ثروت قاسم Facebook.com/tharwat.gasim [email protected] 1 - السيد الإمام والسكارى ؟ قال : كنا في صالة الخليل بأم درمان ظهر الأربعاء الموافق 21 اغسطس 2013م ، في رهط من الشباب السابلة والعوام نحتفل مع المبدعة الفنانة فيحاء محمد علي في حفلة زواجها . وكان بيننا السيد الأمام يجسد التواضع السوداني الأصيل ، والتسامح الإسلامي السامي ؛ ويضخ دفقات مترعات من المودة والألفة والمحبة على كل من حوله ؛ ويشع من وجهه نور يخلب الأبصار ، يذكرك بالآية 122 في سورة الأنعام : ( ... وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ... ) . قال : كان السيد الأمام ينظر إلى الشي وننظر معه إلى نفس الشئ ، فلا نرى ما يراه حتى يخبرنا به كما أخبر أدم الملائكة بأسمائهم ، فنستغرب غاية الإستغراب كيف لم نر ما راه السيد الإمام ، مع إننا كنا ننظر إلى نفس المنظر . طلب منا أن نجلي النظر في البنات حولنا ، وكيف كل واحدة شكلت لوحة تشكيلية متفردة وفريدة ؛ كل واحدة تلبس ثوباً سودانياً يختلف من حيث اللون والشكل عن ثوب الأخرى ، لا تجد أثنتين يلبسن نفس الثوب ، ولا بنفس اللون والشكل . وكذلك الطرح . مولد من الألوان البراقة التي تسر الناظرين . كنا ننظر مثله للبنات حولنا ، ولكننا لم نر ما راه حتى لفت نظرنا إليه ؛ فتعجبنا وضحكنا على غفلتنا الفيتورية لاننا لم نر ما راه السيد الإمام ، الذي كان يحاكي زرقاء اليمامة . طلب منا أن ننظر إلى لون بشرة كل شابة ، وكيف كل شابة ( خداري ) ، ولكن يختلف خدار ليمونة كل واحدة عن الأخرى في مولد من الخدار . قال أخر : يجسد السيد الإمام الآية الفاتحة في سورة البقرة : ( ... ومما رزقناهم ينفقون ) ! والرزق ليس فقط المسائل المادية ، كذلك الرزق المسائل المعنوية. يتصدق السيد الأمام وينفق دون من أو أذى من ( صدقات الفكر ) ، ويزكي ( زكاة الفكر ) ، ولا يضن ولا يمنن ولا يستكثر . فكره الاصيل المتجدد مبذول في الأسافير وبين طيات الكتب لكل من ألقى السمع وهو شهيد . يكتب ناصحاً المزارعين بأن يسرعوا في زراعة المحاصيل سريعة النضج ، لان موسم الأمطار قصير هذه السنة ؟ يسهر الليل يكتب خطبة سوف يلقيها أمام جمع من الأطفال سوف يذهب لزيارتهم في مدرستهم ، بدعوة من ناظرتهم ؟ يشاهد مسرحيات المسرح القومي ويستعرضها في مقالات تفور باللذيذ المثير الخطر ؟ يستعرض روايات المبدعات السودانيات ويقيم تقييماً علمياً فاحصاً كل رواية مفككاً لمكوناتها الأولية . السيد الإمام ؟ وما أدراك ما السيد الإمام ؟ الرجل السوبرمان ، كشكول من الإبداعات في كل مجال من المجالات الإنسانية والفكرية والعلمية والثقافية والرياضية والفنية والسياسية ؛ وكأن ربه قد مده بثلاثة الاف من الملائكة منزلين ، بل بخمسة الاف من الملائكة مسومين ، يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك ( وكنا لهم حافظين ) . أتى شاب من أقصى القاعة يسعى . قال : السيد الأمام أمير الموضة السودانية ؛ فهو ما إنفك يطور في اللبسة السودانية بالجديد والجميل ... شعاره كن جميلاً ترى الوجود جميلاً . أبتدع أنواعاً مختلفة من الجلاليب واللبسات ... اللبسة الأنصارية المتميزة التي قلده فيها الشباب ( عراقي طويل وسروال مميز ) ؛ ال على الله الأنصارية ، تشكيلات من تصمميات مختلفة للجلابية السودانية . صار السيد الإمام أمير الموضة ، كما أمير الفكر ، كما أمير العلم والمعرفة ، كما أمير الأخلاق السمحة فهو لا يقول إلا حُسناً . قال قائل من الشباب حول السيد الأمام في قاعة حفلة عرس فيحاء : السيد الإمام يعتبر العروس فيحاء بنته لزم ، وأن لم يلدها . لا يفرق السيد الإمام بين بناته البيولوجيات وغيرهن ، كلهن عنده سواسية كأسنان المشط . المبدعة البيولوجية التي صامت هذه الأيام عن الكلام الرباح والمبدعة فيحاء التي شدت بروائع المدائح النبوية ... لا فرق بينهن فلهن نفس الحب ، ونفس المعزة ، ونفس التقدير عند السيد الإمام ، تماماً كما أمره بذلك الإمام الأكبر عليه السلام . قلب السيد الأمام لا سقوف له ولا حيطان ؛ يسع كل بنات وأبناء السودان ، حيث يسكن السودان وأهله وترابه . قال أحد السكارى حول السيد الإمام : ترى السكارى حافين حول السيد الإمام ، وما هم بسكارى ، ولكن ألق السيد الإمام شديد . 2 - الأنسان العظيم ! لعله من المفيد في هذا السياق ، التذكير مرة أخرى بالحكاية التي حكاها الاستاذ عباس محمود العقاد. قال : كان الأسود بن سريع ينشد الرسول، صلى الله عليه وسلم ، المديح من الشعر! وأثناء إلقائه الأماديح ، دخل رجل ! فطلب الرسول من الاسود التوقف ، قائلا: بَيِّنْ ، بَيِّنْ ! قال الاسود : من هذا الذى يطلب مني الرسول التوقف عن الأنشاد لحضوره ؟ قَالَ: إنه عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ! هَذَا رَجُلٌ لَا يُحِبُّ الْبَاطِلَ! يسأل العقاد: وهل يقبل محمد الباطل الذى يأباه عمر؟ يرد العقاد: إن الفارق بين محمد وعمر، هو الفارق بين ( الإنسان) العظيم و( الرجل) العظيم. إن عمر ، الرجل العظيم ، يعرف دروباً من الباطل ، ويعرف درباً واحداً من دروب الإنكار ... وهو السيف ! أى الرفض القاطع لكل أشكال الباطل ، مهما صغر أو كبر! أما محمد ، الإنسان العظيم ، فهو أكثر إستيعاباً لما فى النفس الإنسانية من عوج وتعريج ، من صحة ومرض ، من قوة وضعف، من صلاح وفساد ! فيعرف دروبا من الباطل ! ويعرف دروبا من الإنكار! وقد يصبر الإنسان العظيم على ما يأباه الرجل العظيم ! هذا ما كان من أمر الأنسان العظيم في القرن السابع الميلادي ! دعنا نري بعضأ من أمر الأنسان العظيم ( الرجل الذي عنده علم من الكتاب ) في سودان العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين! 3- الرجل الذي عنده علم من الكتاب ؟ كما ذكرنا أعلاه ، الانسان العظيم له عيون زرقاء اليمامة ! فهو ينظر الي الأشياء ويري ما نعجز ، نحن العنقالة ، عن رؤيته ، مع أننا ننظر الي نفس الشئ ! تمامأ كما زرقاء اليمامة مع أهلها ! كما يتميز بأنه يقرأ المستقبل قراءة صحيحة ، متوكيأ علي أتصالاته علي أعلي المستويات ، دوليأ ، وأقليميأ ، وداخليأ ! كما يعتمد علي معارفه الموسوعية ، وقراءاته اليومية الواسعة ( فهو بحق ابو القراءة كما أبو الكلام ) ، في أستشراف المستقبل ! رغم أنه يقر ويعترف ، بأنه لو كان يعلم الغيب ، لأستكثر من الخير ، ولما مسه السؤ ! الانسان العظيم يري بعيني زرقاء اليمامة التداعيات الكارثية ، لأي أنتفاضة شعبية ، يتم أستيلادها في غير موعدها ، وقبل نضج العوامل المساعدة لضمان نجاحها ! ربما قادت هكذا انتفاضة ، عشوائية ، ومرتجلة ، ومستولدة قبل شهرها التاسع ، الي موت الجنين ... بمعني أخر الي تدمير الدولة السودانية ! فنكون كالدب الذي أراد طرد الذبابة من وجه سيده ، فوكز الذبابة وكزة موسية ( من النبي موسي ) ، قضت عليها ، وعلي سيده معها ! ما الفائدة من أستيلاد أنتفاضة شعبية قبل شهرها التاسع ! في هذه الحالة ، نكون كمن أجهضها ، وقتل الجنين ؟ الانتفاضة الشعبية قبل بلوغها شهرها التاسع ، وأكتمال نموها ، سوف تؤدي الي صوملة السودان ! ونكون قد قذفنا بالمولود مع موية النفاس ! الانسان العظيم قلبه علي بلاد السودان ، وعلي أهل بلاد السودان ! يجاهد الانسان العظيم في عدم ( صوملة ) ، بلاد السودان ! يا عنقالة بلاد السودان ... أتحدوا خلف الانسان العظيم ! وأسمعوا وأطيعوا كلامه ! تكونوا 30 مليون أنسان عظيم ، بدلأ من 30 مليون عنقالي ! 4- الإحتجاج ؟ قال محتجاً : مالذي يجعل هذا الرجل الذي يشارك في حفلة عرس فيحاء محمد علي بين الشباب والسابلة والعوام إنساناً عظيماً ؟ قالوا محتجين : لن نؤمن له حتي يأتينا بقربان تأكله النار ! قال موضحاً الواضح : + ألم يكتب الرجل مانفستو ثورة الأربعاء 21 أكتوبر 1964، ويقود المفاوضات ، مع أخرين ، حتى الإطاحة بنظام عبود ؟ + ألم يكتب الرجل ميثاق إنتفاضة السبت 6 أبريل 1985 ، ويقود المفاوضات ، مع أخرين ، حتى الإطاحة بنظام نميري ؟ + ألم يكتب الرجل ميثاق النظام الجديد الذي سوف يقود إلى السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل ؟ + ألم يقرأ الرجل 7 الف من أمهات الكتب وهو في سجون النميري ؟ + ألم يغفر الرجل للسفاح نميري أفعاله الشيطانية ، ويؤبنه طالباً له الرحمة والمغفرة ؟ +ألم يحصد الرجل الجوائز العالمية ، ويترأس المنظمات الدولية ، تقديراً لمساهماته الفكرية الأصيلة والأصلية في شتي ضروب المعرفة ؟ + ألم يرفض الرجل أي منصب تنفيذي لا يصله عبر إختيار الشعب السوداني عبر صندوق الإنتخابات ، ويرفض أي راتب حكومي ، ولا يستعمل عربته الحكومية وهو رئيس وزراء خارج ساعات العمل ولغير المهام الرسمية ؟ + هذا رجل لم يسرق ، لم يعذب ، لم يقتل ، لم يرتكب إبادات جماعية ، لم يرتكب أفعال ضد الإنسانية ، لم يرتكب جرائم حرب ، ولم يقل ولم يفعل إلا حُسناً ... من الذين قالوا ربنا الله ثم إستقاموا فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون ؟ + هذا رجل يملك رفاهية أن يقول ( لا ) لأنه رجل حر كما يقول الأستاذ العظيم ، أستاذ الإنسان العظيم ؟ + هذا رجل أمة . + هذا رجل تأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار . حَمّالُ أَلوِيَةٍ هَبّاطُ أَودِيَةٍ ... شَهّادُ أَندِيَةٍ لِلجَيشِ جَرّارُ .
نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ ... فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ ! + ألم يشتبك الرجل مع صدام حسين وهو في قمة جبروته وفي عقر داره والحرب العراقية – الإيرانية على أشدها ( بغداد - 1987 ) مجسداً الجهاد الأكبر ... كلمة حق عند سلطان جائر ، وعابته الأعراب وقتها على فعلته ثم عادت ورجمت صدام ؟ + ألم يقل فيه السيد حسن نصرالله : هذا رجل فريد ... باطنه خير من ظاهره ؟ + ألم يصفه ألد أعدائه بأنه رجل ( مؤدب ) و ( قيافة ) ؟ قال : ولتسمعن منهم أذي كثيرأ ! وأن تصبروا وتتقوا ! فأن ذلك من عزم الأمور! ! وما وجدنا لأكثرهم من عهد ، وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين . نواصل مع الإنسان العظيم وفيحاء محمد علي ...