لا يفزعنك عزيزي القاري هذا العنوان فالحمد لله نحن مسلمون مدركون بحقيقة الموت الكبرى ونعلم من ديننا الحنيف ان الموت سبيل الاولين والاخرين قال تعالى :" كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ " آل عمران 185 وقال جل شانه : "وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّه كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ" آل عمران 154. وما دعاني لهذا العنوان هو وفاة الشيخ محمد سيد حاج الذي رحل عنا قبل ايام خلت وما تركه فينا هذا الفقد من حزن واسى، ولكن لا نقول الا ما يرضي الله، فمثل محمد سيد ان رحلت اجسامهم فان اعمالهم باقية، فالتعزية لكل المسلمين ولكل من احب هذا الشيخ الجليل، ولنعلم أن واجب العزاء المستفيد الأول منه هو نحن قبل أن يكون لصاحب المصيبة، عن النبي صلى الله عليه و سلم ، قال : ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز و جل من حلل الكرامة يوم القيامة " . رواه ابن ماجة والعزاء تصبير أهل الميت في مصابهم وتذكيرهم بأجرهم عند الصبر وأن يتذكروا مصابهم في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أعظم المصائب . واسمحو لي ان اعزي نفسي واعزيكم في فقيدنا الكبير الشيخ محمد سيد حاج والذي على كثرة ما نعاه الناعون فلن يوفوه حقه، فالرجل كان من خيرة الدعاة الى الله ولا نذكيه على الله، ونؤمن ان الله تبارك وتعالى قادر على ان يعوضنا فقده لكن يحق لنا في السودان ان نحزن ونبكي الشيخ محمد سيد ونتضرع للمولى عز وجل ان يجزيه خير الجزاء لما قدمه للدعوة باسلوبه البديع وعلمه الغزير وتواضعه الجم والبشاشة التي لا تفارقه في كل الاوقات، ولم اجد احسن من عزاء احد الاخوان الذي قال ان الشيخ محد سيد لا يكرر خطبه بمعنى انه يضع عصارة علمه في الخطبة لتظل باقية ومؤثرة في النفوس، وكان الشيخ الراحل يتمتع مع سعة علمه بروح الدعابة التي جعلت الناس يزدادون حبا له لذلك كانت المساجد التي يخطب فيها وحلقات دروسه تشهد اعدادا كبيرة من الناس، كما كان الشيخ الراحل يتمتع بخصلة نادرة جدا فمع علمه الواسع الذي جعل كل وقته للدروس عبر المنابر المختلفة ووسائل الاعلام كان متاحا للجميع، بالاضافة لاعمال الخير الجليلة التي ظل يقوم بها. ولقد كتب كبار العلماء عن فضائل الشيخ الراحل محمد سيد الامر الذي يجعل حديثنا عنه غير ذي قيمة مقارنة بما كتبه اولائك العلماء لكني اريد ان اكتب عن تجربة شخصية واعدها من احد كرامات هذا الشيخ، فقد اشتبك في ذهني احد الامور وظل يورقني ويشل تفكيري ويذهب النوم عن عيني فقد كنت بحاجة لاجوبة قطعية فيه فبالرغم من اني سالت عدد من المشايخ وقرات كثيرا الا ان ذلك لم يفي بكل الاشئلة عندي فقبل وفاة الشيخ محمد سيد كنت قد وجدت في الفيس بوك عنوان للشيخ الجليل فيه بريد الكتروني ولما كان الشيخ موضع ثقة عندي وكانت هناك معرفة شخصية فقد اخذت العنوان وكتب له رسال فبعد ان عرفته بنفسي حيث طالت المدة سطرت له اسئلتي فظللت متابع لبريد الالكتروني في كل لحظة في انتظار رد الشيخ لكن كان المفاجاة وانا في انتظار رده نعى الناعي الشيخ محمد سيد فكان ذلك الخبر صدمة بالنسبة ولكن العزاء الوحيد ان قناعتي ان هذا الشيخ وعلى الرغم من حياته القصيرة الا انه انجز فيها في دروب الدعوة مالم ينجزه غيره، وانا في هول الصدمة عثرت في الانترنت على مجموعة من خطب الشيخ الجليل وضعها الاخ فتح الرحمن احمد عبيد في موقع منتدى واوسي على الشبكة العنكبوتية، فتصفحت تلك الخطب ووجدت خطبة في نفس الموضوع فبسرعة فتحتها لاجد شيخنا بصوته المبحوح المحبب جدا الى نفسي يستعرض الامر الذي ابحث عنه ولم يترك شاردة ولا واردة باسلوبه البديع وسعة علمه الغزيرة فقد كان في الخطبة اجوبة شافية لما كنت ابحث عنه واكثر، فبعد الخطبة حمد الله كثيرا ووصلت الى قناعة ان مثل محمد سيد لا يموت كما يموت عامة الناس فيظل ما تركه باقيا كما قال لبيد ان ابي ربيعة: كم مات قوم وما متت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس احياء ونحن في الغربة ينعى الينا كل يوم حبيب اوصديق فنصاب بالحزن والاسى لاننا بعيدين لا نشارك في التشييع وتفوتنا فضيلة الصلاة، لياتي موت محمد سيد ونحن نكابد مرارة الغربة ليزيد حزننا عليه هذه المرارة لكن عزاءنا انه انشاء الله شهيد مع الصديقين والشهداء، لما دفن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اقبل عبد الله بن مسعود وقد فاتته الصلاة عليه، فوقف على قبره يبكي ويطرح رداءه ثم قال : والله لئن فاتتني الصلاة عليك لا فاتني حسن الثناء ، اما والله كنت سخيا بالحق، بخيلا بالباطل، ترضى حين الرضا، وتسخط حين السخط، ما كنت عيابا ولا مداحا، فجزاك الله عن الاسلام خيرا. فنحن نقول ان فاتتنا الصلاة عليك ياشيخنا محمد سيد لم يفتنا الثناء فقد كنت عالما تقيا ورعا ومبذولا لكل الناس الكل عندك واحد الغني والفقير فجزاك الله ابا جعفر عن الاسلام خير الجزاء. محمد احمد عمر [[email protected]]