في كتاب من القطع المتوسطة بعدد 215 صفحة من دار الجامعة اللبنانية الامريكية قدم الاستاذ محمد حلمي عبد الحافظ كتاب السياسي الاسرائيلي الشهير شيمون بيريز الموسوم (الشرق الاوسط الجديد) ، واقدم استعراض لهذا الكتاب لانه يمثل رؤية سياسية هي حصيلة تجارب دولة الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية بعد تدافع وحروبات ،توصل السيد شيمون بيريز الي ان مفهوم العسكرة لم يعد مجديا لضمان امن اسرائيل ويجب اعتماد طريق التكامل والاندماج في محيطها تحقيقا لاهدافها وبقاءها كقوة كبري ،لنستعرض افكار الكتاب معا . 1. يذهب شيمون بيريز لاظهار اسرائيل التي ناضلت وحاربت ست حروب دامية ليؤسس دولتها وكان هناك ايمان عميق بأن الارض ارضهم التي غادرها اليهود في ظرف تاريخي محددوقد عادوا اليها بجدارة وشكلوا قوة عسكرية صمدت وقدمت تضحيات كبيرة، والان بعد هذي الحروبات ثبت بما لايدع مجال للشك ان الحرب ليست هي الوسيلة الملائمة لتحقيق امن اسرائيلمهما بلغ تفوقها العسكري ، فاسرائيل التي تملك الجيوش والاسلحة التقليدية والنووية واسلحة الدمار الشامل والدعم الغربي لم تستطع ان تحسم معاركها وتحقق نصر ،وبقدر ما كسبت من جولات عسكرية لكنها لم تصل الي نصر مريح يمكنها من العيش بسلام في محيطها. 2. اسرائيل بطرحها مشروع السلام بوساطة امريكية واوربية (لم تهدف الي تغيير المسار من التصور التقليدي للدفاع الوطني القائم علي انظمة التسلح الي تصور قائم علي الاتفاقيات السياسية ويضم عناصر اخري مثل الامن الدولي والاعتبارات الاقتصادية ) (شيمون بيرز ،مشروع الشرق الاوسط الجديد ، ص32) عاد شمون بير ليعبر بان هنالك تحولات علي مستوي التظام العالمي تستوجب ان تتعامل معها اسرائيل بكل جدية . 3. مفهوم القوة في المدرسة الدفاعية حدث فية اختراق ويشير شمون بيرز الي ان مفهومي الجغرافيا والحدود وارتباطهما بالامن القومي في المدرسة التقليدية الدفاعية سابقا ، كانت الحدود ومسالة الدفاع عنها توفر لها الجغرافيا عمق استراتيجي حصين ، اذا دافعت بصور جيدة عن الحدود وتم منع اختراقها لان مفهوم الامن القومي التقليدي هو الدفاع عن الدولة وحمايتها من المهددات الخارجية ، ومدخل خذه المهددات عبر الحدود ، فمتي ماتم تامينها يصبح اختراقها صعب ويذلك يحمي الامن القومي للدولة ، هذا المفهوم كان سائدا في اسرائيل حتي في حروبها التوسعية الست وحتي في ضرباتها الاستباقية ضد خصومها ، ومع تطور نظريات تشغيل الاسلحة اصبح مفهوم العمق الجغرافي الأمن غير فعال ،اذ استطاعت انظمة الصورايخ بعيد المدي ان تهدد وتصل للعمق الاستراتيجي الامن لاي دولة (ليس هناك اطلاقا حل عسكري لمشكلة الاسلحة غير التقليدية التي لاتفرق بين المؤخرة والمقدمة والتي تعطي بعدا جديدا ومخيفا لعبارة (الحرب الشاملة ) وبفضل الصورايخ بعيدة المدي اصبح بالامكان ايصال ادوات الدمار الشامل اي هذي المناطق الماهولة بالسكان ،في وقت يقف فيه الناس عاجزين امام قدرتها التدميرية ) (بيريز ،ص 34) وبهذا فان اي استحكامات طبيعية او صناعية ومواقع حشد القوات ليس لها اهمية امام القدرات الصاروخية (فقد حلت العوامل البالستية امام العوامل الجغرافية) (بيريز،34). 4. امن اسرائيل حسب رؤية شيمون لا يتوقف علي صناعة القوة فحسب بل علي حساب ان الخصوم مقدرات صاروخية صغيرة يمكن ان يخترقوا عمقها الجغرافي الحصين ، وان اسرائيل حققت الكثير من اهدافها ، لذلك مشروع السلام اذا قدر له النجاح فانه افضل من الدخول في مواجهات جديدة ، تنبأ شيمون بيريز بمشروع الشرق الاوسط الجديد، وقال أن تركيز السلام والتنمية الاقتصادية والتعاون التكنولوجي افضل لأسرائيل من المزيد من المواجهات والحروب (علي ان ما يصلح لبقية العالم يصلح لاسرائيل والعالم العربي ) (بيريز،38) ويري السيد شيمون بيريز (الحل الذي يقود الي كسر دائرة الشر هذي فهو واضح ويكمن في سحق حواجز الكره والحقد ورفع شعار لاحروب بعد اليوم ولا سفك دماء ) (بيريز ، ص 39) ، واعتقد ان الحديث (المفخخ) لشيمون بيريز يصوره بانه رجل السلام الاول والساعي لحل ازمات الشرق الاوسط ، وهو في من اوغل يده في دماء كثيرة سالت في المواجهات مع العرب في أوقات سابقة . ولكنة يدرك ان القوة وحدها ليست كفيلة بضمان امن اسرائيل ،مع محاولات (عراق صدام حسين ) تطوير اسلحة نووية سواء اذا كان ذلك صحيحا ام ادعاء وبرنامج ايران النووي واتساع النادي النووي ، بحيث يصبح السلاح النووي امرا متاح لكل من يجتهد ، وان اجتهدت الدول العظمي في منع انتشاره ، ولن يكون متيسر و متاح ، وان اجتهدت الدول العظمي في منع انتشاره ولن يكون محتكر للقوي العظمي وكذلك القوي البالستية الصاروخية ، مما يعني ان اي صراع في المسقبل سيكون باهظ الثمن ، وحتي لو احتكرت أسرائيل القوي والقدرات التدميرية ، فان سلاحها النووي غير مجدي قي اي حرب ،فأن اثر الاشعاع سيحرق اسرائيل ستكون (حرب الجميع ضد الجميع) لذلك تسعي اسرائيل لتاسيس حالة السلام كأولوية لضمان أمن اسرائيل. 5. اسرائيل الدولة القوية ذات الجيوش النظامية والاسلحة الرهيبة وجدت نفسها تطارد في الصبية والاطفال في أزقة وحواري نابلس وغزة (اطفال الحجارة) مما شوه صورة اسرائيل في الذهنية العالمية ،انها تعبئ سلاحها ل(حرب اطفال) أضرت هذه الصورة كثيرا بها، وعلي الرغم من ذلك تجد نفسها (ستواصل الوجود وخصومها لن يستسلموا) (بيريز،ص49) وتتحول المنطقة الي حالة الاسلم (تنشب الحرب لان الواقع لايطاق بالنسبة لاحد الاطراف) (بيريز،ص49) وأجبرت اسرائيل لتكون ثكنه وحامية (يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وقطاع عزة (عزه)وهذا دليل علي عقم الامر الواقع الذي فرض علي اسرائيل) (بيريز،ص ص،52-53) 6. يفخخ السيد شيمون بيريز دعواه بالحاجة للاستقرار والتنمية في الشرق الاوسط الذي يحوي موارد رهيبة نفطية ومائية و ارارضي زراعية وثورات معدنية وايدي عاملة ليهمن عليها ، وهو يحتاج للسلام للخروج من مأزق الحرب ، يقول ( فقد وعد المجتمع الدولي وشركائنا بتقديم المساعدات اذا حقق السلام وتم الاعتراف باسرائيل من قبل دول الشرق الاوسط وتعزيز القدرات في كافة المجالات) (بيريز ،ص9) ، ويمضي قائلا ان المجتمع الدولي سئم الحرب وقطاع كبير من الاسرائيليين لذلك تم طرح مشروع التسوية الشاملة في محادثات (اوسلو) وكانت الالتزامات الدولية عبارة عن محفزات شاملة للاستقرار في الشرق الاوسط. 7. السلام أصبح اولوية لان الصراعات لم تحسم الخلافات وكل طرف متمسك برؤيته (السلام بين اسرائيل وجيرانها سيخلق البيئة الموائمة لاعادة موسسات الشرق الاوسط. وقبول العرب باسرائيل كاملة ذات حقوق ومسئولبات متساوية ، بل البلدان العربية ايضا ،وذلك سيغير وجه المنطقة ومناخها الايدولوجي ) (بيريز ،ص61) ، ويعود بيريز لينكص عن رؤية السلام والتي يريدها علي غرار مصالح اسرائيل مما يؤكد نواياه (غير المتزنة) لاجبار العرب علي سلام مقابل المساهمة في تطوير القطاعات الاقتصادية والتكنولوجية كمحفزات لقبول (اسرائيل دويلة الاحتلال) وفرض سياسة الامر الواقع.يمضي شيمون بيريز يقول مفخخا الامر الواقع (هدفنا النهائي هو خلق أسرة اقليمية من الامم ذات سوق مشتركة وهيئات مركزية مختارة ،علي غرار الجماعة الاوربية) (بيريز، ص ص،62-63) ويذهب الي اكثر من ذلك ويقول انه يريد ان يتحقق (الاستقرار السياسي ،والاقتصاد ، الامن القومي واشاعة الديمقراطية) (بيريز، ص ص،62-65) ، يبرر شيمون بيريز حالة السلام ممكنة ويذهب الي ان الاوربيين كانت بينهم عدوات ولم يكن احد يتوقع انهم يتعاونوا قطعا (النزاع العربي الاسرائيلي ليس اكثر حدة من النزاع بين الاوربيين في الحروبات التي قادوها سابقا )(بيريز،ص73). 8. يدعي شيمون بيريز بأنه في كل الحروبات السابقة كان الجنود يتحملوا عبء الحرب ، لكن مع تطور القدرات الصاروخية ، فأن المناطق المأهولة بالسكان أضحت هي الهدف الرئيس (أي أستخدام للاسلحة البالستية سيحول الشرق الاوسط الي مقبرة) (بيريز ،ص83) ، وهنا بيريز يتحسب الي أن خصوم أسرائيل يمكن أن يملكوا قدرات صاروخية يمكن ان تلحق الاذي بأمن اسرائيل ، التي وأن تسلحت فأن الخسائر ستطالها وستكون العواقب وخيمة لليهود، ويشير الي ان القوي العظمي وأن أختلفت ايدولوجيا وتقاطعت مصالحها ( إلا أنه لم تقم حرب علنية بين الخصوم الكبار) (بيريز ،ص85). 9. ويدعو السياسي الاسرائيلي شيمون بيريز للانصراف الي اقتصاد السلام بدلامن أقتصاد الحرب ويري (أن الشرق الاوسط يحتل المرتبة الاولي في أنفاقه علي ألاسلحة بين مناطق العالم في انفاقه علي ألاسلحة والتسلح بالنسية لاجمالي الانتاج القومي) ( بيريز ،ص95). 10. يؤكد شيمون بيريز اهتمام اسرائيل بالموارد علي رأسها المياه والنفط (الماء الذي هو عنصر أساسي في السياسة والاقتصاد،في كثير من انحاء العالم،فأن أستخدام المياه سيكون عنصرا أساسيا في الشرق الاوسط) (بيريز،ص133) ويري أ أسرائيل تمتلك تكنولوجيا فاعلة يمكن ان تساعد في زيادة الانتاج ، وهي (دعوة مسممة) من شيمون بيريز للاستفادة من المياه العربية والنفط والايدي العاملة العربية ،.ويشير الي الزيادة الرهيبة في معدلات السكان والحاجة الي ادماج التكنولوجيا ألاسرائيلية (الحاجة لتطوير البنية التحتيةلتلائم هذا العصر من السلام) (بيريز ،ص149) ، وفتح الحدود لتنقل السكان بحرية لتطوير قاعدة الاقتصاد (فتح الحدود وأن ظلت الاجراءات والقيود التقليدية معمول بها في مجال العبور) (بيريز،ص168)، وذلك لاقامة كونفدرالية بمكوناتها الثلاث (الحدود، التنظيم والحكومة)(بيريز، ص190). 11. يري السيد شيمون بيريز انه بمثل ما ينادي العرب بحل مشكلة الاجئين فأن أسرائيل لديها لاجئين من البلدان العربية ، فروا وتركوا خلفهم منازلهم وأموالهم وأستقبلتهم الدولة العبرية ،فان من العدالة ايجاد حل عادل ومتوزان هو توطين الاجئين الفلسطنيين في البلدان التي أستقبلتهم (أستقبلت أسرائيل عدد مساو من اليهود الاجئين من البلدان العربية ووفرت لهم اسباب المعيشة) (بيريز ،ص205) وقدر اليهود الذين فروا من البلدان العربية بحوالي 600 الف لاجئ يهودي، وهذا لعمري أدعاء لايسنده منطق لان اسرائيل نفسها دويلة احتلال شردت الاهالي بينما اليهود وفدوا للبلاد العربية للعمل مهاجرين وليسوا سكان أصليين فيها. ويطرح (حل عقيم) هو (تغيير الاماكن وتبادل مظاهرها الديمغرافية) (بيريز،ص208) ، ويرفض عودة المهجرين قسريا من الفلسطنيين (لان هذا سيحول الاغلبية اليهودية الي أقلية) (بيريز، ص209) ، ويري الحل هو منحهم جنسيات الدول التي هربوا اليها مع التزام أسرائيل بتحسين بيئة عيشهم (أستراتيجية المساعدات يجب أن تستبدل بأستراتيجية انشاء بنية تحتية) (بيريز،ص209). 12. يعود شيمون بيريز ليرواغ مرة اخري ويقول ان الكونفدرالية قادرة علي استيعاب الاجئين كما استوعبت اسرائيل الاجئين اليهود، اذا قامت هذي الكونفدرالية (بالنسبة للفلسطنيين في الشتات ، فأن اي من الفلسطنيين لن يحرم من حق دخول المنطقة الكونفدرالية، مثلما لايوجد حق أدبي في أنكار حق أي يهودي في القدوم الي إسرائيل) (بيريز،ص214). انطباعات عامة علي مشروع رئيس وزاء اسرائيل السايق: 1. ماتم طرحه يدعم الرؤية الاسرائيلية ويسعي الي فرض الامر الواقع علي اعتبار ان إسرائيل قائمة ولن تتراجع عن مشروعها ، بل يمكن لاسرائيل من التوسع وابتلاع الاراضي التي احتلتها ، بل تمد يدها نحو الموارد وتشارك في خلق كونفدرالية يكون لها نصيب وافر من السلطة في البلدان العربية 2. بيريز لم يحدد جغرافيا الكونفدرالية التي يدعو لها لكن مما يستشف من احاديثه وخواطره انها تمتد وفق رؤية إسرائيل من النيل الي الفرات مما يوسع دائرة الصراع العربي الاسرائيلي وهذي (أحلام يقظة) 3. بيريز يتحسب لحرب قادمة يمكن ان تتطور فيها الاسلحة ويمتلك العرب قدرات بالستية مما يعني ان خسائر إسرائيل ستكون فادحة، وفي أعتقادي ان العنصر النووي غير مفيد لاسرائيل لان مدي الدمار اذا ما استخدمته سيطالها ايضا ، لذلك يطرح رؤية السلام التي تعززها تجربة إسرائيل التكنولوجية وقدرتها علي استجلاب الدعم الدولي وتحقيق الرفاه. 4. اري ان شيمون بيريز يراهن علي قضايا حساسة ولكنه يتوهم وأن سلاما مثل هذا هو نصر لاسرائيل وتحقيق لاهدافها الاستراتيجية، وعلي الرغم من ذلك فأن قطاع عريض من اليهود المتشددين يعارضوا رؤية بيريز ويروا ان القوة تحقق لهم مكاسب علي حساب العرب الذين لن يحاربوا ولن يملكوا قدرات قتالية مخيفة وان عنصر الردع بيد إسرائيل، وبالمقابل تبقي رؤية بيريز عبارة عن أوهام في المدي القريب...... هذا والله اعلم د.بشير احمد محي الدين الخرطوم عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.