بنفس الطريقة التي أدار بها الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل برئاسة مولانا محمد عثمان الميرغني قضية المشاركة في الانتخابات الماضية من عدمها وما صاحبها من "مواقف متضاربة" حول المشاركة أوالمقاطعة التي انتهت بالمشاركة ثم رفض النتائج بعد أن خرج منها "بدون دائرة". وبعد انجلاء معركة الانتخابات ونتائجها بدا المؤتمر الوطني يتجه لبعض الأحزاب السياسية في محاولة منه لاحتواء "غضب" هذه الأحزاب فيبدو أنه وجد الحزب الاتحادي الأصل "من الأقربين" خاصة وأنه يذكر المواقف غير المتشددة التي أطلقها مولانا محمد عثمان الميرغني "ولاءاته الثلاث" الشهيرة التي رفض فيها العداء مع المؤتمر الوطني. صراع التيارات ويرى البعض أن عدم وضوح مواقف الاتحادي الأصل يرجع لصراع تيارات داخل أروقة الحزب حيث يوجد تياران أولهما يدعو للتحاور مع الوطني وعدم اتخاذ أي مواقف متشددة معه وهذا التيار نجح لحد ما في هذا الأمر خاصة في مشاركة الحزب في الانتخابات التي اعتبرها التيار المتشدد إعطاء شرعية للعملية الانتخابية التي يعرف إنها ستأتي مزورة وإذا لم تعرف قيادة التيار الأول إلا أن التيار الثاني يتزعمه نائب رئيس الحزب علي محمود حسنين الذي دعا من بداية العملية الانتخابية لمقاطعة الحزب للانتخابات وعدم المشاركة والتنسيق مع أحزاب المعارضة لتغيير النظام ونجد أن هذا الأمر وضح أكثر عند رفض الاتحادي المشاركة في مؤتمر جوبا إلا أن حسنين أصر على المشاركة وجاء لجوبا وقال إنه يمثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل. حرب الوثائق وتحدث البعض عن عرض المؤتمر الوطني المتمثل في ثلاث وزارات اتحادية وثلاثة وزراء دولة بوزارات اتحادية ورفض الأول للأمر باعتبار أن المعروض ليس بقامة الاتحادي الأصل إلا أن المؤكد في كل هذا الأمر أن هنالك مفاوضات كانت تجرى بين الطرفين ولم تكلل بالنجاح مما دعا رئيس الجمهورية المشير عمر البشير إعلان حكومته الجديدة بدون "الأصل" وهذا الأمر قد أدهش البعض خاصة وأن الوطني يحتاج لمثل هذه المشاركة في حكومة تنتظرها أعقد المهام. وبعد إعلان الحكومة التي خلت من الاتحادي الأصل سارع الطرفان "الوطني،الاتحادي"لتحميل مسئولية فشل الاتفاق للآخر. قال الأصل إنه رفض المشاركة لتعنت الوطني وعدم اهتمامه بمستقبل الوطن ورفض تبني برنامج قوي يعالج القضايا العالقة أما المؤتمر الوطني رد على هذا الأمر بطريقة "حازمة" حيث كشف عن سبب خروج الاتحادي من المشاركة في الحكومة لتأخر الأول في موافقته على ما عرض عليه وأنه أتى بالمواقف بعد أن حسم الأمر وأن خطاب الموافقة الذي استلمه القيادي بالمؤتمر الوطني د.كمال عبيد قبل يوم واحد من إعلان الحكومة (13يونيو) وجاء الخطاب المعنون باسم الحزب الاتحادي الأصل وبتاريخ الأحد 13 6 2010م الموجه للقيادي بالوطني كمال عبيد ونص علي الآتي:"الموضوع: مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل في الحكومة على المستوى التشريعي والمركزي والولائي، بالإشارة إلى الموضوع أعلاه وتأسيساً على اللقاء الذي تم بين مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، والمشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية، واستشعاراً بالتحديات والمخاطر التي تحيط بالبلاد، ودرءاً للتدخلات الأجنبية، وتحقيقاً للسلام والوحدة، نؤكد لكم موافقة الهيئة القيادية للحزب على المشاركة في الحكومة القادمة على كافة المستويات حسب ما أبلغكم به السيد/ أحمد علي أبو بكر والسيد/ أحمد سعد عمر عضوا الهيئة القيادية. عليه فإنّ الهيئة القيادية للحزب تتطلع لتصوركم للمشاركة حتى نوافيكم بمرشحينا في المواقع المختلفة. ووقع هذا الخطاب مقرر الهيئة القيادية بالحزب الاتحادي الأصل بابكر عبد الرحمن بابكر، وبهذا الخطاب يكون المؤتمر الوطني دخل في "حرب وثائق" مع الاتحادي الأصل. موقف مرتبك وبرر القيادي بالمؤتمر الوطني د.ربيع عبد العاطي إخراج مثل هذه المخاطبات بقوله ل (السوداني) إن الخطاب جاء لوضع النقاط فوق الحروف ولإبراء ساحة المؤتمر الوطني من عدم مشاركة الاتحادي الأصل في الحكومة وإبراز أن عدم المشاركة جاءت نتيجة أزمة داخل الحزب الاتحادي وارتباك في اتخاذ قراره ومحاولة البعض المشاركة في الحكومة بصفة شخصية وليس حزبية. وأضاف بأن حزبه يريد مشاركة ليست مبنية على الوظائف إنما على مبادئ تخدم مصلحة الوطن. الاتحادي يغضب ويبدو أن كشف المؤتمر الوطني لخطاب موافقة الاتحادي المشاركة في الحكومة أغضب الأخير وهذا ماعبر عنه القيادي بالحزب المهندس محمد فايق حيث وصف الأمر في حديث ل (السوداني) "بالعمل غير اللائق" من حزب سياسي ويضر جداً بالتعامل بين حزبه والمؤتمر الوطني. وأشار إلى أن هذا الأمر يتعارض مع أدبيات التحاور التي يجب تظل بين الأحزاب معتبراً أن حزبه يمتلك مضابط حوارات سابقة مع الوطني ولكنه لم ينشرها نتيجة فشل التفاوض وأوضح أن عدم معرفة بعض الاتحاديين بالأمر يرجع لأن الحزب لايطلع كافة مستوياته بكل القضايا. ورفض حديث المؤتمر الوطني عن أن الموافقة جاءت متأخرة حين قال "نحن لسنا في تقديم لامتحان". فشل الدخول كما كشف الناطق الرسمي باسم الاتحادي الأصل حاتم السر في حوار مع (السوداني) أن حزبه طرح شروطاً اعتبرها موضوعية بالمقارنة ومعقولة جداًً بنظر من يتوخى فعلاً تشكيل حكومة سليمة من التزوير ذات برنامج قومي وتأييد شعبي حقيقي وليس مصطنعاً. وأضاف بأن حزبه رفض عروضاً كثيرة للمشاركة "ليس حباً في المعارضة أو حباً في المشاركة" وإنما لرفضهم لعب دور هامشي في إطار حكومة حزب المؤتمر الوطنى!وأضاف بأن استمرار منطق اشتراط مشاركة شكلية، تجعل مشاركة الحزب الاتحادي الديمقراطي غير واردة إطلاقاً. وأشار لوجود رؤية للمشاركة وبرنامج، وعدم تحققها يمثل مانعاً للمشاركة في الحكومة. وتتلخص تلك الشروط في ضرورة الاتفاق على برامج ورؤى حول: "قضية الوحدة والانفصال، والتعامل مع قضية دارفور وخارطة طريق لملف التحول الديمقراطي والحريات، ومعالجة "معايش" المواطنين والخدمات، والسياسة الخارجية" ومعتبراً إعلان المؤتمر الوطني عن تشكيل حكومته "قفل الباب أمام إي تكهنات بالمشاركة". ... إذن وعلى طريقة "إذا اختلف الحزبان المتفاوضان ظهر المتفاوض عليه" وبرزت على السطح بوادر لحرب "وثائق" قادمة بين الاتحادي الأصل والمؤتمر الوطني الذي يبدو "فقد العشم" أن تحل بركات مولانا الميرغني على حكومته الجديدة إلا إذا حدثت المفاجأة...