أيام كثيرة وأحداث وأفعال وكوارث وإخفاقات طوتها نهاية هذا العام ، أيام مثقلة بالمحن أروت القلب حزناً حد أننا لا نستطيع إلا حملها معنا لسنين قادمات لأن الوجع كما العشق لا يفتأ ينكأ ويصعب الفكاك منه ، بلد غارق في المصائب ومتوج بالصبر وحبلى أخباره وصحفه بالموت ، تتفرّخ فيه المشاكل والعقبات ككائن خرافي الخصوبة ، بلد بتنا فيه غرباء ، كلامنا صمت وصوتنا مكسور ، حلمنا تائه وعشقنا مبتور ، أمانينا منقوصة وحكاياتنا بلا نهاية ، أماننا يُفاوض عليه بالمال وفضاءنا مكشوف ، عظامنا جوّفها طول المسير وبهائمنا أفزعها صوت الرصاص فتاهت في العراء ، نظرات أطفالنا في المفازات الغربية خطفها الأفق البعيد والخيام التي هي مد البصر ومستقبلهم ألجمته عيشة المعسكرات وبؤس المناظر وصفوف الهبات التي سترافق ذاكرتهم ملتصقة بها لسنين طويلة كرائحة وقرى بأكملها غاب عنها رجالها فباتت تحرسها النساء . تتكاثر الأحزان ومعها نشيخ لكننا نواصل الحياة حتى وإن سال القلب حزناً لأنه علينا ذلك ولأن في بعض الصباحات بلل بالأمل كما بقايا ندى الليل على الزهر و من يمنحني وطنا آخر أرضاً تحميني من بلدي قلباً يأويني من أهلي هذا البلد الذي كوته النكبات والكوارث حد اختراقها لحياتنا كسيف، خلافات وحروب داخلية ، ألغام مزروعة وإهانات مرض ، وطن واسع وجيل عاق ، مجاعات وذكرى غبار أصفر عم حبيبتي كردفان في جفافها المشهود ، وفيضانات أرهقت النيل وأهله ، لكن الكوارث العظام عادة لا تنتظر الفرج من أحد كما يقولون . الحزن سيرافقني للعام القادم وكل الأعوام القادمات ، سنبكي علناً مدناً دُمرت وأخرى مازلنا نتنازع عليها بالسلاح على ملأ من العالمين وحدوداً بطول غير معقول أرهقت حراسها وقرى صارت رماداً ذات لحظة طائشة ، سنبكي أطفالاً ذهبوا بالحمى والكوليرا والحصبة والغدر وأبناء الدفاع الشعبي وفرسان من المسيريه سندوا وطنهم ساعة الجمره وآخرين من البقارة وغيرهم ، سنبكي أرواحا ذهبت بالحمى الصفراء والكبد الوبائي والسرطان وتائهين ماتوا بالأسبريت ذات مساء وبالجملة سنستقبل العام الجديد بقلب هدّه الوجع وهزمه الحزن وفطرته المصائب وغطاءه الهباب الأسود الذي جعل كل شيء قاتما، لكننا سنُبقي على الحب ، وللحب قوة لا تعرف حدوداً وعلى الرغم من كل ذلك نحن بحاجة لوطن حتى وإن كان متعسراً ، بحاجة لبعضنا دون أحقاد قديمة وتراكمات ، بحاجة لما تبقى من أرضنا دون استقطاعات جديدة حتى وإن كانت جافة من العطش ، وللكثير جدا من الصبر والأمل لأننا نريد لأطفالنا أن يحيوا سالمين [[email protected]]