مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    ماذا بعد انتخاب رئيس تشاد؟    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غريشن .. الجنرال المتهم بالكوزنة ... بقلم: صلاح شعيب
نشر في سودانيل يوم 18 - 04 - 2010

معظم النار من مستصغر الشرر. ولكن تلك التي أوقدها الجنرال المتقاعد سكوت غريشن وتدفأ بها هو، ومؤيدوه، وخصومه، إنما نار بدأت بعبارتين جوهريتين فقط في مؤتمر صحافي بواشنطن في أوائل يونيو الماضي. قال الجنرال: "ما نراه في دارفور هو من مخلفات الإبادة الجماعية". وأردف في العبارة الثانية بقوله "مستوى العنف الذي نراه الآن هو في المقام الأول بين الجماعات المتمردة، والحكومة السودانية، وهناك بعض أعمال العنف بي تشاد والسودان". لم ينثن الجنرال عن ما وجده من إنتقادات حادة نظير هذا التصريح. إنما ذهب إلى الإدلاء بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس وقال إن سياسة المقاطعة الأميركية للحكومة السودانية لا تسهم في إحلال السلام في دارفور، والجنوب، وبقية انحاء القطر، مؤكدا ضرورة رفع العقوبات الإقتصادية عن السودان. وأكثر من ذلك فاجأ غريشون المراقبين بتصريحاته الأخيرة حول مفوضية الإنتخابات، وما تبع ذلك من ردود فعل حكومية، ومعارضة للدرجة التي وصف بأنه أصبح يمارس مهمته كمن هو عضو في حزب المؤتمر الوطني. وبرغم أن غريشن في الأصل موظف، مثله مثل أوكامبو، إلا أن الهجوم ذي الطابع الشخصي، هنا وهناك، دائما ما يتركز عليهما صارفا النظر بالاساس عن الذين هم خلف المشهد ويستمدان، غريشن وأوكامبو، منهم مصدر السلطات، أو فاعلية وظيفتيهما. ما يهم في أمر غريشن هو أن الإدارة الاميركية ليست بعيدة عن معرفة تصريحاته سواء في ما تعلق بقضية دارفور ومفاوضاتها، أو قضية الجنوب، أو مواقفه حول الإنتخابات والتي قال إنه "واثق" من أنها ستجري حسب الموعد المقرر ومن أنها ستكون "نزيهة وشفافة قدر الإمكان" ولم ينس أن يقول إن أعضاء المفوضية منحوه الثقة بالعملية الانتخابية.
إضافة إلى ذلك فإن هناك أكثر من مصدر لصنع القرار الأميركي، ودائما ما بقيت هناك تجاذبات بين المسؤولين عن البيت الابيض ووزارة الخارجية، وكذلك أخرى بين البنتاغون والخارجية، فيما تقف الميديا الاميركية ومراكز الدراسات الاستراتيجية ومنظمات اللوبي السياسي على مقربة من هذه المصادر السياسية، وأحيانا تتصاعد الخلافات بينها على قدر تصاعد إهمية الشأن الذي يتطلب قرارات حاسمة. إذن من الصعب التكهن حول ما إذا كان مسعى غريشن في السودان يجد كل الرضا، أو القبول أجمله من هذه الدوائر المؤثرة في صنع القرار الاميركي. ولكن المؤكد الآن أن غريشن يزاول مهمته في مرحلة جديدة من دبلوماسية أوباما التي تسعى لإعطاء الدبلوماسية مجالا للنجاح، وبالتالي يفضل لدعاة التحول الديمقراطي، وناشطي دارفور، تركيز إنتقاداتهم على المصدر الذي يستمد منه غريشن تصريحاته الخرقاء، كما يوصفونها.
من الكونغو إلى سلاح الطيران
علاقة غريشن بنار أفريقيا والتي كادت أن تضعضع صورته أمام الرأي الامريكي الذي يجله كجنرال بدأت حين نشأ في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث عمل والداه كمبشرين. وخلال أزمة الكونغو في أوائل ستينات القرن الماضي تم إخلاء عائلته ثلاث مرات وأصبح أفرادها لاجئين. بعد أن عادت عائلته الى الولايات المتحدة، درس في جامعة روتجرز، حيث إنخرط في برنامج تدريب ضباط الاحتياط، وحصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية. عند تخرجه انضم إلى القوات الجوية للولايات المتحدة في سبتمبر 1974 ثم لاحقا حصل على درجة الماجستير في دراسات الأمن القومي من جامعة جورج تاون في واشنطن في عام 1988. وهكذا ظل غرايشن، المعروف بتدينه، يتمدد في وظائفه في الجيش الامريكية حتى تقاعده في عام 2003. بعدها دخل الحقل السياسي الامريكي ورافق السيناتور( وقتها) باراك أوباما، كخبير في الشأن الأفريقي، في زيارته لأفريقيا والتي شملت خمس دول.
وفي تلك الزيارة التي امتدت خمسة عشر يوما وقف اوباما على اوضاع اللاجئين الدارفوريين في معسكرات بتشاد. وحين استعرت جولات الانتخابات أيد الجنرال الحملة الرئاسية لأوباما. وبعد النصر (الديمقراطي) على (الجمهوري) تنبأت الميديا في يناير الماضي أن الجنرال سيعين لإدارة وكالة الفضاء الاميركية (ناسا) غير أن شهر مارس أبان نتيجة تلك التنبؤات، وتم تعيينه مبعوثا خاصا للسودان.
في الحقيقة، إن كل الذي قيل عن سكوت غرايشن، قدحا أو مدحا، يؤكد صعوبة مهمته أكثر من صعوبة فهم طرق الجنرالات المتقاعدين، أو فهم السياسة الامريكية إجمالا. فالحكومة السودانية كانت بدأت تتنفس الصعداء من الشد الطويل بينها وسياسة الولايات المتحدة بعد تلك التصريحات التي ضرب بها غريشن في وتر مصالحها، وعدتها نفاجا جديدا تستغله للتخفيف من وطأة الضغط المحلي والخارجي على إرثها السياسي منذ قدومها. ولكن شهر العسل لم يدم طويلا. فالهجمات المكثفة التي واجهها الجنرال من قبل الجناح المتشدد حيال السودان، على قمته هيلاري كلينتون وسوزان رايس، فضلا عن منظمات ضغط أميركية وبعض ناشطي دارفور جعلته يدلي بتصريحات ناسخة لما قبلها. وبقيت في خاتم المطاف أشبه بالإعتذارات المتكررة التي ترفق بعبارة (أسئ فهم ما قصدت).
ففي الوقت الذي وصف د.غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية السودانية للرأي العام ، التقرير الذي أدلى به سكوت غرايشن المبعوث الأميركي أمام الكونغرس الخميس بأنّه نزيهٌ، وقال إنّه بمثابة "نقلة كبيرة إلى الأمام في مسار العلاقات السودانية الأميركية بما حمل من إشارات إيجابية" عادت الحكومة عبر مصدر رسمي موثوق أبلغ صحيفة الصحافة السودانية (ان محادثات غرايشن الاخيرة تركزت بشكل اساسي حول تصريحاته بشأن العقوبات على السودان، حيث تقدمت الحكومة باحتجاج رسمي وطالبته بتوضيح حول الامر، غير ان الرجل ذهب الى مبررات لم ترضِ الحكومة رغم محاولته اقناعها بأن حديثه جاء من منطلق تخفيف الضغوط التي يتعرض لها، فإنه يرى لا بد ان يكون متوازنا في طرح القضايا باعتبار ان هذا الاسلوب هو الافيد للحوار، لكن دوائر حكومية أعتبرت حديثه مثبطا لهمة الحوار ولا يعزز رفع العقوبات في المستقبل القريب).
حين علت نبرة مخالفته لمن هاجموا إتجاهه الذي ظنت الحكومة بأنه فتح جديد لها قال غريشن في الكونغرس (نحن منخرطون مباشرة مع جميع الأطراف ذات الصلة داخل السودان لاحلال السلام والاستقرار في البلاد. وهذا يشمل الحزبين الرئيسيين في ما سميت بحكومة الوحدة الوطنية) ، وحزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير السودان ، فضلا عن غيرها من الأحزاب والحركات السياسية والمجتمع المدني.) وتابع أنه قد سافر إلى السودان ثلاث مرات منذ تعيينه. "إنني عدت للتو قبل بضعة أيام من رحلتنا الأخيرة. كنا في الخرطوم لتسهيل المحادثات الثلاثية في الوقت المناسب للمضي قدما في تنفيذ اتفاق السلام الشامل في دارفور، واستعراض التقدم الذي أحرزناه على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وزيارة الدوحة للترويج لعملية السلام. لقد زرت عدة مخيمات للمشردين داخليا، واجتمعت مع قادة المخيمات. في نهاية المطاف، يجب على حكومة السودان أن تكون مسؤولة أمام شعبها ، وتتحمل المسؤولية عن سلام داخل حدود السودان.)
النساء لا يزلن يجمعن الحطب في حالة خوف
ورأى غريشن في شهادته أنه لا بد من التعامل مع جيران السودان والمجتمع الدولي. ولذلك سافر إلى تشاد ، الصين ، مصر، فرنسا، ليبيا، والنرويج، وقطر، والمملكة المتحدة للاجتماع مع الزعماء الرئيسيين الذين يشاركونه الاهتمام المشترك. وقال "نريد أن نعمل معا نحو تحقيق الأهداف المشتركة. وهذا هو السبب ، لقد ، عقدنا، في نهاية يونيو، منتدى لمؤيدي اتفاق السلام الشامل هنا في واشنطن لجمع ممثلين من أكثر من 30 بلدا ومنظمات دولية لتجديد الالتزام العالمي نحو سلام السودان وإستقراره. نحن واثقون بأن هذه المجموعة المتعددة الأطراف ستعمل بشكل وثيق معا من أجل تحقيق سلام دائم في السودان عن طريق لملمة شعث الاطراف السودانية المشاركة بشكل إيجابي في تنفيذ اتفاق السلام والتحضير للمستقبل، وزيادة قدرة حكومة جنوب السودان، والمساعدة في ابقاء جميع مؤسسات الحكومة السودانية مسؤولة أمام شعوبها.)
وأكد بقوله (نحن ملتزمون لتنفيذ هذه الرؤية لتحقيق النجاح. ولدينا فريقا يعمل بلا كلل لتحقيق أهدافنا. دوري هو دليل على رؤيتنا، وسأفعل كل ما في وسعي أن تؤتي هذه رؤيتنا ثمارها. وتقديم تقارير منتظمة إلى الرئيس أوباما وكلينتون حول التقدم الذي أحرزناه.)
ويرى غريشن أن الدعائم الأربع الأكثر إلحاحا والمطلوبة لدعم رؤيته حول السودان أنه لا بد من (1)وضع حد نهائي للصراع ، و(2)الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في دارفور و(3)العدالة لضحايا كثر و(4) الإهتمام بالملايين الذين لا يزالوا مشردين. وختم قوله في الكونغرس بتأكيده أن النساء لا زلن يجمعن الحطب في حالة خوف وأن الأطفال يكبرون من دون أمل في غد أفضل.
رأي مستشاره السوداني حول طريقة عمله
إستفسرت الاستاذ عمر قمر الدين، والذي يعمل مستشارا، غير متفرغ، للجنرال عن حجم الخلافات الذي اشيع بعد الرؤى التي صدر بها غرايشن موقفه من بعض القضايا السودانية. قال قمر الدين أن الكثير من ما أثير يفتقد إلى معرفة طبيعة الوضع التي تقوم عليه السياسة الاميركية، ليس تجاه السودان فحسب، وإنما تجاه كل القضايا التي تهم الإدارات الاميركية.
أشار قمر الدين بقوله" أن ما يحسب لغرايشن هو أنه تعامل مع القضية السودانية وفقا لرؤاه، والتي حتما تجد التقدير والإختلاف من جهات أخرى في المشهد السياسي. "إنه ثبت فقط، بناء على تجربته مع القضية السودانية، نظرته لحل صراعاتها المتعددة، وإذا كان هناك جناح بقيادة هيلاري كلينتون أو سوزان رايس أو غيرهم، ممن يرون بخلاف رؤيته، فإن هذا الأمر يتم وفق طبيعة الخلافات في الرأي والتي هي سمة من سمات الخبراء الأميركيين. إذ أنهم يقدمون تصوراتهم الفكرية والسياسية في مناخ يقبل الرأي والرأي الآخر.. أما بالنسبة لنا فإننا نرى الكوب الفارغ فقط، ولا تسعفنا خلفيتنا، غير الديمقراطية، في النظر للجزء الملئ من الكوب والتوصل إلى أن هذه الرؤى المشكل حولها هي من ضمن التنوع الفكري في المشهد السياسي الاميركي، وهذا هو ما يميز الديمقراطيات العريقة، حيث تجد كل الآراء تقييما موضوعيا ومن ثم يتم البناء عليها وفق مصلحة السياسة الاميريكية. وإذا حدث أن بعض الرؤى التي نراها مختلفة في جانب من التفكير الاميركي فإنها قد تؤكد صحتها يوما ما حتى إذا لم يتم الأخذ بها، والعكس هو الصحيح، فبعض من السياسات الاميركية التي يتم الاتفاق عليها من قبل الرأي العام، أو الإدارة الاميركية المعنية فإنها ربما تؤكد عدم صحتها بمرور الزمن. "
ويضيف قمر الدين أنه خلافا لما نشر في الصحف السودانية حول صدور الموقف السياسي الاميركي من القضايا السودانية، فإن أمر تقييم الموقف الأميركي يخضع لمقترحات من قبل وزارة الدفاع والخارجية والبيت الابيض وبعض الإتجاهات المعنية بإتخاذ القرار ولم يتسن لهذه القطاعات المشكلة للإدارة الاميركية الخلوص من أمر التقييم النهائي لما يجب أن تكون عليه السياسة الاميركية تجاه السودان"
بيد أن الجنرال المتقاعد سكوت غريشن، قال هذا الاسبوع، نقلا عن ( الشرق الاوسط)، إن (كبار المسؤولين الأميركيين اتفقوا على «إطار عام» لخطة نحو السودان، ستقدم إلى أوباما قريبا، مشير إلى أنه يحظى بتأييد كامل من الرئيس الأميركي، ويدعم خطواته تجاه السودان، ويحرص على حل مشكلتي دارفور وجنوب السودان. وأكد غرايشن، الذي كان يتحدث لمجموعة من أصحاب المواقع الخاصة (بلوقز) في مؤتمر نظمته وزارة الخارجية، أنه لم يقابل الرئيس السوداني عمر البشير خلال زياراته المتعددة إلى الخرطوم. وقال موفد الرئيس الأميركي إن كبار المسؤولين الأميركيين «اتفقوا على خطة إطار عام لما نسميه حزمة إغراءات وضغوط». وبسبب أخبار عن اختلافات داخل إدارة أوباما، خاصة بين غريشن والسناتور جون كيري، من جانب، وهيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، وسوزان رايس، السفيرة في الأمم المتحدة، في الجانب الآخر، قال غريشن إن «اتفاقا داخليا» تم الوصول إليه. لكنه رفض الحديث عن هيلاري وعن سوزان. غير أنه قال إن اتصالاته مع البيت الأبيض صارت مكثفة. وأنه، في الماضي، كان يجتمع في البيت الأبيض «مرة كل أسبوع»، لكنه، مؤخرا، صار يفعل ذلك يوميا).
وحول خلفية غريشن قال الاستاذ عمر قمر الدين:" إن ما لا يعرفه بعض الناس هو أنه يعتبر من الذين ساهموا في تطوير سلاح الطيران الاميركي خاصة في مجال طائرات التجسس المتطورة، كما أنه كان من المؤمل أن يقوم بإدارة (ناسا) إلا أنه فضل الابتعاد عن معاظلات الكونغرس في مناقشة أمر تعيينه. وحتما أن المنصب الذي يقوم به الآن لا يوازي إهميته داخل المشهد السياسي الاميركي.."
صحافي سوداني يحث على تفهم إدارة أوباما
الصحافي محمد علي صالح، مراسل الشرق الاوسط بالعاصمة الاميركية، قال لنا إن الضرورة الوطنية تستلزم من كل المعارضين للإنقاذ ألا يعارضوا فكرة غريشن برفع الحظر عن العقوبات الاميركية عن الخرطوم، وعليهم أن يستصحبوا معاني وجود رئيس جديد للولايات، من الأقلية السوداء، يريد أن يقدم نموذجا جديدا في كيفية التعامل الاميركي مع قضايا العالم. واشار أن أوباما الذي وصل إلى السلطة في أعقاب تنامي الاعتراف بالحقوق المدنية للسود سيكون موضوعا للذين يريدون من غريشن أن يزيد في أمد العقوبات، موضحا أن المطلوب هو أن يفرق الناس بين المصلحة الوطنية والمصلحة الخاصة التي جاءت عبر الغبائن والضيم تجاه النظام القائم في السودان.
وطالب صالح بعض ناشطي دارفور والجنوب الذين هاجموا أوباما ألا يستعجلوا في أحكامهم عليه من خلال رؤى غرايشن حول وجوب تغيير مجرى العلاقة الماثل بين السودان والولايات المتحدة. "الذين يظنون أنهم مظلومون تجاه الوضع التاريخي في المركز عليهم أن يكونوا مثل أوباما وأن يقولوا بضرورة فتح صفحة جديدة تتضمن رؤيتهم لإمكانية تحقيق مستقبل أفضل للتعايش، كما فعل أوباما من خلال برنامج الذي حمل عنوان التغيير"
ويضيف الاستاذ محمد علي صالح بأن مشاكل السودان عامة، والجنوب ودارفور خاصة، والتي يحاول غريشن والإدارة الاميركية فهمها من خلال وضع حلول كلية ينبغي أن ينظر إليها في إطار مصلحة السودان، وأنه ليس من الحكمة أن يعترض أي سوداني على مصلحه بلاده سواء نظر لها السودانيون أو الاميركيون بشكل يختلف عن نظرته..أنا أميركي مئة بالمئة، وسوداني مئة بالمئة، ومن هنا أقول إن السياسة الاميركية الجديدة حيال السودان والتي يريد غرايشن لفت الانظار إليها ستساعد في نزع فتيل الازمات، أما الذين تضرروا من سياسة الإنقاذ أو الأنظمة الماضية عليهم أن يراعوا مصلحة السودان ويقتنعوا أن الأجنبي لن يحل مشاكلنا إلا إذا أبدينا الرغبة للعمل وفق ما يعود بالمنفعة على كل السودانيين".
قال مصدر إن "مهمة غريشن في الفضاء قد حققت له أسما بارزا، ولكن مهمته إزاء أرض السودان مجابهة بعدة إعتبارات تتعلق بقدرته على لملمة شعث الساحة السياسية بناء على المصلحة الأميركية، وكذلك بناء على نهج الإدارة الاميركية الجديدة في إحتراف سياسة الدبلوماسية، والتي تتراوح بين تقديم الجزرة حينا وتأخير العصا في أحايين أخرى. غير أن القدر الأكبر لنجاح مهمة المبعوث تنبني على التسهيلات التي يمكن أن يقدمها اللاعبون في المشهد السياسي السوداني. فمن جهة فإن مهمته كمبعوث يتوق لتحقيق إختراقات في الملفات السودانية العالقة، والتي فرضت الاهتمام الاميركي، محكومة بقيودات زمنية. إلا أن سلحفائية المشهد السوداني قد لا تتيح له الفرصة لإنجاز سريع يعين الرئيس باراك أوباما في إنتخابات الرئاسة الثانية. ومن جهة أخرى فإن صعوبة جمع الفرقاء السودانيين وإيصالهم إلى نقطة إلتقاء لن يكون سهلا في ظل التباينات الحادة في الرؤى والأفكار الاساسية التي تريد تحقيقها."
وبغض النظر عن نجاح أو فشل مبعوث أوباما في تحقيق الإختراق السياسي في قضايا السودان، فإن نجاح القوى السياسية، أو فشلها في إحداث التسوية المتوقعة لقضايا التحول الديمقراطي، والجنوب، ودارفور، هو الذي يحدد طبيعة مهمة الجنرال غريشن وما ستنتهي عليه.
salah shuaib [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.