بسم الله الرحمن الرحيم محال أن تمحو من ذاكرتك أولئك الذين ارتبطت بهم ، وعاشرتهم ، وتعلمت من بعضهم حب الوطن ، و بذكرهم وذكراهم تزداد صلابة في النضال ، من أجل رفعة وكرامة وطهارة هذا التراب الذي لا يقدره إلا أهله الحق، وغالبا ما يفوت علينا ، ونحن ننتظر أجلنا ، أن نقف وقفة عرفان ونقدر أعمالهم وإنجازاتهم وقد أثروا الحياة الثقافية والفنية والأدبية ، والأكاديمية علي مدار الفترة الماضية أسأل الله ألعلي القدير واسع رحمته ومغفرته وفسيح جناته لأولئك الذين قضوا نحبهم وودعوا الدنيا وقد كنت تري السودان في حدقات عيونهم وقلوبهم تنبض بحب الوطن في حياتهم الدنيا، الأستاذ الفكي عبد الرحمن ، الدكاترة الأجلاء عبد الله الطيب، أحمد الزين صغيرون ، علي المك ، محمد عبد الحي ، صلاح محمد ابراهيم ، الدبلوماسي الهادي الصديق ، جاد الله جبارة، ومن هؤلاء ... والدي ... عبد المجيد أمين عبد الله همت، مدير دار السودان الأسبق وأحد رواد الحركة الكشفية السودانية بالقاهرة . في منتصف الستينات ، وفي مناسبات وطنية ، كعيد الاستقلال ، كنا نجوب شوارع القاهرة الهامة، بملابس الكشافة السودانية ،وعلي ايقاع المارشات العسكرية ، يتقدمنا علم السودان ،نتلقي التحايا والتأييد من المصريين المصطفين علي جانبي الطريق ، وبعمائمنا المميزة ، نلقي بصدورنا الي الأمام في عزة واباء أنظر بالله عليك .!! ماذا كان بالأمس.... وماذا هو عليه الآن..؟!!. هذه مجرد ذكري وتذكرة ، فمثل هؤلاء الرجال كثر ، ممن أحبوا هذا الوطن وناضلوا من أجله. طيب الله ثراهم ، وأطال الله في عمر أولئك الذين ينتظرون ، وأمدهم بالصحة والعافية ، فبالرغم من الظروف السياسية التي عايشوها والتي كانت كلها استبدادية بامتياز، فقد أثروا بعلمهم وثمرات ابداعهم ، ولا زالوا ، سماء السودان وأرضها ، بل أن منهم من تجاوزها إلي فضاءلت العالم الرحب إبراهيم حامد شداد ، يوسف عيدابي ، فتح الرحمن عبد العزيز، هاشم صديق ، محجوب عباس ( فارس المسرح الجامعي )، عبد الرحمن نجدي ، فؤاد عكود ، تحية زروق ، صالح الأمين ، فاروق عجباني ، محمد وردي، أبو عركي البخيت ، أنس العاقب ، صلاح الدين الفاضل ، معتصم فضل ، وغيرهم ممن لم تسنح الذاكرة لذكرهم ، وممن أطالوا قامة هذا الوطن بأعمالهم وانجازاتهم علي كافة الأصعدة . إذا قال لكم أحد ما أن هذا ليس هو السودان الذي يعرفه أهله ويعرفه العالم من قبل ، فحري بكم أن تصدقوه ، لأن هذا البلد ذو تراث ثر ومنبع حضارة تعتبر حتي الآن غامضة لم يكشف التاريخ عن كل أسرارها بعد، ولقد قوض الأفاقين من مدعي السياسة والطغاة الأثر الباقي منها لما استولوا علي هذا البلد، ونهبوا ثرواته ، وهدموا أركانه الأربعة ، وصادروا حريات الناس وأحدثوا من الفتن ما أحدثوا ، وقلبوا كل الأمور ، ولم يرفعوا إلا رايات شخوصهم المريضة ، باسم الدين والرسالة ، وكان الدين والرسالة في واد ، وهم في واد آخر ، حفاة عراة أتوا ، بشغفهم وجشعهم وطمعهم وحبهم الجم للمال ينهبونه من كنز الوطن وعرق المقهورين ، ويتطاولن في البنيان برؤوس خاوية وبطولات زائفة ، ولم يتركوا للسودان شيئا يفخر به سوي " جعجعة " ممجوجة ، في ظاهرها الحرص علي الوطن ، وفي باطنها " خواء" ، ففاقد الشئ – كما قيل - لا يعطيه ، كالفارس بلا جواد ، والرامي بلا سهم ونشاب . والجاهل بلا علم ولا عمل . نسأل الله أن يحفظ هذا البلد , وأن يخرج من صلب أبنائه من يرفع راية الحق وينشر السلام والعدل والإحسان لينعم بهم كل الناس ، فبدون هذه الأركان الأربعة لا تقوم قائمة "الدولة" و قد آن لها أن تقوم ، كما يحب الله ويرضي . الدمازين في : 15/05/2010 م. محمد عبد المجيد أمين(عمر براق )