في الأيام الماضية بدأ إتمام صفقة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية المانيا الإتحادية؛ الصفقة تأتي في إطار منحة مبلغها 93 مليار دولار رصدتها السعودية لدعم مقدراتها الأمنية؛ قوام الصفقة بين ألمانيا والسعودية هو قيام ألمانيا بتصدير 44 دبابة Leopard، التي شاركت بسمعة حسنة في حربي البوسنه وأفغانستان، فوراً كدفعه أولى، وذلك من أصل 200 دبابه تنوي دولة الحرمين الشريفين الحصول عليها لمقاومة نوائب الدهر؛ الدبابة "ليوبارد" من اميز المتحركات الهجومية المدرعة، تمتاز بالسرعة وخفة الحركة وقدرتها العالية على المناورة في أضيق المساحات، وهو ما يجعلها تصنف كواحدة من أميز الأسلحة الفتاكة في حرب الشوارع والمُدن. وهي تصنف ضمن الفئة "ألف" في سوق الأسلحة الهجومية؛ في الوقت الذي تواجه السعوديه مستقبلاً محفوفاً بإحتمالات ظهور حركات إحتجاجية مناهضة للقوانين المقيدة للحريات ولحقوق الإنسان، ضمن الموجه العارمة التي تجتاح المنطقة، في تونس ومصر وليبيا والبحرين وسوريا وفلسطين، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو عن مدى إلتزام دولة مثل المانيا بمواثيق وأخلاقيات حقوق الإنسان على المستوى العالمي، وما هي اللوائح التي تضبط التجارة الخارجية الألمانية؟؟ إن وصول هذه الدبابات الرهيبة وبهذا العدد إلى ظهرانينا في نجد والحجاز لا شك يشكل تهديداً خطيراً وواضحاً لكل شعب المنطقة، فللملكة العربية سوابق في التدخل بمختلف الأشكال في تنكيس إرادة الشعوب المجاورة، مثل تدخلها في البحرين عسكرياً لقمع الإحتجاجات هناك ضمن أسطول "درع الجزيرة" وإستضافتها للرئيس المخلوع بن علي الذي يواجه أحكاماً بالسجن في بلاده جراء أحكام سجله قضاء تونس الوطني بناءاً على تهم بالفساد والقتل؛ صفقة كهذه ومبلغ كهذا في شأن على قدرٍ عالٍ من الحساسية، يجب ألا يمر دون أن يتم نقاشه في البرلمان الألماني "البوندستاغ"، كما يجب على أحزاب اليسار والخُضر إستصدار تفسيرات حكومية حول هذه الصفقة وقرار إتمامها، خصوصاً بعد تصريحات وزير الخارجية الألماني فستر فيله والمستشارة ميركل المختلفة بخصوص دعم المانيا التحركات المطالبة بالديمقراطية في العالم العربي، بجانب أهمية تحديد الدور الأوروبي في تعزيز الصراعات المسلحة في الدول الغير مستقرة؛ إن أوضاع حقوق الإنسان في الدول الأكثر فقراً والأقل نمواً لا ترتبط فقط بالسياسات الوطنية المحلية بقدر إرتباط سيولة الإقتصاد وموازين التجارة الخارجية للدول الكبرى بصفقات المبيعات والتوريد الكبرى، ومعروف أن سوق السلاح هو أحد أكثر الأسواق تضخماً ونمواً، وهو سوق main stream تقام له المعارض الدولية والمؤتمرات والأبحاث. هذا النمو المتزايد في أرقام المبيعات يقابله قهر غير مقبول وقتل منهجي لملايين من أبناء القارات الخمس في العالم. وهو ما يشكل حاجزاً من الإنتهاكات والفساد يقف بين الإنسانية وبين تطورها الفضيل، وبرعاية كريمة من دول كبرى "خاطفة لونين" مثل المانيا التي نعرف اليوم أنها ثالث أكبر مصدر سلاح في العالم!!؛ talal afifi [[email protected]]