسمحت لكم بمهاجمتها لتُظهر فقط أن هنالك مساحة للرأي الآخر وتوصِل رسالة مفادها ان البديل هو هؤلاء المتشددون؟
- هذا كلام - وأنا لا أكذبك القول- هو حقيقة موجود، ولكنه على كل حال لو إنطبق على كثير من الناس، فلا ينطبق علىّ أنا...
=مقاطعة=
*ولماذا لا ينطبق عليك أنت تحديداً؟
- أولاً أنا لا آخذ مالاً من هذا المنبر وصعدت إليه في سنة 1993م وإلى 2013م لم آخذ يوماً واحداً راتباً من هذه الجمعة التي أُصليها، وقبل ذلك كنت المدير التنفيذي للمجلس الأعلى في ولاية الخرطوم، لكل الولاية لمدة سنتين وما أخذت راتباً من تلك الوظيفة، فمسألة أو حكاية أننا نحن بنآخذ أو بنصلح في وجه يحتاج لتصحيح أو نُكمل في مهمة تحتاج إلى إكمال فهذا شغل نفاق وأنا لا أحسب أني الآن محتاج لذلك لأنه لا العمر يكفي ولا أشواقنا وأهواؤنا وآمالنا يمكن أن تدخلنا في هذا النفق المظلم ونكون بوقاً أو (بشاورة) لسبورة لنمسح ما فيها من خير أو من شر. وأنا أقول لكل من يدور في ذهنه هذا الكلام أحسن يشوف أية تهمة أخرى، يعني أنا مثلاً ممكن تتهمني وتقول هذا متطرف أو متشدد، لكن لا يمكن أن تقول إنه أداة من الأدوات ، لا يمكن. لأني لا أحتاج لذلك أصلاً.
* عندما قلت بشاورة، فهل كنت تقصد أنك لن تكون أداة تمسح بها أخطاء الإنقاذ؟
- مثلاً، كما ذكرت أنت.
*لماذا صوتك ناقد دائماً و(لا يعجبك العجب ولا الصيام في رجب) كما يقولون؟
- لأن الناس يكتبون فقط هذا الصوت ولا يتحدثون عن أشياء أخرى، أنا في كثير من الأحيان أُثني ، لي أشياء كثيرة تُفعل في الدولة يفعلها الوالي وغيره أثني عليه وأشجعها وأقويها من جهة الكلام وأقول لابد أن نستمر في هذا الخط.
* دعنا نتعرف على مفهوم الشريعة عند الشيخ كمال عثمان رزق؟
- مفهومنا للشريعة الإسلامية أنها هي منهج حياة، وأن البشرية كلها لا يمكن أن تجد حلاً لما تعيش فيه من ظلام ومن ظلم إلا بهذه الشريعة التي جُرِبت وطُبِقت في زمان ماضي ، وتعرفنا على نتائجها تعرفنا من خلال ما قرأنا وما سمعنا، وأنها صالحة لكل زمان ومكان، وأنها يمكن أن تأتي بنفس النتائج التي أتت بها في زمان سبق.
*هناك من يختزل الشريعة في تطبيق الحدود وجلد الكاسايات العاريات فقط فيما يبدو؟
- هذه جزئيات منها، ولن تتحقق الشريعة بكاملها إلا بهذه الجزئيات، وإذا أخذنا هذه الجزئيات وسلخناها منها فيكون هناك قصور في جانب، لكن المعنى الشامل للشريعة أنها منهج حياة.
* د.الترابي أشار مرة إلى تعدد مفاهيم الشريعة وقال : (شريعة من .. محمود أم أحمد)؟
- إذا كان الترابي له شرائع كثيرة، فأنا أعرف شريعة واحدة فقط، وهي الشريعة التي ذكرها ربنا في كتابه وطبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعرف غير ذلك.
*صحيح هنالك شريعة واحدة، ولكن هنالك مفاهيم مختلفة لتطبيقها بإختلاف الزوايا التي يُنظر منها إلى مسألة الشريعة نفسها؟
- هذه مناطق إجتهاد في المسكوت عنه الذي لم يوجد فيه نص ولا شىء من الحديث أو غيره، فهذه مناطق الإجتهاد وليست ممنوعة، بل معلومة بالضرورة للناس جميعاً.
* ألا ترى أن كثيراً من العلماء ليسوا على دراية كافية بما يرتبط بالشريعة الآن من اقتصاد وحقوق إنسان وكيفية إدارة العلاقات الخارجية، فكيف إذاً سيطبقون الشريعة، أم أنهم يريدون دولة منكفئة على ذاتها مثلما فعل الخليفة عبد الله؟
- هؤلاء العلماء الذين تتحدث عنهم كانوا منذ أيام المعهد العلمي في أم درمان عندما كان مدرس الدين وهو رجل عالم لا يكون مديراً لمدرسة ثانوية وهو في آخر الحصص وآخر الصف والإهتمامات، ففي يوم من الأيام كانت الدولة تضعهم في هذا الموضع حتى لا تعلو قيمة الدين، وحتى لا يكون الدين قائداً للدنيا. أما العلماء الموجودون الآن ففيهم علماء فيزياء وكيمياء، وهيئة العلماء هذه يظن كثير من الناس أن كل علمائها من جامعة القرآن الكريم، ولكن هناك علماء علوم كونية أفذاذ موجودين في هيئة العلماء، وليس كما يقال إن هؤلاء (علماء سُذج ساكت، أو لابسين نظارة سوداء، أو برة الشبكة) فهذا الكلام غير صحيح، فالآن العلماء هم من يديرون كل شىء مما يُظن بأنهم لا يعرفونه.
* أين تلتقي مع أخيك حسن عثمان رزق؟
- ألتقى معه في الرحم، فهو أخي في الله وأخي في الرحم. وقد يكون تفكيره مختلفاً عن تفكيري، وأنا أعلم أنه أهدأ مني بكثير وأكثر مني إتزاناً في عاطفته، فأنا أحيانا لا أمتلك عاطفتي بشكل جيد لكن هو يتحكم في عاطفته بشكل أفضل مني وأنا حقيقة لا أستطيع أن أصبر على شىء يصل إلى حلقي فلابد أن يخرج.
* ومع ذلك، فهناك من يرى أن ما يميز شخصية كليكما هي الحدة، و تتمظهر حدتكما هذه في كثير من المواقف التي تسقطونها عليها؟
- هنالك فرق بين أن تقول الحق ولا تسكت عليه، وبين الأسلوب، وأنا أعتقد أن أسلوبه هو أحسن من أسلوبي فهو أهدأ مني بكثير، وأنا أرى هذا عيب فيّ ولا أراه محمدة، ولكن لابد أن يكون هناك خلاف، فسيدنا عمر (كان شايل عصاه إلى أن مات) وكان أحياناً يضرب بها شخصاً غير مخطىء وأخيرا يأتي الشخص ويقول إني لم افعل كذا، فلابد في المجتمع ان تكون هناك أشياء من هذا، فيكون هنا رجل رقيق وهناك رجل عنده شدة، ورجل يتكلم بوضوح في الحق، ورجل آخر يقول الحق لكن بطريقة جميلة وهكذا، فهذا التنوع ضروري لبناء الحياة نفسها ولمسيرة الدنيا.
*أحدهم قال مرة إن الشيخ كمال رزق يحب الظهور، ولذلك كثيراً ما يخالف ليُذكر؟
- وهذا أنا لا أحتاج إليه أصلاً، فأنا لا أعيش لأُذكر، وإنما عندي رسالة وأعيش لرسالة. والظهور دائماً يكون وراءه نتائج وأنا لا أحتاج لتلك النتائج أصلاً، وأظهر لمن؟!.
= تساءل بإستغراب=
* هل يمكن أن يتحول كمال رزق إلى ظاهرة يلتف حولها الناس ويحبونه مثلما يحدث لبعض نجوم الفن مثلاً؟
- أنا لا أريد أن أكون كذلك طبعاً، لأن ظاهرة هذه معناها إلتفاف الناس، وربما يكون التفافاً غير طبيعي حول إنسان وأنا لا أريد ذلك، فما أريده هو أن يلتف الناس حول الحق إذا كنت ما أقوله حق ومفيد للناس، فالناس يلتفون حول ما أقول وليس حول شخصيتي أنا. لأن الإلتفاف حول شخصيتي كما يحدث لكثير من الذين ذهبوا فهذه مصيبة حقيقة، لأن بعد ذلك الناس ستقودهم شخصيتي ولا تقودهم أفكاري، فأنا ليس لدى أى شىء يدعوني لأُحِب الظهور، ولستُ مغموراً حتى أبحث عن هذا الأمر، فأنا حقيقة أحتاج لأن أكون مسلماً رسالياً وبعد ذلك يمكن أن يتبعني الناس أو لا يتبعوني فهذا هو شأنهم، لكن أنا عندي رسالة لابد أن أوصلها إلى الناس، وقد يختلف الناس معي في طريقة التوصيل ولكن لكل بضاعة من يشتريها، وحتى إذا كانت الطريقة غير جيدة فيما يراه بعض الناس، فإنها جيدة في رأي آخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.