توالت في الفترات الأخيرة حوادث الأخطاء الطبية حتى اصبحت للأسف من الامور التي لا يرمش لها جفن او يقشعر لها بدن من يفترض أن يكونوا في موقع المسؤولية والمحاسبة بعد أن جردت مهنة الطب السامية من مضمونها الانساني, حيث صار معظم من يمارسونها ابعد كثيرا من المهنية والمسؤولية. ففي ظل التدهور الكارثي لمستوى الخريج اساسا وغياب المراقبة اللصيقة والمتابعة المستمرة, كثرت الأخطاء الطبية بصورة ملفتة للنظر, بعد أن استمرأ أطباء (جهز كفنك) غفلة المواطن وسكوته عن المقاضاة باعتبار أن (المرحوم يومو تما) أو عفى الله عن ما سلف وغير ذلك من المبررات التي تدفع بعض فاقدي الضمير من الأطباء الى المزيد من اللامبالاة والاهمال في حق المريض بعدم الاهتمام بصحته وانسانيته قبل كل شيء. والا كيف نفسر خطأ الطبيب في تقدير الجرعة الدوائية المناسبة لكل مريض بناءا على سنه وحجمه ووزنه وطوله وغيرها من البديهيات التي على اساسها تتم العملية العلاجية؟ أو كيف نجد تفسيرا منطقيا للأخطاء المروعة في عملية التخديرالتي اودت بحياة الكثير من المرضى في الآونة الأخيرة؟ أما عن قصص اولئك الأطباء الذين ينسون قطع الشاش والمباضع في احشاء المرضى بعد العمليات الجراحية فحدث ولا حرج. و بهذا الخصوص فقد كان السودان يعتمد على الأطباء خريجي جامعة الخرطوم والجزيرة وغيرها من جامعات المهجر. فلم يرد حينها في قاموس المواطن مصطلح الاخطاء الطبية, لأن الطبيب كان كامل التأهيل والمسؤولية, وتحت المراقبة الدائمة, الصارمة. وهل نعفي جهاز القضاء في السودان من المسؤولية؟ كلا لن نعفيه البتة, لأن على عاتقه تقع مسؤولية سن وتفعيل قوانين خاصة بمعاقبة كل طبيب تثبت ادانته في ازهاق حياة مواطن عن طريق الاهمال والتهاون. فقانون الأخطاء الطبية اصبح مطبقا في معظم دول العالم, فما المانع من تطبيقه في السودان؟ أم أن على المواطن السوداني الاكتواء فقط بنيران الضرائب والأتاوات, دون مقابل يتمثل في الرعاية اللازمة واحترام آدميته؟ أو ربما يكون المواطن هو المسؤول عندما (تجرأ) فمرض وذهب برجليه الى الطبيب يبتغي الدواء فأزهق الطبيب روحه .الم تر عزيزي القارئ كيف أن المسؤولية قد تباينت في مسألة الأخطاء الطبية؟ لكن رغم ذلك كله, فإن الجهة الوحيدة التي بإمكانها تحريك المياه الساكنة وانقاذ ما يمكن انقاذه هي وزارة الصحة, التي يجب أن تتحرك اليوم قبل الغد لوضع حد لهذه المهزلة وذلك باعتبارها المسؤول الأول عن صحة المواطن الذي يتداوى عند طبيب يحمل رخصة بممارسة المهنة من لدنها. أخيرا ارفع مقالي هذا لمن يهمهم الامر اولا واخيرا بينما يتقافز حول ذهني وبالحاح شديد قول لبيد بن ربيعة وهو يقول: ووقفت اسألها وكيف سؤالنا صما خوالد ما يبين كلامها