قرأت الخبر الذي نشر في الصفحة الأولى من صحيفة "الحياة" بتاريخ 24 أيار (مايو) الموافق 21 جمادي الثانية 1432ه في العدد 17581، بعنوان: "الأجنبي لا يتزوج السعودية ل "سواد عيونها"... بل من أجل المال والجنسية. وذلك في الانتقاد "الشرس" لمشروع زواج السعوديات من الأجانب الذي وجهته اللجنة الخاصة المعنية بمشروع تنظيم زواج السعوديين بغير السعوديات وزواج السعوديات بغير السعوديين، وما دار في تلك الانتقادات الشديدة من أعضاء المجلس الشوري، وهناك سؤال يفرض نفسه أتى في الخاطر: هل نسوا الأعضاء المثقفين الكرام: لماذا تنكح المرأة "المسلمة" وما هي شروط نكاحها؟! والإجابة لهذا السؤال طبعاً معروفاً لكل مسلم.. ونعيدها هنا ليعرف الأعضاء بأن المرأة تنكح لأربعة: "عَنِ أَبي هُريرة رضيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ الحسب: هو الفعل الجميل للرجل وآبائه. وقد فسر الحسب بالمال في الحديث الذي أخرجه الترمذي وحسنه من حديث سمرة مرفوعاً: "الحسب المال؛ والكرم التقوى". إلا أنه لا يراد به المال في حديث الباب لذكره بجنبه فالمراد فيه المعنى الأول. وقوله: "تربت يداك" أي التصقت بالتراب من الفقر وهذه الكلمة خارجة مخرج ما يعتاده الناس في المخاطبات لا أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قصد بها الدعاء. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فالمرأة التي ينبغي نكاحها هي التي يتحقق فيها استكمال هذين الغرضين وهي التي اتصفت بالجمال الحسي والمعنوي. فالجمال الحسي: كمال الخلقة لان المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطق قرت العين بالنظر إليها وأصغت الإذن إلي منطقها فينفتح إليها القلب وينشرح إليها الصدر وتسكن إليها النفس ويتحقق فيها قوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)- "الروم-21". الجمال المعنوي: كمال الدين والخلق فكلما كانت المرأة أدين وأكمل خلقاً كانت أحب إلي النفس واسلم عاقبة فالمرأة ذات الدين قائمة بأمر الله حافظة لحقوق زوجها وفراشه وأولاده وماله، معينه له على طاعة الله تعالى، إن ذكرته وأن تثاقل نشطته وأن غضب أرضته والمرأة الأدبية تتودد إلي زوجها وتحترمه ولا تتأخر عن شيء يحب أن تتقدم فيه ولا تتقدم في شيء يحب أن تتأخر فيه ولقد سئل النبي صلي الله عليه وسلم أي النساء خير؟ قال: (التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا ماله بما يكره)- رواه أحمد والنسائي. وقال صلي الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود فاني مكاثر بكم الأنبياء، أو قال: الأمم) - رواه أبوداود والنسائي- فان أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال المنظر وجمال الباطن فهذا هو الكمال والسعادة بتوفيق الله.أ.ه من كتاب الزواج. وفي الحديث: إخبار أن الذي يدعو الرجال إلى التزوج أحد هذه الأربع وآخرها عندهم ذات الدين فأمرهم صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أنهم إذا وجدوا ذات الدين فلا يعدلوا عنها. ولكنه لم يقل الأجنبي والأجنبية أو السعودي أو السعودية. وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي وغيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير" فقالوا يا رسول الله وإن كان فيه فقال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير" قالها ثلاث مرات. أما فيما يخص "الجانب المادي" فكم من الصحابة تزوجوا ولم يملكوا حتى حق المهر وكان الصحابة يجمعون لهم المهر وحق الوليمة. حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنته لعلي ابن أبي طالب مقابل درع والأمثلة على ذلك كثيرة. وقال الله تعالى: "وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" [النور:32 الأيامى وهم: من لا أزواج لهم، من رجال ونساء. وقوله: "إن يكونوا فقراء" قال أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه: أطيعوا اللّه فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى، قال تعالى: "إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه من فضله". وعن ابن مسعود التمسوا الغنى في النكاح، يقول اللّه تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنيهم اللّه من فضله). وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ثلاثة حق على اللّه عونهم: الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي في سبيل اللّه" (رواه أحمد والترمذي والنسائي). وما ذكروه الأعضاء في مناقشتهم وانتقاداتهم الشرسة للموضوع وبأن الأجنبي لا يتزوج السعودية لسواد عينيها أو عيونها، بل من أجل المال والجنسية احتمال كبير تكون هذه النظرية خطأ، هنالك من لا يريد مال ولا يريد جنسية بل يريد المرأة في حد ذاتها ومن أجل سواد "عيونها"، لأنها أعجبته وأحباها أو لأي شيء خلاف ما ذكره الأعضاء، فلماذا نضع الأجنبي موضع الاتهام، ونتهمه بأنه طامع فقط في المال والجنسية، فحين إن من أبجديات "الزواج" والشروط هي المال والحسب والنسب والجمال وذات الدين. ألا نتقي الله في بناتنا. وفي ظلمنا للأجنبي المسلم. وهنالك أيضاً من ذكر أن فتح باب الزواج لغير السعوديين من السعوديات "لا يصب في مصلحة الوطن مستقبلاً وستترب عليه نتائج سلبية". من منا يعلم بالغيب ويدخل نفسه في أمر الله والحكم على الغيبيات وما يحصل غداً ومن يضمن لنا بأنه سيعيش إلى الغد، لماذا لا نترك ما لله لله وما للخلق للخلق. وماذا لو كانت النتائج إيجابية في الحد من "العنوسة" ومحاربة العادات العقيمة وتسهيل أمر الزواج للسعوديين وغير السعوديين، ويعيش المجتمع في سبات ونبات بتلك الخيرات التي تأتي من وراء تلك الزيجات، "عسى ان تحبوا شيئاً فهو شرٌ لكم، وعسى أن تكرهوا شيئاً فهو خيرٌ لكم". واحتمال كل ما قيل ويقال ويشدد عنه وينتقد بشراسة يكون زوبعة في "فنجان" لأن الله إذا أراد شيئاً أن يقول له "كن فيكون فسبحانه الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون" صدق الله العظيم. فنحن لا نعرف أين يكون خير الأمة الإسلامية لأن الله سبحانه وتعال يقول: "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم" ولم يقول ذاك أجنبي لا تزوجوه وذاك سعودي خطه كذا وكذا، فالدين واضح والكتاب والسنة واضحة إذا أردنا ذلك ولكن إذا أردنا الدنيا وما فيها والخروج من حديث قول الله سبحانه وتعالى والرسول وأتباعه فما نفعله ونشدد عليه هو ذاك بعينه، وما نهانا وأمر به هو الحق يوم الحق العظيم. فهل زواج السعودي من غير السعودية هي أو هو حرام أم "غلطة" سيدفع ثمنها الأبناء يوماً ما، إذا نحن سهلنا الأمور جلها لتلكم الأبناء بكل ما يريدون ويطلبون في المجتمع السعودي ليعيشوا كرماء وشرفاء من دون أي "عنصرية" ضد الأجنبي المسلم والسعودي بأن يختار ما يريد في زواجه بالأجنبية أو بالسعودية وكذلك الأجنبي له مثل ما للسعودي طالما نحن مسلمين وفي مجتمع "مسلم" بدأت فيه بواكير "الإسلام" ونزلت فيه الرسالة المحمدية وبه "بيت الله" الذي يحجون إليه جميع المسلمين الأجانب من كل فج عمق، والسعودية هي قائدة ورائدة المجتمعات الإسلامية. إذا كانوا يقولون ما يقولون عن زواج المسلم والمسلمة وسواء كان سعودي أو غير سعودي، فكيف ينشأ أبناء تلكم الذين تزوجوا بغير السعوديات وبالمثل الأجانب الذين تزوجوا بالسعوديات. فلماذا نحكم عليهم منذ الآن "شنقاً" حتى الموت، ونحن لا ندري عن أنفسنا ماذا سيحل بنا غداً بصرف النظر عن قراءة المستقبل المظلم الذي لا يعلم به إلا الله سبحانه وتعالى. أو كما قال: "لا تدرى نفساً ماذا تكسب غداً ولا تدرى نفساً بأي أرض تموت". وإذا كانوا يريدون أن يحافظون على آدمية الإنسان، الذي كرمه الله، وجعله خليفة في الأرض.. هذا إذا كانت دولة الإسلام حريصة على أن يستشعر كل إنسان مسلم العدل فيها وفي تعاملها مع الأجنبي والمقيم والسعودي في مهد الإسلام، الذي أرسى حقوق الإنسان في السلم والحرب، قبل الأممالمتحدة بأربعة عشر قرناً من الزمان. وفي دولة القرآن العظيم الذي دستورها الشريعة السمحاء، ويضحى العدل قوامه احترام آدمية الإنسان احترام كرامته وحريته. لا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى. والله من وراء القصد. جعفر حسن حمودة – صحفي [email protected]