«كهربا» يرد على وجود خلافات داخل غرفة ملابس الأهلي    خبير سوداني يحاضر في وكالة الأنباء الليبية عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام    نوعية طعامنا تؤثر في أحلامنا    الخطر الحقيقي الذي يهدد بحر أبيض يتمثل في الخلايا الحيّة التي تجاهر بدعم التمرد    "مدينة هرار" .. بدلا من المانغو والفول السوداني.. ماذا يفعل "الذهب الأخضر" في إثيوبيا؟    مدير شرطة إقليم النيل الأزرق يقف على سير العمل بمستشفى الشرطة بمدينة الدمازين    (خواطر ….. مبعثرة)    وجوه مسفرة    وزير الخارجية الأمريكي في اتصال هاتفي مع البرهان يبحث الحاجة الملحة لإنهاء الصراع في السودان    الخارجية المصرية: "في إطار احترام مبادئ سيادة السودان" تنظيم مؤتمر يضم كافة القوى السياسية المدنية بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    الموساد هدد المدعية السابقة للجنائية الدولية لتتخلى عن التحقيق في جرائم حرب    المريخ يواصل تحضيراته بالاسماعيلية يتدرب بجزيرة الفرسان    مازدا يكشف تفاصيل مشاركة المريخ في ملتقى المواهب بنيجيريا    الجزيرة تستغيث (3)    شاهد بالصورة والفيديو.. زواج أسطوري لشاب سوداني وحسناء مغربية وسط الأغاني السودانية والطقوس المغربية    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة السودانية شروق أبو الناس تحتفل بعيد ميلادها وسط أسرتها    بالصورة والفيديو.. شاهد ردة فعل سوداني حاول أكل "البيتزا" لأول مرة في حياته: (دي قراصة)    اختراع جوارديولا.. هل تستمر خدعة أنشيلوتي في نهائي الأبطال؟    شح الجنيه وليس الدولار.. أزمة جديدة تظهر في مصر    أوروبا تجري مناقشات "لأول مرة" حول فرض عقوبات على إسرائيل    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    السعودية: وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    والي ولاية البحر الأحمر يشهد حملة النظافة الكبرى لسوق مدينة بورتسودان بمشاركة القوات المشتركة    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يترأس اجتماع هيئة قيادة شرطة الولاية    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    سامية علي تكتب: اللاجئون بين المسؤولية المجتمعية والتحديات الدولية    بيومي فؤاد يخسر الرهان    تراجع مريع للجنيه والدولار يسجل (1840) جنيهاً    "امسكوا الخشب".. أحمد موسى: مصطفى شوبير يتفوق على والده    الأهلي بطل إفريقيا.. النجمة 12 على حساب الترجي    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    بالنسبة ل (الفتى المدهش) جعفر فالأمر يختلف لانه ما زال يتلمس خطواته في درب العمالة    الإعلان عن تطورات مهمة بين السودان وإريتريا    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    زيادة سقف بنكك والتطبيقات لمبلغ 15 مليون جنيه في اليوم و3 مليون للمعاملة الواحدة    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملتقى حال الأمة بين المحن والمنح
نشر في سودانيل يوم 08 - 08 - 2017


بسم الله الرحمن الرحيم
ملتقى حال الأمة بين المحن والمنح
مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم بالتعاون مع المنتدى العالمي للوسطية
الثلاثاء 1 أغسطس 2017م
دار اتحاد المصارف- الخرطوم
تقرير الندوة الكامل من إعداد المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي
كلمة الحبيب الإمام الصادق المهدي الافتتاحية بعنوان: وا أمتاه
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،
اخواني، واخواتي، أبنائي، وبناتي،
السلام عليكم ورحمة الله،
أنا سعيد بهذا اللقاء، فيه وجوه نيرة التي ألتقيناها كثيراً في المناسبات المختلفة، ولكن لأول مرة نلتقي للمدارسة لا للمجاملات الكثيرة في المجتمع السوداني. المجتمع السوداني مجتمع تسامح العلاقات الاجتماعية جعلت بين أفراده جميعاً علاقات طيبة ومستمرة.
أشكر مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم (وهي مؤسسة تساهم مساهمة نوعية أكبر من الوزارة المسماة)، بالتعاون مع المنتدى العالمي للوسطية، على تنظيم هذا اللقاء، ودعوة صفوة من مفكرين ومثقفين ودعاة لدراسة نصوص حول حالة الأمة، أرجو أن يكون ما فيها مفيد، وأرجو أن نستفيد من مداخلاتكم، فالمؤمن مرآة أخيه، والحكمة: نصف رأيك عند أخيك – أو أختك، وكلنا نرجو أن نؤجر من باب (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)[1].
1. الإسلام تمدد في العالم المعمور في 80 عاماً أكبر مما حققت الإمبراطورية الرومانية في عشرة أضعاف تلك المدة.
ومنذ أن تهاوت الدول الإسلامية التاريخية تمدد الإسلام سلمياً في جنوب شرق آسيا، وأفريقيا جنوب الصحراء، وهو اليوم يتمدد في أوربا وأمريكا، ما أفزع بابا الفاتيكان السابق، فخرج عن وقار منصبه مهاجماً الإسلام باللاعقلانية ونهج العنف في محاضرته في سبتمبر 2006م، لعله بالإسلاموفوبيا يصد تيار المد الإسلامي.
كتاب كثيرون قرعوا أجراساً مماثلة:
. "موت الغرب" بقلم باتريك بوكان عام 2002م. موضوع الكتاب: إن تدني نسب توالد سكان الدول الغربية، وغزو اللاجئين يهدد بلدانهم وحضارتهم.
. "يوريبيا" بقلم بات مائير، 2006م: إن أوروبا سوف تفقد هويتها لتصير يوريبيا لا أوروبا.
. "آخر فرصة للغرب" بقلم توني بلانكي. موضوعه: النازيون أخفقوا في احتلال أوروبا. لكن الإسلام المتحمس قد يفعل ذلك.
هنالك كتب كثيرة تدق نفس الأجراس.
2. في الحضارة الغربية من ينظر للإسلام بأعين موضوعية بل بإعجاب:
. قال روبرت بريفولت في كتابه "تكوين الإنسانية": التنوير الحقيقي لأوربا حدث نتيجة الإحياء العربي الثقافي لها عبر أسبانيا.
. ووثق توماس ارنولد في كتابه "الدعوة للإٍسلام" أن الإسلام انتشر بالقوة الناعمة لا بحد السيف.
. وقال مونتجمري واط في كتابه "تأثير الإسلام على أوروبا القرون الوسطى": آن الأوان أن نعترف بديننا الحضاري والثقافي للعالم الإسلامي.
ولكن المفكرين الإستراتيجيين، لا سيما المتعاطفين مع الحركة الصهيونية، نحتوا مفهوم صراع الحضارات، واعتبروا الإٍسلام أخطر من الشيوعية، وخطره ازداد بعد انهيارها. هذا ما عبر عنه برنارد لويس. قال: المسلمون منذ عهد الرسالة المحمدية مسكونون بالسيطرة على العالم. المسلم المعاصر غاضب لأنه فقد المكانة العالمية لصالح الآخرين. لذلك هم يعادوننا ويكرهوننا. أي ليس لأي أسباب أخرى إنما لمجرد هذا السبب.
السياسيون الإمبرياليون يرون أن العالم الإسلامي خطر على هيمنتهم، الحضارات الأخرى كلها اكتفت بأن تكون بصورة ما تابعة، فهم يرون أن العالم الإسلامي خطر على هيمنتهم كما أن موارده وموقعه الجيوسياسي مطلوب للسيطرة الإستراتيجية.
وأهم وسائل تركيع المنطقة هي: حروب الجيل الرابع ووسائلها الآتي:
. دول وطنية هشة، قياداتها بلا شرعية شعبية حقيقية، بل معتمدة على مظلتهم الدفاعية.
. أوضاعهم الاجتماعية تقوم على قلة ثرية وكثرة فقيرة فالحالة حرب اجتماعية باردة مستمر في هذه المنطقة كما قال شاعرنا:
أَيُّها المُصْلِحُونَ ضاقَ بنا العَيْشُ
ولمْ تُحسِنُوا عليه القيامَا
أصْلِحوا أنفُسَا أضرَّ بِهَا الفقْرُ
وأحْيا بمَوتِها الآثاما
. وضع الثروة النفطية تحت الحماية وتغريب الثروة بكل الوسائل الممكنة. يخلق اصحاب هذه الثروة مطالب استهلاكية لكي يحصلوا على هذه الأموال.
. تشجيع النزاعات الطائفية والقومية في المنطقة بهدف تقسيم المقسم. بل يباع السلاح الفتاك لطرفي النزاع على حد قول الشاعر:
يكفيك أن عِدانا أهدروا دمنا ونحن من دمنا نحسوا ونحتلبُ
وفي الطريق إلى هذه الأهداف فإن المنطقة الآن مشتعلة في مواجهات طائفية وقومية لا يمكن أن تنتهي إلى نصر حاسم لأحد طرفيها، بل استنزاف متبادل يرجى أن ينتهي إلى تقسيمات.
لذلك قال ريتشارد نكسون في كتابه "نصر بلا حرب" معلقاً على الحرب العراقية الإيرانية: هذه الحرب بالنسبة لنا أمنية، والأمنية الثانية ألا ينتصر أحد طرفيها.
وفي إفادة إعلامية في 27/11/2011م قال هنري كسنجر: النتيجة المتوقعة هي أن تسيطر أمريكا على سبع دول شرق أوسطية للتحكم في مواردها، وأن يصير نصف الشرق الأوسط تحت سيطرة إسرائيل.
هذه المخططات يساعد الغلاة ووسائلهم الإرهابية في تحقيقها.
معظم الغلاة ليسوا متواطئين مع المشروع الإمبريالي، ولكن مهما كانت أهدافهم مشروعة فإن وسائلهم تساهم في هشاشة دول المنطقة، وتبرير مزيد من التدخلات الأجنبية.
القاعدة تكونت لمواجهة الغزو السوفيتي لأفغانستان، ووجدت دعماً أمريكياً وعربياً كبيراً. ولكن العقيدة التي قاتلوا بها هي إجلاء الغزاة من أرض المسلمين، وبعد ذلك وجهت القاعدة نفس العقيدة ضد الأمريكان لاعتبارهم الداعمين لحكام وموالين لهم ولوجودهم العسكري في المنطقة.
القاعدة في أرض الرافدين تحولت لداعش استجابة لمظالم سنية في المنطقة تكونت بعد احتلال العراق.
3. إذا تركت الأمور كما هي الآن فإن المخططات الإستراتيجية المعادية سوف تكمل مهمتها:
ومَنْ رَعَى غَنَماً في أَرْضِ مَسْبَعَةِ ونامَ عَنْها تَوَلَّى رَعْيَها الأَسَدُ
صحيح أننا نتطلع لخيرية موعودة: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)[2]. ولكن لهذه الخيرية استحقاقات. لا توجد خيرية مجانية.
أهم هذه الاستحقاقات سبعة:
المراجعات المذكورة في البيانين الملحقين بهدف إبرام ميثاق المهتدين، وإبرام مصالحة تضع حداً للمواجهات الحالية. أي بين الجماعات الإسلامية.
صحوة ثقافية توفق بين النقلي، والعقلي وتحقق توطين التكنولوجيا الحديثة في بلداننا.
إصلاح سياسي يقيم ولاية الأمر على المشاركة، والمساءلة، والشفافية، وسيادة حكم القانون.
إصلاح اقتصادي يحقق التنمية والعدالة داخل الأوطان وفيما بينها ويوقف نزيف تغريب الثروة.
بعد الحرب الأطلسية الثانية صرفت الولايات المتحدة ما يعادل تريليون دولار لتأهيل اقتصاد البلدان الأوربية التي دمرتها الحرب. والاتحاد الأوربي صرف بالتريليونات لإلحاق اقتصاد جنوب وشرق أوروبا بها. وكذلك فعلت ألمانيا الغربية لإلحاق اقتصاد ألمانيا الشرقية بها.
عزل التيارات الدينية المعادية بموجب إبرام ميثاق الإيمانيين مع المعتدلين. أي بين أتباع الملل المختلفة.
التعاون مع التيارات الغربية والعالمية الأخرى تحت مظلة وئام الحضارات.
دعم تعاون عالمي حول سلامة البيئة واستنجاز الملوثين وعدهم بالعدالة المناخية.
4. وجود السلاح النووي لدى أطراف معادية لبعضها الآخر يجعل الخيار العسكري الشامل خياراً انتحارياً للبشرية. وخيار الوسائل الإرهابية يأتي بنتائج عكسية.
الخيار الأوسط، أي الأفضل، هو القوة الناعمة وفي هذا المجال فإن الإسلام طاقة روحية، وفكرية، وثقافية، لا تجارى. إسلام يقوم على فهم اجتهادي لنصوص الوحي، وإحاطة بالواقع، والتزاوج بينهما كما قال الإمام ابن القيم. والواقع قال عنه الإمام الغزالي: أما الواقع في رتبة الضرورات لا يستبعد أن يستصحبه اجتهاد وإن لم يشهد له أصل معين.
هذا وبالله التوفيق.
بروفسور الحبر يوسف نور الدائم:
الحمد لله، نحمده ،ونستعينه، ونستغفره، ونشهد أن لا إله إلا هو، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وتابعيه بإحسان.
الشكر الجزيل لأخوتنا الكرام على المنصة وعلى غير المنصة ممن أتى لمناقشة هذا الموضوع الحيوي المهم.
أولا نتقدم بالشكر الجزيل والتقدير الجم لأخواننا في أروقة. ولا نريد أن نكافيء الحسنة بالحسنة ولا الحسنة بالسيئة، إنما نريد طريقة موضوعية بها ننظر للأمور بحيث يكون الموجب موجباً والسالب سالباً.
الإمام الحبيب السيد الصادق المهدي معروفٌ بأنه يعد للأمر عدته. يعني ما رأيناه في يوم من الأيام يأتي هكذا بلا ورقة ولا قلم (كالحبر يوسف) مثلاً، بل يأتي وقد هيأ نفسه للحديث، وفي هذا قطعاً قولاً واحداً احترام لجمهور المستمعين. وفي ذات الوقت لا نريد أن نقصم ظهره بشيء من المديح كما فعل أخونا الكريم في المؤسسة، لا أريد أن أقصم ظهره كما قصم ظهري أخي الكريم الذي قدمني للمنصة، إن كنت لا محالة فاعلا فقل أحسبه كذلك والله حسيب، فلان الذي هو إمام وهو كذا، وهذا طبعاً ليس من باب الجلافة:
بذا فامدحيني واندبيني فإنني فتىً تعتريني هزة حين أمدح
السيد الصادق المهدي أشار إشارات كثيرة جداً إلى بعض الغربيين ممن ينظر نظرة عادلة للإسلام. وهناك من ينظر للغرب كأنه كله عدو يتربص بنا الدوائر. وليام مونتجمري واط الذي أشار إليه في حديثه وكان مشرفا على الأخ البروفسور عبد الرحيم علي وعلى كثير من السودانيين، كان يقول I am a muslim but not with a capital M، (أنا مسلم ولكن ليس بكابيتال إم). إسلام لوجه الله رب العالمين، هذا الذي يجمع بينه وبين العالمين.
أنا أظن أن واحدة من كبريات المشاكل التي تقابل الناس ما يسمى بالآفات القلبية عند اهل التصوف خاصة، كآفة الحسد مثلاً، وهو موجود عندنا نحن معشر السودانيين بنسبة عالية جدا، أي واحد نال قدراً من علم أو من معرفة أو من مال او من ملك أو كذا، ينظر اليه الناس نظرة لا تخلو من حسد، ولذلك يحتاج كثير منا أن يدافع عن نفسه بأن يمدح نفسه . بروفسر عبد الله الطيب قال
انت سخي اريحي محسن تطل على آفاق عصرك من عل
لأنه شعر بأن هناك ناس يتربصون به.
كذلكم بالنسبة للأخ الإمام مثلاً، هناك بعض الناس يحسده على المكانة التي أتاها الله سبحانه وتعالى له، مكانة اجتماعية، سياسية، كذا، ولذلك نحن مطلوب منا أن ننزل الناس منازلهم وأن نعترف بالفضل لأهل الفضل، وهذه صفة من الصفات التي لا تتوافر عندنا كثيراً. كذلك الرجل الذي جاء بالشاة وبالذئب، فعدا الذئب على الشاة التي أرضعته فقال له:
بقرتَ شويهتي وفجعتَ قلبي وأنت لشاتنا رجلٌ ربيب ُ
غذيتَ بدرها وربيتَ فينا فمن أنباكَ أن أباكَ ذيب ُ
إذا كان طباع طباع سوء ٍ فلا أدب ٌ يفيد ولا أديب ُ
محتاجين أن يعترف الناس بعضهم ببعض بالفضل. تجربة طويلة مثلا في العمل السياسي، عقود من الزمان كلها نجعلها ورائنا ظهريا لا لسبب إلا لهذه الآفة آفة التحاسد، نحن نحتاج أن ننقي نفوسنا من صفة الحسد وصفة الاستعلاء، (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ):
كلكم يمشي رويد.. كلكم يطلب صيد.. غير عمرو بن عبيد
عمرو بن عبيد بن بغته أين هو من هؤلاء الذين يعملون في الساحة؟
نحتاج اننا ننقي هذه النفوس. ومن اكبر الآفات التنازع الله عز وجل يقول (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) ذهاب الريح وذهاب القوة بالتنازع.
ولذلك كان بعض من الخوارج يقول:
قل للمحلين قد قرت عيونكم بفرقة القوم والبغضاء والحرب
ما كان أغنى رجالا قل سعيهم عن الجدال وأغناهم عن الخطب
إني لأهونكم في الأرض مضطربا مالي سوى فرسي والرمح من نشب
ماله سوى فرسه ورمحه. محتاجين أن نحاول جاهدين أن نتخلص من مثل هذه الآفات القلبية. ومحتاجين أن نحدد الهدف، يكون عندنا هدف واضح المعالم بين القسمات نسعى إليه بمرجعية. نحن معشر المسلمين مثلاً عندنا الكتاب والسنة، لكن فهمنا للكتاب والسنة (خشوم بيوت) لا يكاد الناس يتفقون على شيء، وهذا أظن أن واحد من أسبابه أننا نسعى في سبيل شخصنة المواضيع. كل واحد منا يريد أن ينال حظاً من المجد والمال والاسم وكذا، كله يحتاج إلى شيء من قوة نفسية هائلة لتحول بينك وبين هذا التحاسد والتباغض.
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه وأيقن أنا لاحقان بقصيرا
فقلت له: لا تبك عينك إنما نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا
هناك إنسان ما عنده كبير غرض في مسألة الحكم كلها، ولكن مسألة الحكم مسألة ضرورية لا بد للناس من إمام، لا بد من قيادة، نحتاج أن تكون قيادتنا القيادة الرشيدة ذات المواصفات المعينة ممكن الانسان يكون محاضر ممتاز يحسن الحديث، ولكنه لا يحسن العمل ولا الإدارة فهذه محتاجة منا لشيء من النظر.
تعاملنا مع الخارج كيف نتعامل مع الآخرين؟ هناك بعض الدول تنظر الينا نظرة دونية حتى هذه الأجهزة أنا أذكر كنا في احدى الرحلات في احدى دول الخليج التي بينها الآن ما بينها من تنازع، كان يظن أن هذا السوداني لا يحسن التعامل ولا حتى مع المايكرفون يرى أنها أجهزة حساسة لا بد ان تتعامل معها برفق، فهذه الصورة يجب أن تتغير تعاملنا كاننا رعاة كأننا ناس اجلاف ولا نحسن التعامل مع التكنلوجيا الحديثة، بل نحسن التعامل مع هذا كله بإذنه سبحانه.
علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم. القلم بعضهم يظنه التعامل الورقي فقط بالقلم، لذلك قال الشاعر محمد أحمد محجوب
يا سارق القلم قد جهلت مكانه لا يعمل الصمصام الا في يدي
هذه فيها نفرة شوية، هذا السيف القاطع لا يعمل إلا في يدي أنا وإذا ذهب لآخر يمكن يبقى.. أظن أننا نحتاج لأن نؤازر بعضنا بعضا ونكتاتف ونجمع صفنا لمواجهة هذا الوضع الماساوي الذي يحيط بنا احاطة السوار بالمعصم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأستاذة فاطمة سالم: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، وعلى رسول الله الموصوف بالعظيم، ومع كوننا نختتم جلساتنا بسورة العصر لا تكون مجالساتنا حول قيمة التواصي.
شاكرة للأستاذين عبد المحمود والسموأل الذي دعاني لهذه الكوكبة المتنوعة التي تشكل حقلا معرفيا للدراسة. اشكر السيد الامام على هذه المبادرة المهمة والأمة تحتاج لهذه المبادرات الفكرية والمعرفية مع استغراقهم في النظر بغلبة السياسة والصراع السلطوي. الزهد في التعامل مع الثقافة والمعرفة أودت بالناس إلى هذا الحال. الورقة فيها فكرة مركزية وسأحاول أن لأقول أفكارا مجملة. ربما المشتغلون في الحراك اليومي في التيارات الفقه مشغولون بقضايا اللحظة وأحاول أن أنظر بصورة أخرى. والتواصل ببعض الالتفاتات الناصحة وليست صادمة.
جزء من الاشكالات التي لم ننتبه اليها في ظاهرة تشكل التيارات والفرق أننا لم ننظر لنظرة القرآن لذلك، فنظرة القرآن أن تعيش الاختلاف وليس التنازع ...حذر القرآن من ظاهرة التشيع والفرق وأن يكون كل حزب بما لديهم فرحون، و"ما كان المؤمنيين أن ينفروا كافة". في الدين، ولكنه في نفس الوقت نظر بإيجابية للفرق: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين". الاتفاق في الدين غير موجود لذلك من الطبيعي أن تحل حالة التنازع لغياب العناية باستنباط المفاهيم المعرفية- ظاهرة التفكر غير موجودة لذلك تسود ظاهرة التنازع وذهاب الريح التي أشار إليها الشيخ الحبر. ولا يزالون مختلفين، ولذلك خلقهم.
الصراع السلطوي والسياسي والزهد في التعامل مع الثقافة والمعرفة جعل الأمة في هذا التراجع وهذا الحال .هذه فكرة مركزية ومهمة.
عدم الاشتغال الكافي باستنباط المفاهيم من داخل النص القرآني.. هذه التيارات محتاجة لأن تنظر في وجودها من هذه الزاوية. هل هذه هي الطريقة المثلى التي علينا تعليمها أن أن هناك مساحات أخرى للالتقاء؟ انظروا للطريقة التي يتحاور بها المختلفون برغم انهم من اهل قبلة واحدة لكن طريقة ادارة الحوارات تنتهي حد الاحتراب وتستدعي ان ننظر نظرا مخالفا.
هناك آفات معرفية أخرى ساهمت في ظاهرة التفرق السالبة ومنها غلبة الذهنية السلطوية التي يسرت استحلال الدم بهذه الطريقة ومسألة استحلال الدم بهذه الطريقة التي لا تجد لها دفعا حقيقيا وهي مسألة محيرة، وليست وقفا على جماعات التطرف بل حتى في الثقافة السياسية، وكيف أن النظم السلطانية تستحل دم المعارض وال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.