محمد صديق، عشت رجلا وأقبلت على الشهادة بطلا    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    الإمام الطيب: الأزهر متضامن مع طهران.. وأدعو الله أن يحيط الرئيس الإيراني ومرافقيه بحفظه    عقار يطّلع على خطة وزارة التربية والتعليم "امتحان الشهادة السودانية"    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    إنجاز قياسي.. مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي للمرة الرابعة توالياً    عائشة الماجدي: نشطاء القحاتة أشباه الرجال بمرروا في أجندتهم في شهادة الغالي محمد صديق    بسبب إحاطة عاجلة عن رئيس إيران.. بايدن يقطع إجازته    ضباط ينعون الشهيد محمد صديق إثر تصفيته في الأسر من قِبل مليشيا الدعم السريع    سُكتُم بُكتُم    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعداد الجيل القادم من الحائزين علي جائزة نوبل (3) ... بقلم: د. عثمان إبراهيم عثمان
نشر في سودانيل يوم 19 - 02 - 2010

"إذا جعلت الناس يعتقدون أنهم يفكرون، فإنهم سيحبونك، ولكن إذا ما جعلتهم حقاً يفكرون، فإنهم سيكرهونك".
دون ماركيس- الفكاهي الامريكي(1878 – 1937م)
استهل سير كروتو حديثه في المحاضرة التي دعي إليها من قبل الهيئة العامة للاستثمار السعودية، والتي كانت بعنوان: إعداد الجيل القادم من الحائزين علي جائزة نوبل، مستشهداً بأحد اقتباسات دون ماركيس، المحبب جداً له، ليدلل علي المصاعب التي تواجه حملة التنوير الحر حول العالم، وفي استخدام ذكي لأقصى درجات السخرية، فقديماً قالوا: "شر البلية ما يضحك". لقد استهواني أنا أيضاً ذلك المقتبس، فقررت أن أفتتح به خاتمة سلسلة المقالات هذه، والتي سوف أتطرق فيها للعلوم، والمجتمع، والاستدامة؛ متتبعاً خطى السير كروتو في الربط بينها، في تلك المحاضرة التي ألقاها على مسامعنا بالرياض.
إن حقيقة التوازن الكامل، والخطير لعالمنا المعاصر مع العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا، يجعل من فهم فروع المعرفة هذه بواسطة شاغلي مواقع المسؤولية، أمراً في غاية الأهمية. فبالرغم من أن اتخاذ القرارات الصائبة، من الممكن ألا ينتج من المعرفة، إلا أن الفطرة السليمة، توحي بأن الحكمة لا تنتج أبداً من الجهل. حتي الآن، فإن العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا قد أحدثت، حقاً، ثورة في حياتنا، ومما لاشك فيه أيضاً، أن مساهمات الإنسان قد حسنت من مستوى الحياة في العالم المتقدم، إلى حد لا يمكن قياسه. من المهم تذكير أنفسنا، بأنه في القرن الثامن عشر،مثلاً، كان يموت نصف الأطفال في عمر الثماني سنوات. ولذا فمن المهم جداً عكس الحقيقة التي ترجع ذلك التحسن إلى التقدم العلمي/التكنولوجي المبني على برهان الشك والتساؤل (doubt and questioning-evidence)، الذي يعتمد على فلسفة مخالفة تماماً للمفاهيم المبنية على التصديق (belief-based)، والتي تعزز كل المواقف الاجتماعية الغامضة. أن التعارض بين هاتين الفلسفتين المتعامدتين، لم يكن في يوم من الأيام أشد وضوحاً، من إفساد الاستقامة الفكرية لنظم التعليم الحديثة. إن حقيقة أخذ هذه الأمور بجدية، يبين مستوى السذاجة الأساسية لدي العامة، والتي استغلت بقصد، وخبث بواسطة المؤسسات القكرية الفاسدة، والموجهة أساساً نحو: تقويض المبادئ العقلية، التي قادت إلى الديمقراطية، والتنوير. إن قبول الغفلة لتلك الدعاوى، يصعب الثقة به، خاصة عندما يأخذ الشخص في الاعتبار بأن أي فرد في العالم الغربي، قد أفاد من التطور الاجتماعي الاقتصادي، الناجم عن التقدم في العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا – خاصة التطورات الطبية المبنية على الفهم العميق للتقدم في العلوم الحديثة.
يملك المجتمع القدرة على استخدام التكنولوجيا بالقدر الذي يجعلها ذات فائدة أو مؤذية، على حد سواء. ففي جانبها الأخير، يلاحظ المرء: أن القرارات السياسية، قد أفضت إلى إنتاج حوالي 28000 سلاح نووي، حول العالم. إضافة، يبدو الآن أن تكنولوجيا العصر الحديث يمكن أن تكون قد حفزت كثيراً من نهب ثروات كوكب الأرض، عبر إنتاج واسع النطاق، وغير واع. يمكن أن نكون مندفعين بقوة نحو الكارثة – قد لا نكون بحاجة إلى كويكب لفعل ذلك. فلزيادة فرصة بقاء الإنسانية في القرن القادم، فإن أي جزء بالمجتمع: من الصناع، والمهندسين، والعلماء إلي السياسيين، والمزارعين، وصائدي السمك يجب أن يدرك أن هذه القضايا هي الأكثر جدية، وهي تجابه الجنس البشري. يستند أملنا الوحيد للبقاء على أكتاف أؤلئك الذين يأخذون قضايا البقاء، والاستدامة، مأخذ الجدية، ومن ثم التعامل معها.
يتصور سير كروتو بأنه سيكون هناك دور فاعل، ومؤثر "لعلوم النانو وتكنولوجيا النانو" (Nanoscience and Nanotechnology)، وهو الاسم الجديد للكيمياء على وجه الدقة، كما يحب أن يجادل بنفسه في هذا الأمر؛ نظراً لتداخله مع فيزياء المادة المتكاثفة، والأحياء الجزيئية، وهندسة المواد. كما يرى السير كروتو كذلك الأهمية الحيوية، والمتعاظمة في تعلم العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا. كما يعتقد بأن العلماء قد فشلوا بوضوح في هذا المسعى، ولكن يمكن أن يكون هنالك أمل أخير، يتمثل في الانترنت كتكنولوجيا اتصالات حديثة، وعظيمة؛ والتي يجب أن نستغلها في تعليم الناس على مستوى العالم، وفي المواقف العقلانية لصناع القرار، والتي صارت حيوية بالذات لبقائنا على وجه الأرض. إنفاذاً لتلك الأفكار: فقد استطاع سير كروتو أن يطلق ائتمان فيغا للعلوم (The Viga Science Trust) على الموقع(www.vega.org.uk) ، والذي نفذ بموجبه أكثر من مائتي برنامج على التلفزيون، والإنترنت (عرض أكثر من نصفها على هيئة الإذاعة البريطانية). كما يمثل منبراً عالي النجاح للتواصل المباشر بين العلماء، بغرض تحسين الوعي العام، وإدراك أهمية العلوم، والهندسة، والتكنولوجيا. يضم هذا الموقع ثماني مختارات كبيرة لحلقات علمية بالفيديو، نوجزها في الآتي:
1-محاضرات ريتشارد فينمان(Richard Feynman Lectures) : وهي عبارة عن مجموعة أربع محاضرات علمية، أرشيفية لا تقدر بثمن، قدمها الفيزيائي البارز، والحائز علي جائزة نوبل، ريتشارد فينمان؛ والذي يعتبر بغير جدال، أعظم محاضر في العلوم على مر التأريخ. فبرغم أن التسجيل لم يكن بالمستوى المطلوب، إلا أن أسلوبه الشخصي، وعطاؤه الفريد يلمعان بوضوح.
2-مهن العلوم(Science Career Videos) : وهي مجموعة تسجيلات بالفيديو تعطي أفكاراً مميزة عن الحياة اليومية للعلماء، والمهندسين الشباب الذين يتقدمون البحث العلمي، وما إذا كانوا سيواصلونه لكسب جائزة نوبل أم لا؟
3-مشاريع البحوث في العلوم(Science Video Research Projects) : وهي تسجيلات بالفيديو لمشاريع البحث الحديثة التي تضم:المرأة وتكنولوجيا الناتو، وأنابيب النانو كمجسات للغاز، ومشروع الاتحاد الأوروبي للتنوع في العلوم، الذي يهدف لتحسين تنوع الجندر(Gender Diversity) في علم المواد.
4-مقابلات مع حملة جائزة نوبل (Nobel Prize Video Interviews) : وهي مقابلات سجلت بالفيديو مع علماء ذوي بصمة في العلوم، أو حملة جائزة نوبل في أواخر تسعينيات القرن الماضي.
5-مصادر تعليمية(Educational Recourses) : وهي مختارات لتسجيلات فيديو للعلوم في مستوى المدرسة. ويمكن استخدامها في المدرسة أو في المنزل للاستذكار. تضم هذه المصادر:طاقة الرياح، الكهرباء، بكمنسترفلورين، ورش عن حالات المادة، ولمحات مختصرة عن يوم في حياة مجموعة من العلماء الشباب.
6-مناقشات حول الشيء الكبير القادم(The Next Big Thing) : ,وهي عبارة عن سلسلة حوارات طاولة مستديرة علمية، يناقش خلالها جماعة من الخبراء بقيادة كولن بليكمور(Collin Blakemore) - عالم الأعصاب، وأحد أقوي العلماء البريطانيين، وأكثر شخصية مكروهه لدي ناشطي حقوق الحيوان- فيتحدثون عن: الشيء الكبير القادم في العلوم والتكنولوجيا، مثل: مضاد المادة (Antimatter)، الاستنساخ (Cloning)
،تحدي الموت (Defying Death) ، الطاقة اللامحدودة (Endless Energy) ، شباب إلي الأبد(Forever Young) ، سلامة الغذاء المحور جينياً، تكنولوجيا النانو، والتنبؤ بالشخصية(Predicting Personality) ، وغيرها.
لقد عمد سير كروت بمبادرة الامتداد العالمي لتعلم العلوم والهندسة والتكنولوجيا (Global Educational Outreach for Science, Engin. and Technology) ( www.geoset.info)، الحديثة، والمثيرة، إلى العمل مع الجامعات الأخرى، بغرض إعداد مادة تعليمية رائعة، لتكون متاحة في أي مكان في العالم. لقد كان هدفه الأساسي: هو تمكين المدرسين في أي مكان في العالم، عبر إعطائهم مدخلاً لأفضل المواد التدريسية، معدة للاستخدام المباشر في الفصول، ومصحوبة بأمثلة أعدها خبراء عن الكيفية المثلى لتقديم تلك المادة.
تضم تلك المبادرة مواضيع علمية شتى مثل: علم الإنسان، وعلم الاجتماع، وعلم الآثار القديمة، والفنون، وعلم الفلك، والطب، والعلوم الأساسية، وغيرها. أما مستوى تلك المواضيع فيصنف كالآتي:
1-ابتدائي (Elementary) (5 – 11 عاماً): وهي محاضرات في العلوم العامة، وتضم ورش بكيبول (Bucky ball Workshops) ، حيث قام سير كروتو بتقديم مبادئ العلوم، والرياضيات للأطفال حول العالم، فسافر إلي استراليا، والمكسيك، والهند، واندونيسيا، واليابان، وغيرها. والآن يعلم هؤلاء الصغار الشيئ الكثير عن الفلورينات، واستخدامات تكنولوجيا النانو. كما يقوم أيضاً دكتور استيف ماكواه بالإجابة على أسئلة الأطفال حول تلألؤ النجوم.
2-متوسط (Middle) (11 – 14 عاماً): وهي سلسلة محاضرات في العلوم الأساسية، والرياضيات، الجيولوجيا، والجغرافيا، والعلوم البيئية، والفنون، وعلاقتها بالعلوم. فتحدث سير كروتو في معظمها، متناولاً الخرائط، بغرض التغلب على تمثيل الشكل الكروي في السطح المستوي، والجبر واستخدامها في الاستقصاء عن طبيعة المكعبات، والأشكال متعددة الوجوه، مع تراجم لها إلي اللغتين الأسبانية، والصينية، وعقد كذلك ورشة عمل متقدمة عن البكيبول (Buckyball) لحوالي 80 تلميذاً من أيسلندا، كانت الأولي ضمن مشروع الامتداد العالمي لتعلم العلوم والهندسة والتكنولوجيا. كما تحدث بعض العلماء عن البصريات، والكهرباء، والتغير المناخي، وكيف أن الطبيعة يمكن أن تحل قضية التلوث، وغيرها من الأساسيات الهامة.
3-عالي (High) (14 – 19 عاماً): وتتضمن مجموعة من المحاضرات التي تغطي بعض التخصصات غير الدقيقة في العلوم مثل: الطاقة، والكيمياء الحيوية، وعلم الكونيات، والنظام الشمسي، وفيزياء الجسيمات، بالإضافة إلي الهندسة، والحاسوب. تناول سير كروتو في هذه المحاضرات، فأوضح أن أي جزء من بنية الجزئيات هي: حقيقة في ذهن الكيميائيين الذين قاموا بتصنيعها، مثلها مثل صروح الطوب، والفولاذ، والأسمنت، التي صممها المعماريون، ونفذها المهندسون، وقدم في أخري تأريخاً مختصراً عن بكمنسترفلورين، وتطوره إلي مواد مفيدة، وكيف أن الكيمياء يمكن أن تساعدنا في توفر أسلوب حياة مستدام. تطرق علماء غيره لمواضيع مهمة عن الحفاظ علي البيئة، وطرق معالجة الأمراض المستحدثة.
4-البكالريوس (18 -22 عاماً): وهي سلسلة محاضرات متخصصة إلي حد ما، تتحدث في معظمها عن تكنولوجيا النانو.
5-الدراسات العليا (22 -25 عاماً): وهي مجموعة محاضرات متخصصة جداً، وتعتمد في الأساس علي ميكانيكا الكم.
هكذا بهذه الفلسفة المبنية على أساس التفكير الحر، ومصلحة الفرد التي لا خلاف عليها، استحوذ الغرب على كل جوائز نوبل في العلوم، والطب؛ ولذا امتلك ناصية التكنولوجيا، الأمر الذي هيأ له تنافسية ذات قيمة عالية، فأصبح سيد العالم بلا منازع. كما لا يجب أن نذهب بعيداً، لأنني أري شجراً يسير حتي في العالم العربي. ففي المملكة العربية السعودية صار الاستثمار البشري ذو أهمية قصوى، حيث تم إنفاذ المرحلة الأولى للخطة الخمسية بابتعاث خمسين ألف طالب – مع فتح الفرص للدراسة على نفقة الدولة لأزواجهم أو مرافقيهم - لدول العالم المتقدم لنيل درجات البكالريوس، والماجستير، والدكتوراة، كما جددت الخطة لخمس سنوات أخرى. ليس ذلك فحسب، فقد أنشأت مؤسسات خيرية لترعى التلاميذ المتميزين، في مدارس خاصة تقدم مقرراتها باللغة الاتجليزية بالكامل. ولذا فلا غرو أن استضافت الهيئة العامة للاستثمار السعودية ذلك الكم الهائل، والنوعي من العلماء، والمدراء التنفيذين لكبريات الشركات، والمؤسسات الاقتصادية العالمية، فجاراهم السعوديون تنظيماً، وفكراً، ولغة.
يعتصرني الألم، وتتملكني الحسرة، وأنا استعرض واقعنا السوداني المتقهقر إلى الوراء بسرعة الضوء. في ستينيات القرن الماضي كان لنا تعليماً عاماً، وعالياً مجودين، فأجهزنا على التعليم العام بأيدينا في أواخر عقد الستينات بتعريب المدارس الثانوية، ثم تأتي الإنقاذ لتنحر ما تبقى من التعليم العام بتغليب فلسفة الحفظ، والتلقين في مواجهة العلوم البحتة، والتفكير الحر، ولتصرع التعليم العالي بضربة التعريب القاضية، فصارت الجامعات مدارس ثانوية "عالية جداً". فإلي هذا الحد يكره حكام الإنقاذ السواد الأعظم من الشعب السوداني – ما عدا أولادهم من أصلابهم الذين يرسلونهم للدراسة بأرقي الجامعات في الغرب - بالإصرار على سياسة التعريب التي كانت بلاءً وشراً مستطيراً على التعليم العالي باتفاق الجميع السري؟ لماذا صارت قضية التعريب مقدسة، وخطاً أحمر لا يجب تخطيه؟ هل لأنها قضية سياسية، وليست تعليمية، واحدي متطلبات التمكين؟ لماذا لم يتخط الأكاديميون ذلك الوهم، بعد إنفاذ الدستور الانتقالي الذي نص على استخدام اللغة الإنجليزية أيضا في التدريس بالتعليم العالي؟ إنني لا أمل المطالبة بإلغاء سياسة التعريب، لثقتي التامة بأنها أساس التدني المريع الذي ألحقه الإنقاذيون بالتعليم العالي. وأذكر في هذا المنحى أن السيد سلفا كير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية، استدعى السيد مدير جامعة الخرطوم، آنئذ، البروفسير محمد أحمد الشيخ للقائه بالقصر الجمهوري، فقرر السيد المدير اصطحاب بعض العمداء معه، فاختارني ضمن الوفد – باعتقاد أنني حركة شعبية، مثلما مازحني مرة أحد مدراء الجامعة السابقين – ولكنه حدد من يتحدث في اللقاء، نظراً لضيق الوقت كما قيل لنا، وأجرى بروفة في حضورنا جميعاً، ولكنه استبعدني ممن عهد إليهم بالحديث، خوفاً من حديثي "المشاتر"، ولكن بالطبع وجودي ضمن الوفد كان ضرورياً لزوم الديكور، تماماً كحال وزراء حكومة الوحدة الوطنية، من غير منسوبي المؤتمر الوطني. تحدث في البداية وزير التعليم العالي، آنئذ، الدكتور مبارك المجذوب، والذي كان قد سبقنا إلي القصر، ثم أعقبه بالحديث السيد المدير، والذي في نهاية حديثه صار يقدم من يتحدث من العمداء، كما هو مخطط. ونظراً لأن الحديث كان معلباً، فاستكمل سريعاً، ومازال للنائب الأول متسعاً من الوقت، فطلب من السيد المدير أن يقدم من لم يتحدث؛ فأتتني الفرصة تمشي على قدميها، طائعة، مختارة، فكان حديثي طازجاً، تطرقت فيه، باختصار، لاتفاقية السلام الشامل، وما أتاحته لنا من فرص لمعالجة التدني الذي لحق بالتعليم العالي، كنتيجة لإنفاذ سياسة التعريب. بالطبع لم يكن الوزير، والمدير سعيدين بما أدليت به، وأظنه كان أحد الأسباب القوية لسلسلة المضايقات التي تعرضت، لها إبان تولي لعمادة الكلية، من قبل إدارة الجامعة العليا، آنئذ، والتي توجت في النهاية بتقديم استقالتي.
أما الآن، والسودان يعيش أجواء الانتخابات العامة التنفيذية، والتشريعية، وهي أجواء نقية تسمح لنا بتخطي جميع الخطوط الحمراء الوهمية، فآمل أن تتطرق البرامج الحزبية لمرشحي رئاسة الجمهورية، لخطط واضحة لإصلاح حال التعليم العام، والعالي. وهنا لا بد لي أن أشيد ببرنامج المواطن عبد العزيز خالد عثمان، مرشح حزب التحالف الوطني السوداني لرئاسة الجمهورية، الذي أورد فيه الآتي:" مراجعة سياسات التعليم العالي خلال السنوات الماضية، والتي قادت إلى إنشاء جامعات عديدة في معظم أقاليم السودان، وهي تفتقد المتطلبات الأساسية للتعليم الجامعي، من حرم جامعي متكامل، وقدرات علمية، وكوادر تعليمية كافية ومؤهلة. يتطلب الأمر أيضاً مراجعة سياسات التعريب المتعجلة التي قادت لتردي المستوى الأكاديمي، والانفصال من الطفرة العلمية التي تحققها الدول المتقدمة". بهذا الفهم يمكن أن نراجع مناهج التعليم العام – البوابة الرئيسية لتعليم عال متميز – بغرض تبني سياسة التفكير الحر، والتجربة، والمشاهدة، والاستنتاج؛ فتكون لنا تنافسية عالية القيمة، بعد رمي فلسفة الظلام، المستندة على الحفظ، والتلقين، وراء ظهورنا، والتي ما أورثتنا إلا انحطاطاً، وخبالاً.
آمل في ختام هذه المقالات أن يستفيد الأساتذة، والطلاب من المحاضرات التي وردت ضمن مبادرتي السير كروتو، كما أرجو أن أكون قد ساهمت في جعل الناس يفكرون حقاً، فإن تحقق ذلك، فسأكون في حاجة ماسة لحبهم أيضاً، لنتمكن جميعاً من هزيمة ذلك الساخر الأمريكي.
والله المستعان؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
*عميد كلية العلوم بجامعة الخرطوم السابق
osman30 i [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.