"تذكروا أنكم ونحن خدام لهذا الشعب"، تلك هي الوصية الثابتة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لأي مسئول يتسنم منصباً ما... فهذه الوصية المختصرة ترسم استراتيجية متكاملة لما يكون عليه تعامل المسئول مع رعيته. ولهذا السبب وغيره بلغت المملكة العربية السعودية درجات عالية من التطور خاصة فيما يتعلق بعلاقتها مع مواطنيها، فالمواطن في المملكة يأتي في صدر أولويات الدولة وبرامجها المختلفة. ويدرك المواطنون في السعودية هذه الحقيقة جيداً، وهم يعتزون بها وحق لهم ذلك. ومن بين هؤلاء المواطنين، الطبيب عبد الله البداح الذي كان في زيارة إلى إمارة دبي خلال شهر مايو الماضي وتم منعه في المطار من الدخول للمدينة، وبعد أن قفل راجعاً إلى السعودية نشر تغريدة على صفحته بموقع تويتر يقول فيها أنه منع من زيارة دبي لسبب غير واضح، وأنه يطلب استعادة حقه في ذلك. أنظروا كيف تصرف الفريق ضاحي بن خلفان قائد شرطة دبي، وأحد رجال الدولة البارزين في الأمارات والذين استطاعوا أن يضعوا بصمات واضحة على هذا المرفق الهام حتى أصبح واحداً من أفضل الأجهزة عالمياً. ما أن قرأ الفريق ضاحي تلك التغريدة حتى وعد ببحث موضوع منع المواطن السعودي من دخول مدينة دبي. وخلال أيام قلائل أوفى الفريق ضاحي بوعده، حيث قدم إعتذاراً صريحاً للمواطن السعودي ودعاه إلى زيارة دبي، بل أنه كان في استقباله شخصياً بمكتبه وفي أجواء مفعمة بالحفاوة والترحيب أدهشت المواطن البداح نفسه. هذا التصرف ليس غريباً على رجل تمكن أن يقود شرطة دبي منذ العام 1980م، وقام ببناء أجهزتها المختلفة وفق أسس راقية ومتناهية التطور وبالذات ما يتعلق بتأهيل الكادر البشري. هو درس بليغ لكل مسئول أن يكون جل اهتمامه مصالح الناس وقضاء حوائجهم، وأن تكون الشفافية هي منهج في التعاطي مع الأمور خاصة ذات الصلة المباشرة بالناس. أما السيد المحترم وزير المالية عندنا فيسير في إتجاه مختلف تماماً كما يبدو.... ففي الوقت الذي بدأ الشعب في التململ والإستياء جراء الإجراءات الإقتصادية الأخيرة، يخرج وزير المالية ليعلن بصلف بالغ أنه "في حال ارتفاع أسعار النفط العالمية سنزيد أسعار المحروقات ولن نتراجع عن قرار رفع الدعم للمحافظة على المؤشرات الكلية للاقتصاد ونسبة النمو الحالية" ... إن كان السيد الوزير يملك الشفافية التي دعته لذلك التصريح الصادم، فكان حري به الإعتراف بالأخطاء القاتلة التي قادت البلاد لهذه المرحلة. لماذا لم يعترف الوزير بفشله في التخطيط للمرحلة الراهنة والتي لم تأت على حين غرة. لماذا لم يقر بعجزه عن توفير البدائل المناسبة التي كان من الممكن أن تسد بعض الفجوة المالية المزعومة... كان يمكن أن تكون هناك شفافية في الكشف عن الإخفاقات القاتلة لوزارة المالية بدلاً من التهديد والوعيد والصلف في التعامل مع المواطن أو التعليقات التي لا تليق بمسئول بحجم وزير المالية. السيد الوزير نحن نعيش في عصر مختلف، هو عصر الشعوب بإمتياز.. فهي التي تقرر ما تريده وكيف تصل لما تريده. وانطوت بذلك صفحة العهد الذي كانت الشعوب تقاد كالقطيع على غير هدي. إحترام أي مسئول لشعبه لم يعد مسألة أدب أو ذوق، بل هو من أوجب الواجبات وليس منة أو منحة يقررها المسئول في الوقت الذي يراه مناسباً بالنسبة إليه. احترموا شعبكم واستفيدوا من تجارب من سبقوكم واهتموا لمطالب الشعب بكل تواضع وقبل هذا وذاك اعترفوا بأخطائكم وواجهوا شعبكم بها. ولنتعلم من الفريق ضاحي الذي اعترف بالخطأ وسعى لمعالجته بدلاً من المكابرة والتمادي في الأخطأ فأنتم خدام لشعبكم ولم تتسلموا المناصب لتركبوا على رؤسهم. تعلموا من الفريق ضاحي ومن غيره قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه. Ayman Abo El Hassen [[email protected]]