لمنع انهيار الدولة.. فصائل سودانية: تركنا الحياد واصطففنا مع الجيش    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الناشط صلاح سندالة يسخر من المطربة المصرية "جواهر" بعد ترديدها الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله) خلال حفل بالقاهرة    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    نائب وزير الخارجية الروسي من بورتسودان: مجلس السيادة يمثل الشعب السوداني وجمهورية السودان    صحة الخرطوم توفر أجهزة جديدة للمستشفيات والمراكز الصحية واحتياجات القومسيون الطبي    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعليقا علي سؤال عبدالباقي الظافر للأستاذ نقد بقناة النيل الأزرق .. بقلم: الهادي هباني
نشر في سودانيل يوم 23 - 03 - 2010


[email protected]
كنا قد تطرقنا سابقا لمسألة الدولة الدينية و المشروع الإسلامي من خلال سبعة حلقات بعنوان (ليس دفاعا عن عرمان و لكن حبا لهذا الشعب) و قلنا أن مسألة الدولة الدينية مثَّلت أحد أهم القواسم المشتركة في قضايا الصراع الإجتماعي و السياسي في كل الأنظمة التي حكمت بلادنا عسكرية كانت أم مدنية و من ضمن ما تطرقنا له في هذا الصدد من أحداث و وقائع تاريخية و محطات هامة تعكس هذا الصراع في أشد صوره هي قضية حل الحزب الشيوعي السوداني و طرد نوابه من البرلمان في فترة ما بعد أكتوبر 1964م، محاكمة الردة لشهيد الفكر محمود محمد طه عام 1968م، قوانين سبتمبر 1983م و التي تم بموجبها تصفية الشهيد محمود محمد طه، ثم التآمر علي إتفاقية الميرغني قرنق و التي كان من ضمن أهم بنودها تجميد العمل بقوانين سبتمبر 1983م و إحالتها للمؤتمر الدستوري مما دفع القوي الداعية للمشروع الإسلامي و الدولة الدينية للإنقلاب علي النظام الديمقراطي بأكمله في منتصف 1989م.
و ها هو الصحفي عبدالباقي الظافر يُراكِم إرثا جديداً (لا يختلف عن قضية محمد عبدالكريم إمام مسجد الجريف غرب) بسؤآله للأستاذ محمد إبراهيم نقد في قناة النيل الأزرق "هل يصلي". فلو تم دعوة بدرية سليمان، النيل أبو قرون، عوض الجيد محمد، المكاشفي طه الكباشي لاكتملت الصورة و المشهد و لكان مصير أستاذنا الجليل نقد دون أدني شك نفس مصير شهيد الفكر الإنساني محمود محمد طه.
و أعتقد بأن السؤآل المشار إليه الذي وجهه عبدالباقي الظافر للأستاذ نقد يقع ضمن الأسئلة الربَّانية التي يوجهها المولي عزّ و جل وحده دون سواه للعبد يوم الحساب. فالحديث الشريف يقول "أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة صلاته، فإن صلحت صلحت سائر أعماله، وإن فسدت فسدت سائر أعماله" و بالتالي فإن الظافر بسؤآله هذا قد وقع في شرِّ أعماله و تغوَّل علي صلاحيات ليست ضمن نطاق صلاحياته، فكلنا بشر و البشر ليسوا وكلاءاً لخالقهم و بارئِهم، هكذا يحدثنا القرآن، و لكن من الواضح أن الأمر قد إختلط علي الظافر و لم يستطيع التفريق بين الأمانة و الوكالة، فالبشر قد حُمِّلوا الأمانة طواعية و لم يحمَّلوا الوكالة بحسب قول الخالق الكريم "(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)، و الأمانة عند الطبري و بن كثير و بن تيمية و الإمام محمد بن عبدالوهاب و السيوطي و البيضاوي و غيرهم من المفسِّرين هي حق الله على عباده وما شرعه لهم من توحيده والإخلاص له، وسائر ما أوجب عليهم من صلاة وغيرها، وترك ما حرم الله عليهم، فالأمانة ما أمر الله به، وما أوجبه على عباده، و عليهم أن يؤدوا هذه الأمانة على الوجه المشروع، كما قال تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا). و بما أن صلاحية سؤآل العباد و محاسبتهم لله وحده فإن من يتغوَّل عليها قد يقع في دائرة الشِرك بالله لأنه بتغوله هذا فهو يضع نفسه في مقام الخالق و يعطي نفسه حقاً ربانياً بمساءلة العباد عن أعمالهم و هذا ببساطة هو جوهر مفهوم الثيوقراطية أو الحكم بالحق الإلهي و الذي يمثله دعاة الفكر السلفي و علي رأسهم الأخوان المسلمين.
و إذا كانت فِعلَة عبدالباقي الظافر من ضمن الأفعال التي قد توقع المرؤ في دائرة الشرك بالله (و الشِرك بالله أمر عظيم)، و قد قام بفعلها و هو علي علم بها فإن الله لا يغفر الشرك العمد حسبما جاء في قوله تعالي في سورة النساء (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لمن يشاء)، وقال أيضاً في سورة لقمان (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } كما قال تعالى في سورة المائدة (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ). أمَّا إذا كان لا يعلم بها فالواجب عليه أن يسأل ربه الرحمة و المغفرة و أن يقول كما في الحديث (اللهم إنِّي أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم)، فمن وقع في شيء وهو لا يعلم أنه شِرك؛ فإن رحمة الله واسعة. فقد قال تعالى في سورة الإسراء: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً).
أمًّا بالنسبة للأستاذ نقد فقد كان صادقا في رده للأستاذ الظافر و هو موقف جدير بالإحترام و التقدير لأن الصدق من شيم المؤمن التي لها مكانة عظيمة في القرآن و السنة، فقد قال تعالى في سورة غافر (إن الله لا يهدي من هو مسرفٌ كذَّاب) و في سورة الذاريات (قُتِل الخرَّاصُّون (أي الكذَّابون. وقال تعالى في سورة النحل (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُون). فالمؤمن لا يكذب فقد قال الرسول الكريم (يُطبع المؤمن على كل شيء ليست الخيانة والكذب) و قد جاء في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدِّيقاً ، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذَّاباً) و قد جاء أيضا في الحديث عن صفوان بن سليم أنه قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم (أيكون المؤمن جبانا فقال نعم، فقيل له أيكون المؤمن بخيلا فقال نعم، فقيل له أيكون المؤمن كذابا فقال لا). و قد قال شاعر الهجاء العربي بشار بن برد:
الصدق أفضل ما حضرت به
ولربما ضر الفتى كذبه
وقال الشاعر:
لا يكذب المرء إلا من مهانته
أو عادة السوء أو من قلة الأدب
لعض جيفة كلب خير رائحة
من كذبة المرء في جد وفي لعب
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
ودع الكذوب فلا يكن لك صاحبا
إن الكذوب لبئس خِلا يُصحَب
وقال الشاعر أيضا:
إن الكريم إذا ما كان ذا كذب
شان التكرم منه ذلك الكذب
الصدق أفضل شيء أنت فاعله
لا شيء كالصدق لا فخر ولا حسب
و الصدق في تراث شعبنا و في حكايات الشيخ فرح ود تكتوك منجاة من كل شر (إِنَ الصِّدِق ما نجَّاك الكِذِب ما بنجِّييك)، والفائدة من قصة كومة القش هي أن (تقول الحق ولو على نفسك). و الظافر في حقيقة الأمر لا يكترث لكل ذلك و لا يعطيه أهميةً و وزناً و يبدو أنه لا يفهمه و لا يخطر علي باله فهو ليس رجل دين و يبدو أنه يجهل بعض أساسياته و ليس بمقدوره فهم الأمور بهذا العمق و التأصيل و يجهل بها و يجهل عواقب الوقوع فيها، و يصدق عليه قول المولي عزَّ و جل في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ). بجانب أنه ليس بمقدور المرؤ أن يبصق علي القمم الشاهقة فكلما حاول ذلك إرتد بصاقه علي وجهه. و الأستاذ نقد أحد تلك القمم الشاهقة التي يصعب النيل منها. و برغم محاولة الظافر لتجريم الأستاذ نقد إلا أنه قد حاز علي تعاطف المشاهدين لأنه كان صادقا معهم و الصدق عملة نادرة في هذا الزمان و لا شعب السودان يحترم خصوصيات النأس و ينأي بنفسه عن التشهير بها. و علي العكس وجد السؤآل إمتعاضاً و رفضاً صريحا من المشاهدين للدرجة التي دفعت بسائل السؤآل محاولة تبرير فعلته و تجميلها في مقاله بعنوان (أنا و نقد هل من حرج) المنشور في سودانايل بتاريخ الخميس 18/03/2010م.
من حق من شاء أن يبحث عن النجومية كيفما شاء فكل إنسان حر و له الحق في أن يكون نجما ،،، لكن النجوم أصناف و ملل أو بعامية أهلنا (خشم بيوت) فهنالك نجوم يخصف الله بها الأرض و تنتهي من الوجود و لا تترك من ذكراها غير الخراب و الدمار، و هنالك نجوم تظل باقية علي مر العهود و الأزمان تضئ للناس الكون و تهديهم في حِلَّهم و ترحالهم يعرفون بها الفصول و يحسبون بها عدد السنين كما جاء في سورة يونس (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) و جاء أيضا في سورة الإسراء (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً). و النجومية عندما تكون علي حساب تعمد تشويه صورة الآخرين لن تجد إستحسانا من شعبنا الذي يتميز بالبساطة و التواضع و نكران الذات و النأي بخصوصيات الناس عن الأضواء الصاخبة و مواقع الشهرة و التلميع مكاناً قصِّيا، و هو شعب لا يفرق بين الصحفي و بين ما يقوله و يبشر به و يقترب من هذا القول أو ذاك بالدرجة التي يحترم فيها تقاليده و خصوصياته و يعبِّر عن تطلعاته و آماله و يدافع عن حقوقه و يصون كرامته. و شعبنا الطيب يحترم الصغير و يبجِّل الكبير و يحتفظ للمناضلين الشرفاء بهاماتهم و قاماتهم و ينأي بنفسه عما يخدش حيائهم و يمس كرامتهم و وقارهم و يفتح الباب علي مصراعيه لأعداء الشعب من السدنة و المنتفعين و تجار الدين للسخرية منهم، و ما فعله الظافر بالتعاون و التنسيق مع حنين لا يمكن أن يكون فعلا سويِّاً علي الإطلاق مهما كانت المبررات، و لا يمكن أن يصدر من شخص سوداني إلا أن يكون هو نفسه من تلك الذمرة يرضع من ثديها و يخدم مصالحها و مقاصدها، فالحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور متشابهات، و لا ينفع الظافر في ذلك أن يعود في مقال آخر لتلطيف الأمر و لتقريظ صدق أستاذنا الجليل نقد فهو بذلك لا يختلف عن الإنغاذيون الذين درجوا علي قتل القتيل و المشي في جنازته دون حياء أو نخوة و بكل دمٍ بارد، فذلك أشبه بالقصة الشعرية القديمة التي مرت علينا في كتب المطالعة التي كانت تُدرّس في المدارس الأولية ،،،
أتى (ثعالة) يوما من الضواحي (حمار)
فقال: إن كنت جاري حقا ونعم الجار
فإني كئيب مفكر محتار
في موكب الأمس لما سرنا وسار الكبار
طرحت (مولاي أرضا) فهل بذلك عار؟!
وهل أتيت عظيما؟! فقال: لا يا حمار!!!
و ليس غريبا أن يشبِّه الأستاذ نقد سؤآل الظافر بأسئلة محاكم التفتيش لأن الحلقة برمتها كانت صورة مستحدثة لمحاكم التفتيش و التكفير و مقدم الحلقة بابكر حنين هو المخرج و المدبِّر لكل فصول المسرحية فقد أكسبته خبرته الطويلة في التمسح بالأنظمة العسكرية و التصالح معها و علي رأسها نظام السفاح نميري (الذي أورثه عقلية و ثقافة الإتحاد الإشتراكي و العدالة الناجزة التي بدت واضحة علي العيان خلال الحلقة المذكورة و الحلقات اللاحقة لها) في إخراج مثل هذه المهاذل و حرِيٌ به قبل أن يتوجه بأسئلته علي قادة الأحزاب أن يحكي للمشاهدين ما تيسر عن قدراته الخرافية التي أبقته متربعا علي أجهزة الإعلام السودانية المرئية طوال هذه السنين دون أن يفقد كل هذا البريق. فمنذ أن كنا في المدراس الأولية كان السيد حنين يطل علينا من خلال برامج شبيهة (لا تختلف في سماتها و خصائصها عن البرنامج المذكور) لم تورثنا غير الملل و المزيد من المرارات و الغِدد. و عليه أيضا أن يشرح للناس لماذا كل هذا الإصرار (علي طول حياته الإعلامية و علي كبر سنه) للوقوف مع الأنظمة الديكتاتورية المعادية للشعب و الديمقراطية يدافع عنها و يكرِّس أجهزة الإعلام لخدمة مصالحها و لنشر القيم الطفيلية و الكسب الحرام و فرض أيديولوجية التآمر و الكذب و تملق السلطة و الإستعلاء علي الجماهير؟؟؟. و أتمني أن يكون في حياته الطويلة قدراً و لو قليلاً من المواقف الوطنية المدافعة عن قضايا الناس علَّها تشفع له يوم الحساب، أو أن يكون قد شارك في إحدي هبِّات الشعب و مسيراته دون مسيرات الإتحاد الإشتراكي و مواكب الرقص و هستيريا التهليل و التكبير، أو أن يكون قد عرف الطريق إلي زنازين البحريات و سجون كوبر و شالا و غيرها من المعتقلات التي ضمت الشرفاء من أبناء شعبنا من أمثال نقد و سليمان حامد و يوسف حسين و الصادق المهدي و مبارك المهدي و عرمان و غيرهم ممن أعد العدة لمحاكمتهم أمام الملأ من خلال برنامج معد سلفا و من خلال صحفيين و إعلاميين مختارين بعناية من أولئك الذين لا يقدِّرون المعني الحقيقي للصحافة و الإعلام و لا يجيدون فهمه و لا يتورعون عن إحراج الناس و التدخل في خصوصياتهم و أمورهم الشخصية. و رحم الله الأستاذ بشير محمد سعيد عميد الصحافة السودانية الذي تجسَّدت فيه كل قيم الصحافة الحقيقية و الذي تخرجت عن مدرسته كوادر صحفية و إعلامية لا يشق لها غبار شرّفت بلادنا و أضافت له عزِّاً و مجداً فقد كانوا يؤمنوا بما لقَّنه لهم عميدهم و معلمهم، بأن القاعدة الأولى في الصحافة هي الخوف من قول الكذب ،،، و القاعدة الثانية هي عدم الخوف من قول الحقيقة حتى في ظل الظروف الإستثنائية والقوانين المقيدة للحريات ((راجع ما أورد الصحفي المخضرم يحي العوض و الذي يعد أحد تلاميذ الأستاذ بشير محمد سعيد النجباء في مقاله الرصين المنشور بجريدة الشرق القطرية علي حلقات بعنوان (ذكريات معهم ،،، عميد الصحافة السودانية وتلاميذه)). فهل يفهم حنين، الظافر، دقش، و غيرهم من الأصوات الإعلامية و الأقلام المحببة للسلطة المعني الحقيقي لهذه المبادئ؟ و أين هم منها؟ و هل يطبقونها في حياتهم المهنية؟ و هل لديهم القدرة و الإستعداد للإلتزام بها؟؟ و ما هي القيم التي سيورثونها للأجيال اللاحقة التي تعمل إلي جانبهم؟.
و قد كان الراحل بشير محمد سعيد يحرِّض تلاميذه علي معرفة شعبهم تأكيدا لإرتباط الصحافة و الإعلام الجدلي بواقع الناس و حياتهم و تعتبر أحد الوسائل الهامة للتعبير عن قضاياهم و همومهم لا عن جلاديهم و سارقي قوت يومهم. فقد أورد الأستاذ يحي العوض في المصدر السابق ذكره ما يلي: (أمضيت أكثر من أسبوع بعد التحاقي بدار "الأيام" عام 1962، عندما استدعاني الأستاذ بشير محمد سعيد, المدير العام, إلى مكتبه و فاجأني معتذراً بأنه لم يشملني مثل بقية الزملاء بمفكرة العام الجديد لأنه حسبني من المتعاونين وقدم لي مفكرة أنيقة موحياً بأهمية المفكرة في تنظيم البرنامج اليومي للصحفي ثم سألني عن القسم الذي بدأت به عملي، فأجبته بأن الأستاذ مصطفى أمين سكرتير التحرير كلفني بترجمة عدة مقالات كما أوكل لي الإشراف على صفحة "الأدب"، وبصوته الخفيض الأقرب إلى الهمس، قال لي إنها بداية في الإتجاه غير الصحيح لاحتراف العمل الصحفي، عليك أولاً معرفة مجتمعك، ولن يتسنى لك الإقتراب الحقيقي من شرائحه المختلفة من خلال الشعر والروايات، لابد من النزول إلى القاع ومجابهة الواقع بلا أقنعة, أنصحك أن ترافق الأستاذ عبد الرحيم فقيري محرر الحوادث في جولاته على مراكز الشرطة وقاعات المحاكم هناك ستتعرف على حقيقة هذا المجتمع بسبر أغواره فإذا زرت أيضا المحاكم الشرعية فسترى أحداثاً وستستمع إلى حكايات تتفوق على خيال المبدعين الذين تتعامل معهم في صفحة الأدب).
و من تلاميذ الأستاذ بشير محمد سعيد أيضا المحجوبان (محجوب محمد صالح، و محجوب عثمان)، عبدالرحيم فقيرى، مصطفي أمين، محمد ميرغني و من طرائف تغطياته الصحفية (كما أورد يحي العوض في المصدر السابق ذكره) أنه شاهد في الفجر و هو عائدا من الفندق الكبير دبابات نميري واقفة أمام إشارات المرور الحمراء بشارع القصر و هي متوجهة للسيطرة علي القصر الجمهوري فكتب عبارته المشهورة و هو يخبر عن الإنقلاب (خرقت دبابات مايو الدستور لكنها أطاعت قانون المرور). بالإضافة إلي الرشيد بحيري، عبدالحفيظ باشري، عبدالمجيد الصاوي، محمد سعيد محمد الحسن و غيرهم ممن ذكرهم الأستاذ يحي العوض و ممن لم يذكرهم.
كون الأستاذ محمد إبراهيم نقد لا يصلي فهذا أمر شخصي و سيحاسب علي ذلك يوم يرث الله الأرض و ما عليها، و لا يلزمه حزبه بالصلاة أو عدمها فهو (علي حسب علمنا و علم الجميع) ليس حزبا دينيا و لا يشترط للإنتماء له أن تكون مسلماً أو مسيحياً أو لا دينياً فهو حزب مفتوح لكل السودانيين بمختلف معتقداتهم و أعراقهم ممن يطلعون علي برنامجه و لائحته و يقتنعون و يلتزمون بهما و يلتزمون بالدفاع عن قضايا الشعب بشرف و أمانة و يكون لهم الإستعداد للتضحية من أجلها. و هو من أوائل الأحزاب السودانية التي ظلت منذ نشأتها تنادي بحرية المعتقدات و بالتالي فإنهم يناضلون ضد مبدأ طرح سؤآل الظافر نفسه و الذي هو في جوهره يعبِّر عن مفهوم الدولة الدينية و الإستعلاء العرقي و الثقافي الرافض و المناهض لحريات المعتقدات.
و بغض النظر عن الإختلاف أو الإتفاق مع الأستاذ نقد و مع الحزب الشيوعي بأكمله إلا أن الشئ غير العادي الإستثنائي و الجدير بالإحترام و التقدير هو أن تجد أناس مثل محمد إبراهيم نقد الذي يقارب عمره الثمانين و التجاني الطيب و قد إنحني ظهره و غيرهم و هم لا يزالون في صفوف النضال الأمامية صادقين مع جماهيرهم و شعبهم متشربين بقيمه و مثله و أخلاقه لا يخشون في قول الحق لومة لائم و هم في قرارة أنفسهم و لسان حالهم يقول سنظل علي هذا الدرب حتي آخر الرمق، و هم بذلك يورثون الأجيال اللاحقة من رفاقهم إرثاً و مجداً عظيما، و في نفس الوقت يوفون بنزور الحب و الوفاء و الإخلاص للشعب و لأولئك الذين لا يختلفون عنهم من رفاقهم في النضال و الصداقة و الحب و الإلفة و المودة و إقتسام رغيف العيش الذين رحلوا عنهم في زمن مبكر إما بالمشانق أو برصاص الإعدام أو في غرف التعذيب أو بفعل عزلة حياة الإختباء الموحشة أو بفعل المرض و العلة و منهم من أصابهم الشلل التام و ما فتئوا و ظلوا سائرين علي نفس الدرب حتي لفظوا أنفاسهم الأخيرة ،،، يا ليتنا نمتلك مثل هذه الإرادة و هذا الجَلَد ،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.