تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    تعادل باهت بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا    ((نصر هلال قمة القمم العربية))    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشير عبدالرحمن سوار الذهب...أتمني أن يصبح السودان عمقا حقيقيا لمصر

أجري الحوار في الخرطوم‮ :‬ د‮. ‬مسعد عويس
عبدالرحمن سوار الذهب‮.. ‬اسم كتب بحروف من نور في تاريخ الأمة العربية‮.. ‬اسم نحتاج إلي ان نتذكره دائما خاصة في تلك الأيام التي يتهاوي فيها الطغاة‮.. ‬ويسقط فيها الحكام العرب شهرا بعد شهر ويوما بعد يوم‮.. ‬هؤلاء الحكام الذين استباحوا بلادهم وأمسكوا بتلابيبها واردوا ان يورثوها لابنائهم‮.. ‬الضابط السوداني عبدالرحمن سوار الذهب الذي كان يحمل رتبة الفريق عندما ثار علي الرئيس السوداني المخلوع جعفر نميري في أبرل ‮5891.. ‬هو الضابط الذي آثر ان يترك كرسي الحكم ويسلم مقاليده إلي حكومة مدنية بانتخابات حرة‮.. ‬وقتها قال الكل عن سوار الذهب انه شخص‮ ‬غير طبيعي‮.. ‬فكيف يترك إنسان سلطة وقعت في يديه‮.. ‬كيف يضرب بقدميه كرسي الحكم ويعود إلي صفوف الشعب‮.‬
الآن‮.. ‬ندرك ان هذا الرجل كان بعيد النظر‮.. ‬كان يعلم ان الكراسي لاتدوم‮.. ‬ولا تبقي إلا السيرة الطيبة للإنسان‮.. ‬حتي وان جلس علي الكرسي يوما واحدا‮.. ‬الآن نتذكر الفريق عبدالرحمن سوار الذهب الذي منحته الحكومة التالية‮ ‬رتبة المشير‮.. ‬نتذكره بالخير طبعا لانه زهد في السلطة وبقي رمزا طيبا في ذكري الشعب السوداني‮.. ‬وكل الشعوب العربية‮.‬
‮ ‬ونبدأ الحوار مع سوار الذهب بالحديث عن أسرته‮.. ‬ونشأته‮.. ‬كلها عوامل ساعدت علي تكوين شخصيته‮.‬
‮ ‬أنا انتمي إلي أسرة سوار الذهب التي تمتد جذورها إلي العباس بن عبدالمطلب والحمد لله‮.‬
لقد جاء أهلنا إلي السودان منذ زمن بعيد،‮ ‬وقد التقي المؤرخ التلمساني المغربي مع جدي سوار في عام ‮4051‬م في شمال السودان،‮ ‬حينما أرخ له ذلك المؤرخ،‮ ‬وعلم من الشيخ محمد عيسي سوار الذهب جدي أنه جاء من الجزيرة العربية من مكة المكرمة‮.. ‬وخرج منها إلي شمال أفريقيا حتي الأندلس،‮ ‬ثم يعود مرة إلي مصر ويستقر بعض الوقت في منطقة اسوان ثم ينتقل منها إلي شمال السودان في دنقلا‮ »‬مدينة دنقلا العجوز‮« ‬حيث أسس مسجده ومعهده الديني‮.. ‬وجدي محمد عيسي هو الذي ادخل الرواية التي عبرت بدورها السودان،‮ ‬وهي من الروايات المشهورة في السودان،‮ ‬وجدي كرس حياته لنشر القرآن وتعاليمه وبرواية أبي عمر الدوري،‮ ‬منذ ذلك التاريخ أي قبل ‮005 ‬سنة خلت،‮ ‬وأسرتي تعمل في نشر القرآن،‮ ‬حيث استقر بها المكان،‮ ‬فهي تنشر تلك الرواية عن طريق تلك المدارس القرآنية التي تديرها‮.‬
وأنا الآن أحاول أن اجدد تلك المدارس في كل من دنقلا العجوز في شمال السودان وفي أم درمان في الخرطوم وفي مدينة الأبيض التي هي عاصمة ولاية شمال كردفان‮.‬
أما بالنسبة لي فقد ولدت في مدينة أم درمان في حوالي عام ‮4391‬م،‮ ‬حيث استقر والدي بمدينة الأبيض،‮ ‬وقد تلقيت جميع المراحل الدراسية بمدينة الأبيض حتي الثانوية،‮ ‬في مدرسة قرطبة الثانوية وهي ثالث المدارس الثانوية الحكومية في السودان في ذلك الوقت‮. ‬ومنها دخلت إلي كلية الحربية بعد معاينات،‮ ‬وتخرجت ملازما في القوات المسلحة السودانية في أغسطس سنة ‮5591‬م،‮ ‬وفي نفس العام بدأ التمرد في جنوب السودان وتحديدا في ‮81 ‬أغسطس ‮5591.‬
ثم انشغلنا بقضية تمرد جنوب السودان والجنوبيين وفيما يسمي في ذلك الوقت الفرقة الاستوائية،‮ ‬ومن ثم انشغلنا في الجيش السوداني بقضية جنوب السودان التي عهد إلي الجيش بألا يسمح للجنوبيين بفصل جنوب السودان عن شماله،‮ ‬وظللنا قائمين بهذه المهمة للحفاظ علي الجنوب حتي لا ينفصل،‮ ‬فمنذ ذلك التاريخ تكاد تكون مسيرة كل الجيش السوداني مرتبطة بعملية الحفاظ علي جنوب السودان‮.‬
وأذكر أنني ذهبت إلي الدورات الدراسية العسكرية في بريطانيا مرتين وفي الولايات المتحدة الأمريكية وفي الأردن،‮ ‬حيث حصلت علي الماجستير العلوم العسكرية من جامعة مسلم العسكرية وكذلك زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا بالقاهرة‮.‬
كما أنني تدرجت في الرتب العسكرية حيث وصلت إلي رتبة فريق أول والقائد العام للجيش السوداني ووزيرا للدفاع،‮ ‬ثم رتبة المشير‮.‬
وحينما تحرك الشعب السوداني لاسقاط حكومة الرئيس جعفر النميري في أبريل ‮5891‬م مطالبين الرئيس بالتنحي ومطالبين بالتغيير،‮ ‬وتصادف وجود الرئيس خارج السودان في ذلك الوقت،‮ ‬وتحرك الشعب السوداني تحركا واسعا بجميع أحزابه السياسية التي تعمل تحت الأرض ولم يكن هناك حزب سياسي إلا الاتحاد الاشتراكي وحزب الحكومة‮.‬
وقتها كنت القائد العام ووزير للدفاع،‮ ‬وحينما رأيت ان الشعب السوداني بأجمعه قد دخل في عصيان مدني،‮ ‬أي ان اضرابا سياسيا عاما قد حدث،‮ ‬أذكر أنني وبوصفي وزيرا للدفاع كنت عضوا في ما يسمي بقيادة الاتحاد الاشتراكي،‮ ‬وفي ذلك الوقت طلبت من القادة الاشتراكيين في الاتحاد الاشتراكي السوداني أن يتواصلوا مع الشعب وان يدعوا مؤيديهم لإظهار ولاءهم للشعب السوداني ولحكومة الرئيس نميري،‮ ‬وأذكر انه كان اجتماعا في دار الاتحاد الاشتراكي مساء الجمعة،‮ ‬وصدق أو لا تصدق إننا كنا نجتمع علي ضوء الشموع لأن عصيانا مدنيا قد حدث في السودان،‮ ‬وتعطلت الكهرباء‮.. ‬وانقطعت المياه وتوقف دولاب العمل في السودان‮.‬
أذكر انني قلت أمام المجتمعين في ذلك الوقت إلي الأمين العام للاتحاد الاشتراكي والقادة الذين يمثلون الاتحاد الاشتراكي‮: ‬لابد لكم من القيام بتظاهرة واسعة لتثبتوا فيها أن الشعب السوداني لازال يؤيد الرئيس نميري فقالوا‮: ‬سنقوم بمظاهرة يوم الأحد،‮ ‬فقلت لهم‮: ‬هذا التاريخ قريب لايمكنكم من الاستعداد لتلك المظاهرة الكبيرة التي يجب أن تكون محكا لما نحن فيه من قضية فاقترح عليكم ان تكون في صباح الثلاثاء لكي تأخذوا وقتكم في الإعداد لهذه المظاهرة والتظاهرة الكبري‮.‬
مظاهرة فاشلة
وحينما جاء يوم الثلاثاء ظننت ان نصف أو ربع الشعب السوداني علي الأقل سوف يشترك في هذه المظاهرة تأييدا للرئيس نميري،‮ ‬ولكن بكل أسف لم يخرج في هذه المظاهرة إلا قلة وكنت أنا ضمن هذه القلة مرتديا الزي العسكري كقائد عام ووزير للدفاع وعضو في الاتحاد الاشتراكي،‮ ‬فأدركت في تلك اللحظة أن الرئيس نميري وحكومته لم يعد لها أي شعبية وسط شعب السودان‮.‬
ثم إنني بعد ذلك بوصفي قائدا عاما للجيش السوداني قمت بجولة في وحدات القوات المسلحة‮: ‬فرقة المدرعات،‮ ‬وفرقة المظليين،‮ ‬وفرقة المهندسين وكثير من هذه الوحدات قمت بجولة ميدانية إليها،‮ ‬واستمعت إلي الجنود وإلي اراء الضباط بالذات،‮ ‬وجدت أنهم كانوا يجمعون علي أنه لم يعد للرئيس نميري أي نوع من الشعبية ليظل في الحكم،‮ ‬فدعوت إلي اجتماع في القيادة العامة لكبار القادة العسكريين وتشاورنا في الأمر وكان يجمعنا أن الأمر اصبح الآن واضحا،‮ ‬وحرصا علي السودان وحقنا لدماء شعبة فلابد للقوات المسلحة أن تأخذ جانب الشعب وتعلن نهاية حكم الرئيس جعفر النميري وعلي القوات المسلحة أن تتولي السلطة لفترة محدودة تجري خلالها انتخابات دستورية ثم تسلم السلطة إلي ممثلي الشعب وتعود بعد ذلك إلي ثكناتها‮.‬
وقد كان هذا باجماع القادة العسكريين وما كان مني إلا أعلنت يوم ‮6 ‬أبريل ‮5891 ‬عبر التلفاز وعبر الراديو والإذاعات المسموعة والمقروءة أن القوات المسلحة تنحاز إلي جانب الشعب السوداني لتنهي حكم الرئيس جعفر النميري وحكم ما يسمي بثورة مايو في ذلك الوقت وتتولي الحكم لفترة انتقالية تجري خلالها انتخابات حرة ومن ثم تسلم السلطة إلي ممثلي الشعب‮.‬
فكان هذا هو القرار الذي استمع إليه الشعب السوداني وما كان من الجماهير إلا ان خرجت في الشوارع مؤيدة هذا القرار الحكيم وكان علي أن أحرص‮ ‬غاية الحرص علي أن نجري انتخابات برلمانية سليمة ونسلم مقاليد الحكم إلي ممثلي الشعب‮.‬
‮ ‬وماذا عن ملامح هذه الفترة الانتقالية؟‮!‬
‮ ‬حقيقة أنني حرصت علي ان تحديد الفترة الانتقالية يأتي من‮ ‬الأحزاب أنفسهم حتي نكسب ثقتهم فيما يتعلق بأننا جادون وصادقون فيما يتعلق بالفترة الانتقالية التي سنظل فيها في الحكم،‮ ‬فوجدت الأحزاب ان تكون الفترة الانتقالية سنة فوافقت علي ذلك،‮ ‬وبدأنا نعمل في إعداد الدستور الجديد وشكلنا أولا‮: ‬الحكومة الانتالية وشاركت فيها جميع الأحزاب السياسية وعين فيها رئيسا للوزراء هو الدكتور الجزولي دفع الله وهو طبيب متميز وكان رئيسا للاطباء،‮ ‬وقد كان معتقلا واعتقلته السلطات المايوية،‮ ‬ومن ثم وضعنا دستورا وأجزناه في اجتماع مشترك بين المجلس العسكري الانتقالي وهذا المجلس الذي تم تعيينه كرأس للدولة برئاستي،‮ ‬وكان يضم نحو‮ »51« ‬عضوا بما فيهم الرئيس يمثلون جميع أفرع القوات المسلحة بالاضافة إلي ثلاثة من الأخوة الجنوبيين الذين حرصنا أن يكون تمثيلهم واضحاً‮.‬
مشاكل السودان
بعد ذلك ركزنا علي المشاكل التي كانت مزعجة،‮ ‬حيث إن السودان وغرب أفريقيا كانت معرضة إلي مواجهة الجفاف،‮ ‬إذ مرت عليها حوالي ثلاث سنوات قلت فيها نسبة هطل الأمطار مما أفرز مجاعة في تلك المنطقة فكان علينا أن نحتوي تلك المجاعة التي ضربت‮ ‬غرب السودان خاصة منطقة شمال دارفور،‮ ‬وشمال كردفان،‮ ‬وقمنا بتوجيه نداء عالمي للعالم،‮ ‬وما كان إلا أن استجابوا واستطعنا أن نحتوي هذه المجاعة،‮ ‬ثم واصلنا بعد ذلك إدارة شئون البلاد وتهيئة المواطنين إلي الانتخابات في نهاية الفترة الانتقالية‮.‬
وجاء ممثلو الشعب للبرلمان،‮ ‬وحينما انتهت السنة التي حددناها بتاريخ محدد ‮82 ‬يونيو ‮6891 ‬لم تكن الحكومة جاهزة رغم ان الانتخابات قد انتهت،‮ ‬لكن الأحزاب لم تتفق علي تعيين رئيس للبرلمان أو تشكيل مجلس رئاسة الدولة أو تشكيل حكومة وهذا يقتضي فترة إضافية لكي يتم ذلك‮... ‬لكنني من جانبي صممت علي دعوة ممثلي الشعب الذين كانوا يسمون الجمعية التأسيسية،‮ ‬وأصررت علي دعوتهم،‮ ‬وقلت لهم يتولي أكبرهم سنا رئاسة الجلسة،‮ ‬وفعلا انعقد الاجتماع بالبرلمان وممثلو الشعب جاءوا واجتمعوا،‮ ‬وانتخبوا أكبرهم سنا وهو الأستاذ محمد عثمان صالح،‮ ‬وحينما اجتمعوا ما كان لي إلا أن تقدمت باستقالتي إلي المجلس العسكري الانتقالي وإلي رئيس‮ ‬البرلمان وسلمت سلطة البلاد‮.‬
فأجمعوا مرة أخري ان نستمر لمدة‮ »02« ‬يوما حتي يفرغوا من تشكيل مجلس رئاسة دولة وتشكيل حكومة،‮ ‬وقد قبلنا ذلك وظللنا في الحكم لمدة‮ »02« ‬يوما أخري حتي تم تعيين رئيس للبرلمان وتعيين مجلس رئاسة دولة،‮ ‬وكذلك الحكومة التي كان يتولاها الصادق المهدي رئيس حزب الأمة‮.‬
ومن ثم مرة أخري ألقيت كلمة في المجتمعين في البرلمان وسلمتهم أيضا استقالة المجلس الأعلي للقوات المسلحة،‮ ‬ومن ثم اوفينا بوعدنا وتقاعدنا وذهبت مباشرة إلي داري بعد ان سلمت السلطة إلي خلفي في القوات المسلحة القائد العام الذي خلفني وطبعا رأس الدولة قديما وحديثا وهو المرحوم السيد أحمد الميرغني ومعه مجلسه‮.‬
ومن ثم انتهت الفترة الانتقالية والحمدلله،‮ ‬وانا لا اشعر بانني قمت بعمل خارق للعادة الذي أوفيته بوعدي الذي وعدته للشعب السوداني،‮ ‬واتصور بان هذا أمر يخرج عن كونه وفاء بالوعد وليس أكثر من ذلك‮.‬
‮ ‬بعد تسليم السلطة إلي الشعب‮.. ‬والوعد الرائع العظيم الذي لم يتكرر‮ ‬في مراحل أخري وفي دول أخري‮.. ‬هل انت راض عن هذا القرار بعد ما حدث من أحداث لاحقة؟
‮ ‬حقيقة كنت اتصور ان الشعب السوداني قد وعي الدرس حينما مر بتجربتين عسكريتين،‮ ‬فكان من المناسب ان يظل حريصا علي الديمقراطية لكن في فترة وجيزة حوالي‮ »3« ‬سنوات تم تغيير الحكومة أكثر من أربع أو خمس مرات من خلال تعديل وزاري،‮ ‬ويكاد يكون خلافات الأحزاب لم تسمح لعجلة التنمية أن تتواصل وأن يكون هناك تقدم ملموس في قضية الجنوب‮. ‬والملاحظ ان كل حزب من الأحزاب السياسية بدأ يتحرك نحو زعيم التمرد في جنوب السودان وخارج السودان وهو‮ »‬جون قرنج‮« ‬ليتفق معه علي شروط وطريقة انهاء الحكم لانهاء النزاع في جنوب السودان في الوقت الذي كنت أتصور أن يكون هناك اجماعا من الشعب السوداني علي أجندة موحدة،‮ ‬يتم نقاشها مع‮ »‬جون قرنج‮« ‬زعيم التمرد،‮ ‬لكن شيئا مثل ذلك لم يحدث،‮ ‬وكل‮ ‬حزب بدأ يتحرك بمفرده إلي‮ »‬جون قرنج‮« ‬مما جعل الأخير يشتط في طلباته‮. ‬يجب الاشارة إلي ان الرئيس نميري في آخر ثلاث سنوات من حكمه أعلن تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان‮.. ‬فطبعا الرئيس بدأ أولا بتقفيل الحانات التي تتاجر في بيع الخمور،‮ ‬وأوقف ايضا الممارسات الخاطئة فيما يتعلق بظهور بيوت الدعارة وجعل الخرطوم والسودان بلدا نظيفا من الخمور وإلي ذلك من الممارسات‮ ‬غير الشريفة،‮ ‬ومن ثم أذكر أن الرئيس نميري وجه خطابا لجميع القادة ومديري الادارة في السودان وكل من يتولي مناصب قيادية في الدولة وجه الرئيس نميري خطابا سماه‮ ‬خطاب القيادة الرشيدة وطلب فيه إذا كانوا يمارسون أي نوع من النشاط الذي لا يتفق مع الاسلام كمعاقرة الخمر أو القمار وإلي ذلك‮.. ‬عليهم ان يتوبوا ويستقيموا وإذا لم يستطيعوا فعليهم تقديم استقالتهم في خلال‮ »51« ‬يوما،‮ ‬فمن باب الاشادة كانت مسحوبة إلي الرئيس جعفر نميري‮.‬
الأمر الثاني‮: ‬كما هو معلوم أنه خلال حكم الرئيس نميري حاول الشيوعيون القيام بالانقلاب العسكري وكان ذلك في عام ‮1791‬م،‮ ‬فالرئيس نميري ضرب الشيوعيين ضربة قاضية وقضي عليهم‮. ‬وايضا الرئيس نميري أعلن الشريعة الاسلامية في سبتمبر ‮3891‬م،‮ ‬لوضع الشريعة الاسلامية التي لاقت قبولا كثيرا جدا من جماهير الشعب السوداني وفي ذات الوقت أوجدت قلقا كبيرا بين الجنوبيين الذين اعتبروا أنفسهم مواطنين من الدرجة الثانية،‮ ‬أما الحزب الشيوعي،‮ ‬كما هو معلوم،‮ ‬يعارض مثل هذه الآراء،‮ ‬خوفا من الشعب السوداني ان يجاهر بالغاء الشريعة الاسلامية وظلوا يصفونها بقوانين سبتمبر لانها فرضت عليهم في سبتمبر ‮3891‬م ويقولون ضرورة إلغاء قوانين سبتمبر دون ان يشيروا إلي الشريعة الاسلامية،‮ ‬لو قالوا إلغاء الشريعة الاسلامية لهاجمهم الشعب السوداني،‮ ‬فظلوا يقولون لابد من إلغاء قوانين سبتمير وما إلي ذلك‮.‬
فحينما نقول أنه في أثناء الفترة الانتقالية أراد الحزب الشيوعي إلغاء قوانين سبتمبر‮ »‬قوانين تطبيق الشريعة الاسلامية‮«‬،‮ ‬فما كان مني أن خاطبت المجلس العسكري الانتقالي الذي اترأسه والذي كان يدير البلادفي ذلك الوقت،‮ ‬فقلت لهم‮: ‬هل منكم من يستطيع ان يتخذ قرارا بإلغاء تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان؟ ويوقع علي ذلك‮.. ‬ثم يقابل الحق‮ ‬عز وجل في اليوم الآخر ويكون عنده رد حاسم‮.‬
قالوا‮: ‬لا‮.. ‬لا‮.. ‬لا نقبل ذلك‮.. ‬أما بالنسبة لإخوانهم الجنوبيين الثلاثة فقلت لهم‮: ‬هذه قوانين ثابتة وقوانين الشريعة أمر يخص الشعب السوداني،‮ ‬ونحن منتظرون انتخابات بعد فترة،‮ ‬فعلي ممثلي الشعب حينما يأتون إلي البرلمان أن يقرروا في ذلك‮. ‬فأقر بذلك الجنوبيون الثلاثة المسيحيون‮.. ‬وبالتالي فرغنا من هذه المهمة ولم ندنس أقلامنا بتوقيع إلغاء تطبيق الشريعة الإسلامية،‮ ‬وحينما جاء السيد صادق المهدي رئيس الوزراء فطالبه الشيوعيون أن يلغي تطبيق الشريعة الإسلامية،‮ ‬فقال‮: ‬كان يفترض ان يلغيها المشير سوار الذهب حينما كان رئيسا للسودان،‮ ‬فقلت له أنت الآن مفوض من قبل الشعب كرئيس للحكومة في البرلمان،‮ ‬فلماذا لا تحاول أن تلغيها عبر البرلمان،‮ ‬ولم يفعل ذلك لأن شعب السودان لن يطاوعه‮.‬
قضية الجنوب
‮ ‬بعد الموقف الحالي‮.. »‬فصل جنوب السودان ومشكلة دارفور‮«.. ‬ما تقييمكم للموقف؟ وما هي النصيحة التي تنصح بها لكي يظل السودان في موقعه المشرف للعالم العربي والإسلامي؟
‮ ‬قضية جنوب السودان هذه طبعا من فعل الاستعمار البريطاني‮.. ‬الذي حرص علي ذلك منذ أن جاء إلي السودان‮.. ‬واكتشف ان جنوب السودان الذي تمثل مساحته ثلث مساحة السودان ومواطنوه ليسوا من العرب وليست لهم أي أصول عربية ولا يتحدثون بالعربية،‮ ‬وقرر فصل جنوب السودان عن شماله،‮ ‬واكتفي بأنه أجاز قانون أسماه قانون المناطق المق
فولة،‮ ‬قفل جنوب السودان والحق مع منطقتين شمال السودان وهما ملاصقتان للجنوب من ناحية الحدود وهما منطقة جنوب النيل الأزرق،‮ ‬وجنوب مديرية كردفان أي منطقة جبال النوبة هاتان المنطقتان تجاوران جنوب السودان‮.‬
في شهر رمضان قام السودان بتطبيق هذا القانون‮ »‬قانون المناطق المقفولة‮« ‬ولم يسمح للشماليين أن يذهبوا إلي الجنوب ولم يسمح للجنوبيين أن يذهبوا إلي الشمال،‮ ‬ثم قام بدعوة الكنائس الغربية ونشرهم في جنوب السودان،‮ ‬وبذلك أصبح الجنوبيون‮ ‬غالبيتهم مسيحيين رغم انه قبل دخول الاستعمار في السودان وفي خلال الثورة المهدية والحكم التركي للسودان كانت هناك مجموعات يعني أقليات لها حجمها اتخذت من الدين الإسلامي دينا‮. ‬بل أن التعداد الذي جري في السودان عام ‮7591‬م أظهر ان المسلمين في جنوب السودان حوالي ‮31‬٪‮ ‬والمسيحيون حوالي ‮21‬٪‮ ‬والباقي وثنيون،‮ ‬لكن ما يميز المسيحيون أنهم كانوا ينالون حظهم من التعليم بينما حرمت مجموعات المسلمين من التعليم في جنوب السودان،‮ ‬كل المدارس شيدت وكل الكنائس للمسيحيين،‮ ‬ولم تكن هناك مدارس للمسلمين‮. ‬والمسيحيون هم الذين تنصلوا من المسلمين الذين دخلوا المدارس وصارت أسماؤهم مثلا‮: ‬شارلس أدبيان،‮ ‬جورج حسين،‮ ‬بينما قلة ظلت في المدارس المسيحية أما بقية المسلمين فلم ينالوا أي حظ من التعليم‮.‬
‮.. ‬وأزمة دارفور
‮ ‬بالنسبة إلي دارفور ما هي تصورات سيادتكم؟
‮ ‬دارفور أيضا تم تحريكها من قبل القوة المعادية للسودان خاصة العقيد القذافي بالذات،‮ ‬وهذا أضر بالسودان ضررا لا حصر له،‮ ‬انه منذ أن جاء إلي السودان وحاولت ثورة مايو أن تساعده وتقدم له المساعدة،‮ ‬وهو يكيد للسودان كيدا شديدا،‮ ‬أو كما وصفه السادات‮ »‬هذا طفل فاسد‮«‬،‮ ‬ولعلك تدرك ماذا حدث حينما أراد أن يفرض الوحدة علي الشعب المصري وجاء بقواته وتقدم بعنف،‮ ‬كذلك يكيد العداء للنميري،‮ ‬ويمول الحملات ضد النميري وكان المرتزقة الذين قادتهم بعض الأحزاب السياسية تجاور السودان في ‮1791‬م ثم في ‮6791‬،‮ ‬وعام ‮2002 ‬لأن هذا القذافي هو الذي طور هذه القضية والتي كانت نزاعا عاديا بين الرعاة وبين المزارعين‮.‬
وكثيرا ما تحدث هذه المشاكل ويتم احتواؤها من قبل قادة القبائل السودانية،‮ ‬لكنه في هذه الفترة كان الجيش هو الذي يحمي هذه المناطق من ما يسمي بالنهب المسلح وما يسمي تمرد بعض القبائل،‮ ‬وقام القذافي بتسليح القوات بشكل يشكل المتمردين في دارفور وغرب دارفور،‮ ‬وجعلهم يشكلون قوة حقيقية ويحدثون خسائر في الجيش السوداني،‮ ‬وأحرقوا ‮7 ‬طائرات عسكرية في مطار الفاشر كان ذلك في واحدة من العمليات وقتلوا عشرات المئات من الشعب السوداني والجيش السوداني‮. ‬لذلك تجد القذافي قد أضر بالسودان ضررا لا حصر له،‮ ‬ويدعي أن هذه القضية إذا لم تحل عنده في ليبيا فلن تحل،‮ ‬في الفترة الأخيرة حينما كان المتفاوضون في الدوحة في قطر هو كان يحتجز بعض قادة التمرد أحدهم يسمي دكتور خليل إبراهيم‮.‬
الآن طبعا تم التوصل إلي خطوط عريضة بالنسبة لحل دارفور وأجمع عليها أهل المطرح الحقيقيون الذين يشكلون المجتمع الدارفوري،‮ ‬ودعتهم قطر إلي الدوحة وهناك وقعوا مع حكومة السودان هذا الإطار الواسع الذي نأمل أن يكون هو نهاية مشكلة دارفور‮.‬
‮ ‬كيف تري العلاقات بين مصر والسودان‮.. ‬تاريخيا وحاليا؟
‮ ‬أذكر نحن حين كنا بالمرحلة الثانوية كنا نطالب بوحدة وادي النيل تحت التاج المصري كان ملك مصر الملك فاروق الذي يحكم مصر والسودان حتي أتي باستقالته نحن فاروق الأول ملك مصر‮ ‬والسودان نعلن تنازلنا عن العرش لابننا أحمد فؤاد الثاني‮.‬
كنا نحرص علي الوحدة مع مصر،‮ ‬لكن حقيقة حكومة عبدالناصر وذهاب نجيب كان يشكل في نظري ‮06‬٪‮ ‬من الأسباب التي أدت إلي تحول الشعب السوداني عن الوحدة مع مصر وكان لصلاح سالم دوره،‮ ‬وسياسة عبدالناصر و لذلك لو كان محمد نجيب مستمرا كانت الوحدة طبعا تحققت مع مصر‮.. ‬بل في أيام الرئيس السابق محمد حسني مبارك لو أنه حرص علي التوافق مع الرئيس البشير الذي دعاه لكي يستثمر المجال الزراعي في السودان لكي يخرج من قبضة الأمريكان لتمويله بالقمح فيكفي نفسه من القمح ويكفي السودان أيضا الذي ظل يستورد القمح،‮ ‬لكننا فيما بعد،‮ ‬علم الرئيس البشير أن الأمريكان لا يقبلون،‮ ‬لأن الأمريكان هم الذين يتحكمون في زراعته‮.‬
لو كان الرئيس السابق حسني مبارك يحرص علي الزراعة لكان قد خلق نوعا من التكامل الذي كان تلقائيا يقود إلي الوحدة،‮ ‬كذلك فإن قضية حلايب التي هي أيضا جزء من السودان قديما كان يمكن أن تكون هي منطقة تكامل أو منطقة علاقة مشتركة بين السودان ومصر،‮ ‬مما يؤدي إلي التقارب بين الشعب السودان والمصري‮. ‬أحب أن أقول كان من المفترض أن يكون السودان عمقا حقيقيا إلي مصر وكان توجها للتعاون المشترك‮.‬
‮ ‬أيضا هناك دبلوماسيات شعبية وصلت إلي السودان منذ فترة وجيزة وجدت نوعا من التجاوب الممتاز بين الشعبين السوداني والمصري وأعتقد أن هذا ممكن ان يكون شيئا ايجابيا‮.‬
‮ ‬نعم‮.. ‬ونحن في المؤتمر الإسلامي العالمي كان هناك دكتور فتحي خليل نقيب المحامين السودانيين ونقيب المحامين العرب،‮ ‬الآن هو حاكم ولاية الشماليين وهي تقع علي حدود مصر،‮ ‬وذكر اليوم أن هناك عددا كبيرا من المصريين جاءوا للاستثمار في الزراعة وسيكون هذا مدعاة للتعاون الاقتصادي‮.‬
قال لي أن الطريق يمهد ويكاد يكون علي وشك الانتهاء مع مصر،‮ ‬بحيث يستطيع المزارع المصري والمزارع السوداني أن يسافر بسيارته‮.‬
مصر القائدة
‮ ‬ما تقييمك لما حدث في مصر خلال ثورة ‮52 ‬يناير؟
‮ ‬والله أنت تعلم وضعية مصر في العالم العربي وهي قيادة الشعوب العربية‮.. ‬وطبعا رائدة ذات تاريخ عريق وارتباطها بالسودان،‮ ‬أتصور أن التغيير الذي حدث في مصر بالتأكيد سوف تكون له انعكاسات ايجابية علي مسيرة الأمة العربية والأمة الإسلامية‮.. ‬وأتصور أن مصر سوف تكون رائدة في مجال الديمقراطية وفي مجال التضامن العربي وفي مجال التكامل مع السودان وفي مجال‮ »‬إذا ربنا يسر‮« ‬الوحدة العربية التي نتطلع إليها،‮ ‬وكل ذلك أتصور بشأنه أن يكون مدعاة للمستقبل المشرق‮.‬
مجلسنا ومجلسكم
‮ ‬ما أوجه التشابه بين موقف المجلس الأعلي للقوات المسلحة المصري في أنه يدعم الثورة وسيقدم الحماية لها وفي فترة محددة سيترك المجال إلي القيادة الشعبية‮.. ‬وبين ما قام به المشير عبدالرحمن سوار الذهب وما يقوم به المجلس الأعلي للقوات المسلحة في مصر ممثلا في المشير محمد حسين طنطاوي‮.‬
‮ ‬احنا في السودان القوات المسلحة السودانية انحازت إلي جماهير الشعب السوداني،‮ ‬في مصر طبعا ميدان التحرير والشباب المصري الذي قام بثورة ‮52 ‬يناير،‮ ‬القوات المسلحة أيضا حمت هذه الجماهير المصرية،‮ ‬وهي التي حمتها من تهور السلطات التي كانت تريد أن تعيد السلطة السابقة بالقوة المسلحة‮.‬
مواقف القوات المسلحة‮ ‬المصرية بقيادة المشير طنطاوي يكاد يكون مماثلا لدور القوات المسلحة السودانية،‮ ‬لكن الأمر يختلف‮! ‬لأن رغم أننا في السودان حاكمنا رموز مايو ونائب رئيس السودان وتمت محاكمتهم‮.. ‬المهم أريد أن أقول إن الوضع في مصر يختلف تماما ويحتاج إلي نوع من الوسيلة والحكمة لأن الشعب المصري هو الذي طالب بحقه،‮ ‬وربما يكون تباين الآراء حول الديمقراطية والدستور مؤثرا وهذه الصرة لم تحسم بعد‮.‬
وأتصور أن القوات المسلحة تلمس أن الموقف حساس‮.. ‬لكن مع ذلك أنا أري تصرف القوات المسلحة يجب أن يتحلي بالصبر،‮ ‬لأن الجماهير عندما لا يكون لها قيادة موحدة ومنضبطة في نفس الوقت لا يمكن أن يعتمد عليها في تنفيذ ما يتخذ من قرارات‮.‬
وأتصور أنه حينما تتاح الفرصة فإن مصر تتجه نحو الاستقرار وستمارس إن شاء الله دورها الريادي في قيادة الأمة العربية والإسلامية‮.‬
‮ ‬هل لكم نصيحة تقدمونها؟
‮ ‬نعم طوال حياتنا‮.. ‬ننصح الحكومات التي سوف تتولي الحكم بأن عليهم الاهتمام بالشباب لأنه هو مستقبل هذه الأمة العربية،‮ ‬ويجب علي الشباب أن يتسلح بالعلم لأنه ما لم يع أن هذه الأمة يخطط لها تخطيطا ماكراً‮.. ‬تخطيطا استراتيجيا من أعدائنا ويجب أن يعوا هذه الحقيقة‮.. ‬ومن ثم ينطلقون بعمل استراتيجي واع‮.. ‬لكي يواجهوا هذه المخاطر والعمل علي تنشئة الشباب تنشئة تجنبهم المخاطر فيما يتعلق بالانخراط في هذه المخاطر التي تحيط بهم ومن ثم يعملون علي الادراك والعمل علي تجنب تلك المخاطر التي تحاط بهم‮.‬
وأنا أتصور أن الذي يبقي في الدول العربية من القيادات الشعبية كفيل بأن يجعل من حكامه نماذج تخوض انتخابات نزيهة سيكون بالتأكيد لها مردود ايجابي،‮ ‬وتغير سياسي واقتصادي واجتماعي،‮ ‬له انعكاساته الايجابية علي المجتمع بعد فترة وجيزة من الانتخابات،‮ ‬وسيكون الأمر مختلفا تماما ما كان عليه،‮ ‬سوف نجد حكاما وطنيين حريصين علي مصالح الأمة العربية ككل في مقدتها‮ ‬غذاء الأمة العربية‮.‬
من لا يملك قوته لا يملك قراره
‮ ‬ما تصوركم لمستقبل التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر والسودان بصفتكم تجمع بين الرؤية المستنيرة في المصالح المصرية السودانية‮.‬
‮ ‬والله عايز أقول أن هذا الشباب سوف تكون له انعكاسات طيبة جدا وأتمني أن الحكام الجدد يفكرون في كيفية تأمين‮ ‬غذاء الأمة العربية في المقام الأول،‮ ‬حتي إننا نكتفي ذاتيا من ضروريات الحياة ومن ثم هذا يقود الي حل مشكلة البطالة‮.. ‬من خلال زيادة المشاريع الجديدة‮.. ‬التي تحتاج الي عمالة واسعة توفر الدولار وبالتالي نكون قد كسرنا حاجزا كبيرا‮.‬
الأمر الثاني‮: ‬تكاملنا اقتصاديا وانتصرنا علي تحديات الأمة الضرورية فمن لا يملك قوته‮.... ‬لا يملك قراره وبالتأكيد هذا معروف،‮ ‬أما بالنسبة‮ ‬لمصر والسودان‮ ‬فالخطوة الأولي للمبادئ هي تحقيق الحريات الأربع‮: ‬حرية التنقل وحرية العمل وحرية السفر وحرية التملك،‮ ‬وهذا يؤكدا أن الأمة العربية يمكن أن تصبح دولة واحدة إذا أصبح شعبها متكاملا وبالتالي يدعو الي الوحدة وخاصة مصر والسودان‮.‬
‮ ‬لو عاد بنا الزمن الي القرار الذي اتخذته عام ‮5891 ‬طبعا نحن لا نعود الي الوراء والعالم سيشهد ان ما قمت به سيظل محفورا في ذاكرة التاريخ السوداني والعربي والعالمي‮.. ‬هل انت راض عن هذا القرار؟
‮ ‬والله أنه كان قرارا اتخذته في الظروف التي كنا نعيش فيها وكان لابد منه،‮ ‬وكنت حزينا وحريصا علي الحفاظ علي جنوب السودان‮.‬
‮ ‬ممكن ترسل برسالة الي المشير طنطاوي‮.....‬؟
‮‬المشير سوار الذهب‮:‬
أود أن أحييه‮.. ‬وندعو له بالسداد والتوفيق‮.‬
http://www.akhbarelyom.org.eg/issuse/detailze.asp?mag=&field=news&id=47631


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.