بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله الوالي الكريم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد : في مساء السبت الماضي عرضت فضائية الشروق عبر برنامجها " التحقيق" لقاءاً مع السيدة/ إنصاف محمد علي جبريل وزيرة الصحة في ولاية النيل الأبيض . أولاً: عرض البرنامج تقريراً مصوراً من مدينة كوستي ، صورة حقيقية لحال صحة البيئة في هذه المدينة التي نالت من الإهمال ما جعلها مدينة تعيش أيام القرية . ثانياً : عرض البرنامج صوراً حقيقية لما يسمى بمستشفى كوستي التعليمي وهي صورة مأسوية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، مضافاً إليها ما ذكره مذيع البرنامج بأن هناك صوراً أكثر بشاعة نعتذر للسادة المشاهدين عن بثها . البندان أعلاه هما ما دارت حولهما حلقة البرنامج ، ولكن البرنامج أظهر أشياء مبكية مضحكة في ولاية النيل الأبيض فيما يخص الصحة وهي ديدن كل عمل عام في السودان حيث كشف البرنامج الضعف الفني الذي أظهرته السيدة الوزيرة ، فهي في رأي ضعيفة القدرات في مجال الطب والصحة ربما لم يجمعها بهذا المجال إلا شبهها المفرط بالدكتورة/ تابيتا بطرس وزيرة الصحة الاتحادية ، فأنا خلال البرنامج والذي امتد لمدة ساعة كاملة كنت أحاول أن أتبين الفرق في الشكل بين الأستاذة /إنصاف و الدكتورة/ تابيتا ولم أستطع أعرف أيها تابيتا وأيهما إنصاف (الخالق الناطق) كما يقولون ، فقط عرفت أنها ليست الدكتورة/ تابيتا عندما تذكرت أن الدكتورة/ تابيتا فصيحة اللسان وذات بيان لا تجاري فيه وهذا ما افتقدته الأستاذة/ إنصاف . تحدثت الوزيرة عن أن الصحة في الولاية تسير بصورة حسنة وهذا يخالف الواقع الذي يقول أن الصحة ونظافة البيئة قد خرجت من هذه الولاية بغير رجعة ، والمستشفيات فاقدة لكل شيء تقريباً ، حيث ذكرت إحدى المتصلات بالبرنامج أن الداخل إلى مستشفى كوستى مفقود و سوف لن يخرج حياً إلا إذا كتب له عمر جديد وهذا قول من المفروض أن ترتجف له الأبدان وتسال منه الدموع ولكن سعادة الوزيرة أبدت لامبالاة واضحة كأنها تعيش في كوكب آخر ؟!! كنت أشفق على الوزيرة لحظة عرض الصور المهينة والتي لا تشرف أي شخص مهما كان موقعه ناهيك عن إنسان يقول أنه يتولى وزارة الصحة في هذه الولاية. في يناير الماضي كنت أحد زوار مستشفى كوستى بسبب مرض طفلتي والتي كانت مصابة بالتهاب حاد حيث أمر الطبيب المعالج لها بإحالتها للمتشفى ولكني اعترضت على ذلك لعلمي مسبقاً بحال المستشفى وقد وافقني الطبيب على هذا الرأي ولكنه أضاف أن بالمستشفى بعض الخدمات قد لا تجدها في خارجها ، وبالفعل أدخلت الطفلة المستشفى وكم كانت دهشتي كبيرة عندما بشرني من بداخل المستشفى وأنا القادم من بلاد نظيفة بأنه لا بد من مشاركة الطفلة لطفل آخر في السرير وقد كان ثم أن المستشفى تعج بأسراب الذباب في النهار والباعوض الذي لا يترك أحداً ينام ليلاً ولكن الله سبحانه وتعالى لطف عندما مر الطبيب وأمر بأن تواصل الطفلة علاجها في المنزل بعد أن أراحها الله من مرض يمكن أن يصيبها وهي بالمستشفى . حسبي الله ونعم الوكيل. أثناء تواجدي في هذا المستشفى تنقلت بين العنابر وشاهدت أن السرير يرقد فيه مريضان وقد علمت أن عنبر النساء الحوامل كذلك فيه مريضتان بكل سرير حيث أن كثيراً منهن في انتظار الولادة!!! ثم إن الوزيرة الهمام قد شككت في الصورة التي نقلها التلفزيون عن صحة البيئة في مدينة كوستى ودافعت بأن هذه الصورة قد شاهدتها عندما كانت متواجدة في المملكة العربية السعودية ولكن المذيع قاطعها بحزم بأن هذه الصورة كانت يوم أمس فقط!!!!!! ترى كيف يكون شعور من يزور مستشفيات المملكة العربية وهو يرى هذا (الهباب) المسمى بالمستشفيات والمراكز الصحية وغيرها، أكيد سوف يصاب بحالة من الضيق والغضب الشديد وهذا ما اعتراني لحظة مشاهدة هذا البرنامج . أما مدينة الدويم فهي مدينة في شكل قرية بعد أن زحف عليها شجر المسكيت الذي كاد أن يغطيها بكاملها وأما ما يسمى بصحة البيئة فهي لا تعرفه وكل ما قالته الوزيرة في هذا الصدد يجانب الحقيقة جملة وتفصيلاً ومستشفاها الذي امتدحته السيدة الوزيرة ليس بأفضل حالاً عن مستشفى كوستى المأزوم؟؟!! عطفاً على ما ذكر أعلاه انتابني إحساس مدمر يقول ما بال القوم يهملون الصحة والتعليم ويهتمون بغيرها، هل يريدون لسكان الولاية أن يموتوا مرضاً بعد أن أماتوهم جهلاً . إن عدم الاهتمام بهذين المرفقين يدل على عقلية غير سوية وسوف لن ينساه المواطن مهما قدم له من مطايب ورصفت له الطرق وشيدت له الكباري والسدود وهو لا يستطيع الطبابة من أهون مرض ، كيف سيكون حال الناس إذا فاجئهم يوماً وباءاَ عالمياَ من شاكلة السل أو أنفلونزا الخنازير التي تجتاح العالم هذه الأيام.. إن هذا السلوك يقول أن الحكومة لا تعير هذا المواطن اهتماماً وكل ما قامت من أجله هو محض هراء وكسب انتخابي ليس إلا ، وإلا كيف هي ساكتة عن مثل هذا العبث بأمر الصحة في البلاد وخاصة النيل الأبيض . قد تكسب الحكومة المواطن إلى صفها مؤقتاً ولكنها سوف تفقده حتماً عندما يمر بالمستشفى أو المرافق الصحية أو أن هناك قريباً له يرقد في هذا المستشفى وهو يغالب المرض أو تذكر أن أحد أحبائه قد فارق الدنيا وهو طريح الفراش في مثل هذا المستشفى وهولا يجد العلاج الناجع لمرضه ... ولو كنت مكان السيدة الوزيرة لجمعت أغراضي وتوجهت لبيتي بعد هذا البرنامج مباشرة حفظاً لماء وجهي ولفسح المجال لشخص آخر أكثر كفاءة وقدرة على تولي هذا المنصب المهم والخطير ونأمل مخلصين أن تفعل ولو فعلت لشكرناها ولتمنينا لها حظاً أوفر في مجال آخر !!؟؟ وهذا غيض من فيض كان قد ملأ كنانة القوم وكأني أقول ما الفائدة من وزارة للصحة في النيل الأبيض أصلاً!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟ قال عليه الصلاة والسلام (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .. والحاكم مسؤول عن رعيته). اللهم هل بلغت فأشهد.. الطيب كباشي الفزاري