يجب الاعتراف في البداية أننا نعيش حاليا في واحدة من أحط فترات الصحافة الرياضية السودانية وهي فترة سيذكرها التاريخ بالاكثر سوادا وإبتذالا قادني لهذا الحديث خبر عن إجتماع مجلس المريخ مع دائرة النادي القانونية للتصدي لمن أساءوا إلي النادي وإتهموه بالتواطؤ حسب التعبير الوارد في الخبر وقيل ماقيل عن الملاحقة وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي تجاه الاتهامات الخطيرة .. مؤكد أن من حق أي جهة المريخ أو خلافه إتخاذ الخطوات التي يراها مناسبة لحفظ حقوقه القانونية هذا الامر لاخلاف عليه ولكن عندما نتناول مثل هذا الادب المطروح حاليا في الصحافة الرياضية لن نتوقف عند إتهام أو إحتجاج أو ملاحقة قانونية لأن الامر أخطر من ذلك بكثير ونحن هنا نتحدث عن صحافة يفترض أن ترتقي بوعي القاريء وتملكه الحقائق والمعلومات دون تزييف وفبركة ونشر للأكاذيب كما يحدث حاليا في عدد من الصحف التي خرجت للوجود من أجل هذه الأهداف ومثل ماهي موجودة في الجانب المحسوب علي الهلال موجودة كذلك في الجانب المحسوب علي المريخ .. وهو نوع من أنواع التجارة الرخيصة لتحقيق مكاسب أو مايعتبرونها مكاسب للتشكيك في الذمم وتصوير الواقع الرياضي وكأنه سوق للنخاسة يتم فيه بيع الذمم وشراءها علي عينك ياتاجر .. مع أننا لو لاحظنا وتابعنا جيدا من يروجون لمثل هذه الاتهامات البشعة سنجد أن كثير من علامات الإستفهام توضع أمامهم خاصة وأن الطريقة التي تنشر بها مثل هذه الاخبار المنحطة تؤكد أنها تعتمد في المقام الاول علي الايحاءات والهمز والغمز .. نفهم في مهنة الصحافة أن الوسط الرياضي ليس وسطا مثاليا بل به كثير من الممارسات غير الأخلاقية التي تحدث تقريبا كل يوم ولكنها في النهاية لاتخرج من أحاديث يتناقلها الوسط وفي المقابل ليس كل مايقال في المجالس الخاصة والعامة يجد طريقه للنشر لأن النشر يعتمد في المقام الأول علي المستند والدليل القاطع بوجود هذا التجاوز الأخلاقي بعيدا عن التلميحات وهو دور الصحافة المهني وليس التشهير مع سبق الاصرار والترصد كما يحدث عندنا ودون سند ولعلنا جميعا نذكر الفضيحة الايطالية الشهيرة بتورط السيدة العجوز نادي جوفنتوس الايطالي في التلاعب بنتائج المباريات عن طريق رئيسه مودجي مع الحكام والتي إنتهت بتأكيد الادانة وهبوط جوفنتوس إلي الدرجة الثانية وحرمان رئيسه من مارسة العمل الاداري مدي الحياة مع عقوبات أخري ومن المحادثات التي رصدت بين مودجي رئيس جوفنتوس وباريتو رئيس لجنة الحكام الايطالية هذه المكالمة والتي جاء فيها مايلي : (مودجي يخطاب رئيس لجنة الحكام باريتي قائلا: مودجي: ماهذا الحكم الغبي؟ بايريتو: ماالذي حصل؟ مودجي: هناك هدف صحيح لميكولي لم يحتسب بايريتو: لاتنسي هدف تريزيغية المتسلل مودجي: هل تمزح هدفنا صحيح الكرة أتت من المدافع الخصم ثم يواصل رئيس نادي جوفنتوس حديثه قائلا: مودجي : أسمع أريد روكي (حكم) لمباراة ليفرونو بايريتو: حاضر من تريد كذلك مودجي: ليس الآن ليس الآن تشاو) إنتهي إذا توفرت مثل هذه الأدلة الدامغة وغيرها من المستندات يمكن أن تؤدي وسائل الاعلام وعلي رأسها الصحافة دورها المهني علي أكمل وجه مثل لعبت الصحافة الايطالية ووسائل الاعلام العالمية الدور الاكبر في كشف عمليات التلاعب التي تمت في مباريات الدوريات الايطالية خاصة وأن التحقيقات كشفت أن التلاعب ظل يحدث منذ عدة مواسم .. صورة الصحافة الرياضية عندنا مختلفة تمام فهي تعتمد في الاساس علي الناديين الكبيرين لتأكل من سنامهما وتبني مجدها إن وجد ويبني الاقلام المحسوبة عليهما أمجادهم الشخصية ومكاسبهم المادية وهذا الامر ساهم فيه بدرجة مباشرة مجالس الادارات وحتي لانعمم نقول بعض الاداريين الذين ينافسون أساس اللعبة (اللاعبين) النجومية وحتي هذه يستكثرونها عليهم ويعملون علي سحبها من تحت أقدامهم ويجدون ضالتهم في هذه النوعية من الصحفيين. وبالتالي أري أن القضية الاساسية ليست في إتهامات طالت نادي المريخ بهذه الطريقة القبيحة ولكن القضية في الدور الذي يمكن أن يلعبه مجلس إدارة نادي المريخ وقبله مجلس ادارة نادي الهلال بعدم التورط مع مثل هذه الصحف التي تخصم بكل تأكيد من رصيد هذه المجالس ولاتضيف لها شيئا . وهم مطالبون كذلك بمساندة الصحافة المهنية التي تقدم الحقائق للرأي العام بدون تزييف .. وإذا إرتقي مفهوم مجالس الادارات في التعامل مع الصحافة والصحفيين بعيدا عن سياسة (الفساد والإفساد) سنكسب وقتها مزيد من الصحف المهنية الراشدة. hassan faroog [[email protected]]