الرسوم العالية التي يفرضها المسجل التجاري للشركات التي ترغب في العمل في السودان أمر محير ومحبط    مزمل أبو القاسم: الحاقربك في الضلام يحدرلك!!    رئيس مجلس السيادة يهنئ الرئيس الروسي بالعيد الوطني لبلاده    شركة كهرباء السودان القابضة: اعطال لتعرض محطة مارنجان التحويلية لحريق    الأحمر يواصل صفقاته الداوية و يتعاقد مع الجناح الغامبي    مجلس الأمن يطالب مليشيا الدعم السريع بإنهاء "حصار" مدينة الفاشر    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحاول التحرش بمطربة أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل خاص والجمهور يستغرب من تجاوب الفنانة وعدم صدها له    مدرب ليفربول الجديد يرسم خطة "إبعاد" صلاح عن الفريق    فيروس غريب يضرب نجوم منتخب فرنسا عشية انطلاق كأس أمم أوروبا    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحاول التحرش بمطربة أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل خاص والجمهور يستغرب من تجاوب الفنانة وعدم صدها له    شاهد بالصورة والفيديو.. ظهرت وهي تبادل عريسها شرب الحليب بطريقة رومانسية.. مطربة سودانية تكمل مراسم زواجها وسط سخرية جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. الفنانة مروة الدولية تغني لزوجها وتتغزل فيه خلال حفل بالقاهرة (قلت للحب حبابو.. سألت انت منو قال لي أنا جنابو) وساخرون: (ختر خير جنابو الخلاك تلبسي طرحة)    المريخ يبرم صفقة نيجيرية ورئيس النادي يفتح باب الحوار أمام الصفوة    ردًا على العقوبات الأمريكية.. بورصة موسكو توقف التداول بالدولار واليورو    حوار صريح مع الصادق الرزيقي وآخرين من عقلاء الرزيقات    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    ((هولاء رجالي فجئني بمثلهم ياجرير))    "أشعر ببعض الخوف".. ميسي يكشف آخر فريق سيلعب لصالحه قبل اعتزاله    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    الدولار يسجل ارتفاعا كبيرا مقابل الجنيه السوداني في البنوك المحلية    ناشط جنوب سوداني يكتب عن فوز صقور الجديان على منتخب بلاده: (قاعدين نشجع والسودانيين يهتفوا "دبل ليهو" ولعيبة السودان بدل يطنشوا قاموا دبلوا لينا..ليه ياخ؟ رحمة مافي؟مبروك تاني وثالث للسودان لأنهم استحقوا الفوز)    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    البرهان يهنئ صقور الجديان    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    تُقلل الوفاة المبكرة بنسبة الثلث.. ما هي الأغذية الصديقة للأرض؟    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس أمام جُمهورية مَالي سِوى متابعة مَسيرتِها الدِّيمقراطية .. بقلم: منعم سليمان
نشر في سودانيل يوم 14 - 04 - 2012

مرة أخرى في القرن الحالي تنجح المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإكواس) في الإسهام بفاعلية من أجل العودة إلى المسار الديمقراطي في باماكو .
رغم أن حادثة إنقلاب مارس في باماكو تعد مؤشرا حقيقا على هشاشة وضعية الديمقراطية وشقيقتها حقوق الإنسان في بلداننا الإفريقية ؛ وتظل الأحوال مثار قلق وموضع إهتمام في البلدان التي دمقرطت أكثر منتلك التي لا تزال تعيش أوضاعا غير ديمقراطية بالقارة ؛ لكن لابد من الإشادة ؛ فإرجاع الحكم إلى يد المدنيين و بشكل سليمي في بلد إفريقي واعد مثل الجمهورية المالية من أجل متابعة المسيرة الراشدة التي إختطها لنفسها منذ عقدين يعد نجاحا يحسب لمجموعة الإكواس ولدولة مالي ولإفريقيا كلها في هذه المرحلة .
كانت المرة السابقة في كوناكري عاصمة جمهورية غينيا ؛ ففي مقبل عام 2010ف وافق الكابتن موسى داديس كمارا بتسليم السلطة طواعية الى المدنيين ؛ وجرت إنتخابات ديمقراطية ؛ وفي 21 ديسمبر 2010 فاز المعارض المخضرم ألفا كوندي بالرئاسة في أول إنتخابات من نوعها تجرى في كوناكري التي إستمرت تحت حكم أحادي منفرد منذ إستقلالها عن فرنسا في عام 1960ف . كانت الإكواس قد نجحت في مساعيها الجادة لوضع غينيا في المسار الديمقراطي .
الحسن وتارة زعيم الإكواس الحالي ؛ يعد إضافة حقيقية للمجموعة ؛ فقد نجح هو الاخر و عبر مساعي تحسب لجموعة الإكواس في تثبيت سلطته بنوع من القوة ؛ وذلك عقب الاضطرابات التي سادت فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أبيديجان ضد خصمه لوران غابغو المسجون حاليا في لاهاي ؛ ؛ الرئيس وتارأ كان جاء أكثر العناصر جدية ضمن مساعي الإيكواس اليوم حيال الوضع في مالي ؛ وذلك منذ منذ دخول مجموعة المغامرون من الضباط الصغار إلى القصر الرئاسي في باماكو في مارس 2012ف .
حين كان "تحالف ذئاب الصحراء " تزحف من شمال مالي أول هذا العام مدفوعة بمطالب وطنية تارة ؛ وفي رؤوس البعض أفكار من قروون ظلماء تارة أخرى ؛ كانت باماكو على موعد مع إنقلاب غير متوقع قاده الظباط الصغار في المؤسسة العسكرية في مارس.
وبدوا الإنقلابيون لا يعرفون بالضبط ما هو المطلوب من الرئيس في ظل الوضع الذي تشهده البلاد . هكذا اطاحوا بالحكم الديمقراطي ؛ و جمدوا العمل بالدستور وعطلوا عمل البرلمان .الإنقلاب المالي يعد تصرفا طائشا وإضافة لمحنة البلاد الذي يواجه خطرا سافرا يهدد وحدة أراضيه ؛ والأكثر أن الإنقلاب أنهى جهودا مقدرة من الإصلاح السياسي والمدني إستمرت لسنوات بجمهورية مالي ؛ أرست نظاما دستوري راشدا إتسمت بقيم الديمقراطية ومبادئ إحترام حقوق الإنسان ؛ وحيادية المؤسسة العسكرية تجاه المؤسسة السياسية .
في أفريل من العام 1992 ف شهدت باماكو أول إنتخابات ديمقراطية ؛ و فاز الأستاذ الجامعي ومستشار اليونسكو الاسبق البروفسير ألفا عمر كوناري فيها بالررئاسة . وتعد تلك هي المرة الأولى التي يصل فيها رئيس منتخب وفق الدستور في الجمهورية الإفريقية التي كان عمرها 32 عاما من إستقلالها من الإستعمار الفرنسي .
وصار الرئيس كوناري (66عاما) أول رئيس منتخب لمالي ؛ وقد أعيد إنتخابه مرة أخرى في عام 1997ف ؛ وفي عام 2002ف غادر الرئيس كوناري القصر الرئاسي في باماكو مصحوبا بصلوات شعبه وتقديره له ؛ لم يفكر ولم يعمل لللعب في نصوص الدستور المحترم في البلاد والذي أجيز في فبراير 1992 ف ؛ وحدد ولاية واحدة لرئيس الجمهورية قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط .
لقد جاءات انتخابات عام 92 في مالي بعد عام واحد من سيطرة لجنة عسكرية ترأسه الظابط المظلي ممادو توماني توري ورئيس والرئيس المنتخب المخلوع في 2012ف . كانت اللجنة تسمى " اللجنة الإنتقالية لخلاص الشعب "؛ اطاح بحكم الدكتاتور موسى تراوري الذي كان قد إنقلب بدوره على حكم أبو الاستقلال مادبو كيتا عام 1968ف . ؛ وأشرفت اللجنة على وضع الدستور ؛ وتنظيم الإنتخابات التشريعية والرئاسية ثم إنسحب الجيش من الساحة السياسية ؛ لابد من الإشادة بذلك الموقف النبيل للجيش المالي ؛ وللرئيس اللجنة توماني توري .
كوناري الذي صار بعد تخليه عن رئاسة مالي في 2002ف رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي المولود حديثا عن مساعي أباء إفريقيا القرن الحادي والعشرين ؛ ويحسب لكوناري رغبته في بقاء بلاده في المسار الديمقراطي ؛ وقد تمكن خلال حقبة رئاسته من إرساء دعائم الديمقراطية في مالي ؛ وساهم في تثبيت الجمهورية على إتجاه جديد من الحرية والقيم الإنسانية ؛ إتفق عليه الشعب .
لكن كوناري الزعيم الافريقي المنتخب أيضا أحياء في المجتمع المالي قيمة وطنية لا تنسى ؛ فهو أستاذ التاريخ الإفريقي الذي خلق بجهد جبار الروح المعنوية في الوعي الجمعي للشعب ؛ وبعث من جديد روح الحضارت الإفريقية الخالدة التي قامت على ضفاف نهر النيجر في أرض الجمهورية : إمبراطورية مالي – تمبكتو ؛ وإمبراطورية صنغاي وإمبراطورية غانا . كان ذلك زاد الرحلة للمستقبل السياسي لباماكو .
لقد سارت مالي على خطى التغيير والإصلاح السياسي والإقتصادي التي إختطها لنفسها عشرين عاما ؛ مساء 21 مارس 2012ف حين قام قام الكابتن المغمور أمادو سانوغو بإحتلال القصر الرئاسي في بامكو معلنا وضعا جديدا تراجعت الجمهورية المالية خطوات واسعة إلى الوراء ؛ لكن التاييد المتقتع الذي وجده الإنقلاب العابر في شوارع تمبكتو وباماكو وكيدال أوضح هشاشة الوضع الدستوري بالبلاد ؛ وغياب وعي راسخ بالإصلاح الذي حدث ؛ وضعف هيكلي في بنية مؤسسات الدولة .
لا يوجد شئ خطر على الديمقراطية من إنقلاب عسكري سوى غزو أو تمرد يهدد تراب البلاد وإنسانه كحالة مالي . الغزو يأتي طمعا في البلاد بسبب سؤ وضعف نظام الحكم . و تمرد جزء من شعب بلد ما على النظام المركزي يكون دائما بسبب غياب الديمقراطية وإحترام حقوق الانسان .
إن غياب الديمقراطية المفضي لابشع إنتهاكات لحقوق الانسان تكون دائما حجة يصل بها مغامرون طائشون من العسكر الى سدة السلطة لمواصلة أو إبداع نوع من الانتهاكات لم يألفها الشعب . ذلك بعد إنتهاكهم حرمة الدستور ؛ الإنقلاب لا يمكن أن يعتبر إصلاح لأي وضع سياسي مهما يكن السؤ.
مثل بلادنا السودان حيث جيوش جائعة و عاطلة و بلا معنى ؛وظباط متباهوون بزيهم متصكعون بأبوب الأحزاب السياسية ليكونوا خفراء أنظمة فاسدة . وهكذا يبقى الجيش العاطل دائما على مقربة من قصر الرئاسة ؛ للسطو على السلطة التي تطعمهم وتأمرهم بقتل شعبهم وإهانته . جيشنا جماعة من "النشاليين" مثل صعاليك الأسواق ينقلبون وراء حجج مبهمة ليتحولوا إلى معضلة تنتظر حل .
دون ضبط دستوري لها وتحديد وظيفتها بوضوح ؛تعد المؤسسة العسكرية أكبر خطر على النظام الدستوري في حالة بلداننا ذات البنية الديمقراطية الهشة ؛ والمؤسسة العسكرية هو الخطر الوحيد على حياة الشعوب ليس على الوضع الدستوري فقط .
مارس 1984ف في كوناكري عشية رحيل أبو إستقلال البلاد الرئيس أحمد سِيكو توري ( 1922 - 1984) فقد قاد الجنرال لانسانا كونتي إنقلابا عسكريا . وصبيحة وفاة الجنرال كونتي هو الاخر في ديسمبر 2008ف قاد كابتن مغمور في جيشه وهو موسى داديس كمارا إنقلابا عسكريا بلا معنى وبلا هدف إستلم بعدها السلطة وأدخل البلاد حالة من الإضطراب وعدم الاستقرار .
الجنرال كونتي (1934- 2008) ومنذ التسعينات من القرن الماضي و عبر سلسلة من الإجراءت الداخلية شرع في نقل السلطة في بلاده إلى المدنيين ؛ وضع دستورا لجمهورية غينيا يسمح بقيام أحزاب متعددة تتنافس للوصول للسلطة ومجلس مدني إنتقالي بدل مجلسه العسكري المنقلِب.
على ضؤ ذلك أجريت بكوناكري عدة إنتخابات رئاسية فاز بها كونتي نفسه دون غيره ؛ وهو أمر مكرر في حالات الدكتاتوريات المنتشرة في إفريقيا ؛ إن الجنرالات الديكتاتوررين يفصلون جلابيب دستورية في حكم البلاد على مقاساتهم هم فقط ؛ ويلبسونها كامل فترة حياتهم ولكنهم لا يعملون للمستقبل .
وهكذا ظل اليساري الغيني و المعارض المخضرم ألفا كوندي منتقدا للأوضاع غير الديمقراطية في غينيا ؛ وناقدا للسلوك الدكتاتوري في كوناكري حتى نجح أخيرا مع المعارضة الغينية في وضع البلاد على مسار ديمقراطي جديد في 2010ف وهو وضع مرشح له بالدوام .
في كوناكري لم تكن المطالبة بالديمقراطية وحقوق الإنسان هي حجة العسكر وراء إنقلاب الكابتن موسى كمارا في 2008ف . لم تكن حماية أرواح المدنيين أو التنمية الإقتصادية ؛ فقد كانت تلك القيم نفسها على موعد مع تهديد مباشر وخطر حقيقي على يد الإنقلابيين . وقد غرقت غينيا في وادي من الفوضى مثلتها المذابح والقتل العشوائي ؛ ولم يسلم الكابتن كمارا نفسه من إعتداء كاد يؤدي بحياته ؛ وتعرضت أوضاع حقوق الإنسان في البلاد لتهديد خطير؛ وراح العديد من المدنيين ضحية للوضع الدستوري المنهار . المغامرة والطيش هي وحدها دافع ركوب الدبابة نحو قصر الرئاسة .
في باماكو مارس عام 2012ف كان أهداف العسكر الصغار من الإطاحة بالنظام الديمقراطي كما جاء على لسان امادو سانوغو قائد المجموعة الانقلابية هو وقف تقدم "تحالف ذئاب الصحراء " . الجيش الوطني المالي الذي يقدر تعداده بنحو 8 ألف جندي ؛ و5 ألف قوة إحتياط كان قد تراجع إثر هجمات التحالف المزود بأسلحة ليبية حديثة خرجت عطية مجانية من معبود ليبيا الكلونيل الراحل . وسقطت إثر ذلك مدن وقرى في مقاطعتي كيدال وقاو بالشمال وأصبحت تمبكتوا العاصمة التاريخية مهددة .
وقف تقدم المتمردين يحدث حين يقوم الجيش الوطني بواجبه وفق الدستور في حماية التراب الوطني ؛ ومساندة مؤسسات الدولة للسلطة السياسية الديمقراطية المنتخبة ؛ والسلطة الديمقراطية تدرك أن أولى واجباتها في مثل هذه الظروف هي حماية الإنسان وصون وحدة البلاد . قلب نظام الحكم وإلغاء العمل بالدستور لا يوقف تهديدات التمرد في النظم الديمقراطية.
كان الرئيس ممادو توري الذي أُتهم بعجز في مواجهة الأوضاع الجديدة ؛ وضعف في مواجهة تقدم التمرد الصحراوي سوف يغادر قصر الرئاسة نهائيا بعد إنتهاء ولايته الثانية في أفريل 2012 ف الحالي ؛ وسوف لن يعيد ترشيح نفسه مرة أخرى بنص الدستور.
سقطت كيدال التي يسكنها قبائل الكنين ؛ وغاو التي تسكنها قبائل غاو و سونغاي على يد تحالف صحراوي مسلح لم يكن مستعدا في إتباع أساليب حديثة للتفاوض أو إتخاذ وسائل ديمقراطية وفق الدستور القيم بالبلاد لايجاد حل لإدعاءات التهميش والمظالم السياسية .
"ذئاب الصحراء" هو الإسم الذي أطلقه المالييون على تحالف مليشيات الطوارق ومرتزقة الصحاري عابري الحدود ؛ وتنظيم القاعدة الإرهابي في شمال مالي ؛. فالطوارق يقودون حركة مطالبة بإستقلال إقليم أسموه الأزواد في شمال البلاد حيث يتيح لهم إقامة وطن به . أما ما يسمى "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي" يسعى لتأسيس إمارة إسلامية لها في إفريقيا للممارسة نشاطه الإرهابي .
فوضة "تحالف ذئاب الصحراء " لا يمكن أن يفهم من زاوية غياب حقوق للأقليات العربية في البلدان ذات الغالبية الزنجية بالقارة السوداء ؛ بل هو تعبير عن فوضى عربية غير منضبطة في البلدان الإفريقية حول خط 20 ش وسط القارة إفريقيا . نشطت بعد سقوط نظام الكلونيل الليبي معمر القذافي في ليبيا ؛ مدفوعة بأفكار "الفتوحات الإسلامية " وإعادة إنتاج أفكار الغزو والإستعمار في بلدان الأمم الزنجية تلك المحشوة في ذاكرة القرون الوسطى لبعض العرب المستوطنون في إفريقيا وهي أفكار مدعومة بشكل معتدل من دولة قطر والخرطوم ؛ وليبيا الجديدة .
وفي السياق ذاتها . ليبيا والسودان تشهدان تطهيرا عرقيا وحملات إبادة منظمة للأمم الزنجية . وموريتانيا تشهد تجدد أعمال العبودية والإتجار بالبشر . ومصر وتونس والجزائر والمغرب تواصل ممارسة سياسية الإضطهاد والتمييز بحق الأقليات السوداء رغم قيام ثورة عربية في تونس ؛ الصومال بكل بطئ يستمر ينهي نفسه بنفسه بفعل الأفكار القديمة المثبت في ذاكرة الشعب المسكين . تشاد والنيجر ومالي تسري أفكار الإمارات الإسلامية بمفاهيم القرون الظلماء لدى الجماعات الرعوية ومعها تنشط الأعمال الإرهابية المعيقة للحركة الديمقراطية .
الإكواس و التي تضم في عضويتها اليوم أكثر من رئيس منتخب ديمقراطيا في إفريقيا الغربية ؛ حين تنادي بضرورة إعادة إرساء النظام الدستوري في جمهورية مالي ؛ تعي جيدا حقيقة أن الديمقراطية وإحترام دستور البلاد هي التي تصون البلاد وسكانه لا الإنقلابات العسكرية . وتضع حدا للمليشيات الدينية ذات النزعة العروبية في إفريقيا الشمالية ؛ الإكواس تعي جيدا مخاطر هذه الجماعات العربية الإرهابية المهددة للإستقرار في أطراف دول المجموعة شمال الصحراء ا.
الجماعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا المعروفة إختصارا بإسم الإكواس ؛وهي في الاساس هيئة حكومية تدعم جهود الديمقراطية والتعاون الاقليمي بإفريقيا ؛ وتضم في عضويتها 15 دولة في غرب القارة ؛ وتشرف على نحو 210مليون نسمة ويمثل هذا العدد نحو ربع سكان القارة الإفريقية ؛ وجميعهم من الأمم الزنجية التي إخطتت لنفسها مسارا مستقلا جديدا للتغير والتنمية طريقا نحو المستقبل ؛ تعد أقوى المنظمات الداعمة للديمقراطية والإستقرار في إفريقيا والعالم .
والدول الإفريقية في عضوية الإكواس هي : مالي ؛ بوركينا فاسو ؛ الرأس الأخضر ؛كوت ديفوار؛ جمهورية غامبيا ؛ . غانا ؛ غينيا كوناكري ؛ غينيا بيساو ؛ ليبيريا ؛ النيجر ؛ نيجيريا ؛ السنغال - ؛ سيراليون توغو ؛ وبنين .كوت ديفوارتتولى رئاسة المجموعة في الوقت الحالي (تابع تعريف الإكواس)
وبين دكار في يوم الإثنين ؛ وأبيدجان يوم الخميس الماضي كانت مساعي الإكواس جادة في حسم مسألة الإنقلاب على سلطة شرعية منتخبة في باماكو؛ وقد دعى الرئيس الافواري وتارة إلى إجتماع "قادة القوات العليا لدول (الاكواس)" في أبيدجان وذلك من أجل حسم الأمر في مالي بالقوة ؛ لكن ذلك لا يكون قبل إكمال خطوة أولى مهمة وهو عودة السلطة من يد العسكر إلى المدنيين بأسرع ما يمكن ؛ وهكذا سارعت الإكواس في فرض حصار على إنقلابي باماكو .
وبموجب إتفاق إطاري وقع بين ضباط الإنقلاب في بامكوا ومجموعة الإكواس الأسبوع الماضي تم في الخميس 14 مارس الحالي تنصيب رئيس الجمعية الوطنية في مالي رئيسا إنتقاليا للبلاد ؛ وهي بداية مرحلة إنتقالية للعودة للمسار الصحيح في باماكو .
وصباح الخميس أدى ديونكوأندا تراوري رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) في بامكوا اليمين الدستورية كرئيس إنتقالي للبلاد .
فيما توعد الرئيس الإنتقالي تحالف ذئاب الصحراء في الشمال بالحسم ؛ أكد في خطابه الخميس ضرورة عودة البلاد إلى وضعها الدستوري السليم عبر تهيئة الأوضاع لإنتخابات رئاسية قريبة ؛ وهكذا ستتابع جمهورية مالي مسيرتها الديمقراطية .
يذكر أن جمهورية مالي كانت قد أطلقت على نفسها عقب الإستقلال إسم الجمهورية السودانية التي ضمت إلى جانبها دولة السنغال لأسباب حضارية ؛ إلا إنه بعد أشهر قليلة من الإستقلال إنفصلت السنغال عن الجمهورية السودانية لتسمى نفسها باسم جمهورية مالي نسبا لآخر حضارة إفريقية أسستها الأمم الزنجية بالحوض الأعلى لنهر النيجر شملت غالب تراب مالي الحالي ؛ وكانت عاصمتها مدينة تمبكتو الخالدة .
Moniem Suliman AtTroun [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.