وانا اعيش تفاصيل واحداث اضراب الاطباء وهم ينفضون غبار السنين ويرفضون الظلم ويقلبون تراب ازمنة الخمول باحثين عن الغد الافضل...و بحراكهم المشروع والمقدس يرفضون الظلم وينشدون الانصاف...وهذا قدر كل الشرفاء والاحرار..قد يتسامحون حينا ..وقد يصبرون حينا ولكنهم ابدا لايموتون ! ولايرهنون كرامتهم..قد يهاجرون فى ارض الله الواسعة عندما تضيق بهم الاوطان ولكنهم ابدا لا ينسون الوطن وترابه والامة واماله..نعم يظل الوطن فيهم ويعيشون بقلوبهم واشواقهم ...ويحلمون بالعودة والغد الافضل الذى طال انتظارهم له !! وما ألمنى كثيرا قرار القيادة السياسية وتعاملها المجحف مع ابناء البلد وعلمائة بسياسات الفصل والاقصاء.. فوجدت كلمات اديبنا الطيب صالح طيب الله ثراه تعود فى ذاكرتى وتساؤلاته تطرق عقلى وضميرى بعنف !!من الذي يبني لك المستقبل يا هداك الله وأنت تذبح الخيل وتُبقي العربات ،؟؟فشعرت به وكأنه يجلس بيننا فى صيوان الاطباء قبل ان يزال ويصادر!! نعم شعرت بالرجل وهو يقف حزينا على اطلال الصيوان الذى هدم !!فلم يتركوا له مايقول ...والشعر صوته حين يغدو الصمت وتنسكب المجاعة فى العقول ..ولم يبصروا عينيه وهما تقلبان تراب ازمنة الخمول !! وقرأت على صفحة وجهة عشرات الكلمات والتساؤلات ...وقرأت على عينيه الحزينة بكائية ترسى الوطن وجراحاته...ولكن ماسمعته بوضوح من من صدى اعماقه وهو يردد مقولته (أنتمي الى أمّة مقهورة ودولة تافهة )!!! اليكم كلمات الرجل وتساؤلاته التى لم يجد الاجابة لها فى حياته ...فهل ستجد الاجابة بعد مماته ؟؟!! مقال الراحل الطيب صالح هل السماء ما تزال صافية فوق أرض السودان أم أنّهم حجبوها بالأكاذيب ؟ هل مطار الخرطوم ما يزال يمتلئ بالنّازحين ؟ يريدون الهرب الى أيّ مكان ، فذلك البلد الواسع لم يعد يتّسع لهم . كأنّي بهم ينتظرون منذ تركتهم في ذلك اليوم عام ثمانية وثمانين . يُعلَن عن قيام الطائرات ولا تقوم . لا أحد يكلّمهم . لا أحد يهمّه أمرهم ؟ . هل ما زالوا يتحدّثون عن الرخاء والناس جوعى ؟ وعن الأمن والناس في ذُعر ؟ وعن صلاح الأحوال والبلد خراب ؟ جامعة الخرطوم مغلقة ، وكل الجامعات والمدارس في كافّة أنحاء السودان . الخرطوم الجميلة مثل طفلة يُنِيمونها عُنوةً ويغلقون عليها الباب ، تنام منذ العاشرة ، تنام باكية في ثيابها البالية ، لا حركة في الطرقات . لا أضواء من نوافذ البيوت . لا فرحٌ في القلوب . لا ضحك في الحناجر . لا ماء ، لا خُبز ، لاسُكّر ، لا بنزين ، لا دواء . الأمن مستتب كما يهدأ الموتى. نهر النيل الصبور يسير سيره الحكيم ، ويعزف لحنه القديم " السادة " الجدد لايسمعون ولا يفهمون . يظنّون أنّهم وجدوا مفاتيح المستقبل . يعرفون الحلول . موقنون من كل شيئ . يزحمون شاشات التلفزيون ومكرفونات الإذاعة . يقولون كلاماً ميِّتاً في بلدٍ حيٍّ في حقيقته ولكنّهم يريدون قتله حتى يستتب الأمن. مِن أين جاء هؤلاء النّاس ؟ أما أرضعتهم الأمّهات والعمّات والخالات ؟ أما أصغوا للرياح تهبُّ من الشمال والجنوب ؟ أما رأوا بروق الصعيد تشيل وتحط ؟ أما شافوا القمح ينمو في الحقول وسبائط التمر مثقلة فوق هامات النخيل؟ أما سمعوا مدائح حاج الماحي وود سعد ، وأغاني سرور وخليل فرح وحسن عطية والكابلي المصطفى ؟أما قرأوا شعر العباس والمجذوب ؟ أما سمعوا الأصوات القديمة وأحسُّوا الأشواق القديمة ، ألا يحبّون الوطن كما نحبّه ؟ إذاً لماذا يحبّونه وكأنّهم يكرهونه ويعملون على إعماره وكأنّهم مسخّرون لخرابه ؟ أجلس هنا بين قوم أحرار في بلد حرٍّ ، أحسّ البرد في عظامي واليوم ليس بارداً . أنتمي الى أمّة مقهورة ودولة تافهة . أنظر إليهم يكرِّمون رجالهم ونساءهم وهم أحياء ، ولو كان أمثال هؤلاء عندنا لقتلوهم أو سجنوهم أو شرّدوهم في الآفاق. من الذي يبني لك المستقبل يا هداك الله وأنت تذبح الخيل وتُبقي العربات ، وتُميت الأرض وتُحيي الآفات؟ هل حرائر النساء من " سودري " و " حمرة الوز " و " حمرة الشيخ " ما زلن يتسولنّ في شوارع الخرطوم ؟ هل ما زال أهل الجنوب ينزحون الى الشمال وأهل الشمال يهربون الى أي بلد يقبلهم ؟ هل أسعار الدولار ما تزال في صعود وأقدار الناس في هبوط ؟ أما زالوا يحلمون أن يُقيموا على جثّة السودان المسكين خلافة إسلامية سودانية يبايعها أهل مصر وبلاد الشام والمغرب واليمن والعراق وبلاد جزيرة العرب ؟ من أين جاء هؤلاء الناس ؟ بل - مَن هؤلاء الناس ؟ ودى وتقديرى) التحية لكل علماء بلادى فى كل القطاعات الذين صبروا كثيرا واعطوا كثيرا واخذوا القليل جدا ! وطالهم التجاهل والتغييب وعدم التقدير.. والتحية لأطباء بلادى وهم يسطرون اروع ملامح التضامن والصمود حول قضاياهم العادلة والتى هى فى الاساس قضايا وهموم المواطن السودانى البسيط..ويقدمون اغلى التضحيات من اجل واقع يقدر الانسان ويقدر العلم والعلماء وينهض بالوطن و يرتقى بانسانه.. د.محمد الشيخ __ طبيب سودانى momhmd elsheikh salih [[email protected]]