(زعيم آسيا يغرد خارج السرب)    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    قنصل السودان بأسوان يقرع جرس بدء امتحانات الشهادة الابتدائية    المريخ يتدرب على اللمسة الواحدة    إعلان قائمة المنتخب لمباراتي موريتانيا وجنوب السودان    شاهد بالفيديو.. مواطن سوداني ينطق اسم فريقه المفضل بوروسيا درتموند بطريقة مضحكة ويتوقع فوزه على الريال في نهائي الأبطال: (بروت دونتمند لو ما شال الكأس معناها البلد دي انتهت)    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    منظمات دولية تحذر من تفشي المجاعة في السودان    بعد الإدانة التاريخية لترامب.. نجمة الأفلام الإباحية لم تنبس ببنت شفة    صلاح ينضم لمنتخب مصر تحت قيادة التوأمين    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية كبيرة من الجمهور.. أحد أفراد الدعم السريع يظهر وهو يغني أغنية "هندية" ومتابعون: (أغنية أم قرون مالها عيبها لي)    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية كبيرة من الجمهور.. أحد أفراد الدعم السريع يظهر وهو يغني أغنية "هندية" ومتابعون: (أغنية أم قرون مالها عيبها لي)    شاهد.. زوج نجمة السوشيال ميديا أمنية شهلي يتغزل فيها بلقطة من داخل الطائرة: (بريده براها ترتاح روحى كل ما أطراها ست البيت)    بعد الإدانة التاريخية.. هل يستطيع ترامب العفو عن نفسه إذا نجح بالانتخابات؟    أسعار الأدوية في مصر.. المصنعون يطلبون زيادة عاجلة ل700 صنف    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون يقدمون فواصل من الرقص "الفاضح" خلال حفل أحيته مطربة سودانية داخل إحدى الشقق ومتابعون: (خجلنا ليكم والله ليها حق الحرب تجينا وما تنتهي)    اعرف التواريخ والاحتمالات "أول أيام عيد الأضحى"    سلطان دار مساليت : المؤامرة لم تكتمل.. وإعلان دولة دارفور مربوط بسقوط الفاشر وهي صامدة وستصمد    في بورتسودان هذه الأيام أطلت ظاهرة استئجار الشقق بواسطة الشركات!    مسؤول سوداني يكشف معلومات بشأن القاعدة الروسية في البحر الأحمر    دفعة مالية سعودية ضخمة لشركة ذكاء اصطناعي صينية.. ومصدر يكشف السبب    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    فيصل محمد صالح يكتب: مؤتمر «تقدم»… آمال وتحديات    السعودية "تختبر" اهتمام العالم باقتصادها بطرح أسهم في أرامكو    ميتروفيتش والحظ يهزمان رونالدو مجددا    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    مذكرة تفاهم بين النيل الازرق والشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    حكم بالسجن وحرمان من النشاط الكروي بحق لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    المريخ السوداني يوافق على المشاركة في الدوري الموريتاني    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أربَد : تجليات سياسية محرقة لصراع الغابة والصحراء
نشر في سودانيل يوم 05 - 04 - 2009

لعل من أجلَّ إسهامات الأستاذ/ عبد الهادي الصديق كتابه ( الحزام السوداني ) الذي نبه فيه إلي أن دارفور لا تمثل فقط العمق الوجداني للشعب السوداني إنما أيضاً للشعوب السودانوية قاطبة. ففي هذه النقطة بالذات إلتقتا الحضارة المغاربية بالحضارة المشرقية ، الحضارة العربية بالحضارة الأفريقية فإنبثق عن هذا التدامج الثقافي والإجتماعي كيان إتسم بأعلي درجات المرونة لولا إن النخبة وفي ظروف سياسية معلومة جعلت منه كيان راديكالي مندفع ( معصوب العينين) نحو الهاوية . إذا كانت الدولة في وقت من الأوقات قد حرمت الفور والمساليت حق الدفاع الحسي عن أنفسهم فإنها قد سلبت العرب سلاحهم الأخلاقي الذي كان دوماً أداتهم في التواصل وسلمهم الذي إرتقوا به سلم المجد . ليست أدل من أحمد المعقور الذي إعتمد علي حكمته في إستدفاع العرب للتفاعل بكل طاقاتهم مع هذا الكيان الأفريقي النابغ والذي توفرت له شروط النهضة الأقتصادية والسياسية.
لقد ظلت هذه الشعلة متقده حتي برزت معالم الدولة السودانية (الحديثة) والتي إعتمدت في إدارتها علي الأنصهار وليست التدامج الحضاري فكانت الغلبة للتيار العروبي ( العروبة بمعناها العرقي وليست الثقافي) الإسلاموي ( الإسلام بمعناه الإيدولوجي وليست الإنسيابي) . وإذ ظل مشروع الدولة مفتقراً إلي فاعل إجتماعي ، فقد تجاوزت الحكمة الشعبية هذه الطوباوية التي عشعشت في أذهان الساسة دون أن تنعكس في سلوكهم. فالنميري يلتقي الشيخ زايد مرتدياً العباءة ويتنقل في الجنوب متوشحاً العاج دون أن يحس بتعارض في سلوكه أو تضاديه في معتقده .
ومن قبل عام (1960م ) تخرج دارفور ( كل دارفور) للإحتفاء بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر في بحيرة سبدو ( صرة الرزيقات) دونما أدني إنتباه لوجهته الإيدولوجية. فقد كان أبو خالد زعيماً للإشتراكية التي كانت وستظل حلم الشعوب الأفريقية. أنظر إلي دهاء القادة ونَمِرةَ الشعوب.
ماذا حدث بعد ذلك ؟ لقد أهملت الأوهام لصالح الواقع الميداني الذي إقتضي تفعيل التناقضات حتي لا تبق مودة بين أخوين ، فالحرب بين القبائل العربية تكاد تفوق من ناحية إحصائية عدد المنازعات بينها وبين القبائل الأخري. وكلما ماتت جذوتها وجدت من يزكيها خشية أن يتكرر نموذج المهدية فيؤؤل الحكم إلي " الأقلية" ، ومن هنا نفهم إستهداف المؤتمر الوطني أيضاً لمناطق النيل الأبيض الذي قابلته الحركة الشعبية بالتركيز علي المناطق الثلاث : جبال النوبة ، الأنقسنا ، والجنوب ( التغلب علي نظرية الهلال والنجمة بنظرية الأنجم الثلاث) . لقد دخلت الدولة في " أم كبك " لانها بتفتيت الكيانات العربية قد هيئت لبعض المجموعات الإنتهازية الإستحواذ علي منصة المشهد السياسي دونما أدني أهلية ، إنما السلاح الذي إستحوذوه كقطاع طريق ورخصوه "كقادة تحرير" . إن الدولة لا تستطيع أن تجهز علي هذه المجموعة بالذات قبل أن تحاصرها أخلاقياً وفكرياً من خلال التفعيل الحقيقي المضني للتحالفات الإستراتيجية التي حكمت دارفور خمسمائة عام ( كيف إذن لا نتبني فكرة الدفاع عن الإقليم الواحد ؟ ) . وإذا ذاك هو الحال فإن الدولة لا تستطيع أن تستعين بعنصر الفناء لمشروع البناء . لابد لها من عناصر بشرية جديده تتمتع بأهلية ، شعبية والأهم من ذلك رؤا مستقبلية.
إن التحديات التي تنتظر الطاقم الجديد هي كالأتي :
1- إبراز حجم الضرر الإقتصادي الذي أصاب البوادي العربية من جراء الإستبعاد الطوعي ( عدم وجود الحافز الذي يحثها للإندماج ) وذاك القسري لها من قبل المنظمات الإقليمية والدولية ( تجاوزها في مراحل التخطيط ، التنفيذ والتقييم).
2- إتخاذ التدابير التربوية ( دينية وعلمانية/عقلانية) لمقاومة جيوش التردي الأخلاقي والإجتماعي ( وإلا صدق علينا قول الشيخ ود بدر : وأأسفي علي الأبالة ، الدنيا عدوها جوالة والأخرة فاتتهم بحالة) . يمكن أن يتضمن هذا المشروع وضع خطة آنية ( ندوات ومحاضرات) وأخري طويلة المدي تبعث في الشباب الأمل وتستحثه علي مزوالة مسؤليته في الشأن العام وتولي زمام الأمور. يجب أن نبين للكل أن الإنسان العربي ( عربي دارفور) هو قيمة أخلاقية وفكرية وليست شكيمة حرب ، كما يلزم أن نبرأ من كل الجرائم التي إرتكبتها المليشيات في حق أهلنا الزرقة ( لاننسي أن المليشيات نفسها هي ضحية إستنفار يجب أن تؤصد الأبواب أمامه مستقبلاً من جراء التفعيل لسياسات إقتصادية ، ثقافية وإجتماعية نافذة )من هنا تأتي أهمية التعويل علي شرعية القضية وبطلان شرعية البندقية .
3- إنفاذ خطة إعلامية تهدف إلي إبراز الدور الإيجابي الذي لعبته القبائل العربية بقيادة الناظر سعيد مادبو وآخرين في مرواغة النظام حتي أيس من أدراجهم وحل الكراهية كما حرمهم أشواك النرجسية ، الملق، والتردي المعنوي.لو رفعنا أيادينا البيضاء لغارت تلكم الحمراء.
إن هذا الأمر ليست بالسهل لأنه لم يعد للعرب صليح ( صدق النبي "صلي" حين قال: ويل للعرب من شرٍ قد إقترب ) . فالامبرالية لا تدخر جهداً لوسم العرب بتهمة الإرهاب ، ليست هذا فقط إنما أيضاً إدراجهم تحت طائلة الإنحراف . لقد قالت إمراة عجوز للسيد جون ماكين بأنها تتوجس من التصويت لأوباما لأنه عربي ، فرد عليها قائلاً: "لا لا ،إنه رجل أسرة محترم!" لا ننسي إن الأبواق الصهيونية قد ركزت جهدها علي مسألة دارفور حتي ترفع العبء عن كيانها بالإشارة إلي " عربي" جلاد في القارة الأفريقية وقد كثرت شكوته من كونه " الضحية" تحت سلطتها ولسان حالها يقول أن التراتبيه العرقية ( أي العنصرية) التي تأنفون منها والإستيطان الذي ترفضونه هو ماثل أمامكم وقد شهد شاهد من أهله . علي الصعيد المحلي فإن القيادات العربية النابهة والملتزمة تستحي من مجرد التفاكر في هذا شأن خشية أن توصف بالعنصرية أو تنعت بالضحالة الفكرية التي إتسمت بها المجموعه العروبية ( وليست العربية) في الثمانينات. ومن عجب أن هذه المجموعة لم تزل تروج لمشروع الهلال والنجمة ( الهلال هو قبائل عطية وحيماد والنجمة هي قبائل الجعليين) وتبشر الناس بالتحالف الذي من شأنه أن يضمن الإذدهار لكافة القبائل العربية في السودان ! إن مجرد الإطلاع علي حظ الأقاليم من القروض التي أُخذت بإسم كافة السودانيين والتي ستدفعها الأجيال القادمة يدحض هذه الفرية فحظ إنسان الوسط من هذه القروض 390 دولار ، إنسان دارفور والجنوب 39 دولاراً فقط . إنني أعجب من إقتصاد يدار من مواقع النجوم ومدار الفلك ، وبشر يساسون من منطلقات البغض لا من واقع القواسم المشتركة. إننا يجب أن نقاوم- ما إستطعنا إلي ذلك سبيل- محاولات الإستقطاب الأثني التي يقوم بها قادة مفلسون إستطاعوا أن يختطفوا منصة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ، فإن هم إستمرئوا هذا الأمر فسيعبثوا بمقدرات حضارية جلّ أن تتوفر لأحدي الأمم. إننا، كمثقفين عضويين، يجب أن نتخذ ما من شأنه أن يخرج الفرد من أزمته ( النفسية) ، المجتمع من ورطته ( المعيشية) والدولة من إفلاسها الأخلاقي وورطتها القانونية . لقد سأل أحد الباحثين إحدي النازحات عن موضوع التعويضات فقالت له وبالحرف المنتصب واليقين الباهر " أنا ما تعبانه تعبان الشال المال! " كيف بالساسة ، بالله عليك ، يستثمرون محنة أهاليهم ؟ وقد وعي الكل ( من بعد إستكمال الحرب دورتها وإستبانت الجنجويد لدورهم ككلب صيد ينتهر بقولهم ( إربَد) حتي يخلوا " الراعي" بصيدته ، ومن عجب أن الصياد قد أصبح صيدة في عدل الميزان الغائر.
ليست عيباً أن يسعي المرء للترقي بأهله يستدفعه في ذلك الهم القومي ، إنما العيب
( كل العيب) أن يعول المرء علي تخلف أهله تستحثه في ذلك المصلحة الذاتية . إن قادة الكيان العربي أفقدوا كيانهم هيبته ومن بعد حين سيفقدون مواقعهم بتولي جيل جديد للمسؤلية . لقد قال أحد قادة المؤتمر الوطني المتكلمين " إن عربكم ديل ، عرب دارفور ، ماعندهم دين بقرش" . لعلها الصدفة ( صدفة التواطؤ علي الباطل ) التي هيئت له فرصة التعرف علي كل المنافقين .
عليه فإنني أقترح الآتي:
 إنتداب مجموعة من النابهين من أبناء القبائل العربية بدارفور للتفاكر في شأن التسامح والتواصل الحضاري ( تقييم التجربة في إطارها القومي، الإقليمي والدولي).
 إستصدار ورقة مفاهيمية تضع المقترح في إطاره التداولي وتهيئ لورشة عمل يحضرها المختصون في شأن الحكم ، الإستراتيجية ، الإعلام ، إلي آخره . ممكن أن تحتضر هذه تؤطئة للتصميم لمشروع نهضوي شامل وليست مجرد تسوية.
 عرض نتائج المباحثات علي كافة القوي السياسية والمدنية .
 إدماج هذه المجموعة مع داسف ( قوي تحالف المجتمع المدني الدارفوري) .
 الإلتزام بخارطة الطريق التي توازن بين الهم الأني ( مخاطبة القواعد) وذاك الإستراتيجي ( تغيير الصورة النمطية للكيان العربي في دارفور وإلحاقه بالمجموعات التي تعمل مدنياً علي تحقيق السلام) .
د. الوليد آدم مادبو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.