فاخر الدكتور حيدر إبراهيم علي بأن عدد الملحدين في العالم وفير وأنه أكبر مما يظن الناس. وزعم أن عددهم في اطراد وازدياد. وهذه هي نوعية الأخبار السارة المنعشة التي أثلجت صدره. وجادل بأن أي قول يعارضها هو من قبيل الإرهاب الفكري. ألهاه التكاثر ولذلك كره قول الدكتور خالد موسى الذي أفاد بارتفاع:" معدلات انتشار الدين الإسلامي بصورة غير مسبوقة ليصبح الديانة الثانية في العالم من حيث عدد معتنقيه وأسرع الديانات إنتشارا في العالم، بل أصبح هوية ثقافية وحضارية لكثير من الشعوب، حيث وصلت نسبة من يعتنقونه حسب آخر إحصاء 19.8% من جملة سكان العالم". ورد عليه قائلا:" أتوقف قليلا لمجاراة الأخ خالد في منطق إثبات التدين بالأرقام ففي عدد يوم 11 مايو2013 من (الأهرام العربي) ملفا كاملا عن انتشار ظاهرة الالحاد في مصر. وقد استعانت المجلة بأرقام من مصادر علمية أجنبية موثوقة مثل معهد (قالوب). والأهم من ذلك، أليس من المثير للدهشة أن تنشر مثل هذا التقرير إصدارة عربية في بلد يحكمه حزب اسلامي؟ وهذا أمر شديد الدلالة في التعامل مع قدسية الدين والمحرمات. فقد أعلن المعهد في استطلاع لقياس الرأي، وهو الذي يجري مثل هذه القياسات في 140 بلدا، أن عدد الملحدين في مصر زاد بصورة كبيرة. وقد قدرها استشاري الطب النفسي ماهر صموئيل بحوالي (حوالي ظرف مكان فاستخدامها خطأ هنا والصواب أن تقول نحو أو زهاء!) 2 مليون ملحد". ومما سبق نرى أن الدكتور خالد كانعلميا أكثر من الدكتور حيدر لأنه استند إلى أرقام موثوقة أصدرها مركز علمي عالمي مرموق هو: Pew Research Center's Forum on Religion & Public Life ولم تكن الأرقام التي جاء بها هذا المركز جديدة أو غريبة وإنما طال العهد بتكرارها وتأكدت مصداقيتها وقل الخلاف حولها. فهذا هو تعداد المسلمين عبر العالم قد جاز المليار وستة أعشاره. وهو تعداد معقول وإحصاء عدد المسلمين تقريبيا ليس صعبا لأن مرجعه هو عدد سكان الأقطار الإسلامية من المسلمين بالإضافة إلى تعداد الأقليات الإسلامية في أقطار أخرى. ولم يكن في حديث الدكتور خالد تطرق من أي نوع إلى عدد الملحدين سواء في العالم الإسلامي أو خارجه. إنما هذا الذي يدافع عن الملحدين، الدكتور حيدر إبراهيم علي، قد أصابه ما يشبه الفالج من كثرة عدد المسلمين فجاء يكاثر ويفاخر بأعداد الملحدين! مرجعية الدكتور العلمية هي صحيفة يومية! ويا ليته كان علميا فاستند إلى إصدارات من مركز دراسات موثوق، ولم يك مرجعه صحيفة يومية، لا تصلح مرجعا في الدراسات العلمية. وأقل من الصحيفة اليومية مصدرية واعتبارية قام الدكتور حيدر بتوثيق معلوماته حول أعداد الملحدين بالإحالة إلى شخص غير مختص بالإحصاء ولا بالبحث العلمي في مقارنة الأديان، وهو المدعو الدكتور ماهر صموئيل، الذي زعم طبقا لرواية حيدر عنه أن عدد الملحدين في مصر بلغ نحو مليوني شخص. وقصر الدكتور حيدر عن واجبه الأكاديمي فلم يخبرنا، عن عنوان الدراسة التي أنشأها الدكتور صموئل، ولا نوعها من أنماط الدراسات الاجتماعية، ولا عن المنهجية البحثية التي اتبعت فيها. ولم يدلنا في أي مجلة علمية محترمة أو غير محترمة تم نشر هذه الدراسة المزعومة، وفي أي مجلد، وأي عدد، وبأي تاريخ. فأسلوب الإحالة إلى المراجع العلمية عند الدكتور حيدر، الذي شاخ في (الدكترة)، ليس أفضل من أسلوب طالب صغير بالصف الجامعي الابتدائي، يتعاطى دراسة كورساته الأولى في العلوم الاجتماعية، ويكلف في أحد موادها بكتابة بحث علمي فصلي، من دون أن يلم بطرائق تحرير البحوث العلمية، فيأتي ببعض الأخطاء المنهجية الكبيرة. ولو جاء طالب كهذا يتلمس طريقه بالجامعة بخطأ منهجي كهذا، لأُمر بإعادة تحرير بحثه، وطلب إليه أن يوثقه بإحالات علمية لها اعتبارها المعقول، وليس بإحالة معلوماته إلى صحيفة يومية، أو إلى شخص مغمور، غير متخصص يدعى صموئل. وربما كان صموئل المزعوم هذا شخصا ملحدا ينافح عن الإلحاد، ويدعو له بمثل هذه المزايدة المرتخصة، فلا يأبه باحث علمي منهجي جاد بما يقول! وإنما لجأ الدكتور حيدر إلى توثيق مزاعمه بانتشار الإلحاد وتفشيه بأقوال الصحف اليومية، والمزاعم الانطباعية العشوائية للمدعو صموئل، بسبب عدم عثوره على مراجع علمية أعلى من هذين المستويين الوضيعين. ويعرف الدكتور حيدر جيدا أنه لم تصدر دراسة اجتماعية علمية موثوقة حتى الآن عن عدد الملحدين في مصر أو في غيرها من أقطار العالم الإسلامي. والسبب هو أن عقبات كثيرة تحول دون إجراء مثل هذه الدراسة، منها خوف الملحدين في العالم الإسلامي من إعلان إلحادهم! فترى الرجل منهم يتفادى التصريح بإلحاده، مكتفيا بالدفاع عن صديق له أعلن إلحاده، فيزعم أنه يناصره فقط ليمكنه من قول رأيه، وليحميه من تحرش المتدينين به! وعلى هامش ذلك يعمل على تضخيم الإلحاد كظاهرة. وفي سياق تضخيم الدكتور حيدر لظاهرة الإلحاد قال:" تقول المصادر سابقة الذكر، (أوع يكون من بينها المدعو صموئل؟!) في احصائيات عن الإلحاد والتدين تنفي وهم (كلمة وهم هنا من قبيل اللغو ولا معنى لها!) أن بلادنا محصنة من الالحاد رغم شدة التدين الظاهري ". فالدكتور يبشرنا بأن بلادنا ليست محصنة من الإلحاد، وأن ما فيها من تدين إنما هو تدين ظاهري فقط، وأنه ليس تدينا أصيلا، ولذا لا يمكن أن يثبت أمام أمواج الإلحاد الكاسحة! وربما فهم شخص سطحي عبيط من حديث الدكتور هذا أنه يقف مع التدين الأصيل وأنه لا يعارض إلا التدين الظاهري ويمقته. ولكنا في المقابل ما عثرنا في سجل مقالات الدكتور الكثيرة اللاغية على نص واحد له أيد فيه التدين الأصيل أو دعا له أو ارتضاه! تناقض المزاعم واستطرد الدكتور حيدر في لغوه غير المنهجي فزعم أنه:" في عام 1900 كان 91 % من الملحدين يعيشون في أوربا، وبقية العالم 9% فقط. ولكن في سنة 2000 صارت نسبة الملحدين في أوربا 15% فقط، بينما يعيش 85% في بقية العالم ". ومرة ثانية لم يدلنا عالم الاجتماع المزعوم على مصدر معلوماته وما إن كان صحيفة الأهرام أو المدعو صموئل؟! وفشل هذا الدخيل على عالم الدراسات الاجتماعية في تحليل المعلومات التي جاء بها، على فرض أنها صحيحة، فاستدل بها على أن:" هذا يدحض أسطورة الغرب وأوربا المادية المنحلة ". وكأنه نسي أنه كان يدافع عن الإلحاد قبل هنيهة، فانقلب يبرئ أوروبا من وصمة الإلحاد، ومن موجباته التي ذكر منها الانحلال. وفي الحقيقة فما من أحد تحدث في هذا السياق عن الانحلال، ولكن (الدكتور!) بعقليته العامية يحب حشد الألفاظ في غير محلها بقصد إحداث طنين أو جلجلة بها فجاء بلفظ الإنحلال! ثم عاد مرة ثانية يدافع عن الإلحاد وكأنه ما برأ أوربا منه قبيل ثوان فقال مفاخرا:" كما أن نسبة الملحدين في العالم سنة 1900 كانت1% من سكان العالم، وصارت في عام 2000 نحو 15% من البشر أي قرابة مليار شخص ". إذن فالدكتور لاهٍ مسرور مغتبط بتكاثر أعداد المخلوقين الذين يجحدون وجود الخالق عز وجل. وقد قاده اللهو بالتكاثر إلى الزهو والنحو لنزع عبارة (أكثر الأديان نموا في العالم) عن دين الإسلام. وهي الحالة المتقدمة التي يسلم له بها أعداؤه وأصدقاؤه معا. وتؤكدها الإحصاءات الموثوقة التي تصدر سنويا عن المعاهد المختصة بهذا الشأن. ودعا حيدرَ كرهُه للإسلام إلى إسباغ هذه الصفة إلى الإلحاد فقال:" وهذا يجعل الالحاد أكثر الديانات نموا في القرن العشرين". ولم يكتف بالتكاثر بأعداد الملحدين وإنما رنا إلى التفاخر بنشاطهم الدعوي فقال:" ولا يتوقف نموهم عند الحد الكمي بل لاحظت التطور الحادث في أفكارهم ونشاطهم الدعوي. ولديهم في السنوات الاخيرة عدد من المفكرين والكتاب، وإلي جانب الإنترنت رفدوا المكتبة الورقية بإصدارات هامة. فقد حصلت في زيارتي العام الماضي لأوربا علي كتابين في غاية الأهمية والتشويق". وذكر اسم الكتابين، وعدد صفحات الأول منهما، واسم محررته. وذكر اسم مؤلف الكتاب الثاني، وثمنه بالجنيهات الإسترابينية، وعدد النسخ التي بيعت منه. والشيئ الوحيد الذي لم يذكره عن الكتابين هو محتواهما ومنهجهما البحثي. وهو معذور في ذلك لأنه لم يقرأهما وإن تباهى بحيازته إياهما! ودعا الناس إلى قراءة ثانيهما قائلا إن:" له عنوان فرعي لطيف ومغري (يقصد مغرٍ!). وهكذا لا تزيد معرفة الدكتور حيدر إبراهيم علي بالكتب عن مستوى عناوينها المغرية!