عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. نحن شعب يطبق قول الشاعر " أغلطوا انتو يا أحباب نجيكم نحن بالأعذار" حرفياً، وفي كل المواقف حتى إن أضرت بالوطن. أوضحت مرحلة ما بعد الثورة أن التطبيل والتهليل وخلق الأعذار ليس بالضرورة أن يكون بدافع التكسب المادي، مثلما فعل الكثيرون خلال حُكم المخلوع. ويبدو أن عاطفتنا الجياشة تدفعنا لأن نبحث دائماً عن أفيون نتخدر به. وما هجومنا المستمر على المكون العسكري في الحكومة الانتقالية كسبب أوحد وراء هذا التدهور المريع الذي يشهده بلدنا إلا دليل على ذلك. تنتقد رئيس الوزراء ف (ينط) ليك البعض في حلقك سريعاً بالقول " حمدوك يواجه حرباً شعواء وهو مخلص لقضية الثورة لكن هناك من يتآمرون عليه، وانتوا سكتوا 30 سنة منتظرين منو يصلح ليكم الخراب في سنة واحدة". وإن سألت هذه الفئة عن نضال دكتور حمدوك طوال فترة حُكم الطغاة لاذوا بصمت مخجل. لو قلت إن الكثير من أعضاء قوى الحرية والتغيير خانوا الثورة والثوار وأفسحوا المجال لألاعيب العسكر في وقت كان بمقدور الشعب السوداني أن يحقق ما خرج من أجله، يأتيك الترهيب سريعاً بعبارات من نوع " من يقف ضد قوى الثورة صاحب مصلحة وربيب للكيزان" ، مع أن من تقوم بإعادة تعيين الكيزان في العديد من المناصب هي حكومة الثورة بدءاً برئيس وزرائها، مروراً بوزير خارجيتها وانتهاءً بأصغر مسئول فيها. إن أشرت لسلبية وضعف أداء وزير الإعلام و تقاعسه في حسم كيزان هذا الوسط يناشدونك بأن تكف عن انتقاد وزير ناضل ضد الإنقاذ، وأن تعذره لأن التركة ثقيلة وأن التطهير يتطلب وقتاً طويلاً، مع أنك لا ترى مؤشراً واحداً على جدية فيصل في حسم هذا الملف الحساس الذي عادة ما تبدأ به أي حكومة ثورة جادة في احداث التغيير. ويكفي أنهم لم يتعرضوا حتى اللحظة للصحف والقنوات الفضائية التي يستهين أصحابها كل يوم بالثورة وحكومتها بالرغم من أن هذه المؤسسات تأسست بعرق وأموال هذا الشعب المغلوب على أمره. تفتح فمك بكلمة عن قناة السودان وضعف مسئولها الأول لقمان أحمد، فيترجونك أن تكف عن الهجوم على من عمل بالمؤسسات الإعلامية الكبيرة بأمريكا، ويجدونه له ألف عذر من شاكلة أن المخربين في القناة كثر وعلينا بالمزيد من الصبر حتى يستأصلهم لقمان، ناسين أن الانقلابيين أنفسهم يستهلون عهودهم بالسيطرة على الإذاعة والتلفزيون، وأن لقمان وفيصل والرشيد لو جلسوا على كراسيهم عشر سنوات فلن يغضبوا (كوزاً واحداً). تشكو من وزير التجارة والصناعة وضعفه الواضح وعدم رغبته في الاضرار بمصالح بعض من ظلوا يمصون دم هذا الشعب فيطالبونك بأن تستحي من نفسك وألا تساير الكيزان في مخططاتهم، فالمدني عدو الكيزان اللدود ولهذا يحاول الكيزان تشويه صورته، مع أنه لم يتعرض لكوز واحد في هذا البلد. تنتقد البوشي فيقولون لك أنها معذورة بُحكم صغر سنها وتجربتها، وأن من يكبرونها بعشرات السنوات يفترض أن يأخذوا بيدها لا أن يوجهوا لها النقد، وكأن قوى الحرية والتغيير أسست دوراً للحضانة ورياض الأطفال لا حكومة (كفاءات) كما ظلوا يرددون. تؤكد على شهادة من عمل بالوزارة وتؤمن على حديثه حول تعاون الوزيرة مع منظمات خارجية فيرتد اللوم عليك ويسألونك عما دفع المدير العام السابق للإعلام لانتقاد الوزارة والوزيرة بعد مغادرته المنصب، بالرغم من أنه لم يخرج من الوزارة مُقالاً، بل اختار أن ينأى بنفسه عن ما يجري فيها. بدلاً من المواجهة نهرب دائماً للأمام، ويفوت علينا أن مثل هذا المدير العام مجرد شخص ومن دافع عنه فرد أيضاً في هذا الوطن الكبير. لنعتبر المدير المستقيل مخطئاً، فهل سيحل ذلك مشكلة الوزارة! إن حملناه الخطأ ولمناه على بوحه، فهل سُتحل المشكلة!! المواجهة (سمحة) يا جماعة الخير لهذا يفترض أن نركز على ما إذا كان ما قاله صحيحاً أم لا. هذا أنفع وأفيد للوزارة ولقطاع الشباب الحيوي وللبلد. وهو ما لم ولن يحدث، لأننا (حكومة وشعبااً) نهوى فكرة الهروب للأمام وإيجاد الأعذار والمبررات وتضييع الوقت في الجدل البيزنظي. تشكك في نوايا وزيرة المالية وتشير لتماهيها مع العساكر ومع المتآمرين الإقليميين الساعين للإبقاء على هذا الوطن فقيراً ومعدماً فيكون الرد أن هبة تعمل ما بوسعها، إلا أن العقوبات الأمريكية التي يحلمون برفعها بمجرد أن تطبع حكومتنا مع الإسرائيليين تقيدها وتمنع حكومتها عن تحقيق تطلعات الثوار، مع أن البلد مليانة ثروات تُنهب تحت سمع وبصر أفراد الشق المدني في الحكومة. وإن وسعت دائرة انتقادك وتطرقت لعدم قدرة الحكومة المدنية على الارتقاء لمستوى التضحيات أعادوك للأسطوانة المشروخة " المكون العسكري يعمل على إضعاف المدنيين في الحكومة" مع أن هؤلاء المدنيين لم يقفوا ليوم واحد بصرامة في وجه هؤلاء العسكر ولا استعانوا بحاضنتهم الشعبية وصارحوها بما يجري في الخفاء. تعبر عن وجهة نظر مخالفة لاتفاق جوبا الذي أتى ببعض أصحاب الوزن الخفيف لينصبهم لاحقاً وزراء ومسئولين، فيقولون لك أن أي مجهود يسكت ولو بندقية واحدة يفترض أن يجد دعم المخلصين لهذا الوطن، مع تأكد الجميع من عدم وجود أي حروب ببعض المناطق التي شملها منهج المحاصصات البغيض. فلم يخض أهلنا في الوسط حرباً ولا رفع أهل الشرق بنادقهم طوال الفترات الماضية حتى يفاوض بإسمهم بعض من سعوا للمناصب لا أكثر. يرددون الكلام المعسول عن اسكات أصوات البنادق، مع إن الاتفاق يحمل أفراد هذا الشعب المنهك أخطاء الحكومات ويؤطر للفتنة والخلاف بين مواطني مختلف أقاليم السودان بقسمته الضيزى للثروات والخدمات. اتفاق يتضح جلياً أن من وقفوا وراءه لم يريدوا الخير اطلاقاً لهذا البلد، بل سعوا لخلق البلبلة وإشعال الحروب بين أبناء الوطن الواحد الذين ثاروا موحدين ضد مفسدي ومجرمي ولصوص نظام المؤتمر اللا وطني، وبالرغم من ذلك يدافع عنه الناس لأننا تعودنا أن نتعجل الأحكام بناءً على العواطف، قبل أن ندرك حجم الكارثة بعد وقوعها ووقت أن لا ينفع الإدراك صاحبه. عدم الموضوعية أيضاً واحدة من أشد أزماتنا إيلاماً. فقد يتفق الكثيرون مع نقد عام يوجه لهذا الطرف أو ذاك، لكن ما أن يوجه نقد مباشر لمن تربطنا بهم أي علاقة اجتماعية يصبح هذا النقد غير مرغوب، فيه، وربما يهاجمك البعض عليه. نحن قوم يمكن للواحد منا أن ينسى لأي سياسي فاشل أو شخص مشهور كل جرائمه في حق شعبنا إن سمح لنا فقط بالتقاط صورة معه، دع عنك أن تربطنا به علاقة قربى أو جيرة. فخلق الهالة حول من نسميهم مجازاً بنجوم المجتمع من هواياتنا المحببة. المطربات والمطربون الذين طبلوا وهللوا وغنوا للمفسدين يجدون منا كامل الاحترام. والصحفيون الذين سنوا أقلامهم على مدى سنوات طويلة للدفاع عن الباطل وتلميع المجرمين وتزيين أفعالهم المشينة نلاحقهم بنظرات الاعجاب أينما القيناهم. والأكاديمون الذين تنكروا لعلمهم ولعقوا أحذية الطغاة والمستبدين لا نزال نبجلهم. الجاهل يمكن أن نطلق عليه لقب دكتور إن صار من الأثرياء. والعامل البسيط نجعل منه مهندساً لو امتلك المال. نشكو من الأزمات وغلاء الأسعار، لكن لا مانع لدينا من التستر على تاجر جشع أو عامل مخبز أو طلمبة فاسد متى ما كان من معارفنا. ونمضي لأبعد من ذلك بالمشاركة في جرائم الفساد بمختلف أشكالها، حيث ندفع الرشوة بقلوب قوية ونبتاع السلع المنزوعة من آخرين ما دمنا قادرين على الدفع أكثر. وبعد كل ما تقدم نريد لبلدنا أن يتقدم ويلحق بركب شعوب أخلصت لبلدانها. وهذا هو المستحيل بعينه. فهل من أمل في أن نغير ما بأنفسنا لنلحق بلدنا قبل أن يجهز عليه الغزاة الجدد بمساعدة بعض الخونة من أبناء جلدتنا!! //////////////////////////