تمهيد : عندما جاءت ثورة مايو 1969م كان سعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني 34 قرشا وبسبب الاقتصاد والحرب الاهلية رحلت مايو بعد 16 عام وقد بلغ سعر صرف الدولار 2 جنيه سوداني (بالقديم ) .. وتمت الانتفاضه في ابريل 1985م وجاءت الحكومة الديمقراطية بقيادة مولانا / الميرغني والامام الصادق المهدي .. حتى جاءت الانقاذ نتيجة التردي الاقتصادي والامني والحراك السياسي المتشاكس وقد بلغ سعر صرف الدولار 12 جنيها (بالقديم) وكان من ابرز شعاراتها الاقتصادية ان اطلق احد قادة الانقاذ تصريحا مفاده بانهم لوما جاءوا لبلغ الدولار 20 جنيها بالقديم .. ولكن .. تم تغيير العملة من جنيه الى دولار بغية التمويه عن حقيقة الوضع الاقتصادي .. وتم حزف صفر من قيمة العملة .. واستمرت الحروب الاهلية وادت الى انفصال الجنوب وذهابه بمعظم الثروة النفطية التي كانت هدفا سخر له الاقتصاد كلية .. واندلعت مزيد من الحروب الاهلية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق .. وبلغ سعر صرف الدولار 6300 جنيه (بالقديم ) .. لك ان تقارن بين المحطات الثلاثة للدولار : الاولى .. منذ 1969 من (34 قرش جزء من الجنيه ) الى 2 جنيه . الثانيه .. من 1985م من 2 جنيه الى 12 جنيه في اقل من 3 سنوات الثالثة.. من 1989م من 12 جنيه الى 6300 جنيه في 26 سنه هذه الارقام لوحدها تتحدث وتنبي بواقع الحال الذي القت السياسة بكل ثقلها وترهلاتها على الاقتصاد السوداني الذي ظل يتراجع .. ومع تراجعه تستمر الحروب الاهلية في عدة جبهات طمعا في المال والسلطة .. ايضا هؤلاء يقاتلون بالجنيه القديم .. فقد ذهب البترول واصبح الجنيه غير مدعوم بعائدات البترول .. في الصقيعة ساكت .. المرض الهولندي .. ولانرى في الافق الا محاولات يائسة للنهوض بالاقتصاد الذي ظل الساسة يبشرون بها طوال المحطات الدولارية اعلاه .. حالة اقتصادنا .. لايجتمع الرخاء والحرب معا .. يعني بكلام الحكومة لايوجد مناخ لاستثمار في بلد فيها حروب اهليه .. ولايستطيع كائن من كان التوفيق بين الاثنين ولو اصبح ( سوبرمان) .. هذه استهلاكات سياسية شبعنا وارتوينا منها .. ومن كثرة ماكتوينا بها نستطيع ان نستقرئ المآلات بحكم التجربة الطويلة والمريره .. بل ان السودان الان في مواجهة مفتوحة مع اسرائيل انطلاقا من دولة جنوب السودان الوليدة التي تهدف الى مماطلة الحكومة لتجرها المجتمع الدولى لمواجهة قرار مجلس الامن 2046 ذو الفصل السابع لتحرق الاخضر واليابس .. هذه نواياهم الخبيثة والعياذ بالله منهم .. نعود للاقتصاد افضل .. إقترب موعد ميزانية الدولة .. جهات حكومية تتململ كعادتها كل عام في هذا الموعد طمعا في مزيد من الايرادات الذي ينعكس خيرا عميما وفيرا بمشيئة الله .. المسئولين في الحكومة ومنهم يطلقون بالونة إختبار عبر وسائل الاعلام لجس النبض او احتمال مؤكد امر واقع مساسا بسلع ذات طبيعة سياسية ( غير مرنة ).. مثل شركة السكر ومن ورائها وزارة الماليه عبرت عن رغبتها في تحرير سلعة السكر بإضافة مبلغ 30 جنيها اضافيا كضريبة على كل جوال سكر منتج .. اما عن المحروقات فقد اوضحت موقفها ابان زيادة اسعار المحروقات في المرة السابقه قبل 5او 6 شهور وتوعدت بانها بصدد ( رفع الدعم تدريجيا ) يعني حبه .. حبه .. شوية .. شويه .. وقد صرح احدهم في وقت سابق بان المحروقات في السودان اسعارها مازالت اقل من بريطانيا .. كاني به يجهل كم دخل الفرد في بريطانيا وكم هو في السودان .. واخشى ان يكون صاحب التصريح من حملة جنسية بريطانيا العظمى ..ما علينا .. المهم هكذا كل الحكومة تتملل شوقا لذلك على السلع والخدمات ( مايسمى برفع الدعم ).. الكهرباء والماء .. الحكومة والمواطن في دوامة الحكومة .. وقدبلغت نسبة التضخم ما يفوق 41% وحققت معدل تنمية بالسالب مابين – 12% و صفر % ةهذا مازال موضع جدال بين صندوق النقد الدولي والحكومة اي القيمتين هي الصحيحة ولكننا نميل الى تصديق الحكومة صفر% ونحن كمواطنين نشهد بان النسبة هي صفر% لانه احتمال النسبة الاخرى قد يكون عمل اسرائيلي امريكى .. والمواطن شبع من وسائلهم العقيمة التى يشوهون بها وجه الحكومة السودانية .. لذلك نسبة سالب 12% هي كذلك . هل ستخرج الينا وزارة الماليه بميزانية مثقوبة مثل ميزانية العام الفائت .. المرقعة .. ام ان وزارة الماليه تعلمت من المرة السابقة ولم تدرج رسوم عبور نفط الجنوب في الميزانية .. وارجو ان لاتكون قد ادرجت في الميزانية شئ من هذا القبيل .. لان هذا من الغيبيات وخصوصا ان الملف الامني الاهم لم يتم الاتفاق حوله .. ومازال المتمردون يناوشون الحكومة من عدة جبهات .. وقد اكدت الحكومة سلفا بانها بصدد زيادة الميزانية الامنية .. قطعت جهيزة قول كل خطيب . في المرة السابقة ابان اعلان الحكومة زيادة اسعار المحروقات والضرائب وعدت بالمقابل بالتقشف واعادة هيكلة الحكومة .. ولكن لم نلمس بذلك ان لم تكن الحكومة قد تمددت وترهلت اكثر مما كانت بل ومازالت في بهرجتها ومؤتمراتها كما مازال كثير من المتمردين في مرحلة التفاوض وآخرين في مرحلة الغزل الذي يسبق التفاوض وكل هؤلاء في انتظار الولوج الى القصر الجمهوري او الوزارة او في انتظار ان تشطر له ولاية جديدة ليحكمها . باختصار لو وصل كيلو السكر الى 10جنيه وجالون البنزين /الديزل 20 جنيه وضريبة القيمة المضافة 50% فلا امل للمواطن معقود ان لم تزد معاناته معاناة جديدة .. ولكن هل بمقدور المواطن الفقير المعدم الجائع المريض ان يحتمل اكثر من ذلك هذا سؤال لن تجيب عليه غير الايام القادمه على ايتها حال . الفساد مازال مستشريا حسب ما جاء بتقرير منظمة الشفافية العالمية ولم نشهد محاكمة لمن دمروا ونهبوا اموال شركة الاقطان وسودانير وسودان لاين والحج والعمرة والاوقاف والتقاوي والمبيدات الفاسدة .. وتقارير المراجع العام المتراكمة .. اين قضاء السودان المشهود له بالحياد والعدالة .. ماذا ينتظرون ؟ .. حقيقة ماورد ببعض الصحف كاف جدا للشروع ويوجب اقامة القسط .. لما الاطالة .. هذه امانة ولاتنسوا قول الرسول صلى الله عليهوسلم ( قاض في الجنة وقاضيان في النار ) .. ونحن نريد لكم الجنة بمشيئة الله . الحكومة استمرأت الاستهانه بالمواطن المغلوب على امره .. البرلمان الذي من المفترض انه ممثلا للشعب . سبق في احدى جلساته كان الاعضاء يصفقون لوزير المالية طربا وهو يتلو عليهم زيادات في الاسعار .. وفي المرة الاخيرة كان اعضاء البرلمان يصيحون كوراليا .. مجاز .. مجاز .. حتى قبل تلاوة بيان الزيادات عليهم .. من يعارض هذه الزيادات يوصم بالعمالة لاسرائيل وبانه طابور خامس .. و الحسرة والانين تملآن الصدور يكتمهما المواطن صدره خوفا من بطش الحكومة .. فيتجه الى الله ان يرفع الغلاء واسباب الغلاء .. وبعض ما يسمى بالاحزاب ( احزاب المعارضة ان شئت) قامت ببعض الحراك المتواضع والمتردد كعادتها واحدث الفوضي بحرق الاطارات والرشق بالحجارة ثم انفض السامر مع حلول عيد الفطر المبارك .. لا صوت يعلو فوق صوت الحكومة .. حتى المواطن ليس له ان يتفوه .. بآه . والله نسأل اللطف وهو اللطيف .. آمين . Yusri Manofali [[email protected]]