شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    تنويه هام من السفارة السودانية في القاهرة اليوم للمقيمين بمصر    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    الدفعة الثانية من "رأس الحكمة".. مصر تتسلم 14 مليار دولار    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيفاشا المعارضة المجتمع الدولي العمل المسلح د.صيدلي


بسم الله الرحمن الرحيم
ت: 0924320840
أصاب الجميع الزهول وهم يرون الحركة الشعبية التي إستقبلوها في 2005 إستقبالاً خرافياً بأكثر من ستة مليون مواطن ترفع يدها عن الوحدة وتدفع شعبها للإنفصال وكنا قد فرحنا جميعاً عند التوقيع على إتفاقية نيفاشا من الشريكين ذلك لأنها شكلت مدخلاً لإنهاء أطول حرب فقدنا فيها أكثر من اثنين مليون من أبناء السودان وفقدنا فيها موارد طائلة وأدت إلى عدم الإستقرار والنزوح وغلاء المعيشة والتدخل الدولي . فالسلام قيمة أساسية لإستقرار أي وطن ولنهوضه وللمحافظة على وحدته وسيادته وفرحتنا بالسلام أدت لإسترخاء في التفكير والترحيب بالإتفاقية من غير التدقيق في تفاصيلها . وأعمانا الفرح بالسلام والكلام عن الوحدة الجاذبة والتحول الديمقراطي من رؤية الكوارث في باطن الإتفاقية .
إتفاقية نيفاشا بكل أسف لم تكن ديمقراطية ذلك أنها كانت بين طرفين إستبعدت كل مكونات المجتمع السوداني من المشاركة فيها وياليت الامر توقف عند هذه الثنائية وإنما إمتد القهر والاقصاء من حرمان أي طرف لا يوافق عليها من حقه في العمل السياسي والترشح في الإنتخابات وبذلك تكون الإتفاقية قد أهدرت حقاً ديمقراطياً ودستورياً للأخرين فيكف يحق للشريكين وهما ليس كل الوطن وليس كل الشعب السوداني ان يحرما أي طرف لا يوافق على إتفاقيتهما من ممارسة حقوقه الديمقراطية والدستورية والوصول للسلطة عبر الطريق السلمي أي عبر الإنتخابات فكيف تبشر الإتفاقية بالتحول الديمقراطي وتهدر في نفس الوقت الحقوق الأساسية في الممارسة الديمقراطية ؟ وياليت الأمر إقتصر على ذلك إذ فرضا علينا أن نتبنى رؤيتها لما توصلا له من حلول أي قهر هذا وأي استلاب هذا و بكل أسف استرخينا ولم نعط الأمر حقه من الرفض المطلوب وإعتقدنا سازجين أن الإتفاقية ستقودنا للوحدة والسلام والتحول الديمقراطي ولم نفق من هذا الوهم إلا بعد أن وقع الفاس في الرأس حينها بدأنا ندرك كمية الشرور والكوارس التي وضعتها الإتفاقية .
ان حق تقرير المصير تم طرحه في ادبيات الحركة في 1991م باعتباره وسيلة لتحقيق الوحدة الطوعية وليس الإنفصال وكم تكون الحركة متناقضة لو بشرت بالوحدة والإنفصال في وقت واحد وأهم من هذا كله ان مصطلح حق تقرير المصير جاء تاريخياً في الحقبة الإستعمارية أي حق الشعوب ان تقرر مصيرها بمعنى ان تنال استغلالها وليس حقها في ان تجزء أوطانها فالحق اساساً هو حق الأوطان في المحافظة على وحدة أراضيها وليس حق الشعوب أن تجزء أوطانها .
في عام 2005م عندما وصل د. جون قرنق مؤسس وقائد الحركة الشعبية الخرطوم والإستقبال الخرافي الذي قوبل به ذلك لأنه بشر بالسلام والوحدة والتحول الديمقراطي ولو كان د. قرنق بشر بالإنفصال لما إستقبلته ستة آلاف من الجماهير ناهيك عن ستة مليون مواطن فالملايين التي خرجت لإستقباله طفت عليها مشاعر الفرح بالسلام على محاذير الإنفصال التي لم تكن يوم ذاك بادية في الأفق لكنها كانت كامنة في النصوص التي اضفت على الإنفصال مشروعية جعلته خياراً متاحاً ودغدغت حواسنا وغطته بشعار العمل من أجل الوحدة الجاذبة .
ان الحركة الشعبية منذ تأسيسها كان الصراع في داخلها بين الوحدويين والإنفصاليين وانشقت بعض قيادات الحركة مع قيادات الأنانيا واشير أيضاً لإنقسام الناصر ولكن في حياة د. قرنق وماله من كارزما كان قادراً على إدارة الصراع واضعاف نفوذ الإنفصاليين داخل الحركة ولكن بعد إتفاقية نيفاشا ووصول الحركة الشعبية للسلطة وإنشغالها بما نالته من مكاسب ووفاة مؤسسها وقائدها د. قرنق استرخت الحركة في متابعة صراعها مع العناصر الإنفصالية هذا الإسترخاء ساعد العناصر الإنفصالية أن ترتب صفوفها وان تستولي لاحقاً على مفاصل الحركة الشعبية وتوجه مسيرتها نحو الإنفصال وإتفق في هذا المقام تماماً مع د. الواثق كمير في أن الحركة الشعبية إتخذت الإتفاقية كمنصة للوصول للإنفصال ونحن عندما نقول ذلك لا نتجنى على الحركة الشعبية وإنما نؤكد ذلك من خلال رصدنا وتوثيقنا لنشاط الحركة الشعبية في الشمال والجنوب وفي تقديري المؤتمر الوطني لو قام بما يليه في الإتفاقية ولو جاب لبن الطير للحركة الشعبية فإنها لن تقبل بغير الإنفصال ذلك لأنها حددت عقيدتها في الإنفصال وسعت له ولم تتخذ موقفها الإنفصالي كرد فعل لسياسات المؤتمر الوطني وأنه لم يقم بما يليه لجعل الوحدة جاذبة , وتوجهت الحركة الشعبية نحو الإنفصال بإتباع تكتيكية على مستوى تحركها في الشمال والجنوب .
1- تكتيك تنظيمي .
2- تكتيك سياسي .
في التكتيك التنظيمي تمثل ذلك في اضعاف الهياكل التنظيمية للحركة وتبعثها وعدم اشتراكها في صياغة القرار ومتابعة تنفيذه فلم تستدع مجلس تحريرها للإنعقاد ولا مؤتمرها العام ليحددا موقفاً من الوحدة والإنفصال وذلك خوفاً من ثقل الوحدويين داخل هذه الهياكل وما يمكن أن يسببه من صراع حاد حول التوجه الإنفصالي للحركة الشئ الذي يحرم الحركة الشعبية أن تقدم نفسها للمجتمع الدولي كحركة موحدة في إتجاهها الإنفصالي ووجهت قطاع الشمال بمقاطعة الإنتخابات حتى يظهر قطاع الشمال بدون رصيد جماهيري وان تدعم بذلك موقفها الإنفصالي بحجة عدم وجود قواعد جماهيرية لها في الشمال وادعت الحركة ان الإنتخابات ليست مهمة وإنما المهم فقط الإستفتاء وهو الخط الأحمر بالنسبة لها لأنه المحطة التي توصل للإنفصال . التهميش لم يقتصر على قطاع الشمال لوحده وإنما تعداه لأبناء النوبة والأنقسنا وطالت قيادتهم الإعتقالات والتصفيات والخروج على الهياكل التنظيمية امتد حتى لقائد الحركة سلفاكير والذي صرح أنه سيصوت للإنفصال وهي تصريحات ذات مردود إنفصالي مقصوده التاثير على المواطن الجنوبي . كما وان قادة الحركة كانوا يصرحون دائماً بان زمن الوحدة إنتهى يقصد نشر اليأس في نفوس العاملين من أجل الوحدة وكما وانهم يؤكدون دائماً بان مزاج الإنسان الجنوبي في الإنفصال فكيف بالله يؤسس حزب قائد موقفه من القضايا المصيرية على التلقائية والمزاج ولا يتدخل في التأثير على هذا المزاج حتى ولو كان خاطئاً وإذا كان هذا مزاج الجماهير فكيف بشرت الحركة اذن بالوحدة وإذا كانت المواقف تقرر بالمزاج هكذا فكيف إذن لو كان مزاج أهل الشمال الشريعة ؟
أما على مستوى التكتيك السياسي كان على الحركة الشعبية ان تمارس عملها السياسي على مستويين.
1- مستوى الشريك بحكم الإتفاقية .
2- على مستوى الحليف مع القوى التي ناضلت معها .
الحركة الشعبية تفهم هذين المستويين تماماً وليس لها أي قصور فكري في فهم ذلك ولكنها بدل التحرك على المستويين إختارت ان تتحرك على مستوى واحد هو مستوى الشريك كانت دائماً تبعد عن مستوى الحليف ولا تلجأ للعمل مع هذا المستوى إلا تكتيكياً عندما تضطرها مصالحها للاستقواء به أمام المؤتمر الوطني وذلك فقط لأن هذه القوى قوى وحدة وضد الإنفصال لذلك كانت تبعد منها دائماً حتى لا تجرها للموقف الوحدوي . فبعد رحيل د. قرنق لم تعمل الحركة الشعبية لأن تكون الوحدة جاذبة فعلى مستوى العمل السياسي في الشمال رفضت الحركة المشاركة في أول تظاهرة نظمتها قوى المعارضة ضد الغلاء بالرغم من أن الحركة الشعبية تدعي أنها نصيرة المهمشين فكيف تفهم هذا الموقف وهي تخزل المهمشين في أهم معركة بالنسبة لهم وهي معركة حياتهم المعيشية أيضاً الحركة الشعبية وقفت في أول إنتخابات لنقابة المحامين مع مرشح المؤتمر الوطني وضد مرشح قوى المعارضة .
نصت الإتفاقية على تعديل كل القوانين التي تتعارض مع الدستور والإتفاقية فأي مساهمة قدمت الحركة في هذا الخصوص فالقوانين كلها ما زالت موجودة لم تتغير وإنما اضيفت لها قوانين أكثر شمولية . أيضاً الحركة الشعبية ممثلة في المفوضيات فماذا قدمت الحركة من مساهمة في عمل هذه المفوضيات ؟ إكتفت فقط بالوجود الشكلي ولم يكن لها أي دور ملموس داخل هذه المفوضيات وكذلك كان الحال في سن قانون الأحزاب وقانون الإنتخابات وأشد قساوة من كل ذلك موقفها من قانون الأمن وهو القانون الذي إذا تمت إجازته كقانون ديمقراطي يحفظ الحقوق والحريات لساهم في تمدد النشاط السياسي وفعاليته ولكن الحركة إكتفت بالمساومة مع المؤتمر الوطني وسهلت إجازة قانون الأمن مقابل إجازة قوانين الإستفتاء والمشورة الشعبية لا يهمها في ذلك موضوع التحول الديمقراطي وإجازة قوانينه وكذا كان الحال في العملية الإنتخابية ساومت المؤتمر الوطني وسحبت مرشحها من المعركة الإنتخابية وقالت ان الإنتخابات غير مهمة بالنسبة لها المهم بالنسبة لها الإستفتاء ببساطة لأنه المحطة التي تةصل للإنفصال ولذلك إعتبرت الإستفتاء خط أحمر بالنسبة لها .
كان هذا على مستوى عمل الحركة الشعبية في الشمال أما على مستوى عملها السياسي في الجنوب فهي لم تعمل قط وسط قواعدها في الجنوب لجعل الوحدة جاذبة إذ كان عليها إذا كانت مؤمنة حقيقة بوحدة الوطن ان تعبي جماهيرها وشعبها منذ التوقيع على إتفاق نيفاشا على أن نيفاشا محطة في مسيرة طويلة فيها كثير من العقبات والتضحيات حتى بلوغ دولة السودان الجديد وأن النضال من أجل السودان الجديد والتمسك بوحدته رغم الصعوبات التي تعترض الوصول لهذه الغابة لن تتراجع عنه مهما وضع الشريك من عقبات . أن قضية الوحدة تحتاج إلى عمل سياسي تعبوي مكثف وسط الحزب والجماهير للإقتناع بها كقضية والعمل من أجلها كخيار . ان الموقف من قضية السودان الواحد لا ينبغي أن يؤسس على تكتيكات ومراوغة المؤتمر الوطني وإنما ينبغي أن يكون موقفاً مستقلاً قائماً على قناعات راسخة بأهمية الوحدة والنضال من أجلها وموقف مبدائي كهذا لا يمكن التراجع عنه لمجرد أن الآخرين اقاموا أمامه الصعوبات ولا افهم ان يكون موقف الحركة الشعبية تجاه هذه القضية المصيرية مبهما وغير واضح وكان بينها وبين الإستفتاء بضعة شهور إذ جاء في جريدة الصحافة بتاريخ 17/5/2010م ان المكتب السياسي للحركة سيحدد في إجتماعه القادم الخيار الذي ستدعمه الحركة خلال الإستفتاء الوحدة أم الإنفصال كيف يترك حزب قائد شعبه لهذه التلقائية في التعامل مع قضايا مصيرية حتى الثواني الأخيرة في إعتقادي هو موقف مقصود هو موقف مكمل لكل المجهودات الإنفصالية ويبدو أن الحركة الشعبية قد عملت بفقه الإسلاميين استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان يتضح من كل ذلك أن الحركة بعد وفاة مؤسسها وقائدها د. جزن قرنق لم تعمل قط للوحدة وإنما إستعملت كل دهائها في العمل التنظيمي والسياسي في الشمال والجنوب من أجل الوصول لمحطة الإنفصال هذه هي الحركة الشعبية وهذا هو سعيها لم تتخذ موقفها الإنفصالي كرد فعل لسياسات المؤتمر الوطني وإنما سعت للإنفصال بكامل وعيها ورغبتها وأنه ما كان من الممكن أن تتنازل الحركة عن رغبتها هذه حتى لو قام المؤتمر بما يليه أو حتى لو جاب للحركة لبن الطير .
في إعتقادي الإنفصال جريمة كبرى لا يبررها التهميش ولا الظلامات الواقعة على أهلنا في الجنوب ولا مشاكسة الشريك فنضال الشعب السوداني منذ فجر الإستقلال كان في اولوياته قضية الجنوب قضية السودان فكيف تحاكم الحركة الشعبية الشعب السوداني بموقف حكوماته ؟ أيضاً الظلم والتهميش والمواطنة من الدرجة الثانية ليست أسباب مقنعة ولا مبررة للإنفصال أنظروا للزنوج في الولايات المتحدة كانوا يعاملون كعبيد محرومين من كل الحقوق تعرضوا لكل صنوف القهر والتعذيب والتصفية لمائتي عام ورعم كل ذلك لم يطالبوا ان تقطع لهم ولاية ولا أن يردوا لوطنهم الأم افريقيا واجهوا كل ذلك وناضلوا ضده حتى إنتصروا في النهاية وتوجوا نصرهم بان أصبح رئيس أمريكا من الزنوج أنتم في السودان لم تتعرضوا لهذه الوضعية ولم تكن الظلامات الواقعة عليكم بمثل التي وقعت على الزنوج في امريكا وأنتم شهود ان شعبنا يناضل معكم من أجل سلطة مدنية ديمقراطية يتساوى تحت سقفها الجميع فكيف رغم كل ذلك تنكفئون على ذانكم وتجزئون وطنكم انها جريمة لا تقتفر في حق الوطن ونستنكر في هذا المقام موقف قطاع الشمال من قضية الإنفصال فلم يخرج علينا ببيان يستنكر فيه جريمة الإنفصال وان الذي حدث لا يعبر عن موقفهم كقطاع ويتناقض مع ما بشروا به في نضالهم مع الحركة الشعبية من أجل سودان جديد موحد على أسس جديدة وإنما جاء الإستنكار فقط من بعض القيادات وظل قادة القطاع يطلقون التصريحات انهم سيواصلون نضالهم من اجل توحيد السودان مستقبلاً ان مثل هذه التصريحات لا قيمة لها وتفتقر للمصداقية ذلك ان الذي عجز حتى ان يدين الإنفصال ولم يصبر على وطنه وهو موحد سوف لن يجد الصبر للنضال لتوحيد وطن تبعثر إلى كيانات كثيرة نحن نعفيهم من هذا الواجب ونطلب منهم فقط أن يساهموا في جعل العلاقات بين الدولتين تمتاز بعلاقات حسن الجوار هذا فيما يلي الحركة الشعبية من مسئوليات في الإنفصال أما المؤتمر الوطني في تقديري لم يعمل للإنفصال كما يدعي البعض ولو كان المؤتمر الوطني مع الإنفصال لتطابقت رؤيته مع الحركة الشعبية ولتم الإنفصال في سلاسة ويسر ولكن مع ذلك فهو يتحمل مسئوليه كقائد للدولة السودان مسئول من وحدتها وسيادتها واستقرارها المعارضة تنطلق في تفسير موقف المؤتمر الوطني من الوحدة والإنفصال من وثيقة حمدي ((مثلث حمدي) وفي إعتقادي مثلث حمدي كان ورقة مساهمة في النقاش ولم يتبناها المؤتمر الوطني كموقف في تقديري المؤتمر الوطني مع وحدة السودان وضد الإنفصال لكنه بكل أسف لم يقرأ الظروف جيداً ولم يحسن إدارة المعركة فالمؤتمر الوطني يعلم جيداً ان الدولة أمام أزمة إقتصادية حادة وان إيرادات الصادرات الغير بترولية تراجعت كثيراً وان إقتصاد الدولة يعتمد إعتماداً كلياً على الإيرادات البترولية وانه إذا وقع الإنفصال فسيتعرض الوضع الإقتصادي لهزة كبيرة ذلك ان معظم حقول البترول ستتبع لدولة الجنوب ويعلم ايضاً إذ1 إنفصل الجنوب سيكون دولة غير مستقرة بسبب الحروب القبلية والتي ستمتد اثارها لدولة السودان الشمالي ويعلم المؤتمر الوطني أنه سيجاور دولة منتهكة السيادة سيكون النفوذ الغربي والإسرائيلي فيها واسعاً وهو نفوذ يسعى جاهداً المزيد من المحاصرة للنظام في السودان الشمالي أضف إلى ذلك ستنشأ مشاكل جديدة هي مشكلة المياه وهي مشكلة ذات إعتبارات حيوية للسودان الشمالي ولجمهورية مصر العربية لهذه الأسباب ولأسباب غيرها المؤتمر الوطني يدرك أن مصلحته في الوحدة ولكن بكل أسف لم يقرأ الظروف جيداً ولم يحسن إدارة المعركة كما أسلفت فالمؤتمر الوطني أخطأ من البداية في قبوله بحق تقرير المصير فكان عليه أن يسعى لحل الظلامات في إطار السودان الواحد بدون أي إلتزام لحق تقرير المصير كما أن المؤتمر الوطني لم يقرأ وضع الحركة الشعبية جيداً بعد وفاة مؤسسها وقائدها د. قرنق ونمو التيارات الإنفصالية داخل الحركة بعد وفاته . كما لم يقرأ المؤتمر الوطني جيداً ان السعي لفصل السودان الجنوبي ليس رغبة شعبه لوحده وإنما الإنفصال رغبة دول أخرى عندها مصلحة في محاصرة النظام في السودان الشمالي وفي السيطرة على النفط وترتيب الأوضاع في المنطقة وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها إسرائيل فقد دعمت الولايات المتحدة دولة الجنوب بالخبراء ليساعدوها في تحقيق الإنفصال كما كشفت ذلك الصحافة الأمريكية نفسها بجانب ذلك مطامع بعض دول الجوار في السوق الجنوبي ولذلك معركة الإنفصال ليست معركة ضد الإنفصاليين الجنوبيين لوحدهم وإنما أيضاً ضد القوى الطامعة في تعزيز مصالحها في المنطقة . أيضاً لم يحسن المؤتمر الوطني إدارة الأزمة ذلك لأنه أراد أن يحتفظ بالوحدة من دون أن يقدم تنازلات جوهرية وبكل أسف إعتقد أنه قادر على ذلك من خلال التعامل مع القادة الجنوبيين بالمال والمنصب بنفس عقلية 1956م ونسي المؤتمر الوطني ان هنالك مياه كثيرة جرت تحت الجسر فالجنوبيون منذ العام 1972م إتفاقية أدس أباب وبحكم وضعيتهم القائدة للدولة في الجنوب تراكمت في أياديهم أموال طائلة بفضل العمولات وإمتيازات الدولة وبالتالي حصل تحول في المجتمع الجنوبي كمجتمع إنساني من مجتمع رعوي زراعي إلى ظهور شريحة رأسمالية وهي بحسب مصالها الجديدة أصبحت هي القائدة للشعب الجنوبي للإنفصال بهدف تكوين دولتها ونهب خيرات الجنوب ولذلك ما عاد المال والمنصب يشكلان إغراء بالنسبة لها فالمال موجود عندها والمنصب أيضاً فقد أصبحت عندها دولة فيها كثير من الخيرات تريد أن تديرها وتنهب مواردها أيضاً فشل المؤتمر الوطني في إقامة علاقة مميزة مع القيادات الجنوبية الوحدوية خاصة بعد وفاة قرنق ولم يدعمهم وبالعكس كان كثير التشاكس معهم فساهم ذلك في هزيمتهم وتقوية مواقع الإنفصاليين داخل الحركة .
برتكول أبيي :-
ان إتفاقية نيفاشا قامت أساساً مستندة على حدود 1956م والمعروف أن أبيي أصبحت تابعة إداريا لشمال كردفان فإن منذ العام 1905م أي قبل واحد وخمسين عاماً من الإستقلال فبأي حق تطالب الحركة الشعبية بمنطقة أبيي الآن ؟ وإذا كانت حجتها في ذلك أن أبيي كانت تابعة للجنوب في زمن مضى ولابد من إعادتها للجنوب مرة أخرى نقول ان هذه الحجة مردود عليها فالتاريخ شهد كثيراً من هجرات القبائل بسبب الحروب والجفاف واستقرت هذه القبائل واستوطنت في مواقعها الجديدة واصبحت لها وطناً كما وان التاريخ القديم شهد انقسام كثير من الدول إلى دول كثيرة كمثال لذلك الهلال الخصيب تناسلت منه اكثر من دولة واصبحت دول ذات سيادة وارتضت البشرية هذه البحيرات وهذه الحدود الجديدة لصعوبة ارجاع الأمر إلى أصله وعليه وكما هو ثابت ان منطقة أبيي أصبحت تتبع منذ العام 1905م إلى كردفان وهي خارج حدود 1956م التي قامت عليها إتفاقية نيفاشا وبالتالي فان ابيي شمالية مائة في المائة ولا يحق للحركة الشعبية أن تطالب بها بإعتبار أن ابيي في التاريخ القديم كانت تتبع للجنوب هذا منطق مرفوض وإذا جارينا الحركة الشعبية في منطقها هذا فهل ستقبل الحركة الشعبية إذا جاءت حكومة في الشمال مستقبلاً وطالبت بضم جنوب السودان مرة أخرى للشمال بإعتبار ان جنوب السودان كان في يوم من الأيام جزء من السودان ؟ اعتقد ان الحركة غير محقة في طلبها هذا واعتقد على كافة القوى في الشمال حكومة ومعارضة ان تقف موقفاً واضحاً وحازماً في هذه القضية بغض النظر عن ما ورد في برتكول أبيي فهي أرض شمالية والمطالبة بها والدفاع عنها يقتضيه الموقف الوطني والمصالح الوطنية .
المعارضة المجتمع الدولي :-
الحديث في السياسة وقضايا الوحدة والإنفصال لابد ان يتناول دور المعارضة السياسية وموقفها من هذه القضايا فالمعارضة لم تكن طرفاً في إتفاقية نيفاشا ولكن الطرفان بالرغم من ذلك الزما المعارضة بقبول الإتفاقية وحرما أي حزب لا يقبل بالإتفاقية من ممارسة نشاطه السياسي والترشح في الإنتخابات والوصول للسلطة عبر الطريق الديمقراطي وبذلك يكون الطرفان إهدرا حقا ديمقراطياً ودستورياً لقوى المعارضة إلا أن قوى المعارضة بالرغم من مصادرة هذه الحقوق إستكانت لهذا الحرمان ولم تقم بالرفض بالرفق المطلوب وذلك بسبب ان الإتفاقية أوقفت الحرب . نعم كلنا ضد الحرب ومع السلام ولكن إستدامة السلام لا تتم بالتعدي على الحقوق الدستورية للناس وليس من المقبول أن تلزم الإتفاقية المعارضة بما توصل له الشريكان من رؤى وحلول فيها ليس كل الوطن وليس كل الشعب السوداني . فليس من الضروري أن تتطابق رؤى المعارضة مع كل جزئيات الإتفاقية فليس من الضروري ان تتطابق رؤى المعارضة مع فهم تقرير المصير كما جاء في الإتفاقية ولا في توزيع السلطة ونسب المشاركة فيها ولا في دولة بنظامين ولا في برتكول ابيي .... الخ وكان من المفترض أن تطرح هذه القوى مجتمعة أو منفردة رؤيتها فيما تتفق حوله مع الإتفاقية وما تختلف حوله وان تصوغ ذلك في موقف عملي تتبناه الجماهير وتشارك من هذا الحراك والضغط الجماهيري في بلورة الحلول وان لا نترك الأمر للشريكين لوحدهما وبكل أسف اعتقلت المعارضة نفسها في داخل الإتفاقية ولم تبرز موقفها المستقل ولم تدع له ولم تحشد له الجماهير وأصبحنا نتفرج على الشريكين أو بالأصح الخصمين وهما يتشاكسان في فهم وتطبيق ما إتفقا عليه في الإتفاقية ولا يرجعان لشعبهما في حالة الإختلاف وإنما يسرعان للقوى الأجنبية يطلبان منها التدخل وفرض الحلول بإعتبارها الجهات الضامنة للإتفاقية . يا للهوان ويا للسخرية هكذا يضيع الوطن ويفقد سيادته ووحدته واستقراره ويصبح الحل والضمان ليس في يد شعبنا الذي ظل يناضل منذ فجر الإستقلال لحل قضية الجنوب قضية السودان ومن أجل المحافظة على سيادة الوطن وكرامته ووحدته وحرياته وإنما الضمان في يد القوى الأجنبية والتي بالضرورة ومن تجاربنا معها ومن تجارب الشعوب المختلفة هي ليست محايدة وإنما صاحبة أطماع ومصالح تصوغ كل شئ وتضغط دائماً في إتجاه مصالحها الخاصة وهكذا مكناها ان تنتهك سيادتنا ووحدتنا واستقرارنا . ان الممعارضة لم تهتم بما يليها من الواجبات في العمل السياسي فلم تصوغ موقفها من الإتفاقية في شكل موقف تدعو له الجماهير وتلفها حول رؤيتها ومن هذا الثقل الجماهيري تفرض المعارضة نفسها كرقم في الحراك السياسي وبفضل هذا الثقل الجماهيري يكون من الصعب تخطيها وتفرض نفسها في المشاركة وفي وضع الحلول . عجز المعارضة لم يقتصر على عدم قدرتها في صياغة موقف وإنما إمتد العجز حتى في ممارسة حقها الحيادي والموضوعي في النقد البناء فوجهت كل قدراتها في نقد المؤتمر الوطني ولم تلتفت لممارسة النقد تجاه الحركة الشعبية كأن الحركة الشعبية لا تخطئ وكأنها لا تسير في طريق خطر أدى لإنفصال الوطن وإنتهاك سيادته ونشر التوتر وعدم الإستقرار . بكل أسف مارست المعارضة النقد تجاه المؤتمر الوطني ليس من منطلقات وطنية وإنما من منطلق المكايدة والشماتة فكل هم المعارضة ان يحصل الإنفصال ليتحمل المؤتمر الوطني المسئولية التاريخية أي مرضى هؤلاء يرون خطر الإنشطار الذي يتعرض له الوطن ولا يتحركون لايقافه وإنما هم تغمرهم السعادة يريدونه ان يحصل ليتحمل المؤتمر الوطني المسئولية التاريخية فأي وطنية هذه ؟ هل يعقل ان يكون المكايدة والشماتة في المؤتمر الوطني أهم من سلامة الوطن ؟ هل يعقل ان تنحدر وطنيتنا إلى هذا الدرك السحيق ؟ انا هنا لا أبرئ المؤتمر الوطني من المسئولية ولكن فقط انتقد فهم هذه القوى للعمل المعارض واطلب من المعارضة التجرد وان تمارس حقها المشروع في العمل المعارض بمبدائية ووطنية خالصين لترتبط بها الجماهير وتشارك في كل معاركها التي تدعو لها لا ان يتكرر هذا الموقف الحزين حضرنا ولم نجدكم .
تحمل المعارضة المؤتمر الوطني مسئولية الإنفصال لأنه لم يقم بما يليه لجعل الوحدة جاذبة وإصراره على فرض الدولة الدينية وفي اعتقادي المسألة ليست بهذا الشكل احب ان أوضح أولاً انني لا أدافع عن المؤتمر الوطني فللمئتمر الوطني مؤسساته وكادره الذي يدافع عنه وانا لست عضواً في المؤتمر الوطني وانا من المتضررين منه ضرراً بليغاً وحتى اليوم ولكن نربأ بمشاكلنا وتطلعاتنا الخاصة ان تحرمنا من الموقف المبدائي والوطني وينبغي ان نحدد موقفنا من قضايا الوطن والجماهير بالتجرد والمبدائية بغض النظر إتفق موقفنا مع المؤتمر الوطني أو إختلف معه فالتبعد دائماً عن المكايدة والشماتة في تحديد الموقف وان نتجرد من الغرض وان نميز دائماً بين معركة ومعركة فاختلافنا مع المؤتمر الوطني كحزب سياسي شئ وموقفنا من وحدة وسيادة واستقرار الوطن شئ آخر نحن نختلف مع سياسات المؤتمر الوطني وليس مع السودان الوطن فنحن ضد سياسات المؤتمر الوطني من ناحية ومع المؤتمر الوطني في اي معركة تهدف للحفاظ على وحدة الوطن وسيادته واستقراره وهذا في تقديري ما يجب ان يحكم سلوك العمل المعارض ان نناضل في جبهتين ضد شمولية المؤتمر الوطني من جهة وضد التدخل الأجنبي من جهة أخرى نحن نريد للعمل المعارض دوره المستقل القادر على مخاطبة الجماهير وإقناعها ولفها حول برنامجه القادر على تنظيم هذه الجماهير والدفع بها لساحة النضال كفوة ضاغطة تجبر الشريكين والمجتمع الدولي للإستماع لها والمساهمة في وضع الحلول بغير ذلك سيكون دور المعارضة هامشياً وهذا ما حصل بالضبط فأصبح العمل المعارض هو مجرد تصريحات وتنظير بعيداً عن الفعل فعجزت المعارضة عن مخاطبة الجماهير وتنظيمها وقيادتها ولذلك فشلت كل معاركها التي نادت لها الجماهير وتسببت بذلك باصابة الجماهير بمزيد من الإحباط .
المعارضة بعد توقيع إتفاق نيفاشا توسمت في الحركة الشعبية اضافة ثرة لقدرات العمل المعارض وذلك بما وفرته الإتفاقية من إمتيازات للحركة الشعبية دولة في الجنوب وجيش وموارد بترولية ومشاركة في الجهاز التنفيذي والتشريعي الإتحادي والولائي وإعتقدت خطأ ان الحركة الشعبية ستحارب لها معاركها في التحول الديمقراطي مع النظام ولكن بكل أسف الحركة الشعبية كانت مشغولة بقضاياها الخاصة التي توصلها للإنفصال وبدل ان تساعد الحركة الشعبية قوى المعارضة في نضالها من أجل قضاياها المشروعة حصل العكس تماماً استثمرت الحركة الشعبية قوى المعارضة في معاركها الخاصة واستقوت بها في وجه المؤتمر الوطني وبكل أسف يحصل ذلك حتى الآن . المعارضة بكل أسف لم تقو على نقد الحركة الشعبية بالرغم من تخلف الحركة الشعبية من كل المعارك ولم تشارك فيها فلم تناضل الحركة الشعبية ضد الغلاء ورفضت الخروج مع قوى المعارضة في هذا الخصوص ولم تشارك في معركة تغيير القوانين التي تتعارض مع الدستور والإتفاقية وسهلت اجازة قانون الأمن وسحبت نفسها من المشاركة في الإنتخابات وخططت وسعت للوصول للإنفصال وبكل أسف كانت المعارضة تسكت عن كل ذلك ولم تبادر بنقد الحركة ولا نعرف السبب الذي جعل " خشم المعارضة" مقفول وفي إعتقادي ممارسة النقد المبدائي ركيزة مهمة في العمل في العمل السياسي ينبغي ان نرسخ ادبه في التربة السودانية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كان من شأن ممارسة النقد للحركة الشعبية ان يعزز مواقع القوى الوحدوية داخلها .
ايضاً المعارضة لم تسع لتأسيس عمل سياسي لها في جنوب السودان واكتفت بالعمل فقط في شمال السودان وكان عملها في الجنوب سيساهم في نشر الوعي وبناء حركة ديمقراطية تساهم في تعزيز التواصل والتلاحم وكسر الحواجز النفسية بين إنسان الشمال والجنوب وكان الحزب الشيوعي السوداني قد بدأ بعد ثورة اكتوبر في دفع كوادره بالذات وسط المعلمين للعمل في الجنوب واقام بعد قيام مايو مهرجان الشباب في مدينة جوبا ولكن بحكم تطور الظروف السياسية لم يتواصل هذا المسعى ولو كنا سعينا منذ فجر الإستقلال لبناء حركة سياسية في جنوب السودان لكنا هزمنا كثيراً من المرارات ولكان الحال غير حالنا اليوم .
أيضاً المعارضة لم تهتم بقضية التدخل الدولي في الشأن السوداني واكتفت بتخويف حكومة الإنقاذ من المواجهة مع المجتمع الدولي بدل ان تسندها في وجه هذا التدخل الدولي كأن المجتمع الدولي هذا شخصية محايدة تدخل انفها في شئوننا لأنها تحب لنا الخير كأنها ليست صاحبة أطماع ومصالح ولكن تجاربنا وتجارب الشعوب علمتنا أن المجتمع الدولي ومؤسساته ليس محايداً وإنما يصوغ كل شئ ويضغط دائماً في إتجاه مصالحه الخاصة وهكذا مكنا القوى الأجنبية من ان تنتهك سيادتنا ووحدتنا واستقرارنا . ان الوطن يتعرض لحملة دولية شرسة شطرت جزء من الوطن وتسعى لتشطير أجزاء أخرى تستعمل في ذلك إمكاناتها المختلفة ومؤسساتها الدولية ونحن نتفرج ونبرر عجزنا في الدفاع عن وطننا في وجه هذه الحملات الخبيثة بان ذلك بسبب سياسات المؤتمر الوطني فليكن ذلك صحيحاً هل معنى هذا ان نقف مكتوفي الأيدي ولا ندافع عن وطننا ؟ أرجو ان نقف وقفة وطنية مع الذات ونسأل أنفسنا هل هذه السياسات الخبيثة القصد منها إضعاف المؤتمر الوطني أم إستغلال ضعف المؤتمر الوطني لتشطير السودان إلى دويلات ؟ الواقع أمامنا يقدم لنا الإجابة الواضحة المؤتمر الوطني موجود وممسك بسلطته ولكن بكل أسف فقدنا جزء عزيزاً من وطننا وعليه ينبغي ان نخرج من حالة العجز هذه وان ندرك ان الإستهداف أساساً للوطن وما الضغط على المؤتمر الوطني الا للوصول لهذه الغاية وعليه ينبغي ان نعلي الهم وان نرفع رايات الوطنية رايات العزة والكرامة وان نفرق بيد معركة ومعركة بين معركتنا مع سياسات المؤتمر الوطني الشمولية وبين معركتنا مع الذين يستهدفون سيادة ووحدة واستقرار السودان الوطن . ينبغي ان نرفض اي تحرك من اي جهة لدعوة المجتمع الدولي لغرض حصار أو عقوبات على حكومة المؤتمر الوطني بقصد إضعافها ذلك ان التجارب علمتنا أن أي حصار أو عقوبات بتأذي منها في النهاية المواطنين البسطاء وليس أهل الحكم كما وان التاريخ علمنا كلما ضعفت الدولة كثر الطامعين فيها وهم كثر ولذلك ينبغي أن لا تجردنا معارضتنا لحكومة المؤتمر الوطني من وطنيتنا ينبغي أن لا نستقوي بالأجنبي لاسقاط حكومة المؤتمر الوطني هذا موقف مرفوض تماماً نحن نستقوي بشعبنا فقط بما متوفر لنا داخلياً من إمكانات في مناهضة حكم المؤتمر الوطني ومن قال أن الحكومات التي تمتلك أجهزة أمن قوية لا تسقط إلا بالاستعانة عليها من الخارج ؟ أين الإتحاد السوفيتي أين ال KGB أين شاوسكو وأين شاه إيران وأين السافاك وأين حسني مبارك وطنوا ثقتكم في شعبكم ولفوه حول برامجكم ونظموه وادفعوا به إلى ساحة النضال فهو شعب عظيم مشبع بالوطنية عالي القدرات جسور مقدام يضحي بالغالي والنفيس من أجل عزته وكرامته وسيادته فكونوا على قدر عظمة شعبكم على قدر مسئوليتكم الوطنية .
إتسم نضال شعبنا منذ فجر الإستقلال ضد التدخل الأجنبي وضد مؤسساته الرأسمالية فرفض شعبنا بكل اباء وعزة المعونة الأمريكية وكانت هتافاته في الشارع العام ضد البنك الدولي ومؤسساته التمويل الرأسملية وروشتتها المعروفة وضد الاحلاف الإستعمارية والقواعد العسكرية كان هذا شعبنا وهذه هي مواقفه شعب مليان وطنية وعزة وكرامة لا يجامل في سيادته وعزته وكرامته فماذا دهانا اليوم لماذا ضعفت وطنيتنا لهذا الدرك ؟ كنا نرفض في اباء وشمم تدخل الأجنبي في شئوننا ما لنا اليوم نجري وراء الأجنبي ونطلب منه التدخل حتى وصل بنا الحال الواحد كان " فلقوه ساكت " يجري ويطلب تدخل المجتمع الدولي تحت البند السابع هل يعقل أن يهون السودان علينا لهذا الحد ؟ ان الذي تجروا وتطلبوا تدخل الجيوش الأجنبية فيه هو وطنكم السودان أنظروا كم عدد الجيوش الأجنبية فيه اليوم هل يشرفكم ان يستباح السودان الوطن بهذه الكيفية ألا تخجلوا من ذلك ؟ إتقوا الله في شعبكم وفي وطنكم شعب رفض حتى المعونة الأمريكية هل يعقل أن يقبل أن تدنس أرضه كل هذه الجيوش الأجنبية ؟ كيف تقبلوا هذا الهوان الدعم الأمريكي الواضح والمكشوف للإنفصال كيف تقبلون تصريحات الجنرال قرابسن الإنتخابات مزورة ولكن قبلنا بها لأنها ستقود للإنفصال كيف تقبلون هذا الإستخفاف وكيف تستقبله الخرطوم مرة ثانية أين الوطنية السودانية ؟ مثل هذه التصريحات لو تمت في زمن غابر لمنع صاحبها من دخول السودان مرة أخرى أو لتم استقباله بالبيض الفاسد . كيف تقبلون الضغوط الأمريكية الهادفة لعزلنا من المجتمع الدولي ومن مؤسساته المختلفة ؟ كيف تقبلون تهديدات أمريكا بعدم رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب إذا لم نستجب لمطالبها ؟ أمريكا التي تهددنا بذلك رمت قنبلتين ذريتين على اليابان أمريكا وجرائمها في فيتنام والتي لم يستنكرها العالم فقط وإنما حتى شعبها . أمريكا وغزوها للعراق بدون قرار من مجلس الأمن وراجعوا ما إرتكبته في العراق من فظائع . أمريكا وجرائمها في أفغانستان وباكستان أمريكا وسجونها السرية أمريكا وقانتنامو أمريكا و حمايتها لإسرائيل من إدانة المجتمع الدولي رغم جرائمها الوحشية إستحلفكم بالله أن تردوا هل هنالك أي مقارنة بين جرائم امريكا وجرائم السودان ؟ أليس هذا إبتزاز صارخ وبقوة عين ؟ كونوا صادقين مع أنفسكم وأنفضوا عن نفسكم هذا الخور وهذا الضعف . نحن لا نسعى للعداء مع أمريكا ولكن أيضاً نرفض المهانة والذلة نرفض أي سياسة من أمريكا أو غير أمريكا تنتهك سيادتنا وعزتنا وكرامتنا وفي نفس الوقت نحن مع إجراء المحاكمات الداخلية فيما يلينا من جرائم ونرفض من أمريكا راعية النظام العالمي أن تبتزانا بهذا الشكل .
أمريكا تضغط علينا دائماً في موضوع المحكمة الجنائية الدولية وتطلب منا التعامل معها وهي في نفس الوقت لم توقع على ميثاق روما خوفاً على محاكمة جنودها وما إقترفوه من جرائم فما بالكم لو كان المطلوب للمحاكمة رئيس الولايات المتحدة ؟ امريكا وهي غير موقعة على ميثاق روما تمنع مبعوثيها للسودان من مقابلة الرئيس البشير وتطلب السيدة كلنتون من الدول نفس الشئ أي حقارة هذه امريكا إذا كان أمر المحكمة الجنائية يهمها لهذا الحد وإذا كانت تثق في عدالتها وطهر قراراتها لماذا لم توقع على ميثاقها ؟ إعتقد أنكم تعرفون الجواب ولكنكم لن تصرحوا به خوفاً من زعل السيدة امريكا يا سبحان الله .
جاء في الأخبار أن المجلس الوطني بصدد مراجعة العلاقة مع امريكا وهي أخبار تفرح وتثلج الصدور إذا كان المسعى حقيقة يسعى لرفض التدخل الأمريكي الفظ في شئوننا الداخلية والغير محايد في التعامل معنا والمنتهك لسيادتنا وهي مراجعة مطلوبة من قبل الدولة والمعارضة فامريكا ليست صديقة ولا محايدة في التعامل مع قضايانا وتسعى دائماً لإضعافنا تتعامل معنا بسياسة الجزرة والعصا فاعلموا يا سادة أن امريكا لا جزرة لها أصلاً هي حلوة لسان وقليلة إحسان أما عصاها فلا يردعها إلا الموقف الوطني القوي فالنكن جميعاً أقويا في مواجهة امريكا لنؤسس معها علاقة تقوم على الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة .
العمل المسلح :-
شعبنا له تقاليد راسخة في النضال السلمي . ناضل ضد الإستعمار بسير المظاهرات والإضرابات وأجبر الإستعمار على المغادرة . ناضل أيضاً ضد دكتاتورية عبود من خلال إحزابه ونقاباته وسير المظاهرات والإضرابات إلى ان سقطت الدكتاتورية الأولى وبنفس المنهج السلمي في النضال أسقط حكم الفرد دكتاتورية نميري . هذا التقليد السلمي الراسخ في النضال السياسي يمثل عظمة هذا الشعب السوداني . ولقد ناضل شعبنا بثبات وإنتزع بنضاله السلمي حقوقه المشروعة في عدة فترات ولم يلجأ إلى حمل السلاح في كل معاركه وإنما سعى دائماً لإسكات صوت البندقية . هذا الإرث النضالي العظيم بعض المجموعات تنقلب عليه وترفع البندقية في نضالها من أجل إنتزاع حقوقها المشروعة . هذه الأداة العنيفة أدخلت معها قضايا جديدة تسببت في إهدار واسع لإمكانات الدولة المحدودة وروعت المواطنين وأهدرت إستقرارهم وفرضت عليهم النزوح وباسم الإغاثة زاد تدخل المجتمع الدولي وضغوطه . هذا الواقع يتطلب منا وقفة ومراجعة موقفنا من هذه الأداة فهل نحن مع هذا الشكل العنيف من النضال أم نحن مع إرضا سلاح ؟ بمعنى آخر هل نحن مازلنا متمسكون بالنضال السلمي الديمقراطي أم نحن مع هذه الأداة الجديدة في النضال ؟ وقبل أن نحدد موقفاً من هذا السؤال أحب أن أؤكد أنه يجب علينا أن نميز بين شيئين بين القضية وبين الأداة التي نناضل بها للإنتصار لهذه القضية . نحن أولاً مع عدالة القضية ونعترف أن هذه المناطق تعاني من الظلم والتهميش ولكن الحوار يظل عن الأداة فاذا كنا مجمعون على النضال من خلال العمل الديمقراطي فان هذا الخيار من شروطه إلغاء البندقية وكل أشكال العمل المسلح حكومة ومعارضة وهذا ما رسخ في أدوات شعبنا النضالية وما توصلت له البشرية بعد أن عانت من ويلات الحروب وأمامكم الثورة اليمنية شعبها مسلح حتى أخمص قدميه ولكنه يرفض إستعمال السلاح رغم عنف السلطة . والنضال السلمي ليس معناه التخلي عن القضية والعمل من أجل حلها وإنما يناضل من أجل القضية بأداة فقط غير السلاح . ملاحظة هامة أن العمل المسلح وإنشطاراته الاميبية الكثيرة أصبح في كثير من الأحيان الغرض منه ليس الدفاع عن القضية بقدر ما هو مدخل لتولي المنصب .
ملاحظة هامة أخرى أن السلاح الذي تحارب به هذه الفصائل لم تشتريه بحر مالها وهنالك من يقدم لها الأرض والمأوى والحماية وهل الذي يحارب بسلاح الآخرين وينطلق من أرضهم إلا بقدح ذلك في أنه يحارب بأجندة خارجية ؟ أنا لا أستعجل الإجابة وإنما أطلب فقط من الجميع أن يفكروا بهدوء ورؤية في هذا الموضوع وان نقيم التجارب المسلحة في مختلفة ولايات السودان وان نستنتج من هذا التقييم الموقف الأفضل في التعامل مع هذه الأداة .
خاتمة :-
فرح السودانيون جميعاً بإتفاق نيفاشا وتوسموا فيه إنهاء لمعاناتهم الطويلة فالسلام بدلاً للحرب والوحدة بدلاً للإنفصال والإستقرار بدلاً للنزوح وحلموا بالتحول الديمقراطي وإنصلاح حال المعيشة ولكن كما يقولون العبرة بالخواتيم فبكل أسف صدم شعبنا في كل هذه القضايا ووضع الوطن اليوم أسوأ من قبل التوقيع على إتفاق نيفاشا فاشطر الوطن ونزر الحرب قائمة والتوتر السياسي في اعلا درجاته وتصاعد الغلاء وتراجعت الحريات وإنعدم الأمن وقضايا نيفاشا الباقية تنتظر الحلول والضغوط الدولية تتزايد بإختصار نحن أمام أزمة متكاملة أزمة سياسية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية وأمنية ولا سبيل لحلها إلا أن نعلي جميعاً الهم الوطني حكومة ومعارضة وأن نفكر سوياً في السودان وسلامة السودان وإستقرار السودان وشعب السودان وأن نضع أيدينا جميعاً في أيد بعض وأن نواجه مجتمعون حل هذه القضايا وحتماً أننا قادرون على ذلك إذا خلصت النوايا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.