*التطبيع مع إسرائيل غالي، يا البرهان، ومطلوب منك التطبيع مع إسرائيل على الفور، لدعم انتخاب ترامب، و أنت لا تدري كيف يدعم التطبيع ذلك الفوز، لكنك طلبت 3 مليار دولار فقط مقابل التطبيع مع إسرائيل، وذلك ثمن بخس.. بينما يعطي دعم حملة ترامب الانتخابية قيمة إضافية للتطبيع، بلا جدال؟ * إتَّ ناوي تبيع السودان رخيص يا البرهان! * ثم هل يتم البيع سراً لتفادي حساسية السودانيين تجاه إسرائيل أم يتم جهراً؟ .. * لعلمك، لن يُرضي أي بيع سري للتطبيع طموحات ترامب الانتخابية.. ولذلك سوف يجبرونك على القبول بإعلان التطبيع وإشهاره في مؤتمر صحفي مشهود على نطاق العالم، كي يتسنى لترامب أن يتباهى أمام الناخبين بما أنجزه من أجل تحقيق الأمن لإسرائيل، حبيبة الشعب الأمريكي.. * إن الإمارات تبذل قصارى جهدها معك لتجعل من السودان إحدى الأوراق المرصودة لفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، لأن فوز جو بايدن سوف يحرق أوراقها في اليمن وليبيا.. ويشكل خطراً على مشروعها في بورتسودان.. * وتُعتبر (كبكبة) الإمارات هذه قيمة إضافية جديرة بالإضافة إلى ثمن التطبيع.. وعليك أن تضعها على طاولة مفاوضاتك مع محمد بن زايد.. * لكن هل تملك، يا البرهان، مفاتيح تحقيق ما تطلبه الإمارات من أجل ولي عهدها ومن أجل نتنياهو ومن أجل ترامب..؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي عليك طرحه بينك وبين نفسك.. * اصطحبت معك وزير العدل ،عبدالباري، أحد رجال القانون (المُفَتِحين)، ربما للتدقيق في نصوص صفقة التطبيع واستكناه خباياها.. ووجوده معك يشي بأن د.حمدوك أعطاه الضوء الأخضر للجلوس معك على طاولة التفاوض حتى نهاية الشوط؟ * الأزمات الاقتصادية والسياسية المتلاحقة في السودان لا نهاية لها.. ومن الواجب البحث عن وسيلة لقطع دابرها بدبارة وحنكة.. لكن ليس من الدبارة ولا من الحنكة قطع دابرها بالخضوع للإبتزازات الإماراتيةالأمريكية يا البرهان يا أخي! فهذا أمر لا يليق بالسودان! * إن ترامب في أشد الحوجة إلى تطبيع العلاقات السودانية الإسرائيلية أكثر مما أنت محتاج إلى ال3 مليار دولار ورفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. ولن يستطيع ترامب فعل ما تصبو إليه أنت ومن شايعك.. لأن رفع إسم السودان من تلك القائمة أمر رهين بموافقة الكونقرس.. والكونقرس مشغول بمواضيع داخلية ساخنة هذه الأيام.. وعلى رأسها موضوع تعيين قاضٍ/قاضية للمحكمة العليا خلفاً للقاضية RBG المتوفية الاسبوع الماضي.. وتعيين قاضٍ/قاضية، من المنتمين للحزب الجمهوري، في المحكمة العليا سوف يعضد من شعبية ترامب المنتكسة بسبب سياساته الرعناء وسلوكياته ( الشترا) وتغريداته اللامسئولة.. * وقد أثارت تلك السياسات والسلوكيات امتعاض عدد غير قليل من مؤيديه.. وحسب استفتاءات رأي جرت في أمريكا، فإن حظ ترامب في الفوز تضاءل كثيراً بين اللامنتمين سياسياً.. * ليس ذلك فحسب، بل إن جماعة من المنتمين للحزب الجمهوري أعلنوا عن دعمهم لجو بايدن، الديمقراطي، وكونوا حملة تعارض إعادة انتخاب ترامب لدورة ثانية: Lincoln Project, a campaign of Republicans who oppose Mr. Trump's re-election * ومن أشهر الجمهوريين الرافضين لدعم ترامب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش وشقيقه جيف بوش، حاكم ولاية فلوريدا السابق، ووزير الخارجية الأسبق كولن باول، وكونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأسبق.. * وصرح عدد من الجمهوريين الأعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، بأنهم يجدون صعوبة في دعم ترامب.. أما السناتور الجمهوري فرانسيس روني، من ولاية فلوريدا، فإنه يفكر في دعم بايدن لأن ترامب على حد تعبيره "يدفعنا جميعنا إلى الجنون"! - ولا تزال حظوظ ترامب تنتكس، بعد أن أصدر الصحفي الأشهر، بوب وودوارد كتاب ( Rage/ الغضب) إنتقد فيه ترامب وذكر في ختام الكتاب أن ترامب لا يصلح رئيساً لأمريكا .. وقد سبقه جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي المستقيل، بإصدار كتاب ينتقده نقداً مدمراً.. * ومن داخل أسرة ترامب كشفت ابنة شقيقه عن مخازيه، ونقلت في الكتاب ما قالته عمتها، شقيقة ترامب الكبرى، عن أن ترامب شخص كذاب وعديم الأخلاق و لا يُؤمَن جانبه على الإطلاق.. * فهل تؤمِن جانب ترامب يا البرهان.. وهل تصدق وعود الإمارات بمنحك الثلاثة مليار دولار التي تطالب بها.. وكأننا يا البرهان لا رحنا ولا جئنا..! * فقد سبق وأن وعدت السعودية والإمارات السودان بدعمه ب 3 مليارات دولار لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان، ونكصت الدولتان عن الوعد حتى الآن.. * يا تُرى، هل ال3مليار التي تطالب بها الآن مقابل التطبيع هي نفس المليارات الموعودة سابقاً من الدولتين؟! لستُ أدري، ولكن أخشى ما أخشاه أن توقِّع شيك التطبيع على بياض و لا تقبض الثلاتة مليار دولار..! * إن المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين.. * وعلى أيّ حال، إن قرار التطبيع مع إسرائيل ليس في يدك ولا في يد حمدوك.. وأي عملية من ذاك القبيل سوف تثير حفيظة البركان في الشارع العام.. حيث تجتمع حمم بركان اليسار السوداني بحمم اليمين السوداني في وحدة تجعل أرض السودان أخاديد تحول دون وجود مكان لتقيم إسرائيل سفارة لها في السودان.. * إن كراهية إسرائيل متجذرة في المجتمع السوداني بعمق لا يمكن تصوره.. وهذا لا ينفي أن هناك تعاطفاً لا يستهان به من شباب يرون أن التطبيع مع إسرائيل سوف يكون مدخلاً لحياة أفضل في السودان..! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.