الخطر الحقيقي الذي يهدد بحر أبيض يتمثل في الخلايا الحيّة التي تجاهر بدعم التمرد    "مدينة هرار" .. بدلا من المانغو والفول السوداني.. ماذا يفعل "الذهب الأخضر" في إثيوبيا؟    مدير شرطة إقليم النيل الأزرق يقف على سير العمل بمستشفى الشرطة بمدينة الدمازين    (خواطر ….. مبعثرة)    وجوه مسفرة    وزير الخارجية الأمريكي في اتصال هاتفي مع البرهان يبحث الحاجة الملحة لإنهاء الصراع في السودان    الخارجية المصرية: "في إطار احترام مبادئ سيادة السودان" تنظيم مؤتمر يضم كافة القوى السياسية المدنية بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين    عائشة الماجدي: الموت إكلينيكياً (مؤتمر تقدم)    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    الموساد هدد المدعية السابقة للجنائية الدولية لتتخلى عن التحقيق في جرائم حرب    المريخ يواصل تحضيراته بالاسماعيلية يتدرب بجزيرة الفرسان    مازدا يكشف تفاصيل مشاركة المريخ في ملتقى المواهب بنيجيريا    الجزيرة تستغيث (3)    شاهد بالصورة والفيديو.. زواج أسطوري لشاب سوداني وحسناء مغربية وسط الأغاني السودانية والطقوس المغربية    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنانة السودانية شروق أبو الناس تحتفل بعيد ميلادها وسط أسرتها    بالصورة والفيديو.. شاهد ردة فعل سوداني حاول أكل "البيتزا" لأول مرة في حياته: (دي قراصة)    اختراع جوارديولا.. هل تستمر خدعة أنشيلوتي في نهائي الأبطال؟    شح الجنيه وليس الدولار.. أزمة جديدة تظهر في مصر    أوروبا تجري مناقشات "لأول مرة" حول فرض عقوبات على إسرائيل    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    السعودية: وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    والي ولاية البحر الأحمر يشهد حملة النظافة الكبرى لسوق مدينة بورتسودان بمشاركة القوات المشتركة    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يترأس اجتماع هيئة قيادة شرطة الولاية    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    "آبل" تعيد بيع هواتف قديمة في "خطوة نادرة"    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    سامية علي تكتب: اللاجئون بين المسؤولية المجتمعية والتحديات الدولية    بيومي فؤاد يخسر الرهان    نزار العقيلي: (العطا طااااار ومعطا)    تراجع مريع للجنيه والدولار يسجل (1840) جنيهاً    "امسكوا الخشب".. أحمد موسى: مصطفى شوبير يتفوق على والده    الأهلي بطل إفريقيا.. النجمة 12 على حساب الترجي    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    بالنسبة ل (الفتى المدهش) جعفر فالأمر يختلف لانه ما زال يتلمس خطواته في درب العمالة    الإعلان عن تطورات مهمة بين السودان وإريتريا    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    زيادة سقف بنكك والتطبيقات لمبلغ 15 مليون جنيه في اليوم و3 مليون للمعاملة الواحدة    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعاً منصور خالد .. بقلم: عمر الدقير
نشر في سودانيل يوم 24 - 04 - 2020

وترْكُكَ في الدُّنْيا دَوِيّاً كأنّما .. تَداوَلَ سَمْعَ المَرْءِ أنْمُلُهُ العَشْرُ
كلُّ البشر فانون، وما مِنْ أحدٍ عثر على عشبة جلجامش التي تَهَبُ الخلود .. وكلُّ ابن أنثى وإن طالت سلامته، لا بدّ أن يُحمَل يوماً على أعواد المنايا ويستبدل بِظَهْرِ الأرض بطناً.
لكنّ الرهان على خلود الإنسان في هذه الدنيا ليس عضوياً، إذ أن بعض الناس - بإسهامهم في مسيرة الحياة والأحياء - يتحدَوْن فكرة الغياب والزوال ويحولون الموت إلى محضِ مجازٍ لغوي .. إسهامهم يفيض بهم
عن مساحة قبورهم ويزيدهم حضوراً ساطعاً بين الأحياء كلما أوغلوا في الغياب .. من هؤلاء الدكتور منصور خالد.
شهد منصور خالد على نخبة جيله كما لم يشهد أحدٌ سواه .. أدمى أصابعه وهو يقرع الأجراس عبر عديد المقالات والكتب .. ولأنه لم يكن مساوماً في رؤاه، فقد كتب بلا تقيةٍ ولا مراوغة، وسمّى الأشياء بمسمياتها كما بدت له .. خاطب قومه بقناعاتٍ راسخة لم يترك معها مجالاً للتراجع، كما فعل طارق بن زياد حين خاطب جنده المحاصَرين بين بحرٍ وعدو .. كتب منصور بلغةٍ رفيعةٍ منمقة، ولكنها في مواطن الغضب من الاستغراق في الشجون الصغرى، الذي أنتج الخطايا وإضاعة الفرص، كانت لغةً مسننة الأطراف وكأنها تجرح من يحاول لمسها.
خلال نوفمبر الماضي زرت منصوراً في أحد مستشفيات لندن، وكان قد مكث بها طويلاً بأمر الأطباء، فوجدت صدره مثقلاً بهموم الوطن ووجهه متشحاً بالألم والحزن على ما أسماه مآل الحال بعد ثورة ديسمبر المجيدة، لكنه كان عظيم الثقة بالشباب الذي صنعها وموقناً بحتمية الاستدراك والتصحيح .. وحين سألته عن حاله، أجابني بأبياتٍ من ميمية المتنبي التي نَظَمَها حين أنزلَتْهُ الحُمّى عن صهوة جواده وألزمَتْهُ فراش المرض:
يقولُ لِيَ الطّبيبُ أكَلْتَ شيئاً .. وداؤكَ في شرابِكَ والطّعامِ
وما في طِبِّهِ أنِّي جَوادٌ أضَرّ .. بجسمِهِ طولُ الجِمامِ
تَعوّد أنْ يُغَبِّرَ في السّرايا .. ويدخلَ من قَتامٍ في قَتامِ
ثم زرته مرةً أخرى بمنزله بالخرطوم بعيد عودته الأخيرة للسودان .. كان رغم، أثقال السنين ووطأة المرض، حاضر الذهن وممتلئاً بالمعرفة والحياة معاً .. لكنّ الموت لا يخلف موعده، وها هو ذا منصور يُسْلِمُ الرُّوحَ باريها ويذهب جسده إلى أحشاء التراب بعد أن ترك إرثاً معرفياً باذخاً، نوعاً وكمّاً، فقد وضع توقيعاته الجريئة على ملفات قضايا الوطن في مختلف الحقول والشجون .. لَوّح تلويحة الوداع بصمتٍ وهدوء، كأنه أراد أن يُذَكِّرَنا بأن هذه الحياة بما فيها من ضجيجٍ وأحداثٍ جسام وصراعٍ ونصرٍ وهزيمةٍ وخذلان وأفراحٍ وأحزان، إنما هي رحلةٌ قصيرة .. مضى إلى جوار ربه، ومضى إلى ذاكرة الوطن بعد أن كتب بأفعاله وأقواله بعضاً من صفحات تاريخه.
عليه من ربه سحائب الرحمة والغفران، ولأهله وأصدقائه وشعبه حسن العزاء والسلوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.