مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكامل آليات التغيير .. بقلم: د. الشفيع خضر سعيد
نشر في سودانيل يوم 14 - 05 - 2018

وسائل وآليات التغيير، ليست مجرد فنيات وتقنيات، وإنما هي عملية سياسية وفكرية من الدرجة الأولى، تتضمن عددا من المفاهيم المستخلصة من التجارب الملموسة. وبالنسبة لتجربة السودان، فهذه المفاهيم تشمل: الإضراب السياسي والعصيان المدني والانتفاضة السلمية والانتفاضة المحمية والعمل المسلح والحصار الدبلوماسي والحوار والتفاوض. ومن الطبيعي أن تتباين الرؤى، داخل قوى التغيير، بما في ذلك القوى المنتظمة في تحالفات سياسية، حول هذه الآليات، فهذا يدعو إلى الانتفاضة، وذاك يتبنى الحوار والتفاوض، وثالث يتمسك بالعمل العسكري. لكن، بمزيد من الجهد والمثابرة، يمكن في نقطة ما توحيد هذه الرؤى المتباينة، أو، على الأقل، إبداع كيفية تكاملها، أي يكمل كل منها الآخر ولا يفترض نفيه، لأن في استمرار هذا التباين تهديدا لوحدة قوى التغيير وهزيمة لقضيتها. وهكذا، فإن رفض تصادم وتناقض تكتيكات وآليات ووسائل التغيير، والتمسك بضرورة وموضوعية التكامل وجدلية العلاقة بينها، هي فكرة محورية لنجاح عملية التغيير. مثلا، من الصعب، بل ومن غير الممكن، طرح العلاقة بين آليات العمل السلمي والآليات الأخرى بطريقة «مع أو ضد»، أو «يا هذا يا ذاك». فالقوى المصطرعة تسعى لحسم الصراع لصالحها، متبنية آليات عملها، في الغالب حسب حدة الغبن الاجتماعي/الاثني، وحسب الآلية التي يتبناها الآخر، بما في ذلك آلية التجاهل المستمر وعدم الاعتراف. لذلك ليس غريبا على أهل المناطق المهمشة حمل السلاح، بينما يفترش أهل المناصير الارض، ويلجأ ملاك الاراضي في الجزيرة للقضاء، ويتظاهر طلاب الجامعات. ومن ناحية أخرى، ورغم ان آلية النضال المحددة تخضع لطبيعة الصراع في المنطقة على أرض الواقع المعاش، فإن ردة الفعل الحكومي، عادة، لا تخضع لأى تقديرات. فهي عنيفة في كل الاحوال، سواء تجاه الطبيب علي فضل الذى ظل يقود نضالا سلميا حتى لحظة استشهاده تحت التعذيب، أو الطبيب خليل إبراهيم الذي كان يقود تمردا مسلحا حتى لحظة استشهاده في الميدان.
ومهمة خلق آليات التغيير الناجعة، لا يمكن أن تقوم بها قوى سياسية دونا عن الآخرين، مهما دُعمت من قاعدة جماهيرية واسعة أو بلغت من جسارة. ولما كان بناء دولة العدالة في اقتسام السلطة والموارد، هو الهدف المشترك بين القوى السياسية المختلفة، فمن الطبيعي أن تتكامل أطروحاتها حول آليات التغيير حتى تنتج فعلا يخترق حاجز الإختلاف والتباين السطحي. وإذا كان هناك فعل سياسي معارض حقيقي تحت مظلة أي آلية للتغيير، فانه لن يصيب أي فعل آخر تحت أي آلية أخرى بالسكتة القلبية، بل سيدعمه ويفتح له فرصا جديدة. مثلا، أي تسوية سياسية يفرضها تيار الاصلاحات، وتحدث خلخلة للنظام، ستكون خطوة جيدة في اتجاه تحقيق هدف استعادة دولة المواطنة الديمقراطية. كما أن تعدد آليات التغيير لا يعنى تشتت الرؤى، بقدر ما يعكس إهتراء الغطاء الذى يتدثر به النظام. فها هو يترنح ما بين عوامل الاستقرار وعوامل الانهيار ولا يعرف كيف يتعرف على صورته المدبلجة بعد سقوط كل دعاوى الدين في برك الفساد الآسنة. إن التكامل بين آليات التغيير المختلفة، والذي قد يتم بترتيب أو بدون ترتيب، سيدفع الناس إلى التحرك في كل الاتجاهات، ليداهموا ما دنسته وخربته السلطة الشمولية، فيوسعونه تنظيفا وتعديلا، حتى تخرج المبادرة السياسية لتعلن عن إرادة شعبية قوية تشل حركة أي عائق للتعايش السلمي وللنماء والتقدم.
البعض يخلط بين أهداف التغيير ووسائله، فيعبر عنهما وكأنهما كتلة واحدة، وهما ليس كذلك، رغم لا انفصام لعُرى ارتباطهما. وهذا الخلط، يسبب الالتباس، محدثا صراعات جانبية لا طائل منها، وإهدارا للجهد والطاقات والوقت. أنظر إلى المماحكات حول إسقاط النظام أم تغييره..!، في حين من يتحدث عن إسقاط النظام لا يتحدث عن وسيلة بل عن هدف، صحيح هو في حد ذاته وسيلة لتحقيق غاية أكبر، أما الوسيلة فهي الكيفية التي يتم بها الإسقاط هذا. والمتحدث عن التغيير، يتحدث عن هدف وغاية، أما الوسيلة فهي كيفية إنجاز هذا التغيير. وإذا اقتربنا أكثر نحو الملموس، نجد أن الأهداف المعلنة للتغيير، والتي تتبناها كل القوى الساعية للتغيير، تدعو لتفكيك دولة الطغيان والإستبداد لصالح فتح الطريق لإعادة بنائها على أساس لا مركزي، يراعي التعدد الإثني والديني والثقافي والنوعي، ويلتزم العدل في اقتسام السلطة والثروة... ولا أعتقد أن هنالك عاقلا يرفض أن تتحقق هذه الأهداف بأي من وسائل التغيير المتاحة، علما بأن شكل ومحتوى البديل الناتج من عملية التغيير، سيتحدد إلى درجة كبيرة بالآلية أو الوسيلة التي سيحدث بها هذا التغيير. فالطابع الجماهيري الانتفاضي للتغيير، يعني ترسيخ الحريات والديمقراطية والسير قدما لتفكيك الشمولية ودولة الاستبداد. والطابع غير الجماهيري لإحداث التغيير، انقلاب مثلا أو عمل مسلح، تكمن داخله إمكانية فرض الوصاية واستمرار مصادرة الديمقراطية وسرقة أحلام الجماهير لصالح المجموعة العسكرية. بينما آلية التفاوض تتطلب القبول باحتمال أن النظام القديم، أو أحد مكوناته، بشكل أو بآخر، سيكون جزءا من البديل الجديد، كما تتطلب التحسب لإمكانية إعادة إنتاج الأزمة، ومن ثم منع ذلك. أعتقد بهذا الفهم، وبالنظر إلى إقتراب هذا التنظيم أو ذاك من الأهداف أعلاه، يمكننا تفهم ما يتبناه من وسائل ونبحث في كيفية تكاملها مع وسائلنا، دون الانزلاق إلى محاكمة الوسائل، أو تفتيش الضمير وتوزيع الاتهامات الجزافية أن هذا «غواصة» وذاك «منبرش»، والآخر يسعى إلى صفقة...!، وما الحكم، من قبل ومن بعد، إلا للشعب السوداني. وتبقى الإشارة إلى أفضلية آلية الحراك السلمي الجماهيري لإحداث التغيير المنشود، على ما عداها من آليات، لأسباب بديهية ومفهومة. وهي آلية لا تضع نفسه في أي مواجهة أو تناقض مع الآليات الأخرى، وإنما تسعى للتكامل معها للسير معا في وجهة الطريق السلمي الديمقراطي الجماهيري لإنجاز التغيير.
٭ نقلا عن القدس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.