بسم الله الرحمن الرحيم ..... من غير ميعاد كانت اللقيا في جلسة ليلية هادئة مع أحد الأخوان ، شارد الذهن والتفكير يسأل عن كل صغيرة وكبيرة وبالذات في قضايا الإغتراب والأبناء والتربية ، حملته أمواج الغربة وقذفت به في شواطئ بعيدة باردة شواطئها ينعدم فيها الدفء الذي عاشه بين الأهل والأصدقاء وهو من قري تاصلت فيها العلاقات الأسرية بحيث تكون القرية أسرة واحدة الكل يشعر بالكل ، لكل مغترب قصة واحدة ولكن تختلف التفاصيل ولكن في النهاية تلتقي فيها الظروف الأسرية ولم يكن هنالك مغترب من باب البطر والترفيه إختار أن يكون في تلك الظروف ، كغيره كانت الظروف هي الدافع الأكبر وظروف الأهل ، يقول أنه وجد معاناة كبيرة في بلاد تختلف كليا عن كل البلاد ولكن تحملت برودة الجو وبرودة مشاعر أهل تلك البلاد رغم أن حرارة قلبي كانت الدفء الذي يدفيني في ليالي الشتاء الباردة ودعوات أمي وأبي ، كم كنت سعيدا عندما تغيرت حياة الأهل وتبدلت كل الظروف ، إمتد حبل الغربة وسلك كل فرد من الأسرة طريقه وبدأت الدائرة تضيق تزوجت البنت والشباب وكل شغلته حياته وفي نفس الوقت توسعت دائرة الأسرة الصغيرة وكبرت ، كأنه حلم صحوت فجأة علي مسائل كثيرة كانت غائبة عني وهي تربية الأبناء في تلك البلاد الباردة ، هنا في تلك البلاد ليست لديك صلاحيات مطلقة كما كانت علينا صلاحيات من كل أهل القرية ، هنا الحكومة تتدخل بشكل مباشر في تربية أبناءك وعليك أن تكون صاحب عين مرخية لأن العين الحمراء تجلب لك المتاعب ، تربية البنات والأولاد كلها سواء فيها صعوبة كبيرة ، كنت أقول لأبنتي يجب علي البنت المسلمة أن تحفظ كرامتها وأن لا تقوم بأشياء تخالف الشرع والدين وغيرها من نصائح ، إستغربت كثيرا لهذا الحديث وسألتني سؤال عجزت الإجابة عليه قالت ( أنت قبل أن تتزوج أمي عاشرتها لفترة طويلة هل مافعلته كان صحيحا ؟؟؟؟؟ بعد كل هذا الطيش والشباب الآن وجدت نفسي في موقف أحسد عليه لذلك أرغب في أن يكون لي عمل في السودان حتي أستطيع أن أنقل أبنائي هناك تفاديا لهذا الواقع الذي يصعب علي تجاوزه في تلك البلاد ، يصاب الأبناء بحالة من الإزدواجية بين السلوك في المنزل والشارع والمدرسة والإعلام المرئي والمسموع ، إنني أعيش في حالة من عدم التوازن وأنا أري أنني سوف لن يكون لي سلطة علي أبنائي بحكم القانون هنا . قلت له طيب أسمع حكاية السودان وحكايتنا نحن .... أنت علي أقل تقدير كانت تلك البلاد بلاد متمدنة ومن خلالها حصلت علي جنسية تلك البلاد من إمتيازات كثيرة بحيث لا يوجد شئ إسمه عاطل وفقير بحكم أن الدولة تصرف للعاطل والمريض والكبير والصغير ، لك حقوق كمواطن ولا تشعر بالفقر بل تكون في اسمي حالات الإطمئنان لأنك تمتلك راتب سواء كنت تعمل أو متعطل . سمعت عن السودان كل هؤلاء الشباب خرجوا في ظروف ولكل واحد قصة لو حكاها لك لشعرت كم أنت سعيد ، سمعت بدار إسمها المايقوما ؟؟ يقول القائمين علي تلك الدار في مناسبات الأعياد مثل رأس السنة وعيد الحب وعيد الأم وعيد التخرج وكل الأعياد حتي عيد الفطر والأضحي ، كل هذه الأعيان تجعلنا في حالة رعب وترقب وإنتظار قلت لماذا ؟ قالوا بعد تسعة أو عشرة أشهر يتدفق علينا أطفال ( الكراتين ) من الذين إصطفاهم الله ووصلوا في حالة سليمة غير الذين أكلتهم الكلاب والنمل والذين قد يصل بعضهم نصف طفل وفي ظروف محزنة ومعهم رسالة وبزة هذا في أحسن الحالات غير الذين يدفنون داخل البيوت ويتم ستر الجريمة في داخل الأسرة ، سمعت عن المخدرات التي إنتشرت بفعل الفضائيات وتفكك الأسر وأكيد لم يسعفك الوقت في قراءة الذي يحصل في البلد ، أما نحن خرجنا في سبيل الله وتركنا في البلاد من يسن لنا القوانين التي تقيدنا وتدفعنا دفعا للجنون وتتركنا فريسة سهلة للتوهان وصعوبة العودة ، هل سمعت عن حالات سرقة المال العام نحن نكابد وفي الداخل يسرق ويسطوا وبعد ذلك يسنون لنا القوانين التي من خلالها يفرغون جيوبنا وهنالك كثير من الضرائب التي يفرضها علينا لصوص الداخل وكل يوم نسمع عن سرقات طالت كل شئ حتي الشرف سرقوه . أما حكايتنا لن تختلف عنك كثيرا فحكاية كل مغترب متشابهة ولكن الفرق الذي بيننا وبينكم ، نحن نعتبر أنفسنا في حالة من ( الشلهتة ) دعني أقولها بالدارجي ، هنا يومك محسوب بالورقة والقلم من كهرباء وإيجار ومصاريف البيت وحالات المرض المفاجئ هنا لو أصبت بوعكة ولازمت المنزل كل يوم محسوب عليك هذا الحساب سوف يكون خلل في الأيام القادمة يجب عليك أن تلحقه ، نحن الآن في نفس البداية عندما كنا شباب ونحمل نفس المسئولية ولكن كنا شباب أما اليوم هي نفس المسئولية ولكن يخونك الزمن والصحة والسراب ، هنالك داخل البيوت بنات قاربن سن اليأس وأولاد تربوا في تلك الديار يعيشون حالة من عدم التوازن بفعل ظروف كثيرة من مرض المعيل وغيره ، هنا كلما كبرت في السن وجب عليك أن تغادر عكسك أنت كلما كبرت أنت في تلك البلاد تكون لك قيمة كبيرة وتجد الدعم من الدولة ، اليوم كثير من الأسر في مهب الريح والدولة وجهاز المغتربين والسفارة تقفل أذنيها لكل مايحصل ولا تحاول المساعدة لهذه الأسر في تسهيل العودة الكريمة .