[email protected] أمس السبت كانت بداية زيارة اتحاد الصحفيين الدولي للسودان والتي من المقرر استمرارها لتشمل برامج تحتوي على تدريب على أعمال السكرتارية وتدريب للمراسلين وجلسة تتناول قوانين الإعلام السودانية وكتابة التقارير والبيانات ، كما يشمل البرنامج مائدة مستديرة تتناول مبادرة الصحافة الأخلاقية التي أطلقها اتحاد الصحفيين الدولي ثم يعقبها لقاء عن مساواة النوع الاجتماعي. هذا ما جاء على لسان د.محي الدين تيتاوي رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين في تصريحه لصحيفة "الأحداث" .لفت نظري استخدام رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين لتعبير قوانين الإعلام السودانية بدلاً عن قوانين الصحافة . فلو كانت هناك جلسة بهذا الخصوص فأخشى أن يكون بالبرنامج المذكور خللاً ما ، لأن الزائر والمزور كلاهما مختصان في فرع من فروع الإعلام وهو الصحافة فلماذا يتجاوز الاتحاد قانون الصحافة ويقفز إلى قانون الإعلام الفضفاض وهل ذاك القانون يشغل الرأي العام بشكل أكثر إلحاحاً من قانون الصحافة؟ ولو كان استخدام رئيس الاتحاد لتعبير قانون الإعلام بدلاً عن قانون الصحافة هو لحساسية ما صاحبت ذلك القانون المثير للجدل فهل هذا الإحلال والإبدال للتعابير يحل أي قضية ؟ لا يجدر بنا تخطي هذه التساؤلات ولكنا مجبرين على الانتظار لإجابات تحملها لنا تغطيات اليومين القادمين للحدث. هذا إن ترك الإعلام السوداني متمثلاً في الصحافة والتلفزيون والإذاعة ، عادته القديمة في الاحتفاء المظهري بالأحداث ، أي عرض صور وتصريحات وتعليقات لزيارة أعضاء الاتحاد الدولي للصحفيين دون النظر في أغوار برامج الزيارة والاستفادة منها في مناقشة قضايا هامة .ففي هذه الزيارة يحمل الاتحاد الدولي للصحفيين من ضمن أجندته مبادرة الصحافة الأخلاقية ، وهي مبادرة لدعم حرية الصحافة والديمقراطية تسعى إلى بناء الثقة بين الجمعيات والصحافة وبناء الحوار بين المجتمع المدنى والحكومات ووسائل الاعلام وكذلك طرح الجودة الأخلاقية فيما يتعلق بالصحافة. سنتفاءل بأن ينتهي النقاش مع أعضاء الاتحاد الدولي للصحفيين ليبتديء نقاش آخر على المستوى الوطني يتناول دور الصحافة وما ينبغي عليها أن تقوم به في تغطيتها للانتخابات المقبلة. ومن أهداف المبادرة أيضاً جعل الصحافة أكثر استقلالية وشفافية كما مرجو منها الاهتمام بمواجهة تحديات حقيقية مثل تصاعد حدة الصراعات العنصرية و الثقافية . وتنادي المبادرة بتجديد الصحافة المستندة إلى القيم عبر مشهد يعرض رسالة بسيطة وهى أن الصحافة ليست عملاً دعائياً وأن المنتجات الإعلامية ليست مجرد مدخل اقتصادى وانها تضيف قيمة إلى الديمقراطية وتحسن جودة الحياة التى يعيشها الناس. أما بند المبادرة المتعلق بضرورة خضوع الصحافة لمحاسبة حقيقية من قبل مجلس الصحافة فهذا هو الشيء الوحيد الذي نستطيع أن نطمئن الاتحاد الدولي للصحفيين بشأنه لأن حقه موفىً بغير جدال. الحديث عن الجودة الأخلاقية يشمل أيضاً ردم هوة الثقة والمواقف العدائية بين الصحافة والسلطة ليتخلّق وفقاً لذلك إطار ينظم العلاقة بينهما من جهة وبين الصحافة والمجتمع المدني من جهة أخرى. وتأتي أهمية ذكر هذه العلاقة ومناقشتها لأنه من صميمها ستأتي حرية الصحافة والتعبير، ذلك الحلم القائم على فكرة أن للإعلام رسالة يجب أن تعبر الأرض الحرام وأن ما يزيد على أربعين صحيفة تشتعل الرقابة تحت أرجلها مع حمى هدير المطابع بينما هي تبحث عن صفحة لم تُبتر بعد لتكتب فيها عن جرعة حرية ينحني الصحفي السوداني منذ أن سجّل قيده عند مجلس الصحافة ليدلقها في جوفها ولكن ارتعاشة القلم تزلق ورقه ليجد أن للحرية طعماً مغايراً لم يذقه ولم يرتو منه بعد. عن "الأحداث"