اتهمت الحكومة قوات الحركة الشعبية في النيل الأزرق بأنها شنت هجوما علي القوات المسلحة بولاية النيل الأزرق حيث قال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد " أن القوات المسلحة تعرضت لهجوم من قبل الجيش الشعبي في ولاية النيل الأزرق و أنها كانت تتوقع هذا من مالك عقار و ذلك من خلال رصدها لتطورات الأوضاع طوال الفترة الماضية" و في ذات الوقت قال السيد ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية " في صفحة جديدة من العدوان و امتدادا لما حدث في جنوب كردفان قامت قوات تابعة للدفاع الشعبي و القوات المسلحة بشن هجوم شامل علي مواقع الجيش الشعبي في الدمازين بعد منتصف ليلة ثالث أيام العيد دون مراعاة لحرمة العيد و لا يحيق المكر السيء إلا بأهله فقد هاجمت منزل حاكم الولاية المنتخب و قائد القوات المشتركة العميد الجندي سليمان الذي ابتدرت الهجوم عليه عند بوابة المحاصيل" و هو بمثابة تصعيد جديد بين الحكومة و الحركة الشعبية. بموجب هذا التصعيد أصدر السيد رئيس الجمهورية قرارات جمهورية أعلن فيها حالة الطوارئ في ولاية النيل الأزرق و إقالة والي الولاية السيد مالك عقار و تعيين قائد المنطقة العسكرية في النيل الأزرق حاكما عسكريا عليها و بهذه القرارات الجمهورية يكون النزاع بين الحكومة و الحركة الشعبية أخذ أبعادا معقدة و أغلق باب الحوار باعتبار أن التطورات العسكرية سوف تفاقم القضية أكثر و تنقل النزاع إلي مربع جديد حيث أن إقالة مالك عقار قد أوصدت الباب الذي كان مفتوحا بين الحكومة و الحركة الشعبية و أصبحت اللغة الوحيد المتاحة بين الجانبين هي الأعمال العسكرية التي سوف يتضرر منها المواطنين في المنطقة خاصة في ظل الاتهامات المتبادلة من قبل الجانبين. و حول الأحداث قال الدكتور كمال عبيد وزير الإعلام " أن الحركة الشعبية قطاع الشمال كانت تخطط منذ فترة لعمل عسكري مصاحب لانفصال الجنوب و بالتنسيق مع حكومة الجنوب و ذلك بجمع فصائل التمرد في جنوب البلاد" و أضاف قائلا " أن كل المعلومات التي كانت ترد إلينا و استوثقنا منها تؤكد أن مالك عقار رئيس الحركة في الشمال كان منسقا لهذا التجمع و أن العمل بدأ في جنوب كردفان و عندما فشلت الحركة في ذلك فشلا ذريعا حاولت أن تعيد الكرة في النيل الأزرق و أن القوات المسلحة كانت تتحسب لذلك" و قبل التعليق هناك سؤال مهم يطرح علي سعادة وزير الإعلام إذا كانت الحكومة تعلم بتخطيط قطاع الشمال لماذا ذهب السيد مساعد رئيس الجمهورية الدكتور نافع علي نافع إلي أديس أبابا للحوار مع قيادات الحركة الشعبية و بحضور رئيس الوزراء الأثيوبي "مليس زناوي" و الرئيس السابق لجنوب إفريقيا "ثامبو إمبيكي" و لم يكشف لهم الدكتور نافع المخطط الذي كانت تقوم به الحركة الشعبية؟ بل أن الدكتور نافع وقع معهم الاتفاق الإطاري الذي رفضه الرئيس البشير و الدكتور نافع ليس فقط سياسي أنما كان يشغل رئس مؤسسة الأمن و المخابرات السودانية و إذا كان يملك مثل هذه المعلومات كان من الأجدى أن يكشفها للرأي العام و للعالم حتى لا تجد الحركة شيئا تتدثر به و لكن دكتور نافع واصل الحوار و وصل معهم إلي اتفاق و عندما تراجعت الحكومة منه قال الدكتور نافع أن توقيعه كان عدم توفيق و لكنه لم يتحدث عن مخطط للحركة الشعبية و لم تتوقف قضية الحوار علي الدكتور نافع بل أن رئيس الوزراء مليس زناوي جاء مصطحبا معه السيد مالك عقار و عقدا لقاء مطولا مع السيد رئيس الجمهورية و أيضا لم يتحدث الرئيس البشير في ذالك اللقاء عن المخطط و المؤامرة و لكن السيد رئيس الجمهورية عزي القضية لأسباب أخري تتعلق بأن الحوار يجب أن يكون داخلي بعيدا عن أطراف دولية. حيث قال السيد رئيس الجمهورية في اللقاء الذي أجراه معه ضياء الدين بلال رئيس تحرير جريدة السوداني أنه تحاور مع مالك عقار باعتباره والي ولاية النيل الأزرق و ليس رئيسا للحركة الشعبية باعتبار أن الحركة تحتاج في نظر رئيس الجمهورية إلي ترتيبات قانونية في مجلس الأحزاب لكي تمارس نشاطها السياسي ثم أعلن السيد رئيس الجمهورية وقفا لإطلاق النار في جنوب كردفان من جانب واحد فإذا كانت هناك مؤامرة تعد في الخفاء و الحكومة علي علم بها لماذا تغامر الحكومة بإعلان وقف إطلاق النار و هي تحتاج لمطاردة المتأمرين أم أن وقف إطلاق النار نفسه كان أحد الوسائل التي تريد الحكومة أن تكشف بها المخطط و المؤامرة و الغريب أن السيد محمد كوكو القياديفي المؤتمر الوطني رئيس لجنة الأمن في البرلمان تحدث أن النواب في البرلمان بصدد أن يجعلوا وقف إطلاق النار وقفا دائما و العمل علي توسيع دائرة الحوار مع الحركة الشعبية و هل أن السيد رئيس لجنة الأمن في البرلمان أيضا مغيبا عن ما يحدث في الخفاء و أن هناك نفر قليل فقط في الحكومة هم علي دراية بما يتحدث عنه السيد وزير الإعلام....!؟ السيد الوزير أن القضية لا تحتاج إلي تبريرات فالتبريرات هي التي عمقت المشاكل و النزاعات في السودان القضية تحتاج إلي علاج يسمو بالوطن فوق الجميع لقد ملينا من التبريرات التي لا تقنع صاحبها. إن إعلان حالة الطوارئ و إقالة السيد مالك عقار من منصبه لا أعتقد أنها سوف توقف المؤامرة بل سوف تزيد النار اشتعالا و أن السلام و الاستقرار الاجتماعي الذي كانت يتطلع له المواطنون يصبح صعب المنال بل أن البلاد سوف تتجه إلي نزاعات و حروب سوف تستنزف كل إمكانياتها خاصة في ظل معاناة يعيشها الناس بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية كما أن الحرب سوف تستهلك كل مدخرات البلاد إذا كانت هناك فعلا مدخرات و أعتقد ما تزال هناك حلولا بعيدة عن قرع طبول الحرب إذا أراد الجانبان ذلك رغم التصعيد من قبل الجانبين إذا حكم الناس صوت العقل. تعتقد العديد من القيادات و علي رأسهم السيد رئيس الجمهورية أن هناك مؤامرات تحاك ضد السودان من قبل الخارج بهدف زعزعت الاستقرار في السودان و إذا كان فعلا ما تقوله قيادات المؤتمر الوطني حول هذه المؤامرات الخارجية فلماذا هي تفتح لها الأبواب واسعة فكان علي الأقل تسعي من أجل معالجة كل القضايا العالقة بالحكمة لكي تغلق كل المنافذ التي تدخل من خلالها الأجندة الخارجية و لكن الحكومة هي التي تفتح النفاجات من أجل دخول الأجندة الأجنبية باعتبار أنها رافضة لقضية الحوار السياسي مع القوي السياسية بعد انفصال الجنوب و حديث السيد رئيس الجمهورية في البرلمان عن الحوار الوطني الذي استبشرنا به خيرا و لكن نجد أن الحوار قد أنتهي عندما انتهي السيد رئيس الجمهورية من كلمته في البرلمان و لم نجد له أثرا إلا بعد كل فترة و أخري تخرج قيادات المؤتمر الوطني و تتحدث أن هناك حوارا دائرا مع القوي السياسية التي تنفي ذلك و تتحدث بأن هناك لقاءات متقطعة باعتبار أن المؤتمر الوطني يريد كسب الوقت و لا أدري ماذا يحقق به و البلاد مشبعة بالأزمات و المعضلات. في ظل الظرف و التحولات الخطيرة التي تشهدها المنطقة ليس في مصلحة الطرفين و لا في مصلحة السودان أن تتوسع دائرة الحرب و تنتقل من إقليم إلي آخر كأن السودان وقعت عليه لعنة الحرب التي لا تنقطع و لا تنتهي و أن القيادات السياسية قد أدمنت النزاعات و أصبحت لا تستطيع أن تعيش إلا في ظل التوترات أن كانت داخلية أو خارجية و بلامس الرقيب كانت قيادات الحركة الشعبية جميعها داخل السودان و تتفاوض داخل السودان و الآن قد أضطر بعض منها للخروج بسبب الحرب التي اندلعت في جنوب كردفان و لحقت بها النيل الأزرق الأمر الذي يؤدي إلي خروج العديد من القيادات خارج السودان و كما قال دكتور نافع عن عبد العزيز الحلو نريدها تصبح قيادات مطاردة و تائه و لكن هل سوف تضمن حكومة الإنقاذ أن خروجها سوف يجلب لها السلام و الاستقرار أم أن خروجها هو توسيع دائرة النزاعات التي تؤدي إلي تدخل المجتمع الدولي و تخلق مبررات لدخول الأجندة الأجنبية. و أعتقد ما تزال هناك فسحة لإحتواء المشكلة و الجلوس إلي طاولة الحوار الوطني و نزع فتيل الحرب إذا الناس اعتصمت إلي جانب الحكمة و العقل و انحازت للمصلحة الوطنية بعيدا عن المصالح الحزبية و الذاتية و هي وحدها الكفيلة لرجوع العجلة إلي طريق السلام و الاستقرار و الله الموفق.