لعل أكبر دروس مونديال 2010 هو أن النجاح الباهر للمونديال الأفريقي قد أثبت للعالم أن التنظيم الناجح ليس حكراً على الدول الكروية العظمى كالبرازيل وألمانيا بل بإمكان بقية دول العالم أن تتفوق تنظيمياً بعبقرية الروح المحلية الخلاقة ، ولعل روعة منشئات جنوب أفريقيا ، دقة التنظيم ، الحضور الجماهيري المدهش وتصريحات الفيفا حول النجاح الاقتصادي المذهل للمونديال هو أكبر دليل على هذا النجاح التنظيمي الرائع! درس آخر جدير بالاعتبار هو أن الدولة المستضيفة للمونديال تستغل فرصتيّ حفل الافتتاح وحفل الاختتام لاستعراض أعظم رموزها الفنية والثقافية والرياضية والسياسية أمام أنظار العالم ولعل ظهور نيلسون مانديلا ، قاهر نظام التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا ، في حفل الاختتام الرائع فنياً قد أضفى روعة سياسية لا تقدر بثمن على حفل الاختتام! يُلاحظ أن إصدار نيجيريا لقرار يقضي بحرمان منتخبها من اللعب الدولي إثر الهزائم التي مُنى بها ثم سحب القرار تحت ضغط الفيفا يقدم للعالم درساً مفاده أن التدخل السياسي الفج في الرياضة مرفوض لأنه يتعارض مع مفهوم الروح الرياضية التي تشكل جوهر التنافس الرياضي نفسه! ويُلاحظ أيضاً أن وقوع بعض الأخطاء التحكيمية الفادحة قد دفع الفيفا للتفكير في تغيير بعض قوانين التحكيم والاستعانة بالتكنولوجيا لمعالجة تلك الأخطاء المثيرة للجدل! وهناك درس آخر هو أن الجمهور العالمي يشجع اللعبة الحلوة ، فرغم الخروج المبكر للجزائر ، جنوب أفريقيا وغانا ، راحت الجماهير العربية والأفريقية تشجع فريقي هولندا وأسبانيا الأوربيين وهما يخوضان المباراة النهائية! أيضاً من دروس المونديال أن الخروج الجماعي للقوى الكروية العظمى ممثلة في فرنسا، إيطاليا، انجلترا ، البرازيل، الأرجنتين وألمانيا ثم فوز أسبانيا بكأس العالم لأول مرة في تاريخها يثبت للعالم أن كرة القدم لا تمنح أعظم الانتصارات إلا لمن يخلص لها بغض النظر عن التاريخ الكروي! لقد انتهى المونديال الأفريقي الساحر وبدأ الحلم بتنظيم المونديال العربي لعام 2022 والذي سيكون ، عند تحققه ، أكبر تشريف لكل الدول العربية ، ولعل أكبر داعم لملف قطر لاستضافة مونديال 2022 يتمثل في الأداء القوي للاقتصاد القطري في ظل الأزمة العالمية المالية الراهنة التي تضرب معظم الاقتصاديات العالمية ويتجسد في المنشئات القطرية المذهلة المصممة لاستضافة مونديال 2022 والتي ارتقت إلى أرفع المقاييس المعمارية في العالم بشهادة الخبراء الدوليين وليس من المستبعد أن يشاهد العالم بأسره إنطلاق حفل افتتاح مونديال 2022 من قلب الدوحة وسط تغطية إعلامية متميزة من قناة الجزيرة الرياضية الناطقة بكل اللغات العالمية!