zainsalih abdelrahman [[email protected]] مقالات نقدية لم يعقد الحزب الوطنى الاتحادى مؤتمرا عاما لكى تناقش جماهيره قضية الاندماج مع حزب الشعب الديمقراطى بل اكتفى بتشكيل لجنة من الحزب لكى تباشر عملية لاندماج و فى الجانب الاخر لم يعقد حزب الشعب الديمقراطى مؤتمرا ليوضح فيه دواعيه للاندماج او ان يقدم نقدا لمواقفه فى تأييد الكامل لمرحلة الفريق ابراهيم عبود و مقاطعته لانتخابات 1965 و هل كان فعلا المقاطعة بسبب المشكلة فى جنوب السودان ام لموقف الحزب المؤيد لمرحلة حكم عبود انها مرحلة تحتاج فعلا الى دراسة نقدية. ان الشراك و الاندماج لم يقيما اية حزب حقيقى و ما تم كان فرض على جماهير الحزب الوطنى الاتحادى من افراد و ليس مؤسسات الحزب و فى اقل من سنتين من عمر الاندماج وقع انقلاب 25/ 5/ 1969 و تم اعتقال الزعيم الازهرى و انفضت الشراكة فى موقفين متناقضين ايد راعى الحزب الاتحادى الديمقراطى السيد محمد عثمان الميرغنى انقلاب مايو منذ ايامه الاولى و ذهبت قيادات الوطنى الاتحادى الى السجن حيث خرج الشريف حسين الهندى و كون مع عدد من القيادات السياسية الجبهة الوطنية التى قادت النضال الوطنى ضد الديكتاتورية العسكرية الثانية فى داخل و خارج السودان. يقول السيد لقمان على ابراهيم فى كتابه ( الحرب الطويلة السيرة الذاتية للشريف حسين الهندى) نقلا على لسان الشريف الهندى " ذهب منا موسى المبارك و بعد خمسة او سته ايام ذهب منا محمد جبارة العوض و بعد خمسة اشهر ذهب الرشيد الطاهر بكر و فى نفس يوم الانقلاب انقلب علينا محى الدين صابر و بيقيت وحدى" من جراء ذلك مات الشريف حسين الهندى بغصة فى حلقه و مرارة من الاشقاء الذين سقطوا تاريخيا بمشاركتهم فى نظام ديكتاتورى و خانوا مبادىء الحزب كنت دائما فى نقاشاتى مع الاخوة الاشقاء ان اجد لهم العزر حيث انحباس الافق و ضيق قنوات الديمقراطية داخل المؤسسة خاصة بعد ثورة اكتوبر 1964 زيادة على احساسهم بالتهميش داخل المؤسسة و عدم اخذ ارائهم فى قضية اندماج الحزبين لذلك تعاملوا مع الزعيم اسماعيل الازهرى بردة الفعل عند قيام انقلاب مايو 1969 الامر الذى ادى الى انشطار الحزب و انقسامه دون اعلان سياسى. انشطر الحزب و عاد يأخذ خطين الاول الخط النضالى الرافض الى الديكتاتورية بقيادة الشريف حسين الهندى الذى كون الجبهة الوطنية لمناهضة مايو و الخط الثانى بقيادة السيد محمد عثمان الميرغنى الذى ارسل عددا من برقيات التأييد منذ المارش الاول للانقلاب ثم ذهبت معه فى التأييد 90% من قيادات حزب الشعب الديمقراطى يقول الشقيق زين العابدين صالح عبد الرحمن فى كتابه ( دور الحزب الشيوعى فى انشقاقات الحركة الاتحادية 1947-1985) نقلا عن الشيخ على عبد الرحمن الذى قال " انا رجل عربى الاتجاه و قد سيطر هذا الاتجاه العربى المتحرر على كل تصرفاتى فى المجال السياسى منذ بزوغ شمس الحركة الوطنية فى نطاق مؤتمر الخريجين فلابد و الحال هذه من تأييدى و حماس لثورة مايو المجيدة التى اعلنت منذ اللحظة الاولى ايمانها بالاتجاه العربى المتحرر كما اننى رجل اشتراكى " و فى ذات الموضوع يقول زين العابدين فى ذات الكتاب " ان البيان الاول الذى ارسله السيد محمد عثمان الميرغنى تأييدا للانقلاب كان له اثر كبيرا فى كسب عناصر الختمية لنظام مايو" و بالتالى انجرف اعضاء حزب الشعب الديمقراطى مع تيار الديكتاتورية فى النظام العسكرى. على الرغم ان العديد من اعضاء الحزب الاتحادى الديمقراطى كانوا مشاركين فى نظام مايو و بعضهم مخطط فى الانقلاب نفسه الا ان ذلك لم يشفع الى الزعيم اسماعيل الازهرى الذى كان قد تجاوز عمره فى ذلك الوقت السبعين عاما ان يزج به فى غياهب السجن و تسابق قادة الانقلاب فى تعذيبه و و الاساءة اليه و قد شكلوا لجان لكى تحقق معه من اجل تلفقيق تهم اليه و اخيرا ادانته حتى توفى فى السجن و الغريب فى الامر ان السيد وزير اعلام الانقلاب السيد محجوب عثمان القيادى الان بالحزب الشيوعى السودانى طلب امعانا فى ازلال الزعيم حتى بعد وفاته ان يزيع الاتى " توفى اليوم المدرس السابق فى وزارة التربية و التعليم بأزمة قلبية" و الغريب فى الامر ان الذى مارس هذا مازال حتى اليوم يتشدق بالمصطلحات الديمقراطية التى فى خصومة مع تربيته السياسية. ليس ذلك السلوك ينسحب على الجميع لاننى سمعت من احد الرموز التاريخية للحزب الشيوعى حديثا اخر فقال الى اننى كنت مؤيدا للانقلاب من الوهلة الاولى و لكن عندما سمعت نعى الزعيم الازهرى لقد تأثرت كثيرا و كانت طريقة اذاعته اكثر إيلاما من الوفاة لان الموت حق و لكن اذا اراد الناس ان يهملوا تاريخهم بزلال فذلك اشد ألما و قال قلت فى نفسى اذا كان هولاء من الان يريدون هدم التاريخ و ازلال الموتى كيف سوف يتعاملوا مع الشعب و قضاياه الغريب فى الامر ان كل القيادات الاتحادية و خاصة قيادات حزب الشعب الديمقراطى التى شاركت فى الانقلاب لم تنتقد الطريقة التى تعاملت بها قيادات الانقلاب مع الزعيم الازهرى حيث كانت نقطة المفارقة بين اتجاهين فى الحركة الاتحادية. فى انتخابات 1968 كان الحزب الاتحادى الديمقراطى الذى تكون بعد الاندماج قد فاز باكثر من مائة نائب فى البرلمان و على الرغم من هذا الفوز الا ان نيران الخلاف داخل المؤسسة الحزبية لم تنطفىء بعد بل ذات حدة حيث كان الاندماج كما يقول الشريف زين العابدين الهندى مجرد لصقة و ظلت المؤسسة قيادة تدير دفة الحزب بعيدا عن نفس وروح الجماهير التى كانت تعلم ان المبادىء التى دفعتها لتأييد الحزب بدات تتلاشى تماما الامر الذى ظهر عقب الانقلاب حيث مشروع الدولة السودانية الديمقراطية الحديثة ضربت و قضى على فرص التوسع التنموى و تحولت شعارات مايو الثورية و اليسارية مجرد شعارات معلقة فى الهواء لم تجد طريقها الى الواقع و انتشرت الانتهازية و الوصولية و اخطر من ذلك انها حولت الصراع السياسى الى صراع مسلح حيث قتلت الالاف فى الجزيرة ابا وود نباوى كل ذلك تحت رايات شعارات اليسار. لقد كشفت الاحداث المتعاقبة ان الحركة الاتحادية لم تكون مؤسسة على اسس تنظيمية قوية انما كان الاعتقاد ان اغلبية الشعب السودانى هو منتميا للتيار الاتحادى لذلك اهملت عملية التنظيم ثم اهمل الانتاج الفكرى الذى اضر كثيرا بالحركة الامر الذى جعلها لا تهتم بعملية التغيير و التحديث ثم جاء الاندماج ليضيف مأساة اخرى هى الطائفية التى اتت بسلوكها و ثقافتها التى تفارق الديمقراطية تماما حيث اصبح هناك خطابان الاول يدعو الى الديمقراطية فى بنية الدولة و يكره ذات الخطاب داخل المؤسسة هذا التناقض احدث شروخ عديدة داخل البناء ادى الى انشقاقات و تكتلات الامر الذى ادى الى هروب النخبة الاتحادية و نزواء البعض الاخر ثم هجرت البعض الى حضن الديكتاتورية كل تلك التناقضات " سمك – لبن - تمر هندى" هى التى تشكل الان ملامح الحركة الاتحادية. ان غياب الديمقراطية داخل المؤسسة و احتكار القيادة فى الحزب لكل شؤون الحزب كانت له انعكاسات سالبة فى مسيرة الحركة الاتحادية بعد الاستقلال رغم ان السلوك العام للقيادات الاتحادية كان سلوكا ديمقراطيا عبر المؤسسات الا ان السلوك كان محصورا فى مؤسسات الدولة و لم ينعكس على مؤسسات الحزب و هى قضية تحتاج الى كثير من الدراسات النقدية و جتراح القضايا و ليس الابتعاد عنها كما يفضل البعض الذين يعتقدون تجاوز الماضى بكل ايجابياته و سلبياته من اجل ترميم و بناء المؤسسة و لكن ذلك سوف يضر بها لان الهدف من الدراسة النقدية معرفة الاسباب التى ادت الى كل الاشكاليات و الانقسامات التى تواجه الحركة الاتحادية الان ثم الحديث بشكل واضح حول العودة الى مبادىء الوطنى الاتحادى بعيدا عن تيارات الديكتاتورية و الطائفية .