هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    تعادل باهت بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا    ((نصر هلال قمة القمم العربية))    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدة المولد: محمد المهدي المجذوب .. بقلم: عبدالله الشقليني
نشر في سودانيل يوم 30 - 08 - 2018

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
(أيكونُ الخيرُ في الشرّ انْطَوَى؟)
محمد المهدي المجذوب
*
لن ينطوي الخير في بطون الشّر، وإن ادلهمّت الظلمة. فمسير الحياة الإنسانية، هي خير ختام تنادت به الأديان، فرفّعت من قيم الإنسان و الإنسانية.
*
الشاعر "محمد المهدي المجذوب" ( 1919 - 1982): ومثله مثل أقرانه، دفع به والده إلى الخلوّة وهو صغير، فتعلّم فيها القراءة والكتابة وعلوم القرآن. ثم ارتحل إلى الخرطوم للتحصيل المدرسي، والتحق بكلية غردون التذكارية وتخرّج فيها من قسم المكتبة كاتباً. عمل محاسباً في حكومة السودان. وتنقل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، مما أفاده في صنع ذخيرة خيالية، مهّدت مع استعداده الفطري لتطور صنعته الشعرية.
دواوينه الشِعرية:
1. ديوان نار المجاذيب – 1969 م
2. ديوان الشرافة والهجرة – 1973 م
3. ديوان منابر – 1982 م
4. ديوان تلك الأشياء – 1982 م
5. شحاذ في الخرطوم - 1984 م(مسرحية شعرية)
6. ديوان القسوة في الحليب – 2005 م
7 . ديوان اصوات ودخان -2005
8. ديوان غارة وغروب 2013.
9. مطولة البشارة ،الغربان ،الخروج 1975.
(2)
وقد كتب مقدمة ديوانه (نار المجاذيب) :
رأيت طفولتي الباكرة على ضوء هذه النار المباركة، ونظرت إليها وسمعت حديثها، وعلمت وانتشيت وغنيت. أوقد تلك النار "الحاج عيسى ود قنديل"، والسودان في مُلك العنج النصارى من أهليه: فتلفتت في ليل ( درُّوا ) الساكن. تلقى ذوائبها الذهبية على الحيران، تحلّقوا حولها وعانقوا الألواح ورتّلوا القرآن، وسهر حولها الفرسان والفقهاء وأصحاب الخوارق، يسبّحون وينشدون، سماحة بين الناس أمناً وأريحّية، قروناً طوالا حتى الساعة. ودفع بي إلى ضوء هذه النار، فرأيت وجه شيخي وسيدي شيخ الفقراء الورع الحافظ، الفقيه "محمد ود الطاهر".
أبي هو الشاعر المعلم، الحافظ العلامّة الفذ العابد، الشيخ محمد المجذوب، بن الفقيه محمد، بن الفقيه أحمد بن الفقيه جلال الدين بن الفقير النَّقر..
(3)
قصيدة المولد للشاعر محمد المهدي المجذوب، نظمها عام 1957 :
صَلِ يا ربِّ على المُدثِّر
وتجاوَزْ عن ذنوبي
وأعنِّي يا إلهي
بمتابٍ أكْبَرِ
فزماني وَسعٌ بالمُنكرِ
***
دَرَجَ الناسُ على غير الهُدى
وتعادَوْا شَهواتِ
وتمادَوْا
لاَ يُبالُون وقد عاشُوا الرَّدى
جَنَحوا للسَّلم أم ضاعُوا سُدى
***
أيكونُ الخيرُ في الشرّ انْطَوَى
والقوَى
خَرَجتْ من ذَرَّةِ
هِيَ حُبْلى بِالعدَمْ
أتُراها تَقتَال الحربَ وتَنْجُو بالسَّلَمْ
ويكون الضعفُ كالقُوَّةِ حَقَّاً وذِمَامَا
سوفَ تَرْعاه الأمَمْ
وتعودُ الأرضُ حُباً وابتساما
***
رَبِّ سُبحانَك مُخْتاراً قَدِيرَا
أنتَ هَيأتَ القدرْ
ثم أرسلتَ نزيرا .. للِبشَرْ
آيةً منكَ ونُورَا
***
هَو عَينُ الله لولا ضَوؤهُ
لم نَر البارئَ في شتى الصوّرْ
جَعَلَ الموتَ رَجاءً .. وبَقَاءَ
وغِرَاساً منه لاَ يَفْنَى الثَّمَرْ
***
صَلِّ يا ربِّ على خير البَشَرْ
الذي أسْرَجَ في ليلِ حَرَاءِ
قمراً أزْهَرَ من بَدْرِ السَّماءِ
يقرأُ الناسُ على أضْوَائِهِ
حكْمَةَ الخَلْقِ وأَسْرَارَ البَقَاء..
... مِنْ إله قد هَدَى بالقَلَمِ
علَّمَ الإنْسَانَ مَالَمْ يَعْلمِ
***
صَلِّ يا ربِّ على المُدثِّرِ
وتجاوَزْ عن ذُنُبي واغْفرِ
وأعنِّي يا إلهي بِمَتَابٍ أكْبَرِ
***
ليلةَ المَوْلدِ يا سرَّ الليَّالي
والجمالِ
وربيعاً فَتَنَ الأنْفُسَ بالسِّحرِ الحَلالِ
وطني المُسلمُ في ظِلِّكِ مَشْبُوبُ الخَيَالِ
طاف بالصَّارِي الذي أَثْمَرَ عُنْقُودَ سَنَى
كالثُّرَيَّا
ونَضَا عن فِتنَةِ الحُسنِ الحِجَابَا
ومَضَى يُخْرِجُه زِيِّا فَزِيَّا
***
وَزَهَا ( مَيدَانِ عبدِ المُنعمِ )
ذلكَ المُحسنُ حَيَّاهُ الغَمَامْ
بِجُمُوع تلْتَقي في مَوْسمِ
والخِيامْ
قَدْ تَبَرَّجْنَ وأعْلَنَّ الهُيامْ
***
وهُنَا حَلْقةُ شَيْخٍ يَرْجحِنُّ
يَضْرِبُ النَّوبة ضَرباً فَتَئنُّ
وتُرِنُّ
ثُمَّ تَرْفَضُّ هديراً أو تُجنُّ
وحَوَاليْهَا طُبُولٌ صَارِخاتٌ في الغُبارِ
حَوْلَهَا الحَلْقَةُ ماجَتْ في مَدارِ
نَقَزتْ مِلءَ الليَّالي
تَحْتَ راياتٍ طِوالِ
كَسَفينٍ ذي سُوَارِ
في عُبابٍ كالْجِبَالِ
***
وتدانتْ أنفُس القَوْمِ عناقاً واصطِفاقا
ومكانُ الأرْجُلِ الوَلهى طُيورُ
في الجلابيبِ تَثُورُ .. وَتدُورُ
تتهاوَى في شِرَاكِ
ثم تَستَنْفِرُ جَرْحَى وتَلوبُ
في الشِباكِ
مِثلما شَبَّ لَهيبُ
***
وعلا فوقَ صدى الطبلِ الكَريرُ
كُلُّ جسمٍ جَدْولٌ فيه خَريرُ
ومشى في حلْقَةِ الذِّكْرِ فُتُورُ
لَحظَةً يَذْهَلُ فيها الجِسمُ والروح تُنيرُ
وعيونُ الشَّيخ أُغْمِضَ على كَونٍ به حُلُمٌ كبيرُ
***
والمقدَّمْ
يَتَغَنى يَرْفعُ الصَّوتَ عَليَّا
وتَقَدَّم
يَقرَعُ الطبلَ الحَميَّا
ورَمَى الذًّكرَ وَزَمزَمْ
وتَصَدَّى ولَدُ الشَّيخ وتَرْجَمْ
حيثُ للقُطبِ حضُورُ
وتداعى وتَهدَّمْ
***
وينادي مُنشِدٌ شيخاً هو التُمساحُ
يحْمي عرشَه المَضفُورَ من مَوْج الدَّميرة
نَدَبُوهُ للمِلماتِ الخطيرةْ
شَاعرٌ أَوحى له شيخُ الطرِّيقةْ
زاهدٌ قد جعل الزُّهْدَ غِنَى
فلهُ من رُقَّع الجُبَّة ألواناً حَديقةْ
والعَصَا في غُربةِ الدُّنيا رَفَيقةْ
ولَهُ طَاقيِّةٌ ذاتُ قرونِ
نَهَضَتْ فوْقَ جبينٍ
واسعٍ رَقَّقَةُ ضوءُ اليَقين
***
وفَتَىً في حَلْبةِ الطَّار تَثَنَّى
وتَأنَّى
وَبيُمْناهُ عصَاهُ تَتَحنَّى
لَعِباً حَرَّكهُ المَدَّاحُ غَنَّى...
... رَاجَعَ الخَطوِ بَطَارٍ
رَجَّع الخَطْوِ وَحَنَّا
وَحَوَاليهِ المُحبُّون يُشِيلون صلاةً وسَلاما
ويذُوبُون هُياما
ويهزُّون العِصيَّا
ويَصيحُونَ به أبْشِرْ لَقَد نِلتَ المَرَاما
***
صَلِّ يا رب على المُدثِّر
وأعنِّي وانْصُرِ
بشفيع الناسِ يَوْمَ المَحْشَرِ
الذي يَسقي صفاء الكَوثَر
***
وهنا في الجانب الآخرِ أضْواءٌ رِقاقُ
نشَرتْ قَوسَ قُزَحْ
من رَجاء وفَرَحْ
من ربيعٍ في دُجَى اللَّيلِ يُراقُ
ونُساقُ
أنْفُس شَتَّى وَبُطءٌ واستباقُ
***
وفتاةٍ لَوْنُها الأسمرُ من ظِلِّ الحِجابِ
تَتَهادى في شبابٍ وارتيابِ
قد تُحيِّيكَ وتَدعُوكَ بأطراف الثِّيابِ
وهي قَيدٌ وانطلاقُ
واضْطرابٌ واتِّساقُ
إن نأت عَنَّا وأخفَتها الدِّيارُ
فعروسُ المولدِ الحلوة جَلاَّها التِّجارُ
لَبستْ ألوانَها شَتَّى أميرة
ما أُحَيلاهَا صغيرة
وَقَفتْ في كَرنفالِ
فوقَ عَرشٍ دُونه الحَلْوى كُنُوزٌ ولآلي
من أساطيرِ الخيالِ
***
وهْيَ إنْ تَصْمُت ففي أَعيُنها الوَسْنى انتظارُ
حَوْلَها الأَطفال دَارُوا
بعُيون تَلْمَع الألوانُ فيها وتذيعُ
وبِهَا مِنْ بَهْجَةِ رَفَّتْ دمُوعُ
***
لَهْفتنا كَمْ عَصَف البُؤسُ بأطفالِ صِغارِ
وَردُدا المَوْلِدَ بالشَّوق وعَادُوا بالغُبَار
ويحَ أُمَّ حَسِبُوها
لو أَرادُوا النَّجْمَ جاءتْ بالدَّاري
وَيْحها تَحْمِل سُهْدَ اللَّيلِ في صَحْو النَّهار
***
رَبِّ أَرْسلْت يتيماً
قَام بالحقَّ رَحِيماً
قَدْ ذكرناهُ فَهلْ نَذْكُرُ مَنْ أَمسى عَديماً
***
وهُنا في الجانب ِ الآخرِ سُوقْ
هو سوقُ ( الزَّلعَةِ )
وبه طبلٌ وبُوقُ
من صُراخ الرَّغبةِ
حَفَلتْ دَوْلتُه في (حَلَّةِ)
سَلَبتْ كُلَّ العُيُونِ
والظُّنونِ
كَيفَ لا بالَذَّةَ الليلِ ويا أم الفُتُونِ
ربَّها قَلَّبَ عَينيهِ خَطيباً في الجَماهير الغَفيرة
مُرْسلاً من نَارهِ ريحَ شِواءِ
تَتَهادى في الفَضَاءِ
بِنداءٍ لمْ يَجِد فينا عَصيَّا
ودَعَانَا .. ثُمَّ حَبَّا .. وتَهَيَّا
***
وحواليهِ الكوانينُ الوَقُورَه
ولها من دَاخنِ الفَحْم ذَريرَهُ
وحريرهُ ، وضفيرهُ
وحريرهُ ، وضَفيرهُ
تُرْشقُ ( الأسياخُ) فيها
نُظِمتْ باللَّحمِ نَظماً
وارتَّوت دُهناً وشَحْماً
***
ودَخَلنا مَطْبَخاً زَاطّ ولا قصْرَ الأمارَة
رَبُّه البادِنُ عَرَّافٌ أَتَتهُ كُلُّ حَارَة
دَارةٌ تُعقَدُ في آثارِ دَاره
وتَعشَّينا وأَحْسَنا أَمانا
وشَربنَا وارتَوينا
ومَشينا ، وشَعَرْنا بِنُعاسٍ في خُطَانا
وسلامٍ هُوَ لَوْ دَام لأحْمَدنا الزَّمانا
ومَضى الليلُ وناداني سَريري والمنامْ
فتركتُ المَوْلِدَ السَّاهر خَلفي والزَّحامْ
من نُفُوسٍ رَجَتْ الرَّيَّ ولم يَهْملْ غَمَامْ
فَهيَ ظَمْاَّي في القَتَامْ
***
وبِسمعي الطَّبلُ دَوَّى من بَعيد
كوليدِ .. في دُجى اللَّيلِ وحَيدِ
***
وَبَقايا مِنْ نَشيد
عَبَرَتْ سَمعي طَيْراَ
في ظَلامٍ بَشَّرَ الآفاقَ بالصُّبحِ الجديد
والوُعُودِ
***
رَبَّ في موطني المُسلم قَدْ عُدْنا إليْكَا
ما اعْتَمدنا رَبَّنا إلا عَليكا
وذَكرنا الهاديَ المُختارَ ذِكرىَ
ملاَّتْ أَرْواحَنا طُهراً وصَبرا
***
صَلِّ يا ربِّ عليهِ
وتجاوَزْ عن ذُنُوبي واغْفر
وأَعنِّي بمتابِ أكبرِ
***
(4)
ليس من البر هدم وجدان الأمم، وهي تتقافز على مرّ السنوات، لتدلق الوجد على سيرة المصطفى. كان الشاعر" محمد المهدي المجذوب" في كامل القُرص الشاعري، وهو يمثل مرحلة مُضيئة في الشِعر السوداني، وهو ليس في حاجة للدفاع عنه.
حين تناول قصيدة المولد التي نظمها عام 1957 م،مُساهمةً منه بتعميق المحبة للنبي الأكرم. اختار منها المطرب الفنان والملحّن والمغني" عبدالكريم الكابلي" بعض الأبيات الشعرية من هرم القصيدة، ليلحّنها ويغنيها في أوبريت غنائي طروب. يصف محبته هو كشاعر فرد، ويصف كيفية احتفالات العامّة بمولد النبي الأكرم. وأثنى على الإحتفال بالمولد من قبل: السيوطي وابن الجوزي وابن حجر العسقلاني والشهاب السخاوي وأحمد القسطلاني. نحن لا نُريد أن نثمّن الإحتفال بكثرة المؤيدين. فلنا سعة أن الدِّين قد جاء لكافة البشر، والذي فهمه العامَّة وقد جاء إليهم ببساطته. وليست هنالك رهبانية في الإسلام يمتلك فيه رجال الدِّين أمر التفسير والمنح والاباحة والتكفير.
(5)
https://www.youtube.com/watch?v=9caFdKu-qR8
أعلاه الرابط لفيديو المُتشيِّخ " مزمل فقيري".
*
شاهدت الصورة المتحركة للمُتشيِّخ" مزمل" في اليوتيوب. وما كُنت أعطي لأمثاله إلتفاتة تمييز، لولا الجهالة المُركَّبة التي واجهتها، حين تحدث هو عن أغنية المولد ل "عبدالكريم الكابلي". ويسأل هو الحاضرين، غير متأكد من اسم الفنان المُطرب، وذكر ( الكابلي )، ولم يذكر صاحب القصيدة ( الشاعر محمد المهدي المجذوب). أول شيء ابتدأ به هو بتر صياغ القصيدة. وقال ( هو عين الله ) وادعى أن ذلك شرك عظيم، لم يسبقه عليه أحد، وأن القصيدة تتردد في الإذاعة السودانية منذ تاريخ طويل. وذكر أن الاحتفال بالمولد بدعة، لم يحتفل بها الرسول أو أصحابه.
*
نرُد عليه بذات مصادر مراجعه و طرائف تفكيره. فنقُل له: أنت تعلم أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة أو كلب، كما تقول مصادرك السنيَّة الوهابية، فكيف جاز لك أن تتصنع لنفسك صورة، ومتحركة لك وأنت تتحدث!؟
أليس الصورة المُتحركة الناطقة، أكثر غلواً من الصور الثابتة؟، وتخطٍ لحواجز التصوير الذي يُحاكي صنعة الإله.أليس الفيديو بدعة؟. بل وبدعة أضلّ، وفق مقاييس أسانيد مراجع ومعتقدات المُتشيِّخ؟
*
نأتِ بدليل أشرّ. وهو أن المُتشيِّخ لا يعرف حتى أبسط قواعد اللغة العربية، التي يتبناها الوهابيون، إذ هي من الأسلحة التي لا يتهاون فيها المُتشيِّخون من أمثاله. و تنطّع، ما شاء له التنطُّع، وهو لا يعرف الشِّعر ولا دروبه ولا صنعته ولا تأويل بيانه. فقد انتزع الكلمات الشِّعرية من صياغها، لا لسبب إلاّ ليُكفّر صاحبها ومغنيها.
(6)
حول المقطع الشعري المُفترى عليه ومعانيه :
نظم الشاعر قصيدة المولد عام 1957، على عدد من المقاطع الشِعرية. وأقام بين كل مقطع وأخر فاصلة ( ***) ، كي نعلم أن بناءً شِعرياً جديداً أراده في قصيدته. ونأتِ بالمقطع الشِعري الذي اقتطع منه المُتشيِّخ أهزوجته، وأضاف عليها بُهار التزوير والبُهتان. ونحن نورد المقطع الشِعري، كما وردت في ديوان الشاعر محمد المهدي المجذوب( نار المجاذيب ):
***
هَو عَينُ الله لولا ضَوؤهُ
لم نَر البارئَ في شتى الصوّرْ
جَعَلَ الموتَ رَجاءً .. وبَقَاءَ
وغِرَاساً منه لاَ يَفْنَى الثَّمَرْ
***
الإعراب للمقطع:
هو: مبتدأ
عينُ الله: مضاف ومضاف إليه، خبر للمبتدأ.
لولا: حرف امتناع لوجود مبنيّ على السكون، لا محل له من الإعراب.
ضوؤه: مبتدأ لخبر محذوف وجوباً تقديره (موجود)،مرفوع وعلامة رفعه الضمّة الظاهرة على آخره.
لم: حرف نفي وجزم وقلب.
نر: فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف حرف العلة (الألف اليّنة).
البارئ: مفعول به منصوب.
في شتى الصور: الجملة حال والضمير هو محذوف.
*
معنى المقطع الشِعري:
لن يتسنى لنا أن نتعرف على الخالق إلا من خلال أضوائه المنعكسة في صور مخلوقاته التي نُشاهدها.
(7)
ربما نعذر المُتشيِّخ، أنه ربما لا يعرف الفنان المُطرب والملحّن والباحث "عبد الكريم الكابلي"، وتلك غشاوة تزدان بها رؤى الوهابيين، فهم في علم الموسيقى في جهل مُركّب بمرجعية. فالموسيقى وأشباهها من آلات الملاهي هي في مراجعهم لا شك في تحريمها، وأنها من المعازف المحرمة!. هذا الجهل النشط، ما كان له أن يتنفس، لولا فُسحة الجهالة التي تقبض بالسلطة عندنا.
عبدالله الشقليني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.