تشهد الساحة السياسية الداخلية هذه الايام موجة من الحراك رفضاً لزيادة المحروقات الذى سيؤثر سلباً على مستوى المعيشة مقارنة مع ضعف دخل الفرد الذى لم يُفصل لنا جهابزة الاقتصاد السودانى عن التدهور المريع لمستوى دخل الفرد خاصة بعد إرتفاع نسبة البطالة التى وصلت الى مافوق "ال40% " وهذه النسبة فقط هى من الذين تمت إنهاء عقوداتهم من منظمات اجنبية فى الشهر الماضى ، ناهيك عن الخريجين الذين لم تتح لهم فرصة للعمل منذ ان بارحوا دهاليز الكليات الجامعية التى تخرجوا منها وكل منهم يضع شهادته الجامعية على جدران غرفته وفى كل صباح يقول لها " راجيك ياحلم الصبا". الحراك السياسى الذى تعالت اصواته ولاول مرة منذ أن إغتصبت الإنقاذ السلطة فى 89 ياتى هذه المرة بسبب الضغط المعيشى جراء إفتقاد البلاد لثلاثة أرباع دخله بإنفصال الجنوب الذى لم يقتصر بالانفصال فقط و لكنه وصل إلى حد إغلاق أنابيب النفط عبر السودان ، وهذا ما زاد من حدة الإختناق الإقتصادى والضغط اليومى مما إستدعى الحكومة لبيع مصفاة الجيلى التى انكرها وزير المالية بملبغ ملياري ونصف المليار دولار . ومن المحتمل أن تقود هذه الضغوط المالية الى تظاهرات حاشدة تقابلها الحكومة بقمع مثلما حدث فى داخلية البركس للطالبات فى جامعة الخرطوم يوم امس الاول . ومن المتوقع حسب حديث وزير المالية إن الزيادات على المحروقات لن تسد الفجوة المالية التى تعانى منها الحكومة مما يضطرها لإبتداع وسائل اخرى لسد النقص المادى المريع خاصة وأن هنالك تزمر وسط المؤسسات الحكومية التى نرتبها كالاتى : موظفى الهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون لم يتقاضوا مرتبات لثلاثة اشهر على ذمة احد زملائى، يعمل موظف فى التلفزيون اطباء الإمتياز بولاية شمال كردفان لم يصرفوا مترتبات منذ ابريل الماضى مما قادهم الى الاعتصام . ايقاف البدلات والحوافز المالية ، وهى طبيعة العمل وبدل الوجبة لكل العاملين \ت فى وزارة الصحة الاتحادية ، هذا فى الوقت الذى يتقاضى فيه الدستوريين كافة مستحقاتهم المالية والمعنوية على حساب المواطن . فبالتالي المتوقع هو إبتداع وسائل جديدة لكسب اموال من المواطن مثل زيادة دمغة الجريح التى بلغ سعرها حتى لحظة كتابة هذه الاسطر " 3 جنيه " على اى عبوة تزن اكثر من " 40 كليو " . اما على الاساسات المنزلية وغيرها فقط وضعت الضرائب حتى على التربيزة (الطقطوقة) ناهيك عن الاسمنت وغيره من اساسيات البناء فى السودان. هذا فضلاً عن النزوح المكثف من للمواطنين فى كل من جنوب كرفان - وجنوب النيل الازرق- ودارفور المناطق التى تشهد عمليات مكثفه هذه الايام من قبل الجبهة الثورية ، ففى الرهد وصل عدد النازحين من المنطقة الشرقيةلجنوب كردفان الى "13 الف" نازح ، اما فى ابوجبيهه فقد وصل عدد النازحين من المناطق الحدودية بين الشمال والجنوب ومناطق الصراع بجنوب كرفان الى " 8الف" نازح هذه فقط النسب التى وصلتنى عبر بريدى الالكترونى والإتصال المباشر عبر الهاتف الجوال وليعلم الجميع ان مقومات الحياة البسيطة فى كل هذه المناطق لايرقى لمستوى حد الكفاف الذى سيعقبه الجفاف لان الموسم الزراعى لا مكان له خاصة فى كرفان التى تنتج ثلاثة أرباع المحصول الغذائى للسودان فى كل من مشاريع هبيلا بالمنطقة الوسطى ومشاريع الترتر ابو جريس فى اقصى حدود السودان الفضل جنوباً . كل هذه الضغوط ستقود الحكومة الى تشريع جديد ربما يقيها شر الخروج الى الشوارع من المواطن خاصة بعد إضمحلال الإنتاج الزراعى وجفاف النفط الذى اصبحت انابيبه اوهن من بيت العنكبوت بفضل إغلاق إنسياب النفط عبرها . فالمقبل على السودان ليس هو ربيع عربى لان الربيع العربى حسب تصريحات ربان الانقاذ انه اتى مع الانقاذ فى العام 1989م . فالذى سيحدث فى السودان سيكون هو الصيف العربى لان الإنقاذ ليست كمثيلاتها من الدول العربية التى تهاوت وخر عرشها فى اياماً حسوما . فمبارك لم توجه له جرائم إبادة جماعية او غيرها كالبشير الذى تلطخت ايديه بدماء الابرياء فى كل بقاع السودان مما يضطر الانقاذ للتمسك بالسلطة مهما كلفها خاصة وإن الإنقاذ عملت كل مايرضى المجتمع الدولى او قل السيده امريكا واسرائيل لان من يظن إن الهجمات الاسرائيلية على تجار السلاح فى ساحل البحر الاحمر هو بمحض الصدفه او لقوة الإستخبارات الاسرائيلية فهو " بسيط " مع الاعتذار للوصف لان الانقاذ هى التى اوعزت ذلك لاسرائيل داخل اراضيها حتى يرضى عنها اللوبى الصهيونى داخل البقعة البيضاء . المقبل على السودان عزيزى القارىء هو صيف عربى ساخن سيشهد فيه الشعب السودانى اسواء ايامه منذ أن وضع السودان على الخارطة الدولية وسيعيش الشعب الاعزل حد الكفاف وهو ان لا يملك الفرد ما يسد جوعه لوجبه واحده . هذه الحالة ستطال حتى من يظنون انهم درجة اولى من رتق العيش وحسن المسكن لان الوضع الحالى هو ان السواد الاعظم فى السودان لايمتلك قوت يومه ، ولكن الامل يبقى يقود هذا الضغط الجموع الى الشوارع لان من لم يمت برصاص الشرطة ، او الامن ، او منتفعى الانقاذ ، سيموت بالجوع ولا ننسى هنالك من مات بنقص الدواء وهنالك من مات وهو مهرولاً من الانتنوف فى جنوب كرفان وجنوب النيل الازرق . ولكن بعد الخروج الى الشوارع ستكنس الانقاذ نهائياً من ارض السودان ولن يبقى لها فلول. Fisal [email protected] ////////////