بسم الله الرحمن الرحيم اسم العامود: أفق آخر توترات وجدل عادل عبد الرحمن عمر -1- خطوة او اقل لطفل في بدايات التعلم على المشي لانفصال جنوب السودان الذي بات من شبه المؤكد حيث تعمل النخبة الحاكمة من قيادات الحركة الشعبية على تحريض شعب جنوب السودان كما يحلو لهم للتصويت في استفتاء 9 يناير القادم لصالح الانفصال بدعاوى عنصرية شديدة التعقيد !!!! • في بلاد كثيرة في هذا العالم المترامي الاطراف نجد تفاوتا وتهميشاً وسوء توزيع في السلطة والخدمات برغم ان اللسان والبشرة والدين واحد لكن كل ذلك لم يمنع من التهميش الذي يتجاوز الظلم السياسي لمّا هو اجتماعي يصيب عصب الدولة و منظومتها الاجتماعية من حيث المساواة برغم اقرار دستورها بتلك القيمة العليا !!! • يبدو ان الحركة الشعبية حين سالمت بموجب اتفاق نيفاشا 2005م حملت معها كل الضغائن الاجتماعية الحقيقية والمتوهمة ... ولمّا رحل جون قرنق الذي كان مؤمناً بمشروعه السياسي الذي بإثره حقق اكتفاءاً اجتماعياً سقطت أقنعه من تلاميذه الصغار وبانت عواراتهم العنصرية النتنه التي لم تستطيع محاولات اتفاق نيفاشا 2005م معالجة أزماتها التاريخية سياسيا واجتماعيا وثقافياً حيث وفرت الاتفاقية كما تعلمون للجنوبيين حكم الجنوب بالمطلق لاول مرة ... وحكم الشمال ايضاً بنسبة 30 بالمائة .... وقسمة الثروة النفطية مناصفة .... مع تغاضي كامل لاي مساهمة جنوبية في الخزينة العامة من ايرادات الضرائب او الجمارك ... لكن يبدو ان تلك المعالجات التاريخية لم تستطع أي قوة سياسية شمالية ان تتحمل تبعاتها السياسية غير ثورة الانقاذ الوطني التي اثرت السلام فوق كل شيء !!! - 2 – لم يعتقد أيّاً من الموقعين على اتفاق نيفاشا ان تؤول الاوضاع الى انفصال الجنوب ... ولذا نص الاتفاق ان يعمل الطرفان على ان تكون الوحدة جاذبة في نهاية الفترة الانتقالية وعلى هذا اليقين الراسخ منح الجنوبيون حق تقرير المصير الذي تقابلة في الكفة الثانية من الميزان تحقيق السلام . عمل المؤتمر الوطني الشريك الاكبر على انقاذ بنود الاتفاقية بنسبة عالية فاقت 90 بالمائة بينما لم تزد نسبة الشريك الاخر الحركة الشعبية 27 بالمائة لكن المهم في الامر ان الفترة الانتقالية مرت بسلام ولم تشهد تجاوزات عنيفه وامتازت الفترة بهدوء بالغ لا يتناسب إطلاقا مع التشاكسات السياسية بين الطرفين التي تم العبور منها عن طريق الحوار الوعر ... الا ان الحركة الشعبية اخرجت خبيئتها بانفاس حارة ثقيلة بالدعوة للانفصال وفي ذات الوقت تتهم المؤتمر الوطني بعدم العمل لتكون الوحدة جاذبة ... والسؤال الذي يطرح نفسه ألم تكن هذه النسبة العالية من تنفيذ اتفاقية نيفاشا 2005م لتكون الوحدة جاذبة ؟؟؟ غير المشاريع التنموية التي وعد بها البشير الجماهير الجنوبية اثناء حملته الانتخابية والتي تجاوزت كل المؤشرات التي تفيد ان قيادة الحركة الشعبية تدعو الجماهير الجنوبية للانفصال سر وعلانية لم يفتر عزم القيادة من الدعوة للوحدة رغم كل القراءات !!! القادة الإسلاميون حاولوا لاول مرة في تاريخ السودان ان يرفعوا الظلم والأذى عن جنوب السودان وذلك عبر انفاذ اتفاقية نيفاشا 2005م التي أوقفت الحرب تماما ووجدت حلولاً مدهشة في قضايا مزمنة على مرّ تاريخ السودان المعاصر ... مما جعل بعض قادة الحركة الشعبية يشيدون هذه الأيام بشجاعة البشير وموافقة التاريخية تجاه " استقلال " الجنوب بمنحهم حق تقرير المصير في إبتذال رخيص لهذا العمل الوطني الكبير !!!! - 3 – الحركة الإسلامية في عام " 1987" أنجزت مشروعاً وطنياً غير مسبوق أسمته ميثاق السودان .... حيث اجتهدت اجتهاداً تاريخياً وعلى مستوى فكري رفيع في تحرير مفهوم المواطنة الذي كانت تظلله الكثير من الغيوم على مستوى الرؤية الإسلامية التقليدية .... وبهذه الانطلاقة الفكرية الساطعة انطلقت ثورة الإنقاذ لانجازها عملية السلام وقامت بإحدث توازن قوى بالحرب الوطنية التي انخرط فيها الجيش وفئات المجتمع السوداني حتى تحقق السلام بعد سنوات طويلة من الصبر على عمليته المضنية وجاءت اتفاقية نيفاشا 2005 لتعالج قضايا كثيرة على مستوى السلطة والثروة وتعزيز قيم التنوع الاثني والحضاري حاولت الحركة الشعبية بكل ما أوتيت من قوة ان تدين حكم الإنقاذ ومن خلفها الإسلاميون في العمل على فصل جنوب السودان بابتداع سياسات منكرة و إقصائية مع كبت الحريات وادعاء بعدم إكمال عملية التحول الديمقراطي هذه التهم تلقيها الحركة الشعبية جزافاً وتتعمد وبتكرار ممل حتى تترسخ لتصير الأكذوبة حقيقة و تضيف عليه ان المؤتمر الوطني لم يفعل ما يجعل الوحدة جاذبة ... كل هذا التحول التاريخي في بنية الدولة السودانية وعلى مستواها المالي و الاجتماعي الذي تم في ظرف خمس سنوات فقط ... لا يعني شيئاً بالنسبة للحركة الشعبية ... أما إذا كانت الحركة الشعبية تتحدث عن تحولات اجتماعية في قبول الأخر فهذه تحتاج لثورة اجتماعية كانت مقدمتها الحاسمة بسط العدالة والتعليم ومفهوم المساواة في الحقوق و الواجبات التي تمت تماما عبر الدستور والقانون والفعل السياسي الذي جعل من الجنوب لأول مرة يبحث عن أبنائه لاحتلال المراكز المرموقة لحكم أنفسهم بأنفسهم ... لكن بعد كل هذا انتصر الانفصاليون في ترويج بضاعتهم من غير رؤية ولا هدى غير تمرير سياسات إنفصالية بغيضة وأطماع خارجية تلبي طموحات القوى الكبرى . الان خطوة نحو فصل جنوب اقل من خطوة طفل مبتدئ ... وإذا كان هناك من شيء يقال يجب أن تعزز العلاقات التاريخية والروابط التي عمقتها السنون .... بإبعاد شبح الحرب التي تكمن خلف كل حجر وشجرة وترعه مع الحدود الطويلة بين الدولتين .... ولذا لا بد من كتابة الاتفاقات وإعلاء روح الشراكة التي ان تقيم دولة بعلم " لحركة متمردة سابقاً " ونشيد وطني ديني مستوحى من الكتاب المقدس في ظل دولة علمانية !!!!