إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    بعد رحلة شاقة "بورتسودان.. الدوحة ثم الرباط ونهاية بالخميسات"..بعثة منتخب الشباب تحط رحالها في منتجع ضاية الرومي بالخميسات    على هامش مشاركته في عمومية الفيفا ببانكوك..وفد الاتحاد السوداني ينخرط في اجتماعات متواصلة مع مكاتب الفيفا    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



-مفهون الزمن عند السودانيين-مفهوم الزمن والنفع به والتديّن فيه


بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف:
الزمن أو الوقت أو الدهر هو حركة في فضاء أو مكان ما. بمعنى آخر لا زمن ولا وقت بدون حركة في حيز فضائي. وبالمقابل يصعب تصور الفضاء وأبعاده دون الركون لعامل الزمن وذلك لأن الإنسان والحيوان والطير وجميع المخلوقات تقيس المسافات الفضائية بمقياس الزمن. كم يستغرق المرء مثلاً ليقطع ميلاً واحاً سيراً على الأقدام أو يصل مدينة معينة بالسيارة أو الجمل. هذه العلاقة الوثيقة بين الفضاء والزمن سنوضحها تفصيلاً فيما بعد. يكفي هنا أن نقول إذا سأل سائل كم تبعد الخرطوم عن بورتسودان أو النهود كانت الاجابة غالباً ما تكون في عدد الساعات بالبصات السياحية وليس بالأميال.
إلتصاق الزمن بنا:
الزمن معنا في كل منعطف في حياتنا وتحركاتنا لأن هذه الحركات كما ذكرنا لها مواقيت وأزمنة تحدث فيها وترتبط بها مثل شراب الشاي في الصباح والإفطار في رمضان والنوم.
اللّغات والربط بين الزمن والفضاء:
تكاد كل اللغات المعروفة تربط بين الزمن والمكان إرتباطاً يكاد يكون عضوياً. اللغة العربية مثلاً تستعمل مفردات بعينها في تحديد مسار الزمن وأيضاً في الإشارة إلى المكان أو الفضاء.الكلمات مثل " قبل، بعد، قرب، مع" والحروف "ل، في، بين" وغيرها تستعمل التعبير عن الفضاء مثلما تعبر عن الزمن. نقول مثلاً مكان ضّيق و"وقت ضيق"، وبناء طويل ويوم طويل. كلمة "بعدين" الدارجة ربما تكون تحريفاً أو إنسياباً من الكلمة العربية "بعدين" أو من التعبير "فيما بعد". هناك أيضاً كلمات أخرى تتقارب صوتياً حين تشير للوقت أو المكان، مثل "وين" و "امتين" أو "بتين".
اللغات الأكثر شيوعاً في العالم الإنجليزية والفرنسية فيهما كلمات ومصطلحات كثيرة تستعمل للتعبير عن المكان مثلما تعبر عن الزمن. كلمات مثل “at” “over” “under” “close” “by” “from” “in” “about” وتقابل هذه الكلمات كلمات في الفرنسية تؤدي نفس الغرض.
تنوع الزمن:
الزمن أنواع: حيواني أي حياتي “Biological” و وظيفي ومعاشي. الزمن الحيواني هو الساعة الداخلية في الحيوان أو النبات التي تنظم حركات الانسان أو الحيوان أو النبات مثل الأكل والشرب والتنفس وضربات القلب في الحيوان وامتصاص الطاقة الشمسية أو المياه الجوفية عند النبات. هذه العمليات تتم تلقائياً في جسم الحيوان أو النبات ودون إرادة من الحيوان أو النبات.
هذا بالنسبة للمخلوقات الحية. أما الجماد فله زمنه أيضاً حيث يتآكل ويندرس بفعل عوامل التعرية المرئية والمعروفة مثل المياه والأعاصير وأشعة الشمس أو غير المرئية كالتحلل من الداخل.
بالنسبة لما أسميته هنا بالزمن الحياتي أو الحيواني قال تعالي في سورة النور الآية (23) "ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله أن في ذلك لآيات لقوم يسمعون" صدق الله العظيم. جمعت هذه الآية الكريمة في إعجاز محكم صفة الزمن الحيواني أو الحياتي "النوم" مع الصفة الأخرى للزمن وهى الوظيفية المعاشية والمرتبطة بالعمل والبطش.
الزمن الوظيفي أو المعاشي:
هو الزمن أو الوقت الملازم لحياتنا ومعاشنا وهو الألصق بالناس في أعمالهم وتصرفاتهم وأفكارهم وأقوالهم وآمالهم ومخاوفهم. يرتبط الزمن الوظيفي المعاشي بكل حركة يتحركها الانسان أو الحيوان أو الطير على مدار الساعات والأيام والشهور والسنين. وفي ظني هذا هو السبب للقسم بالزمن أو بدلالاته المختلفة في القرآن الكريم. أقسم سبحانه وتعالى في سورة الشمس بالشمس نفسها وهي مصدر النور الذي هو مصدر الحياة كما أقسم بالأوقات المختلفة من اليوم؛ الفجر والضحى والعصر والليل.ونجد في هذه الآيات والسور دلائل كثيرة مثيرة للتفكر سنرجع لها بالتفصيل لاحقاً.
هذا النوع من الزمن يحدد مواقيت عباداتنا من صلاة وصوم وحج وزكاة ويرسم تقاليدنا ويضع الأطر العامة للسلوك البشري والرؤى الفلسفية والنظرية الحياتية.
الزمن الوظيفي أو المعاشي والطريقة المثلي التي يتجاوب الناس معه فيها هي في ظني مقياس مدى التحضر والتقدم والرقي عند الأمم. وذلك لأن تحضر وتقدم ونمو أي مجموعة بشرية لا يتحقق إلا بمقدار تكديس وتوفير أكبر قدر من الأنشطة المعاشية النافعة في أضيق حيز من الوقت. ولأكبر عدد من الناس . بمعنى آخر هناك علاقة عكسية بين ارتفاع درجة النمو والتقدم عند الأمم وقصر الزمن الذي تم فيه ذلك النمو والتقدم. للدلالة يقول كاتب هذه السطور أنه ما ركب سيارة إلا بعد أن بلغ الرابعة عشر من عمره ولا قطاراً إلا بعد الثامنة عشر ولا طائرة إلا بعد الخامسة والعشرين ولم ير تلفازاً ولم يستعمل حاسوباً إلا بعد أن بلغ الخمسين. بالمقارنة أي طفل ولد في بلد متقدم وفي الزمن الذي ولد فيه كاتب هذه السطور يمر بهذه التجارب الحياتية ولمّا يبلغ الخامسة أو السادسة من عمره. ذلك بفضل تمكن المجتمعات المتقدمة من توفير مثل هذه الخدمات وغيرها في أقصر فترة زمنية لأكبر عدد ممكن من المواطنين.
الزمن الكوني:
الزمن الكوني الوجودي له شقان الأول إلاهي خلودي بلا بداية وبلا نهاية. والشق الثاني كوني متغير ومتبدل له بداية وله نهاية. كل الأعداد الهائلة من المجرات بشموسها الكثيرة تندرج تحت الزمن الكوني الوجودي المتغير ويعتقد علماء الفلك أن أي كوكب أو شمس بما في ذلك كوكب الأرض الذي نعيش عليه لا بدّ هالك يوماً ما. لكن هذا ليس مجال هذه السطور.
تعامل الناس مع الزمن الوظيفي المعاشي:
الزمن في البيئة السودانية موجود ومحسوس بدرجات متفاوته بين الناس. هو صديق وعدو في آن واحد وعداوته أرجح عند الأغلبية من الجماعات المهضومة الحقوق. اعتاد الناس لوم الزمن في ظروف المحن والعسر والابتلاء وتمدحه في وقت اليسر في قليل من الحالات. والفرق بن المدح والزم للزمن عند الشعوب المختلفة مجال خصب لعلماء الدراسات الاجتماعية.

المدح للزمن:
يعلق بعض السودانيين على الحالة المعيشية عند غيرهم بقولهم "دي أيامكم" "راحات ساكت" "دا زمنكم يا بوي" "هبوبكم هبت" وفي الماضي يقول الناس في غرب كردفان "ايامكم ساكوبيس" والساكو بيس قماش خفيف أبيض اللون كان يستعمل للعمم. من المؤكد أن تكون هناك تعابير معاصرة تؤدي نفس الغرض ولكني لم أتمكن من جمعها.
ذم الزمن:
ذم الزمن أكثر شيوعاً بين الناس من مدحه لأسباب كثيرة ليس هذا مجالها. للشاعر المتفرد الحاردلو رحمه الله قصيدة بعنوان "ملعون أبوكي بلد" . تقول العامة في ذم الزمن "الظروف صعبة" "الحياة صعبة" "جحيم" "الزمن غشاش" "خداع" "غدار" " ما بتتامن" "الزمن فراق" " الزمن كعب" "أيام مُرة" إلى آخر هذه الصفات السالبة. لكننا في السودان ننفي كل هذه الصفات السالبة للزمن ونعطي إجابة مغايرة تماماُ لأحاسيسنا الحقيقية حين نجيب على سؤال السائل "كيف الحال؟ "فنقول "نعم الحال" "الحال على ما يرام" أو بإختصار "تمام" " 100×100" إلى آخر الإجابات التفاؤلية. وقد يجد الباحثون في الدراسات الاجتماعية هنا أيضاً مادة خصبة للكتابة عن هذه الظاهرة الاجتماعية التي تخالف الواقع المعاشي.
الزمن والفضاء وأعراف اهلنا الحمر في غرب كردفان:
ذكرت في المقدمة أني سأتناول علاقة الزمن بالفضاء بتوسع. في خطابنا اليومي في دار حمر وفي أماكن أخرى بالسودان نصوغ الزمن كأنه مكان أو فضاء والعكس صحيح. الأمثلة كثيرة جداً. يُلبسُ الناس الزمان ثوب المكان حين يقول أحدهم "أنا ما فاضي". يستعمل كلمة فضاء ليوصل بها للسامع قلة أو انعدام الوقت عنده. يريد المتحدث أن يقول "ليس عندي من الوقت ما يكفي لما تريدني فعله". أو يقول قائل "أنا مزحوم" فيعبر بكثرة أجسام البشر حوله أو تكاثر الأعمال الإدارية معه عن عجزه في إيجاد الزمن الكافي لأداء مهامه وواجباته.
احلال افضاء مكان الزمن أو العكس وارد أيضاً في حديث الناس عن السفر والمسافات. فإذا سأل سائل متى سافر زيد من قرية عوانة لمدينة النهود تأتيه الإجابة في شكل فضاء ومسافات قطعها المسافر. يقولون "كان قريب أسع في التبلدية أم سماحاً بان" هذه التبلدية تقع بالتقريب في نصف المسافة بين قرية عوانه ومدينة النهود. وبعملية سريعة في عقل السائل يستفيد فيها من تجاربه الخاصة بالسفر على هذا الطريق والزمن الذي استغرقه ليصل إلى هذه التبلدية من القريه يستطيع السائل أن يصل لمعرفة الزمن الذي غادر فيه زيد القرية.
اذا كان زيد أقرب لقرية عوانه من التلبدية المذكورة قد يسمع السائل إجابة على سؤاله متى غادر زيد القرية على هذا النحو. "ما بعيد" أو "كان عصرت بتلحقو" أي لم يذهب زيد بعيداً وان اجهدت زاملتك ستوافيه سريعاً. ولكي يصل السائل إلى معرفة الزمن الذي غادر فيه زيد القرية عليه في هذه الحالة أن يضع في تقديراته سرعة دابته مقارنة بسرعة دابة زيد بالاضافة إلى مقدرة المجيب من عدمها على اعطاء معلومات صحيحة عن سفر زيد.
ويستعمل المسافرون والغادون والرائحون نفس التعابير الفضائية ليوصلوا للسائل فهمهم للزمن. إذا أراد المسافر محمد معرفة المسافة بينه وبين المسافر عبد الله على نفس الطريق وفي نفس الاتجاه ما عليه إلا رصد المكان الذي يقابل فيه سيارة أو قافلة أو مسافر ثالث في الاتجاه المعاكس. حين يلقى محمد عبد الله في المدينة أو في القرية يسأله أين قابلتك السيارة أو القافلة أو راكب الحمار؟ يجيب عبد الله بأن السيارة أو القافلة أو كذا وكذا قابلها في الموضع كذا بالطريق فيضيف محمد أنه قابل نفس السيارة أو القافة أو كذا وكذا في الموضع كذا. عندها فقط يتمكن محمد وعبد الله من معرفة المسافة التي تفصلهما عن بعضهما وعندها فقط يمكنهما تحويل هذه المسافة إلى زمن وهو الزمن المطلوب لقطع تلك المسافة الفاصلة بينهما.
وقد يستفيد المسافران محمد وعبد الله من طلوع الشمس أو القمر أو النجوم أو هطول المطر لنفس الغرض لتحديد فارق الزمن بين مسافر وآخر على الطريق وفي نفس الاتجاه.
التعامل مع الزمن الوظيفي:
الزمن من حيث هو كم هائل لا يسهل ادراكه الا بمعالم طريق أو محطات زمنية محددة متفق عليها. هذه المحطات أو المعالم بحكم ارتباطها بثقافة وتجارب الناس المعيشية تختلف من مجموعة إلى أخرى ومن مكان إلى مكان. منذ القدم تعارف الناس على الاستفادة من الشمس والقمر وبعض النجوم الظاهرة في تقسيم الزمن إلى فئات تصغر أو تكبر حسب الحاجة من يوم فاسبوع فشهر فسنة أو عقد. أضاف الملوك القدماء لهذه الأعراف مواقيت جديدة مثل سنه توليهم السلطة. هذه الاضافة الجديدة اصبحت عند كثير من الأمم سنة توارثها سلطان بعد سلطان. الأعياد المرتبطة بالثورات الناجحة تنصب في هذا المسلك. كل الديانات السماوية وغير السماوية نهجت نفس المنهج في تحديد مواقيت وأيام وشهور لأداء بعض طقوسها وواجباتها مثل الحج والعمرة والصوم والصلاة في الاسلام وعيد الهنكة عند اليهود وعيد الميلاد وشم النسيم عند المسيحيين. بالاضافة إلى هذا هناك أعياد وطنية مثل عيد استقلال بلاد ما أو عيد وحدة وأعياد أخرى أصبحت عالمية اليوم مثل يوم الشجرة ويوم الأم ويوم المرأة ويوم العامل, أو الاحتفالات العالمية برأس السنة المسيحية لكن هذه المناسبات نادراً ما تستعمل في تحديد مسار الزمن اللهم إلا ما كان من زمن تولي سلطان ما أمور بلاده أو في حالة المسلمين الحج الذي أصبح معلماً زمنياً يقنن كثير من الناس به أمور معاشهم.
معالم طريق الزمن كثيرة ومتشعبة منها الخسوف والكسوف والفيضانات الهائلة والمجاعات القاتلة والأوبئة الهالكة والزلازل والأعاصير المدمرة وكل كارثة عظيمة الوقع على الناس تصير معلماً زمنياً يستعين الناس به في تحديد مسار الزمن. على أن مثل هذه المعالم التي ترتبط بالسلطان أو الكوارث العظيمة ليست دائمة إذ سرعان ما تختفي من سجل الناس الفكري لتحل محلها معالم زمنية جديدة أو تنسى تماماً لموت من يتذكرها أو من عاصرها. المواقيت مثلها مثل عادات الناس تحي وتموت.
المواقيت الزمنية المرتبطة بأحداث معينة تختلف كما قلت من مجموعة لأخرى. في غرب كردفان تعارف الناس على ما اسموه "بسنة الحربة" أي السنة التي هرب فيها السلطان علي دينار من أم درمان إلى دارفور مروراً بدار حمر ربما في عام 1899 و "سنة قتلت دينار" وكان ذلك في عام 1916 و "سنة كرينيجا" وهي المجاعة عام 1924 في غرب كردفان حيث اضطر الناس لأكل الذرة الحمراء الصغيرة المستوردة من القضارف ولم يطيقوها فاطلقوا الاسم على تلك السنة.
هناك مواقيت زمنية ترتبط بقرية بعينها أو بأسرة واحدة مثل الزواج وميلاد طفل والحج لبيت الله الحرام الذي قام به فرد من أفارد اسرة ما. مثل هذه المعالم الزمنية المرتبطة باسرة او بافراد لا تنعم باستعمال الاكثرية لها لذلك اعمارها قصيرة.

معالم الزمن عند المزارع في غرب كردفان:
قلت أن الانسان استعمل الكواكب لتفسيم الزمن إلى فئات صغيرة يسهل فهمها والتعاطي معها. عند المزارع في غرب كردفان معالم اضافية لا تقل أهمية عن المعالم المرتبطة بالكواكب والنجوم. هذه المعالم ترتبط بالمواسم السنوية خصوصاً بالزرع والري والحش والحصاد. هذه المعالم تستند إلى الأمطار والزراعة ونمو الأعشاب وحراك الانسان والحيوان طيلة موسم الخريف والذي يبدا عادة في أواخر شهر مايو وينتهى بنهاية أغسطس أو منتصف سبتمبر. فبالاضافة إلى تقسيم مسار الزمن إلى صيف ورشاش (أول الخريف) وخريف ودَرَتْ (بداية الحصاد) وشتاء يضيف المزارعون في غرب كردفان معالم أخرى كثيرة، هذه التصانيف تدخل في معجم مواقيت مسار الزمن ولها نفس القوة والفائدة كغيرها من المعالم المذكورة آنفاً. يقولون مثلاً "طقت أم بشار" إذا ظهرت أول سحابة صغيرة في سماء الصيف الحارق، "الشدر شقّ" إذا ركبت بعض الأشجار كالتبلدي صفقاً جديداً استعداداً لموسم الامطار. "الهبوب قبلت" إذا بدأت الرياح تهب بانتظام من الجنوب الشرقي بدلاً من الشمال أوالعكس وقت الشتاء.
يقسّم المزارعون موسم الأمطار نفسه إلى عينات (بكسر العين) عدة كل عينة لها بداية ونهاية. وحين تهطل الأمطار يستعمل المزارع مصطلحات ترتبط بنمو النبات وبعمل المزارع المرتبط بالزرع والحصاد. يقولون مثلاً حدث هذا الحدث "والناس ماسكين التيراب" أو "الناس تيربت" بمعنى حدث الحدث والمزارع لم يكمل بعد بذر البذور أو حدث الحدث والمزارع أكمل بذر بذوره في الأرض. "الناس ربطت التيراب" أي انتهى المزارعون من بذر البذور في كل أراضيهم. "العيش في الحفار" بمعنى أن البذور لم تخرج من الأرض بعد. العيش قام. "الواطا (الأرض) شوقرت" بمعنى النبات الجديد غطى سطح الأرض "الخريف عم" اى شمل كل البقاع لدرجة "حلة ما تردي على حلة" بمعنى عمت الأمطار كل المنطقة فلم يعد ضرورياً جلب الماء من مكان إلى مكان. "العيش قام"، " العيش غطى الجدادة" العيش ركبه، العيش برم، العيش درَّ، العيش فسخ، العيش شال الشرى، لبن , بقى فريك، "العيش دخلوه" منزل المزارع كأول انتاج، العيش نجض، الهبوب قبلت، قطعنا العيش، العيش في الجرون، دقينا العيش، الوطا طلقت بمعنى سمح بالرعى فى المزارع من جديد . كل هذه المواقيت كما ذكرت ترتبط ارتباطاً عضوياً بتطور نمو محصول الدخن الغذاء الرئيسي في غرب كردفان إلى عهد قريب أو بنمو محصول الذرة.
هذه المصطلحات اللغوية تخضع بالطبع لمواقيت هطول الأمطار وأقدارها. ولما كانت هذه غير منتظمة وتختلف مقاديرها من قرية لأخرى أصبح نمو النبات تبعاً لذلك غير متساو في كل القرى ولكن المزارعين لا يأبهون بمثل هذه الاختلافات في سرعة نمو محصول الدخن أو الذرة لأنهم يعرفون أن مواقيتهم تقريبية لا أكثر.

معالم الزمن اليومية:
معالم الزمن السنوية أو الموسمية تقابلها معالم زمنية يومية يقولون مثلاً " التلت الأخير، بّوح البواح، الديك عوعا، السرحان شق، العين شافت، العين شافت قريب وبعيد، الجداد سرب، الوطا أصبحت، الشمس شبت أو سرحت، الشمس طلعت، شراب الشاي، الشمس طلعت فووق، ضِحَيْ (بالتصغير), ضحاياً كبير، القايلا، الشمس زالت (من كبد السماء)، نهار (بجر هاء الكلمة طويلا)، الضل مرق، الضل كبير، ظهراً كبير، عصراً كبير، عصراً صغير أو عِصِير (بالتصغير)، البهائم دانت اى عادت لحظائرها، الشمس سرّحت للمغيب، مغيرب (بالتصغير)، مغرب، صلاة المغرب، عِشى (بالامالة)، الناس اتعشوا الناس رقدو، في العفنة (النوم التقيل)، الليل قسم , الليل أليل أو برد، إلخ.
في الليالي المقمرة تضاف المواقيت المتعلقة بحركة القمر يقولون، القمر مرق أو هلّ، القمر ود يوم، ود يومين ، ود تلاتا، القمر بعشّي (بمعنى يبقى في سمائه حتى يتعشى الناس) والقمر بمشّي اى المسافر المستفيد بضوئه سيقطع مسافات طويلة , والقمر بقسّي (بمعنى المسافر راجلا أو على ظهر دابة سيتعب ويخلد للراحة والقمر لايزال في السماء). اذا اكتمل القمر في سمائه يقولون "القمر قتل البعشوم" أي قتل الثعلب ولم أجد تفسيرا لذلك .
يمكننا هنا اضافة المواقيت الجديدة التي بدأت تأخذ مكانها مع بقية المواقيت المذكورة أعلاه في القرى والبادية كما في الحضر. وقت الفطور (الكارثة على اقتصاد السودان بسبب التسيّب الملازم له) ووقت المدرسة ووقت التراويح وفي المدن هذه الأيام وقت المسلسل أو الكورة .
يلاحظ المرء هنا تداخل الموايت المرتبطة بحركة الناس المعاشية بالمواقيت المتعلقة بحركة الحيوان والطيور بجانب تلك المواقيت المرتبطة بدوران الأرض حول نفسها ودوران القمر حول الأرض.
المواقيت المنسوبة لحياة البشر منها ما يدخل في الزمن الحياتي الحيواني مثل النوم والصحو ومنها ما هو معاشي وظيفي وهو الغالبية مثل الزرع والحش والحصاد والرعي بالاضافة للمواقيت الدينية مثل الصلاة والصوم والافطار.
قراءة الزمن:
ليس بالظل وحده يعرف الناس هنا مسار الزمن. في عصرنا الحديث أصبح الموبايل والساعة العنصر الأساسي الأول في تحديد الوقت ومساره حتى في الريف. لكن قبل أن يدخل الناس عصر العولمة هذا درج أهلنا في غرب كردفان على استعمال فطانتهم ومعرفتهم الثرة للنبات والحيوان للوقوف على مسار الزمن. الرعاة والصيادون تفننوا في معرفة مسار الزمن بالنظر الدقيق لمخلفات الحيوان من بول وبعر وآثار رعي. قوة الملاحظة في بول وبعر حيوان أو طريقة رعيه أو مكان جلوسه أو أثر اخفافه ومشيه على الأرض كلها دلائل هامة لمعرفة متى تبول الحيوان أو متى قرض قصن الشجرة. مثل هذه المعلومات هامة جداً في ايجاد الحيوان الضائع او المسروق وفي معرفة وزمن اتلاف الزرع من قبل الرعاة وأنعامهم.
التدين والزمن:
العبادات من صلاة وصوم وحج وزكاة تفرض على المسلم حرصاً شديداً على تتبع مسار الزمن اليومي والشهري والسنوي. المسلم الذي يفشل في أداء هذه العبادات في مواقيتها المحددة يعتبر عند البعض عاصياً وعند الأكثرية كافراً . الغالبية العظمي منا كمسلمين تحرص كل الحرص على أداء الصلوات والصوم في المواقيت المحددة لها وكذلك الحج أما الزكاة فلا يلتزم بادائها أكثرنا الا مضطرين.
المؤسف هنا هو أن أداء الصلاة في موعدها وفي جموع كثيرة في كل جامع وشارع والامساك والافطار بالدقيقة والثانية أو الوقوف بعرفة في اليوم المحدد لا يتبعه حرص مماثل في القيام بأنشطتنا الحياتية والعملية والادارية في أوقاتها المطلوبة. هناك انفصام تام أو انشطار وجدار سميك بين تعاليم الاسلام السمحة التي تؤكد وترعى أهميّة الزمن والحرص على الموعد لأنه عهد و بين سلوكياتنا ومعاملاتنا التي تحتقر فكرة الحفاظ على الوقت والموعد والالتزام بهما دائماً. فما السبب؟
السبب في ظني أن السودانيين كعرب مستعربة أوكأفارقة لهم فهم لمسار الزمن يختلف تماماً عن فهم الأورييين لذلك. الأوربيون وشعوب كثيرة مثلهم يقدرون مسار الزمن ويحترمونه ويضعون له الاعتبار اللازم في كل تصرفاتهم الخاصة والعامة اليومية والدهرية. وهم لهذا أقرب تفهما منّا لتعاليم الاسلام عن مسار الزمن . لذلك درج الناس هنا على وصف السوداني المنضبط في مواعيده بقولهم " دا مواعيده مواعيد خواجات".
نحن في السودان على عكس الأوربيين في الحفاظ على الزمن أو الاهتمام بمساره. فقط نهتم بتمام الحركة أو الفعل المرتبط بمسار الزمن. أي نهتم بالنتيجة فقط. نركز على الفعل، على الحدث ونهمل ما قبل الحدث أو الفعل من ضياع الساعات والأيام التي انقضت قبل أن يتحقق الحدث أو الفعل.
مثال: زميلي الأستاذ الجامعي المرموق لبى دعوة للعشاء في داري ولكن بعد أربع وعشرين ساعة من الموعد المحدد. ولما رأى دهشتي وتذمري قال "كان لازم أجيك ولو بعد شهر". الفعل أو الحدث هو بيت القصيد عنده وعند غالبية السودانيين. هم يحرصون الحرص كله على الحدث وليس الوقت الذي انقضى قبل حدوثه. إذا تم العمل, إذا أنجز الشيء فكل ملل ومماطلة وضياع وقت ومال وجهد ليست هامة. إذا حاججت موظفاً أو مسئولاً أو عاملاً أو تاجراً عن تأخره وتحايله في تكملة وإنجاز الواجب أو المهمة أو العمل الذي أوكل له سمعت النصائح واللوم من كل صوب. يقولون لك وأنت المتضرر "يا أخي ما خلاص مضو ليك ورقتك" أو "طلّعوا ليك رخصتك" أو "بنو ليك حوشك" " داير شنو تاني؟". المدهش حقاً أن هؤلاء المواطنين الذين يتطوعون بمثل هذه النصائح هم في انتظار أن تمضي أوراقهم أو تستخرج جنسياتهم أو تبني حوائط منازلهم.
مرد الاحتفاء بالحدث والفعل دون الاهتمام بالمسافة الزمنية التي قطعها ذلك الحدث قبل أن يتحقق هو أننا نفكر بالطريقة الأفريقيىة لا الشرقية الإسلامية حين نتعامل مع سريان الزمن ومضاءه. عند كثير من القبائل الأفريقية والتي ورثنا منها بعض التقاليد يسير الزمن في حلقة تبدأ حيث تنتهي. “Cyclical”. بالمقابل في الأديان السماوية بما في ذلك الإسلام يسير الزمن ويمضي في خط مستقيم “lineal” له بداية (بدء الخلق) وله انتهاء (يوم البعث). في مثل هذا الفهم لمسار الزمن وهو الفهم الذي ورثه الأوربيون الثواني والدقائق والساعات التي تمضي لا تعود. لا رجوع للوراء ولا تكرار.
فهمنا لمسار الزمن الذي ورثناه من أجدادنا الأفارقة يؤكد دائرية حركة الزمن وليس الخط المستقيم المفضي الى نهاية . في الزمن الدائري لا يضيع الزمن لأنه عائد بعد شهر أو قطعاً بعد عام. الأشجار والأعشاب تموت لتظهر من جديد، الأمطار تذهب لتعود، الميت تستنسخ روحه وبعض صفاته الخاصة في المولود الجديد, فالميت حيّ مع الأرواح . (لذلك درجنا على الاسم " سمي جدو" أي المولود المطابق لجده اسماً والأمل أن يطابقه أيضاً في صفاته الطيبة الفاضلة , كما درجنا على الاستعانة بالصالحين وان غبروا . ولأن المرء في حالة الزمن الدائري لا يفكر في مسار الزمن لأنه ليس مهماً في حد ذاته لا يشعر بمرور الزمن ومن ثم لا يشعر بضياعه أو عدم عودته. يركز فقط على النتيجة، على الحدث والفعل. لذلك تسمع من أصدقائك ومعارفك وعوداً كهذه "بجيك، بجيك والله" أو " لازم نوصل ناس فلان" دون تحديد يوم أو ساعة معينة للزيارة المرتقبة.
تغير أسلوب حياتنا ولم يتغير اهمالنا لمسار الزمن:
وضع الأهمية القصوى على الحدث أو الفعل وفطامة من الساعات أو الأيام التي سبقته ومكنت منه وساعدت على وجوده وضع طبيعي في المجتمعات الرعوية والزراعية التي انحدر منها أكثرنا. في هذه المجتمعات انعدمت أو كادت وسائل الاتصال السريع ومن ثم صعب على الناس التحكم فيما حولهم من معطيات فانصب تفكيرهم ومعاملاتهم على الشيء المؤكد وهو الحدث ذاته لا على المشوار الزمني الذي سبق حدوثه. أما في عصرنا هذا عصر المعلومات والتقنية ووسائل الاتصال والنقل السريع يحتار المرء في ايجاد تفسير لدوامنا على اهمال مسار الوقت الذي نهدره قبل حدوث أي حدث أو فعل. ولو قدّر لباحث حصر كل الساعات المهدرة في حياتنا العملية لوجد أنها كافية لاخراجنا من محنتنا الاقتصادية بيسر. لقد انجزت الولايات المتحدة الأمريكية شيئا شبيها بهذا عندما منعتها الدول العربية من البترول في السبعينيات . سمحت للسيّارات المنعطفة يمينا في التقاطع بمواصلة السير بعد التوقف قليلا للتأكد من سلامة المرور فوفرت بهذا آلاف البراميل من البترول وآلاف الملايين من الدولارات يوميا بالاضافة بالطبع لملايين الساعات التي كانت تضيع على السّائقين في انتظار اشارة المرور الخضراء للانعطاف يمينا.

مسار الزمن والأمثال الشعبية:
اختم هذا المقال بالإشارة إلى بعض الأمثال الشعبية والتعابير التي تعكس صوراً مختلفة عن فهم العامة للزمن ومساره.
الزمن فراق، الزمن أو الأيام تجري بسرعة، الزمن ضاع، ضيعت الزمن، الوقت جا، الوقت ما جا، الوقت فات، متكبكب لاحق شنو؟ الدنيا ملحوقة؟ الدنيا ما ملحوقة . حبل المهلة يربط ويفضل، السايرا واصلا، الوراني غُصُن، الفاتك فوتو، يوم ليك ويم عليك، قدم السبت تلقى الأحد، الصباح رباح، في العجلة الندامة وفي التأني السلامة، ود البدري سمين، شهراً ما عندك فيهو نفقه ما تعد أيامو، أم جركم ما بتاكل درتين، الجعلي بعدي يومو حنق، شد واتباطا يا شراً فاتا ويا خيراً آتا وغيرها كثير.
من كل هذه الأمثال والمقولات لم أعجب بواحد منها اعجابي بمثل من أهلنا البرتى. قال البرتاوي "كان بقيت آتل (عاطل : يعني بطيئ) بارد عيش ولا ينطيك" (لاتفوتك طبقة العصيدة الباردة مهما كنت متأخراً) وكان أخيّك فاتاك بي لقمة (إن سبقك أخوك بلقمة من العصيدة) " ما تقول تلحقي. تسببي ختاف " (إن حاولت تعويض ما فاتك بالاسراع في الأكل ستسبب موجة خطف وسط الاّكلين).

ملحق:
القرآن الكريم والزمن والعدد خمسة
أقسم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في عديد من السور. أكثر هذه السور في الجزء الثلاثين من المصحف الشريف. بالنسبة للزمن أقسم الله في خمس سور هي الفجر (رقم 89) والشمس (رقم 91) الليل (رقم 92) الضحى (رقم 93) والعصر (رقم 102).
الشمس كما نعلم هي مصدر النور والحرارة والنور والحرارة أصل الحياة على وجه البسيطة وحركة الأرض حول نفسها تجاه نور الشمس أصل الظل ومن ثم المواقيت من صبح وضحى وظهر وعصر ونهار وليل.
من الحقائق الطريفة أن عدد السور التي أقسم الله فيها بمواقيت زمنية عددها خمس ويطابق عدد أركان الإسلام الخمس وعدد الصلوات الخمس. أول ركن في الإسلام الشهادة وكلماتها خمسة في الجزء الأول وخمسة في الجزء الثاني.
أول هذه السور سميت "الفجر" والفجر هو آخر جزء من الليل وأول جزء من النهار. آخر هذه السور الخمس هى "العصر" و العصر هو آخر جزء من النهار وأول جزء من الليل. الثلاثة سور بين الفجر والعصر (الشمس – الليل – الضحى) فيها الشمس مصدر النور والحياة وفيها الليل والنهار. والليل كما يعرفنا القراّن فى سورة "عم" هو لباسنا والنهار معاشنا.
آخر هذه السور (العصر) فيها ثلاث آيات فقط في حين أن "الفجر" أول هذه السور فيها ثلاثون آية، أي عدد الخمس مضاعف ست مرات، أو عدد آيات العصر مضاعفة عشر مرات. والعدد 10 هو 5+5. آيات سورة الفجر الثلاثون هي في جزء القرآن الثلاثين أو العدد 5 مضاعف ست مرات.
عدد الكلمات في بدء سورة الفجر أول السور الخمس "الفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر " وهي المصطلحات كما وضحنا الخاصة بمسار الزمن، عددها خمسة. عدد الكلمات في الجزء الأول من سورة العصر آخر السور الخمس "والعصر إن الانسان لفي خسر" عددها خمسة وعدد الكلمات في أول الآية الأخيرة خمسة ايضا.
الكلمات في سورة "الشمس" التي لها علاقة بمسار الزمن عددها خمسة (والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها".
لا أدعي معرفة أسرار القرآن أو معاني توارد الرقم 5 في السور الخمس التي تشير للزمن ومساره. لكني لا اعتقد أن كل هذا التوارد الكبير مجرد صدفة. ويا حبذا لو وجد الباحثون الرغبة والهمة لسبر اغوار مثل هذه المسائل القرآنية.

والله الموفق


بروفسر/ إسماعيل حسين عبد الله
جامعة وليم وميرى بفرجينيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.