[email protected] (1) فى ذروة الحرب العالمية الثانية,اصدر قاض إنجليزى حكماً قضائياً بإغلاق قاعدة جوية في إحدى جزر بلاده,لأن صوت إقلاع وهبوط الطائرات الحربية يزعج طلاب مدرسة مجاورة, وعندما امتنع قائد القاعدة عن تنفيذ الحكم,مبرراً ذلك بحالة الحرب وضرورات الأمن القومي, قرر ونستون تشرشل رئيس الوزراء تنفيذ الحكم القضائى فوراً,معلناً مقولته الخالدة"خير لبريطانيا أن تنهزم فى الحرب على ألا تنفذ احكام القضاء". (2) لاشك أن استشراء الفساد فى مصر قبل ثورة 25يناير,بالتوازى مع"غل"يدالعدالة,وغياب حسم القانون,عوامل ساهمت فى إفراز وتصاعد مناخ معاد للنائب العام,وباتت إقالته مطلباً مرفوعاً فى عديد من ميادين الثورة,ورغم أنه لا علاقة له بالاحكام الصادرة فى قضية موقعة الجمل,التى حٌققت من قبل قاض للتحقيق,إلا أن النصف الآخرمن الحقيقة يشير إلى أن العديد من قضايا الفساد المتداولة الآن فى أروقة العدالة,سبق وتقدم شرفاء ببلاغات للنائب العام بشأنها قبل الثورة,وكان مصيرها الحفظ ,وقضايا إبراهيم سليمان وإبراهيم نافع وعز"غيض من فيض",وهومايطرح سؤالاًمزدوجاًعن مدى وحقيقة استقلال وحيادية النائب العام ووكلائه ؟؟وكيف نصون استقلال ونزاهة السلطة القضائية بعد الثورة بشكل كامل ومحكم,بالتزامن مع التطهير الذاتى الشامل والشفاف؟؟ (3) التساؤل التالى:هل الغاية تبرر الوسيلة؟؟ المؤيدون لإزاحة د.عبدالمجيد محمود يرونه شبحاً من الماضى,استناداً لعمله الطويل فى نيابة أمن الدولة التى اذاقت معارضى الرئيس السابق خاصة الإسلاميين منهم مرارات وعذابات لا تنتهى,وأنه فى منصبه الحالى لم يكن مهنياً أو صارماً فى مواجهة الاستبداد والفساد, وينتقلون من هذه المقدمات لإعتبار"التخلص" من الرجل "غاية"تبررالوسيلة أياً كانت,وهذا منطق مكيافيلى لا يؤصل لدولة القانون والشرعية,وإنما يؤسس لحكم"الأمير". الغاية ابداً لاتبرر الوسيلة,الغاية النبيلة لا يمكن بلوغها بأدوات ووسائل غير شريفة أو غير مشروعة,ففى الحدث والوقت ذاتهما لا يمكن أن تفعل الشئ ونقيضة معا. وبالاساس حصانة النائب العام ليست مقررة لصالح الشخص أو المنصب,وإنما لصالح الشعب الذى"ينيبه"فى الدفاع عن مصالحه وحقوقه القانونية المشروعة,وهدف الحصانة أن يكون"نائب الشعب العام"آمن ومحصن من التهديد والترغيب إبان ممارسته عمله فى صيانة وحماية مصالح الأمة المصرية التى"أنابته"لذلك. أن السماح بالإفتئات على منصب النائب العام يفتح الباب لإهدار الفصل بين السلطات,وتغول السلطة التنفيذية ,ويحول النائب العام إلى نائب "خاص"للحاكم.,وإذا كان-الحاكم-صالحاً فى وقت ما فلا نأمن أن يكون غداً طالحاً (4) ولعل من المفيد أن نتذكر,موقف صلاح الدين الايوبى إبان"حروب الفرنجة",عندما عرض عليه حلفاء غريمه وعدوه اللدود ريتشارد قلب الأسد التحالف سراً والتخلى عن ملك انجلترا فى ذروة القتال,فكان رفضه القاطع معلناً"خير لنا أن ننهزم فى حرب شريفة على أن نحصل على نصر يجلله الخزى والعار",والمعنى واضح "النصر السياسى الذى يٌبنى على انقاض القيم أو"سيادة القانون"هو نصر بكل طعم ومعانى الهزيمة. (خاتمة) لا يليق أن تسيروا على النهج القديم,وتجعلوا الصحافة والاعلام مشجباً لأوزار وخطايا السياسة. *رئيس تحرير صحيفة الجيل reda salama [[email protected]]