في الوقت الذي مضي فيه قُرابة العام علي التوقيع علي الوثيقة الدستورية والعشرة أشهر تقريباً لتكليف الحكومة برئاسة رئيس مجلس الوزراء ( د. عبدالله حمدوك ) ، نتعامل الآن مع واقع وصل فيه تحالف الثورة ( الحرية والتغيير ) إلي أدني درجات التضعضع والتراجع علي كل مستوياته ، للدرجة التي أصبحت الرؤية الموحدة فيه شبه منعدمة أو غائبة ، هل يُعقل أن يُصرح ممثل لكتلة رئيسية فيه ( الإجماع الوطني ) وممثل الحزب الشيوعي وهو الباشمهندس( صديق يوسف ) بأنهم قد سمعوا بالتعديل الوزاري من ( التلفزيون ) ، وعلي الجانب الآخر نجد تصريح مُغاير من أحد ممثلي كتلة ( نداء السودان ) و هو ( خالد سلك ) أنهم كتحالف كانوا علي علم بهذا التعديل بعد أن نورهم به رئيس الوزراء قبل الثلاثين من يونيو الأخير عند إجتماعهم به .. وتقرأ تصريح آخر من عضو كتلة الإجماع ( محمد وداعة ) أنهم مع التعديل الوزاري وأنه يقع ضمن صلاحيات رئيس الوزراء .. في وقت وكما هو معلوم يغيب حزب الأمة شبه تماماً ، نسبة لموقفه المُعلن السابق من التحالف ومسألة تجميده و دعوته لمؤتمر إصلاحي وتبني ( عقد إجتماعي ) كان قد دفع به رئيس حزب الأمة ليكون بديلاً لإعلان الحرية والتغيير الذي تواثقت حوله القوي المكونة للتحالف في بداية تكوينه .. وباكراً جداً كان التحالف قد شهد إنسحاب قوي الجبهة الثورية إتبان تداعيات لقاء أديس ما قبل تشكيل حكومة الثورة الأولي والخلافات حول نسبة الجبهة الثورية من مناصب الدولة وإشتراطها تضمين ذلك في الوثيقة الدستورية .. وكان الحزب الشيوعي أيضاً قد أعلن ( حٓردٓان ) باكر من الوثيقة نفسها ورفضه المشاركة في مستويات السلطة السياسية والحُكم قبل أن يتراجع لاحقاً .. في كل هذه المدة ما بين التوقيع علي الوثيقة وإلي الآن وحتي الموقف من الدعوة لمليونية الثلاثين من يونيو الأخير من أجل تحقيق مطالب بعضها نتيجة لأخطاء صريحة ومسؤولية مباشرة لقوي تحالف الحرية والتغيير ، سعت بعض هذه القوي لتعليق فشلها وإخفاقاتها هي نفسها فوق جدار الشارع ولجان المقاومة وأسر الشهداء ( الشيوعي والتجمع الاتحادي وقوي الإجماع ) ! .. بينما إكتفت قوي داخل التحالف بعدم الدعم الصريح للمليونية وفي ذات الوقت عدم رفضها علي قرار ( مسك العصاية من النص ) وهم تحديداً حزب المؤتمر السوداني أحد أحزاب كتلة نداء السودان في التحالف .. بينما رفضها حزب الأمة الذي له أصبحت له ( رجل جوة ) وأخري ( برة ) التحالف .. بل حتي أن التباين داخل القوي الواحدة للمتحالفين قد إنعكس حتي في المواقف المتناقضة لقادتهم وفي خطاباتهم للجماهير ما بين الدعوة للتظاهر والدعوة للإحتفال بذكري 30 يونيو .. صديق يوسف ومن منصة سونا مع مريم الصادق ينادوا بالإحتفال ، و قادة آخرين للشيوعي والأمة إختلفوا مابين التظاهر والمليونية وتحقيق المطالب ومابين الرفض من الأساس ( موقف حزب الأمة الرسمي ) .. هذا بالإضافة للذي حدث داخل أهم مكونات التحالف نفسه وهو تجمع المهنينن من إنقسامات وتبادل إتهامات وتباعد .. كل هذه الإختلالات داخل جسد التحالف إنعكست علي الحكومة نفسها وأداءها نسبةً لعدم وجود أي رؤية وموقف موحد تجاه القضايا الأساسية التي تقوم عليها الفترة الإنتقالية.. في الإقتصاد والسلام والصحة والسياسة الخارجية والإصلاح وغيرها .. تحول التحالف إلي جسم معطوب ، فقد الكثير من قوته ، لعدم قدرة المتواجدين في دفة قيادته علي التوحد والإصلاح .. نصح كثيرون ، وكتب كثيرون ، وصرخ كثيرون ، والحال لم يتغير .. بل وصل الأمر حد أن طالب البعض رئيس الوزراء بتجاوز من أتوا به لتسيير أعمال الحكومة ، وهذا شئ معيب جداً .. تعلمنا أن التغيير لا يأتي بالأمنيات وبالإنتظار ! .. فحالة (الميوعة ) التي عليها التحالف الآن إن إستمرت حتماً ستقصم ظهر الفترة الإنتقالية دون أي أدني شك .. الحل في تقديرنا في الآتي : 1/ عقد مؤتمر عاجل لكل مكونات التحالف ( الحالية ) ، زائداً الحركات الرئيسية ( عبدالواحد والحلو ) وكذلك الجبهة الثورية التي كانت في الأصل جزءً من التحالف ، علي إعتبار أن هذه القوي والحركات شريك أساسي في الثورة وعملية النضال ضد النظام السابق ، بالإضافة أيضاً لممثلين لي لجان المقاومة ، أسر الشهداء ، و ممثلين لكل القوي الموقعة علي إعلان الحرية والتغيير ، كذلك تتم دعوة لمراقبين من شخصيات وطنية لها إسهامتها المُقدرة في مسيرة الثورة والنضال ضد النظام السابق .. 2/ مهمة المؤتمر إعادة صياغة التحالف وفقاً لكل قواه الحية الرئيسية والمؤثرة وإنتخاب هئية قائدة للتحالف يتم تقديمها علي أساس تحالفي يضمن التمثيل العادل لكل قوي الثورة والمرأة والحركات وقوي الهامش والقوي السياسية .. 3/ إعادة هيكلة التحالف وفك الإرتباط بشكل الكُتل السابقة وإستبدالها مباشرة بالقوي السياسية والحركات وممثلين لأُسر الشهداء ولجان المقاومة بشكل رمزي داخل هيكلة التحالف خاصة في مستوياته الوسطي والقاعدية .. 4/ إستبعاد تجمع المهنيين من التمثيل المباشر داخل الهيئة القائدة ، مع إحتفاظه بممثلين في المستويات الوسطي والقاعدية وذلك لأن المهنيين في الأساس ليس قوي سياسية أو حزبية ، وإنما طبيعته مطللبية ونقابية .. 5/ مهمة الهيئة القائدة بعد إنتخابها وضع رؤية موحدة للعمل في كل الملفات تسير عليها الحكومة الإنتقالية حتي إكمالها فترتها الزمنية المقررة .. 6/ رؤية التحالف في قضايا الإقتصاد والسلام وإصلاح الخدمة المدنية وإعادة هيكلة القوات النظامية والعلاقات الخارجية والإصلاح القانوني والمؤتمر الدستوري تتم وفقاً لتوصيات مؤتمرات متخصصة متسارعة لكل تلك المجالات تدعو لها الهيئة القائدة ولجان التحالف في مدة زمنية معلومة وبشكل فوري وعاجل .. 7/ يتم إشراك ومشاورة رئيس الوزراء في السياسات العامة للحكومة وفقاً لتوصيات المؤتمرات المتخصصة ولجان التحالف والهيئة القائدة له .. حتي في حال عدم إستجابة بعض القوي السياسية أو الحركات للدعوة لمؤتمر إصلاح التحالف والمشاركة فيه ، يكون عندها قد تم إنجاز الحد الأدني من الإتفاق علي قيادة وبرنامج ورؤية تقود المرحلة الإنتقالية والحكومة ممن سيشاركون في مؤتمر إصلاح التحالف للحرية والتغيير .. 8/ لا بد من توسعة المشاركة وعمل فرعيات للتحالف في الداخل والخارج ، تعمل وفقاً لهيكلة الحرية والتغيير وتساهم في تقويته والحفاظ علي مكتسبات الثورة ووحدة الشارع .. بغير خطوات الإصلاح هذه سيتعرض التحالف للتشظي وإنفراط عقده ، وبالتالي سيفشل التحالف في قيادة المرحلة الإنتقالية سياسياً وعلي الأرض ، مما سيفتح مهددات ومخاطر لما أكسبته الثورة وما تم من تضحيات من أجل بناء دولة السودان الموحدة الديمُقراطية الحديثة .. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.