امتداداً لمشروع (الشرق الأوسط الجديد)، الذي يستهدف نسف الكيانات العربية القائمة حالياً على أساس وطني وتقسيمها إلى دويلات طائفية وعرقية متحاربة، يأتي مشروع (تفجير منطقة القرن الأفريقي) باعتبارها منطقة إستراتيجية متاخمة للوطن العربي، ليشكل المشروعان الأساس الذي يمكّن الكيان الصهيوني المسمى ب(إسرائيل) من التمدد والتوسع في شتى الاتجاهات، تحقيقاً لما هو مكتوب لديهم في باب برلمان الكيان الصهيوني المسمي ب(الكنيست): (أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل). وتشكل (الإدارة الأمريكية) أقوى المظلات والأغطية التي يستخدمها الكيان الصهيوني في تنفيذ مخططاته وذلك بحكم السيطرة (اليهودية الصهيونية) على أقوى المؤسسات في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وكمقدمة لتفجير منطقة القرن الأفريقي في حروبات وصراعات (عبثية)، شهدنا خلال الشهور الماضية مناوشات (إعلامية) وأخبار (مدسوسة) ومعلومات (مغلوطة) وتحليلات (شائهة) يتم نشرها من خلال وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية، بوعي وبلا وعي، تستهدف تعكير صفو العلاقات بين السودان ومصر وأثيوبيا وإرتريا، وشحن الشعوب في هذا المنطقة بأحقاد وتوترات وتسميم الأجواء لجعل أي (حماقات) ترتكبها أي (حكومة) من حكومات تلك الدول (مبررة) لدى شعبها، ويصبح ذلك هو (المدخل) لتفجير منطقة القرن الأفريقي مضافاً إليها السودان ومصر، وهما دولتان عربيتان مستهدفتان من قبل الكيان الصهيوني وحلفائه بالتقسيم. أهمية منطقة القرن الأفريقي والسودان ومصر: إن منطقة القرن الأفريقي التي تضم (أثيوبيا وإرتريا والصومال وجيبوتي) تعتبر منطقة إستراتيجية حساسة للغاية بالنسبة للعالم، وللدول الكبرى التي تسعى للهيمنة وتنظر لأمنها القومي على أساس أنه يمتد ليشمل كل العالم، ويزيد من أهمية منطقة القرن الأفريقي أنها تسيطر على باب المندب الذي يعتبر أهم ممر مائي عالمي في منطقة تهيمن على الحصة الأكبر من احتياطي وإنتاج النفط وتصديره للعالم. أما مصر فهي قلب الوطن العربي وأكبر الدول العربية سكاناً وإمكانيات عسكرية واقتصادية وإعلامية، ولها دور إستراتيجي في المنطقة، ولذلك فهي مستهدفة أما ب(التطويع) و(الاستخدام) وأما (بالتفجير والتقسيم). ويأتي السودان ليشكل أكبر الدول العربية من حيث الموارد والثروات الطبيعية البكر، وهو يقع في منطقة إستراتيجية مهمة تشكل جسر التواصل بين الوطن العربي وأفريقيا، وقد أصبح منذ الخمسينيات – بجانب العراق - دولة رئيسيية مستهدفة في إستراتيجية الكيان الصهيوني بالتقسيم على أساس عرقي، وذلك لأن العراق والسودان يشكلان دولتي إسناد (مركّز وقوي) لدول المواجهة مع الكيان الصهيوني. ومن هنا فإن المخطط (القديم الجديد) يستهدف إثارة الحروب بين دول المنطقة التي تشمل السودان ومصر ومنطقة القرن الأفريقي، استكمالاً لما يحدث اليوم في الوطن العربي من (انفجارات) في حروب عبثية تستهدف تدمير البنيات التحتية والجيوش الوطنية العربية وتقسيم الكيانات العربية القائمة حالياً على أساس وطني إلى كيانات طائفية متحاربة لصالح الكيان الصهيوني. المشهد الإعلامي في الساحة المستهدفة: إن (المشهد الإعلامي) في الساحة (المستهدفة) المكونة من مصر والسودان ومنطقة القرن الأفريقي، قد أصبح (مشهداً مسموماً) بما يتضمنه من محاولات لإثارة (الضغائن) وسط الشعوب ب(افتراءات) ومعلومات (مضللة) وافتعال قضايا ليس لها أساس من الموضوعية. فعندما يهاجم (بعض) الإعلاميين المصريين زيارة الشيخة موزة للسودان، وزيارة الرئيس التركي أردوغان وما تمخض عنها من نتائج، ويطالب (البعض) قضائياً بإبعاد سفير السودان من القاهرة، فإن هذا الفعل لا يستند على أي أساس موضوعي، ولا يشكل سوى (عبث) و(ترُّهات) (فارغة) إذ أن السودان لم (يخطئ) في (حق مصر) شيئاً عندما استقبل أوردغان أو الشيخة موزة أو أرجع سفيره إلى مصر. وهذا الفعل (المحدود) هو فعل (مدسوس) يستهدف تعكير صفو العلاقات بين الشعبين الشقيقين والدولتين الشقيقتين وإثارة (الضغائن والكراهية) لتحضير الأجواء للمخططات القادمة. وعندما يتحدث (بعض) السياسيين وينقل (القليل جداً) من الإعلاميين في السودان أخباراً عن (إرتريا) وإمكانية (تحالفها) مع مصر واستقبالها لمتمردين للقيام (بعمل عدائي) ضد السودان، فإنهم يجافون الموضوعية والعقل، ويثيرون ما هو (مضحك ومحزن من القول). إن (حكومة إرتريا) و(حكومة السودان) – و(ليس شعب السودان وإرتريا) -، كانتا على خلاف في فترة زمنية محددة نتيجة لاستقبال كل طرف لمعارضة الطرف الآخر، وقد تمت إزالة سوء الفهم وانتهت تلك الخلافات وتمت تصفيتها بصورة نهائية وعادت العلاقات بين السودان وإرتريا إلى مكانها الطبيعي، ودولة إرتريا اليوم هي دولة شقيقة وجارة عزيزة وهي بكل مكوناتها من حكومة وشعب ومعارضة ولاجئين ليست لديها أي نوايا (شريرة) ضد السودان، وليس بين الشعبين والدولتين سواء كل (الحب والود والاحترام)، وإرتريا دولة تقوم على الاستقلالية في السياسة الدولية وليست جزءاً من (الأحلاف الدولية)، وهي دولة (جديدة وناشئة) تتلمس دروبها نحو التنمية، ولها ما يكفيها من المشاغل، ولا ترغب في الدخول في أي حرب مع أي دولة حتى مع من يحتل حالياً جزءاً من أراضيها (أثيوبيا). ولا داعي (للتُّرهات) التي يثيرها البعض بلا مبرر. وعندما يكثر الحديث عن مهددات لحصة مصر من مياه نهر النيل من قبل إثيوبيا والسودان، أو نية مصر في القيام بعمل عسكري ضد السودان وأثيوبيا بغرض حماية حصتها من المياه، ثم يطالب مسؤول سعودي بحماية حصة مصر من مياه النيل، وتتعمد بعض أجهزة الإعلام نقل مثل تلك (الأخبار الزائفة)، وكأنها تريد صب الزيت على النار، فإن الواضح أن تلك (المعومات المغلوطة) ليست سوى (أفخاخ) تنصب لتعكير العلاقات بين مصر والسودان وأثيوبيا وتحضير الأجواء لما يراد بالمنطقة من شر. المواقف الرسمية لرؤساء الدول الأربعة: إن تصريحات واضحة قد صدرت عن الرئيس المصري يؤكد فيها أن مصر ليست لديها أي اتجاه للقيام بعمل عسكري ضد السودان وأثيوبيا، وصدرت توجيهات من الرئيس المصري لأجهزة الإعلام المصرية بالكف عن الإساءة للسودان. ومن جانب آخر فإن الرئيس السوداني قد أكد أن السودان يسعى لحل خلافاته مع مصر حول (حلايب) بالطرق الدبلوماسية والتحكيم وليس بالحرب، وبالتالي ليس للسودان نوايا بشن حرب ضد مصر، كما أن الرئيسين السوداني والإثيوبي قد أكدا حرصهما على عدم الإضرار بمصالح مصر في مياه النيل، وهنالك لجان تضم السودان ومصر وأثيوبيا لحسم أي جدل حول سد النهضة. وكل هذه التصريحات من قبل الرؤساء لا شك في مصداقيتها. ومن ناحية أخرى فقد أدلى الرئيس الإرتري إسياس أفورقي بتصريحات تنفي وجود أي قوات مصرية في قاعدة "ساوا" العسكرية في إقليم "القاش بركا" الإرتري المحاذي لولاية كسلا على الحدود السودانية الشرقية، ونفت مصر بدورها ذلك، ولا تواجد أي شواهد لوجود متمردين سودانيين في إرتريا ينوون تهديد السودان من الشرق، ولا يوجد أي مبرر لافتعال خلافات بين السودان وإرتريا، وهما دولتان جارتان تعانيان من مؤامرات دولية عليهما، والشعب الإرتري والشعب السوداني تربطهما علاقات التداخل القبلي بين الدولتين الذي يشمل خمس قبائل، وعلاقات المصير المشترك. فالذين يستهدفون القرن الأفريقي وإرتريا بالتحديد بالتفجير يستهدفون معه السودان أيضاً. وإذا كان السودان يلعب دوراً مهماً في محاربة الاتجار بالبشر، وعليه أن يستمر في هذا الدور، فإن ذلك لا يقتضي قفل المعابر الحدودية مع الشقيقة إرتريا، وذلك لأن قفل المعابر يلحق الضرر بالشعبين من كل النواحي الاجتماعية والإنسانية والتجارية والاقتصادية وبدون مبرر. والحديث عن أن السودان مهدد من حدوده الشرقية لا يستند على أي وقائع على الأرض. ما المطلوب إذن: إن المطلوب أولاً هو أن تكون قيادات وأحزاب ودبلوماسيو الدول الأربعة على قدر عالٍ من المسؤولية والانضباط في التصريحات، وأن تركز تلك القيادات على ما هو إيجابي، وأن تسعى لمعالجة أي قضايا عالقة بالطرق الدبلوماسية وبدون ضجة إعلامية بحيث لا يخرج لوسائل الإعلام إلا ما هو إيجابي. وأن تكون تلك القيادات واعية بأن هنالك مخططات تستهدف تفجير المنطقة وأن هذه المخططات لابد من (إجهاضها وقبرها) وأن على قيادات هذه الدول أن تتكاتف للبحث عن سبل تطوير التعاون فيما بينها في كل المجالات لمصلحة الشعوب. والمطلوب ثانياً هو أن تكف أجهزة الإعلام في البلدان الأربعة المذكورة عن اللجوء للإثارة وتضخيم الأخبار (الزائفة) ونشرها بالخطوط العريضة وكأنها وقائع، وأن تركز على نشر ما هو إيجابي من الأخبار والتصريحات من قبل المسؤولين في الدول الأربعة. إن هنالك تحليلات زائفة وأخبار مغلوطة وتعليقات (مفخخة) من قبل عدد قليل من الإعلاميين من المهم جداً مواجهتها من قبل الاغلبية الساحقة من الإعلاميين الذين تهمهم مصلحة بلدانهم قبل المصالح الشخصية. أما الشعوب في البلدان الأربعة فهي على قدرٍ عالٍ من الوعي، وهي سباقة في استيعاب حجم المؤامرة التي تستهدف نسف القاعدة الاجتماعية الراسخة عبر تفجير الصراعات بين الدول والشعوب، وهي مدركة لحقيقة أن (التغيير) داخل كل بلد لابد أن يكون ثمرة من ثمرات نضال الشعب وليس عبر تدخل خارجي لن يؤدي في النهاية إلا إلى تدمير الوطن كله فوق رؤوس ساكنيه وتمزيقه. إن المؤامرة الراهنة ضد منطقة القرن الأفريقي والدول المجاورة لها (السودان ومصر)، لابد من التصدي لها بصورة مبكرة والعمل على كشفها وتعبئة الشعوب ضدها لحراسة أوطانها قبل أن نجد بلداننا الأربعة أشبه بالصومال واليمن وسوريا وليبيا والعراق، وذلك عبر تفجير حروب لا مبرر لها بين تلك الدول الأربعة يدفع ثمنها الشعب. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. //////////////////////////////////////