حبس عمرو دياب.. محامٍ يفجر مفاجأة عن "واقعة الصفع"    صعوبة الحصول على تأشيرة الدخول من القنصليات المصرية.. لسوء الطقس عشرات الموتى في اوساط القادمين بالتهريب الى مصر    بعثة صقور الجديان تصل جوبا    اتحاد الكرة السوداني يشيد بحكومة جنوب السودان    تحديات تنتظر رونالدو في يورو 2024    السعودية.. استخدام طائرات الدرون لنقل وحدات الدم والعينات المخبرية بسرعة وكفاءة بين مستشفيات المشاعر المقدسة    سفارة السودان في واشنطن تعلق على حظر وزارة الخزانة الأمريكية ل(7) شركات لتورُّطها المُحتمل في الحرب السودانية    بعد ساعات من حادث مماثل.. مصرع أسرة سودانية ثانية في مصر    انقطاع الكهرباء والموجة الحارة.. "معضلة" تؤرق المواطن والاقتصاد في مصر    شاهد بالفيديو.. الفنانة إنصاف مدني تضع زميلتها ندى القلعة في "فتيل" ضيق: (هسا بتجيك نفس تحملي في أوضة وبرندة وسط 13 نفر وفي ظروف الحرب دي؟)    شاهد بالفيديو.. شاب من أبناء "الشوايقة" يتوعد القائد الميداني للدعم السريع "جلحة": كان فضلت براي في السودان ما بخليك (جاك الوادي سايل أبقى راجل عوم والمطر البدون براق جاك يا الشوم)    شاهد بالفيديو.. الفنانة إنصاف مدني تضع زميلتها ندى القلعة في "فتيل" ضيق: (هسا بتجيك نفس تحملي في أوضة وبرندة وسط 13 نفر وفي ظروف الحرب دي؟)    تعليق مثير من زيدان على انتقال مبابي لريال مدريد    توتي الضحية    مصر تتفوق عالميًا بمؤشر جودة الطرق.. قفزت 100 مركز خلال 10 سنوات    نصائح مهمة لنوم أفضل    أشاد بالأداء والنتيجة..دكتور معتصم جعغر يهاتف اللاعبين والجهاز الفني مهنئاً بالانتصار    الأمانة العامة لمجلس السيادة تحتسب المهندسة هالة جيلاني    أديب: الحكومة الجديدة تحتاج "سوبر مان" لمواجهة التحديات    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    السعودية.. رقم قياسي عالمي في التبرع بالملابس    السودان يكسب موريتانيا بهدفين في تصفيات المونديال    السودان يهزم موريتانيا ويتصدر مجموعته في تصفيات كأس العالم    الجزيرة تستغيث (4)    انتظام حركة تصديرالماشية عبر ميناء دقنة بسواكن    "كعب العرقي الكعب" .. وفاة 8 أشخاص جراء التسمم الكحولي في المغرب    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    "إكس" تسمح رسمياً بالمحتوى الإباحي    حادث مروري بين بص سفري وشاحنة وقود بالقرب من سواكن    تونس.. منع ارتداء "الكوفية الفلسطينية" خلال امتحانات الشهادة الثانوية    السودان..نائب القائد العام يغادر إلى مالي والنيجر    السعودية.. البدء في "تبريد" الطرق بالمشاعر المقدسة لتخفيف الحرارة عن الحجاج    وفد جنوب السودان بقيادة توت قلواك يزور مواني بشاير1و2للبترول    صدمة.. فاوتشي اعترف "إجراءات كورونا اختراع"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكري الرحيل المر ... الإتحاديون.. حطة وطنية وحزبية ولا أزاهرة لها (7) . بقلم: محمد عصمت يحى
نشر في سودانيل يوم 03 - 06 - 2012

رحلت برحيل الشقيق محمد أزهري طلته الندية وسط الغيوم الحالكة التي أطيقت بسماوات بلادنا وشعبنا وحزبنا، رحلت برحيله ملامح الجسارة والصمود وحلت مكانها معالم الضعف والخوف هداية ً لمُوجفي النفوس ومُرتاعي البصائر، رحلت برحيله عن دنيانا قيم العفاف والإعراض عن زخرفها وأقبلت علينا صفوف من ُطلاب عرضها الزائل رافعين لواء الحزب والوطن بلا ذرة من حياء أو قطعة من خجل، رحلت برحيله تلك القسمات البهية التي ألفها كل بيت إتحادي وغير إتحادي على إمتداد الوطن الشاسع وُشعاعها ينداح علي الجيران قبل الخلان وعلي الأغارب قبل الأقارب إلي أن صار عنده شعب السودان بأكمله رحما ً يتوجب وصله مهما تطاولت المسافة أو شق الوصول، رحلت برحيله مواكب البر والإحتفاء بالرفاق والزملاء من أهل اليسار والأحباب من من أصحاب الطريق والأنصار، رحلت برحيله بشريات القبول وإتساع الوطن لكافة أبنائه وهو يشارك دون ضجر كنائس الوطن أعيادها بصلواتها وتراتيلها كل سويعات الفجر.
مضي يوم السبت الثالث من يونيو 2006 وقلوبنا وعقولنا تغالب أوجاعها وآلامها، كان الواجب علينا أن نطويَ تلك الصفحة من دفتر الأيام الحوالك، في تلك الصفحة كتب سفير فرنسا وباللغة الإنجليزية معزيا ً السودان في نحسه وسوء حظه بفقد الزعيم محمد أزهري بضع كلمات لكنها عدد من الأسفار إذا ما سبرنا غورها وغصنا في أعماقها (Sudan is the most unlucky country by the death of Mohamed Alazahari)، وفي أسفل الصفحة لم يجد السيد علي عثمان محمد طه ما يكتبه إلا ( كنا نريده ليوم كريهة وسداد ثغر) وهو عجز بيت من قصيدة للشاعر عبدالله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان المشهور بالعرجي وهو في سجن محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي خال هشام بن عبدالملك بن مروان وكان واليا ً لمكة في ذلك الزمان، وُيروي أو العرجي كان يتغزل بأم محمد بن هشام وإسمها الجيْداء، وُيقال بأن غزل العرجي في الجيداء لم يكن بسبب محبتها أو جمالها وإنما بغرض التشهير بإبنها محمد بن هشام فأخذه وسجنه وكان ُيخرجه من سجنه كل يوم ويأمر بضربه بالسياط لتسع سنين إلي أن ُتوفي دون أن تشفع له مكانته الرفيعة في نسبه لعثمان بن عفان رضي الله عنه ويقول في قصيدته تلك:
أضاعوني وأي فتي ً أضاعوا
ليوم كريهةٍ و ِسداد ثغر
وخلوني وُمعترك المنايا
وقد ُشرعت أسنتهم لنحري
كأني لم أكن فيهم وسيطا ً
ولم تك نسبتي في آل عمرو
( كنا نريده ليوم كريهة ٍ و ِسداد ثغر) هكذا كتب نائب البشير في دفتر العزاء وهو قادم من أبوجا بعد أن مهر إتفاقه مع مني أركو مناوي في مايو 2006 ولقد كان ُمحقا ً في إستدلاله فالحق ما ِشهدت به الأعداء.
بوصفي مقررا ً للمكتب السياسي إبتدرت تواصلي مع المرحومين عبد الحليم شنان رئيس مكتبنا السياسي ونائبه إبراهيم أحمد الطيب طيب الله ثراهما وأنزلهما مراتع الجنان، لعقد إجتماع المكتب السياسي للحزب الإتحادي الديموقراطي – المؤتمر الإستثنائي – حيث تم الإتفاق علي عقده بدار الشقيق المرحوم صالح يعقوب بضاحية شمبات إذ كانت دار الزعيم ما تزال تستقبل وفود المعزين، توافد أعضاء المكتب السياسي وعيونهم تقطر دما ً، ُخطاهم تتثاقل عند مدخل الدار الرحيبة وإلي حيث النجيل الذي ُصفت عليه مقاعد لن يجلس علي واحد منها ولأول مرة حبيبنا الراحل، الإطراق فرض ُسلطانه علي الحضور البالغ النصاب، بدأ الإجتماع بآيات سورة العصر تلاها بصوته الرخيم الشقيق أحمد نور عبد القادر، لم يتجرأ أحد بأن يطلب من الشقيق نعيم ديمتري بأن يقرأ ما تيسر من الكتاب المقدس كعادة الشقيق محمد أزهري فلا المكان ولا الزمان ولا الحدث ولا الحضور قد ألفوا بعد غياب العزيز محمد أزهري، غاب عن ذلك الإجتماع المرحوم عبد الحليم شنان بسبب المرض الذي أقعده علي السرير عدا - مرة واحدة سأحدثكم عنها - إلي أن غادر دنيانا إلي دار الخلود فناب عنه نائبه المرحوم إبراهيم أحمد الطيب الذي لم يجد صعوبة ًوصخبا ً ُيذكر في إدارة الإجتماع كما الإجتماعات السابقة ثم أصدر المكتب السياسي قراراته وهي:
1) الموافقة علي حل الحزب الإتحادي الديموقراطي وفقا ً لقرار المؤتمر الإستثنائي وإستجابة لميثاق الوحدة الذي وقعه العزيز الراحل محمد أزهري في 13/7/2005.
2) تصعيد الأستاذة جلاء إسماعيل الأزهري والفاضل حسن عوض الله عضوا المكتب السياسي إلي هيئة قيادة الحزب الموحد.
3) إنشاء آلية مفوضة لإدارة المرحلة الإنتقالية ولحين إكتمال المؤسسات الوحدوية للحزب الإتحادي الديموقراطي في مرحلة ما بعد الوحدة والرحيل المر.
جاءت قرارات المكتب السياسي لحزبنا المعروف بالمؤتمر الإستثنائي متدثرة بإلتزام ٍ قديم ٍ يتجدد مع الأيام ولا يبلي، إلتزامٌ لا يعرف النكوص ولا يأبه بتخاذل أحد مهما كان ذلك الأحد، لقد كان إلتزامنا أمام الله والوطن والشعب والحزب في نصفه الأعلي هو إيماننا التام بأن الشأن الوطنى هو شأنٌ عام يختص به كل أبناء السودان ولا يحق ولا يجوز أن ينفرد به كائنا ً من كان، لم يلج هذا الإيمان إلي قلوبنا نحن الإتحاديون الأزاهرة من بابي الصدفة أو التدبير بل وقر فيها عندما وجد تجاويفها مؤسسة ً وطنية ًُ ديموقراطية ً حاضنة ً لتاريخ ونضالات الأمة السودانية، مؤسسة ً وطنية ًُ ديموقراطية ً قائدة ً لمعارك تحررها الوطنى ضد الإستعمار والأنظمة الإستبدادية الأمر الذي يؤكد بنوتها وإنتماءها وإرتباطها بالوطن وطموحات شعبه، مؤسسة ً وطنية ًُ ديموقراطية ً معبرة ً عن الشخصية السودانية التى تبلورت عبرالسنين والأحداث كممثل أصيل ووحيد للوسطية والإعتدال.
إستدام ذلك الإيمان الموروث في دواخلنا بإستدامة إستفزاز الظروف التى تعيشها بلادنا فى هذه المرحلة الفاصلة من تاريخها فكانت عاقبته إدراكاً واعياً منا بكل بوادر التمزق التي تشهدها ساحتنا السياسية الداخلية، لذا إعتمدنا مبدأ مشاركة الجميع فى الشأن الوطنى ومقاومة فكرة إقصاء الآخرين من المشاركة الإيجابية فى العملية السياسية وفق مبادئ يتراضى الجميع عليها، ولما لم يفت علينا بأن النظام الحاكم هو من يتحمل النصيب الأعظم فيما يحيط بمصير بلادنا وشعبنا بحكم توليه لمقاليد الأمور وروتين السلطة بشقيها العسكري والمدني، فقد كان واجبا ً علينا وكأوجب ما يكون الوجوب أن نسطر في مقدمة أهدافنا بأن المخرج الحقيقى من هذه المآزق والمُهددات التى تتعرض لها بلادنا هو ضمان وكفالة كافة الحريات الأساسية ورعاية الحقوق الديموقراطية والإنسانية لكل أبناء الوطن الواحد على إختلاف أعراقهم وأديانهم وثقافاتهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية.
أما إلتزامنا أمام الله والوطن والشعب والحزب في نصفه الأدني فهو يقيننا من وحدة الإتحاديين وقضاياهم التنظيمية الداخلية، وحينما أستدعي كلمة يقيننا لخدمة مقاصد إلتزامنا في نصفه الأدني فليس هذا من قبيل الإسترسال اللغوي وإنما أعني حقا ً وصدقا ً كلمة يقيننا هذي، ذلك أن كثير من أدعياء وحدة الإتحاديين وسماسرتها لم يتورعوا من الإفتئات علينا ودمغنا بتعطيل مسارها دون أن تطرف عيونهم أو يخفق ما تبقي من ضمائرهم، جاء في تعريف كلمة اليقين للإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام والذي ُولد بالمدينة يوم الإثنين 12 من ربيع الأول في سنة 83 من الهجرة مصادفا ً ليوم مولد نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام، وكان له من العلم والفضل والحكمة والزهد والورع والفقه والصدق والعدل والنبل والكرم والشجاعة ما لا ُيحصيه العادَون، كما لم ُينقل من أحد من أهل بيته مثلما ُنقل عنه، كل هذا لم يشفع له فإستشهد مسموماً وعمره إذ ذاك 65 سنة ً، يقول الإمام الصادق عليه السلام بأن (اليقين هو ُغرة الفضائل النفسية وأعز المواهب الإلهية، فإن كان الإيمان أفضل من الإسلام فإن اليقين أفضل من الإيمان)، إذن فما من شيء أعز من اليقين ولما كانت وحدة الإتحاديين هي يقيننا فستبقي معزتها عندنا أيضا ً أعز من اليقين الراسخ في وجداننا بضرورة وحدة حزبنا والنابع أساساً من فردانية جوهره وعدم قابليته للإنقسام، ولئن كنا نحن الإتحاديون الأزاهرة وبَسمِْتنا كضمير ٍ حىَ ٍ ونابض لعموم الإتحاديين ُروادا ً لوحدة ٍ إتحادية ظل سعينا لها متصلا ً لنحو إحدي وعشرين عاما ً حتى بدا ولكافة الإتحاديين أن جل عناصر التمزق ومكونات التشتت قد صارت إلى داء عضال يغتال جسد وروح الإتحاديين، إلا أن سعينا لم ولن يتوقف حتى يتوحد الإتحاديون وفق المبادىء التى إختطها الزعيم المؤسس إسماعيل الأزهرى وأشقائه الأبرار، وأسسوا على هديها حزباً ظل يتعملق أمام التاريخ والتحديات وما ذلك علي الله ببعيد، إن سعينا الدائب لوحدة الإتحاديين ووفق الموجهات العامة لسياساتنا إنما تفرضه علينا أحكام التاريخ ومبادىء الرجال لا أوهام الحاضر وأهواء البعض ممن جانبوا جادة الحزب وحادوا عن صراطه المستقيم، لذا فما من خيار ٍ أمامنا إن نزعت نفوسنا بصفاء ٍ معروف ٍ عنا إلى وحدة حقيقية نستعيد بها أمجادنا الطارفة والتليدة.
لقد ظللنا في هذا المعبد نسبح بحمد ُوحدة الإتحاديين بالعَشًي ِ والإبكار عشما ً في حزب ٍ إتحادى ٍ ديموقراطى ٍ ُموحد نعبر به برزخ الشتات والتمزق إلي عوالم العمل الوطنى الراشد، لقد ظللنا ندعو وُنلح في الدعاء على ضوء الحاجة الوطنية الماسة لحزب ٍ فعال ٍ وقادر ٍ على سد الفراغ الوطنى الكبير الذى خلًفته سياسات التقسيم لكل مكونات بلادنا وشعبنا، لقد ظللنا ُنؤمن برجاحة وحدة الإتحاديين في حزب ٍ إتحادى ٍ ديموقراطى ٍ ُموحد يتوسد تجربة الآباء المؤسسين في إعلاء قيم الديموقراطية والمؤسسية والرضا برأي وقرار قواعد الحزب..
لم نكتف بما وقر في قلوبنا من إيمان ٍ بوحدة الإتحاديين، بل صًدقته صحائف كتابنا الذي لم ُيغادر صغيرة ً أو كبيرة ً في شأن وحدة الإتحاديين إلا وأحصاها، لذا كان لا بد من إستدعاء التاريخ الإتحادي وإستلهامه حتى لا تندثر تلك الإشراقات وذلك بتأسيس الحزب الإتحادي الديموقراطي الموحّد الوريث الشرعي لكل نضالات وأمجاد الإتحاديين منذ مؤتمر الخريجين وحتى وفاة ورحيل الزعيم المُجدد محمد إسماعيل الأزهري ...
لقد سطرنا برنامجا ً تنظيميا ً لإعادة هيكلة وتنظيم عضوية الحزب داخل وخارج الوطن بما يخدم قضية الوحدة بين الإتحاديين، برنامجا ً تنظيميا ً ينظر بعمق لكل المتغيرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية التى ضربت كل أوجه الحياة داخل وخارج بلادنا، برنامجا ً تنظيميا ً يستصحب حزمة من المرتكزات وذلك يقيناً منا بأهميتها فى عمليات إعادة البناء يقوم علي:
1) لامركزية وديموقراطية التنظيم .
2) إشاعة ثقافة الإشتراك وترسيخ مبدأ ديموقراطية التمويل.
3) الدفع بالشباب وإفساح ساحات الإدارة الحزبية أمامهم بوصفهم أساس وبوصلة المرحلة المقبلة.
4) ترقية مشاركة المغتربين والمُهجرًين.
تلك هي رؤيتنا التي سعينا بها في أوساط الإتحاديين بعد أن تفرقت بهم السُبل وتشعبت أمامهم المسالك، رؤية ترتقي بهم إلي سماوات ما بلغها الآباء المؤسسون إلا بترفعهم عن الصغائر وتعففهم أمام الدنايا، رؤية تعتمد المؤسسية والديموقراطية في إدارة الصراع والخلاف داخل الأجهزة الحزبية، رؤية تحلم بأن يظل هذا الحزب ِملكا ً مشاعا ً لكل أبناء شعبنا، لفقرائه قبل أغنيائه ولخدامه قبل أسياده..
لقد كانت آخر ملاحم تلك الرؤية لمرتجي الآمال الإتحادية محمد أزهري هي ما مهره بتوقيعه في 13/7/2005 لكنها لم تكن آخر الملاحم لنا نحن أشقاؤه علي ذات الطريق، وهي ما سنتعرض لها بكل دقائقها ورقائقها حتي يعلم الجميع ما يفعله الأدعياء والسماسرة بقضية الوحدة الإتحادية دونما إستحياء يتغًشاهم أو إحتشام يتلًبسهم.
وكما ذكر الشقيق الفاضل حسن عوض الله فلقد إنقضي سامر ليلة 15 سبتمبر 2005 دون حلم لتعلو بعض الأصوات الخجلى واصفة ً ذلك الجهد الإتحادي الدوؤب بثلاثية أضُلعه من مؤتمر ٍ إستثنائي وإتحادي مسجل وهيئة عامة بأنه مجرد إطار لشحنة من العواطف ومحض تحايا ومشروع إبتسام، لم تلن قنوات (قناة ُتجمع قنوات وليست كما ُيشاع أقنية) من صنعوا ذلك الحدث في ليلتي 13/7 و15/9 من العام 2005، ولعل قليل من قيادات الإتحادي الأصل والمسجل وممن هم علي قارعة الطريق تعلم مقدار ما ترتب وسيترتب عليهم جَراء تنكرهم لذلك العهد وتملصهم من هكذا إلتزام، ما كان أمامنا غير أن نمضي ُقدما ً في هذا الطريق فبدأت أولي خطوات الهيكلة الموحدة لحزب إتحادي ديموقراطي موحد وبعد سنوات من الفرقة والشتات، كانت خطواتنا تنتقل ما بين دار المرحوم حسن دندش برياض الخرطوم ودار المرحومين عبد الماجد أبو حسبو والحاج مضوي بحي العمارات، فدار الزعيم وأمدرمان يومها لم تزل تبكيان فتاها سمح السجايا محمد أزهري.
محمد الأزهري: كان بدري عليك
هكذا إبتدر د. محمد عثمان الجعلي المقيم بدبي مقالته المُدمًية للقلوب في رثاء ووداع عازف الأوتار السياسية ومرتجى الآمال الاتحادية الشقيق الإتحادي الرفيع والصديق المبدع البديع محمد إسماعيل الأزهري، يومها لم نجد من الأحرف المعٌبرة ما نضعه علي ملصق أربعينية الرحيل المر غير تلك الأحرف ( محمد أزهري كان بدري عليك) وهي مطلع لأغنية أبدعها شعرا ً ولحنا ً الشاعر عبد الرحمن الريح رحمه الله، وُيحكي أنه قد رافق ُمغنيها المطرب الشاب عمر أحمد بالعزف علي العود عند تسجليها لدي الإذاعة وهي أول عمل غنائي بدأ به الشاعر تعاونه مع ذلك المطرب المغمور الذي كان يغني بمصاحبة الآلات الموسيقية، إلا أن كثيرا ً من المستمعين يرون أن الفنان المرحوم عبد العزيز العميري هو من أطلق عنان هذه الأغنية الرائعة للتحليق في آفاقها البعيدة.
كان بدرى عليك
تودعنى وأنا مشتاق ليك
بدرى عليك والوقت طويل
والأنس جميل فى سكون الليل
كل الأفلاك .. كانت يا ملاك
تنظر لعلاك
مشتاقة اليك .. وكان بدري عليك
كان بدرى عليك وعلى وداعك
يا المغرى وفاتن إبداعك
رحت ومازال عندي شعاعك
خليتني هنا .. في عذاب وعنا
وما عني أنا .. بالروح بفديك
وكان بدري عليك
حبيبي تعال .. أغريني دلال
وأسحرني جمال .. إنت الآمال
في المضى والحال
وللعفة مثال .. علي الأجيال
أنا بفخر بيك
وكان بدري عليك
تودعني وأنا مشتاق ليك
كسنن الأفلاك والشموس والكواكب تتناغم حياتها ودوراتها ورحيلها مع تراتيب العلامات والمواقيت والمواعيد ... رحل محمد إسماعيل الأزهري والمسلمون يواصلون احتفالهم واحتفاءهم بميلاد سيد ولد آدم محمد بن عبد الله عليه السلام...رحل الشاب الموعود بالمجد والسؤدد والزعامة وتلك سنة الله في خلقه وذاك سبيل الأولين والآخرين.
رحل محمد ليذهل خلق ويتجرع أهل الرجاء كؤوس حزنهم وترفع الأكف بالدعاء الصادق بالرحمة والمغفرة لعريس المجد الراحل خلسة ... لك معزتي ومحبتي د. محمد عثمان الجعلي ونواصل إن كان للعمر بقية....
بقلم محمد عصمت يحي
Mohamed Ismat Elmobasher


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.