بداءً أنا معجب جدا بأصحاب الرأي من أبناء الجبال بمختلف إنتماءاتهم، فى الداخل والخارج . لله درهم ، أين كان هؤلاء ؟ لقد أثرواالساحة الإسفيرية بأفكارهم النيرة الثرة. ليس هذا فحسب ، بل ظهر لنا منهم العلماء والمفكرين ، وأصحاب الرأي من الأقلام الرّاتبة، ونتمنى المزريد. ومادام هناك رأي، فلا بد من رأي آخر ، وهذه ظاهرة صحية تسرنا نحن أبناء الجبال ، وتسر غيرنا من أبناء جنوب كردفان ، وليتهم شاركوا في النقاش ، واخص بالذكر الدكتور حامد البشير والأستاذ آدم بريمة ، والأستاذ كباشي ، وغيرهم ممن يهيمون بحب جنوب كردفان. أذكر أننا في بداية سنوات الشباب ، حاولنا أن نصنف بين أبناء النوبا ، من منهم الأصيل ومن منهم الدخيل ، فكان رأي بعضنا أنه من لم نجد حتى جده السابع حرف الكاف فليس بنوباوي أصيل . فكنا نقصد ما تعارفنا عليه بأننا نعرف اسم الشخص ومنطقته من اسمه فمثلا كرتكيلا ، هو اسم يخص مجموعة النوبا الأجانق ، وبالأخص الغلفان ( الخلفان) لا أدري لماذا أرادوا تغيير الإسم ، فالغلفان ليسوا بغلف على الإطلاق، فمنذا النشأة وقبل أن نعرف ( البنج ) رأينا كيف يختنون الصبيان في مناطقنا، فإذا لم يعجب بعضنا اسم (الغلفان ) المعرب فنحن ( أُنشو ).أما الاسم كافي فهو من منطقة كادقلي (محمد هارون كافي ) والاسم كومي من المنطقة الشرقية ، هيبان -دلامي وهلمجرا ، فمن الأسماء الكافية ، المشهورة في المنطقة النوباوية كرتكيلا ، كافي ، كومي كليرو ، كوكو، كبشور ، كبسور كدوقلي (كادقلي) وغيرها .وكنا في منطقتنا الشمالية الدلنج (واركو) حيث الغلبة لمجموعتي النمانج والأجانق كان التنافس على أشدة ،وكان النمانج يطلقون علينا لفظة (كوشي ) بمعني الغريب وكنا نقول لهم مازال حرف الكاف ملحق بنا ، ولكنكم أنتم الغرباء . ولكنهمها غلبونا بقولة ( الدلنج سودان ، والنمانج ألمان ) وعندما قلنا لهم من نحن فقالوا لنا أنتم هنود (سامحهم الله ). للحقيقة والتاريخ أيضا لقد كان أبناء النمانج يتفوقون علينا وينافسون أبناء الجلابة في الشطارة ، علما بأن مدرسة (سلارا ) هي مدرسة الإشاع الأولى بالمنطقة وبالتالي حق لأبناء النمانج أن يتفوقوا ، ويكونوا هم أصحاب القيادة والريادة حتى وفاة أب النوبا ، الأب فليب عباس غبوش ، وجزى الله خيرا ابن المنطقة البار الدكتور حامد البشير أن أعطاه حقه وأجزل. نظرية تفكيك النوبا للفيلسوف والناقد الفرنسي جاك دريدا نظرية في النقدالأدبي تعرف بنظرية التفكيك ، وهذه النظرية إعتبرتها مراكز الغرب نظرية شريرة ومدمرة ، ولكنهم طبقوها في مجال غير مجالات النقد الأدبي ، رأيناهم كيف فككوا وتشتتوا الشعوب والأمم . أذكرأنني تقدمت لأستاذي الدكتور عمر حاج الزاكي المتخصص في تاريخ السودان القديم في منتصف الثمانيات بخطة بحث لنيل درجة الماجستير في علاقة الأجانق بنوبة الشمال ، فلم أجد تشجيعا منه. فناقشت الأمر مع رئيسي في العمل الأخ الشهيد عبد السلام سليمان سعد - رحمه الله - ناقشني بموضوعية وقال لي هل تريد تفكيك النوبا ؟ فصرفت النظر عن الموضوع وقررت أن أبحث عن موضوع آخر . تذكرت هذه النظرية وأنا أقرأ السجال الدائر بين أبناء النوبا على صفحات سودانيزونلاين ، حيث يتهمون بعضهم البعض بتفكيك وإضعاف كيان النوبا . فهل هناك من يريد أن يفكك النوبا؟ أعرف أن السؤال ليس بريئا ، فالجواب نعم هناك من يريد للنوبا أن يكون كيانا ضعيفا مفككا ، وأصحاب هذه النظرية - نظرية تفكيك النوبا - لا يخفونها ، فقد قالوها في الأحزاب بأنهم مستعدون لتفكيهم ما دام ذلك يقويهم ويضعف الأحزاب . في تقديري أن أهلي النوبا مهيأوون لهذا التفكيك ، فما دامت القيادات منقسمة فالرعية أولى ، والشواهد على كثيرة ، إنقسم كيان النوبا الجامع الأكبر للنوبا الى أكثر من حزب قبل وفاة الأب المؤسس ، وبل حتى الأب المؤسس لم يكن راضيا من سلوك وتصرفات الحركة الشعبية مع أبناء النوبا وقضايا منطقتهم.وسمعنا وقرأنا البيانات المتضاربة من هناك وهناك ، والكل يخوّن الآخر ويتبادلون التهم فيما بينهم ، والكل يدعي العصمة. أما المواطن صاحب الوجعة في الجبال ، لا حول له ولا قوة ، وهولم يسمع ولم يدر بما يدور فى الشبكة الإسفيرية باسمه .نقول هذا الكلام لوجه الله ، ملتزمين الحيدة ، و نرجو أن يركز أبناء النوبا لما يحي إنسان و أرض منطقتهم ، أما أن يتقاذف من هو في مشرق الشمس مع من هو فى مغرب الشمس بكلام قل ما يصف به إنه إنصرافي فلا يخدم قضيتهم . ختاما نذكر الجميع بما قاله الشاعر الفيلسطيني إبراهيم طوقان قائلا في يدينا بقية من بلاد *فاستريحوا كي لا تطير البقية فأنتم في يديكم بقية من قضية فاتحدوا كي لا تطير القضية