تحليل إخباري يحذر من سلبيات الذكاء الاصطناعى: «ليس عصا سحرية»    شيرين عبد الوهاب تلغي حفلها الغنائي مع حسين الجسمي في دبي .. ما السبب؟    نافع: تجاوزنا نقص السيولة الدولارية "زيادة الإنتاجية هى العلاج الحقيقى"    السودان.. اتهامات بالتصفية والقتال يقترب من أبرز معاقل الدعم السريع    علي الحجار ورانيا فريد شوقي «مش روميو وجوليت» على المسرح القومى – صور    حارس المريخ يودع جماهير ناديه برسالة مؤثرة بعد رحيله رسمياً: (أتمنى ان يجتمع شملنا مستقبلا اتركوا لي مكاناً في قلوبكم وتمنوا لي التوفيق اينما ذهبت يعيش نادي الشعب المريخ العظيم)    شاهد بالفيديو.. شاب مصري يشيد بالسودانيين بعد مشاهدته موقف أمامه لرجل سوداني وجد أموال على الأرض ورفض أن يأخذها وقام بتسليمها لأقرب محل: (الناس دي محترمة وعندهم أخلاق وأمانة)    شاهد بالفيديو.. افتتاح أقدم مطعم "سمك" سوداني بمدينة عجمان.. عمره 80 عام وكان الخيار المحبب في الأكل عند معظم رؤوساء السودان.. تطويره جاء برؤية منامية وصاحبه يحكي القصة كاملة    شركة الكهرباء تعتذرعن العطل المفاجي ببورتسودان وتنفيذبرمجة عاجلةوتدعوللترشيد    شاهد بالفيديو.. مواطن سعودي يطيل الغزل في الشعب السوداني: (%99 منهم راقيين في تعاملهم و %1 عشان العين.. أنتم مضرب مثل وأتمنى من بعض الشعوب المنحرفة أن تتعلم منكم)    شاهد بالفيديو.. سودانيون بالسعودية يثيرون سخرية الجمهور بعد محاصرتهم للراقصة آية أفرو والاصطفاف حولها لالتقاط صور معها وساخرون: (عواطلية وكيم كارداشيان تشعر بالصدمة والمنافسة)    ابراهومة :نسعى لبناء فريق بطولات. والنخبة وسيكافا إعداد مثالي للأبطال    تقسيمة مثيرة في مران الأحمر وثنائي اجنبي ينضم للجهاز الفني    حمى "غرب النيل" تضرب تل أبيب    اردول: لذلك كان مبرراً إسقاط حكومة قحت وتشييعها الي مزبلة التاريخ    نقل المعركة من حدود الفاشر إلي تخوم منطقة الزرق يعني عملياً تضييق الخناق علي مليشيا حميدتي وآل بيته    النيران الصديقة تمنح فرنسا فوزا شاقا على النمسا    بايدن بصدد إعلان برنامج جديد لاستيعاب المهاجرين.. ما هي شروطه؟    عيساوي: قتل الثعبان    (ثلاثة لا تقترب منهم: الحصان من الخلف والثور من الأمام والفاشر من جميع الاتجاهات)    شعار براؤن يصل يورو 2024 روديغر لاعب منتخب المانيا يقلد المصباح ابو زيد والاتحاد الأوروبي يتدخل    حفل رائع في قرعة دورة الصداقة بالضعين    تواصل العمل في صيانة وتأهيل مباني هيئة البراعم والناشيئن بمحلية بورتسودان    يورو 2024: تعادل أول وتراجع بمعدل التسجيل 17 يونيو، 2024    شاهد بالصور.. الحسناء السودانية "لوشي" تبهر المتابعين بإطلالة مثيرة في ليلة العيد والجمهور يتغزل: (بنت سمحة زي تجديد الإقامة)    كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟    مدرب تشيلسي الأسبق يقترب من العودة للبريميرليج    مسجد الصخرات .. على صعيد عرفات عنده نزلت " اليوم أكملت لكم دينكم"    بالأرقام والتفاصيل.. بعد ارتفاع سعر الجنيه المصري مقابل السوداني تعرف على سعر "خروف" الأضحية السوداني في مصر وإقبال كبير من المواطنين السودانيين بالقاهرة على شرائه    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة اكتوبر كانت السبب فى انقلاب 19 يوليو الذى راح ضحيته الحزب .. بقلم: النعمان حسن
نشر في سودانيل يوم 18 - 01 - 2013

وعدت فى الحلقة السابقة ان اعود لموقف الحزب الشيوعى من سكرتيره الشهيد عبدالخالق محجوب والذى شابه الكثير من الضبابية التى اثارت الكثير من الشكوك كأن الحزب لم يصدق نفى سكرتيره التورط فى انقلاب 19 يوليو بالرغم من انه نفى صلته بالانقلاب امام المحكمةوهو يواجه الاعدام بكل شجاعة كما وانه سبق وادلى بنفس النفى عند لقائه بعض قادة الحزب عقب الانقلاب عندما عاتبوه على عدم ابلاغهم حتى يعدوا الشارع للتفاعل مع الحدث بدلا من الارتباك الذى ساد اوساطهم كما انه وحسب ما افادنى به مسئول حزبى بمديرية الخرطوم ان سكرتير الحزب افادهم انه لم يتم ابلاغه بالانقلاب الا ظهر ذلك اليوم نفسه بواسطة هاشم العطا وانه طلب منه عدم القيام باى خطوة كهذه الا انه رد عليه بانه نفسه لم يكن يعرف ولما علم من ابوشيبة حاول اثناء ابوشيبة عن هذا التحرك الا انه رفض وقال له فات الاوان وليس بالامكان فعل شئ لان القوى المشاركة في الانقلاب تلقت تعليمات التحرك ولم يعد بالامكان التراجع عنه الامر الذى يعنى انه وضع امام الامر الواقع.
ولكن وقبل الخوض فى تفاصيل هذا الامر لابد من وقفة تاريخية مع واحد من اهم الاحداث التى كانت البذرة التى زرعت الفتنة فى واحد من اقوى الاحزاب العقائدية فى العالم العربي فلقد كانت ثورة اكتوبر الشرارة التى اشعلت النار فى الحزب الشيوعى والتى وضعت الاساس لتمذقه حتى جاءت خاتمته انقلاب 19 يوليو1971 وقد يستعجب البعض للربط ما بين اكتوبر وانقلاب 19يوليو ولكن تبقى الحقيقة ان ما حدث فى 19يوليو كان نتاجا للازمة التى فجرتها ثورة اكتوبر فى الحزب الشيوعى.
صدق من قال ان الثورات تاكل بنيها لان الثورات متى انتهت بسلطة فان السلطة فتنة اول ما تاكل صانعيها وبنيها وهذا ما اثبته تاريخ كل الثورات حيث لم تسلم منه اى ثورة وقد كان الحزب الشيوعى اول ضحايا ثورة اكتوبر.
فالحزب الشيوعى رعم صغره حجما من حيث العضوية الاان كان الاكبر حجما وتاثيرا فى الساحة السياسية لقدرته يومها فى تحريكه الالة الجماهيرية وذلك عبر كادره الجماهيرى وهو مصطلح يفرق بينه وبين الكادر السياسى من المحترفين والناشطين تحت الارض وهم الاقوى اثرا فى الحزب الا ان الكادر الجماهيرى المعلن عنه ومعروف لدى الاوساط السياسية والجماهيرية فهو الية العمل العلنى فى الحزب لانه يمثل الحزب فى العمل العام وذلك عبر هيمنته على منظمات العمل النقابى والمزارعين والمدنى والطلابى والنسائى وكل هذه منظمات ديمقراطية لا تقتصر عضويتها على الشيوعيين ولكن الكوادر الشيوعية فيها هى التى تنفذ سياسة الحزب برضاء قواعدها مما اضفى على هذه الكوادر مكانةجماهيرية تميزهم عن الكادر السياسى السرى الذى لم يكن يعرف فى الاوساط الجماهيرية بالرغم من ان الاخير هو القابض على مفاصل الحزب رغما عن انه خارج الصورة فالشعب كان يعرف من قادة الحزب شيخ الامين رئيس اتحاد المزارعين والشهيد الشفيع احمد الشيخ والحاج عبالرحمن وعبدالرحمن عباس من اتحاد العمال واحمدسليمان وفاروق ابوعيسى من المحامين وقيادات الاتحاد النسائى على سبيل المثال لا الحصر ولم يكن هناك من يعرف التجانى الطيب وسليمان حامد وصلاح مازرى وغيرهم رحم الله من رحل منهم وانعم بالصحة والعافية واطال عمر من بقى منهم على قيد الحياة
. ولان دور الحزب كان الاكبر فى ثورة اكتوبر كان عبر هذا الكادر الجماهيري القيادات النقابية والمهنية والطلاب والمزارعين واساتذة الجامعات فلقد الت السلطة فى اكتوبر لجبهة الهيئات والتى تتكون من المنظمات التى قادت الاضراب السياسى والعصيان المدنى والتى ضمت فى تكوينها غالبية الكوادر الجماهيرية من الحزب الشيوعى حتى ان كل ما تمخض عن هذه الحكومة حسب على الحزب الشيوعى ولكن يومها تفجرت اول بوادر الانقسام عندما شكلت الكوادر الجماهيرية القابضة على السلطة قوة مستقلة عن الحزب وكانت ترفض الانصياع له بحجة انهم يمثلون منظمات جماهيرية وليس الحزب مما حال دون ان تكون للحزب كلمة فى السلطة مع انه يتحمل مسئوليتها لتولى كوادره قيادة السلطة لهذاكان من الطبيعى ان تنتهى جكومة اكتوبربشرخ كبير فى الحزب بين كادره الجماهيرى من المشاركين فى السلطة وكوادره السياسية من المحترفين تحت الارض كما كان يطلق عليهم وهم الاقوى على مستوى الحزب لتنمو بذرة الانقسام فى داخله حيث اتقسم لجناحين متنافرين تشكلت اغلبية واحدة منهما بالكادر الجماهيرى الذى اخفق فى ادارة السلطة وبقى الكادر السياسى فى الجانب الاخر من الانفسام وقد اعلن هذا الانقسام يومها عن نفسه بحدة فى اللجنة المركزية للحزب ولم يعد من طريق الا ان ينعقد المؤتمر العام للحزب للفصل بين الفصيلين بعد ان لم يعد الحزب يقبل وجودهما معا فى منظومته .
ولسوء حظ الحزب ولسوء حظ انقلاب مايو ان الانقلاب سبق المؤتمر العام للحزب ببضعة اشهر قليلة حيث كان الاعداد له يجرى لانعقاده قبل الربع الاخير من عام 69.وجاء الانقلاب ليحول دون عقد المؤتمر فى موعده لتصاعد الاحداث ولان الانقسام نفسه اخذ شكلا حادا بعد تفجر الصراع بين الجناحين حول مايو
سبق هذا الامر موقف لابد من وقفة فيه فلقد عبر الانقسام عن نفسه فى تباين موقف الجناحين من الانقلاب عنما تمت مشورة الحزب فيه حيث بارك جناح الكوادر الجماهيرية والذى سبق له المشاركة فى حكومة اكتوبر فما كان منه الا ان يبارك الانقلاب بينما رفضه الكادر السياسى بقيادة الشهيد عبالخالق لهذا ولما نجح الانقلاب كان جناح الكوادر الجماهيريىة هو االحليف والاقرب لثورة مايو ومحل ثقة الانقلابيين خاصة لوجود مولانا بابكر عوض الله الاقرب لهذا الجناح لكونه اكثر احتكاكا به جماهيريا خاصة فى اكتوبر فجاء تكوين حكومة مايو تعبيرا عن هذا التحالف بالرغم من ان قادة مايو لم يكونوا يومها على علم بهويه الاتقسام وحدته فكانت ردة فعل هذا الامر البذرة التى زرعت الفتنة بين الانقلاب وبين الحزب الذى عرف فيما بعد بمجموعة عبد الخالق وكاتب هذه الحلقات واحد من هذه المجموعة حيث تمثلت ردة فعله فى:
1- ان اصدر الحزب بيانا امسية الانقلاب حمل فى طياته تشكيكا فيه وتهديدا له مما اثار ردة فعل عنيفة لدى مجلس الثورة ولأهمية هذا البيان اورد اهم ما جاء فيه
(ما جرى صباح هذا اليوم انقلاب عسكرى وليس عملا شعبيا مسلحا قامت به قوى الجبهة الوطنية الديمقراطية عن طريق قسمها المسلح ادى هذا الانقلاب الى تغيير فى القوى الاجتماعية التى بينها القوات المسلحة وقضى على قوى الثورة المضادة وطبيعة هذا الانقلاب تبحث عنها فى التكوين الطبقى للمجلس الذى باشر الانقلاب-مجلس الثورة- وفى التكوين الجديد للقيادات هذا البحث يشير الى ان السلطة اليوم تشكل من فئة البرجوازية الصغيرة فى البلاد) الى ان يقول البيان (من المؤكد انه فى حالة بقاء هذه السلطة ان تتاثر بالجو الديمقراطى العام فى بلادنا وبالمطالب الثورية للجماهير وليس لها طريق اخر وستلقى الفشل اذا ما حاولت ان تخط لنفسها طريقا يعادى قوى الثورة السودانية)
2- ان يطالب الحزب ويشترط ان يتم اختيار اى كادرمنه عبر مؤسسة الحزب بما يعنى الغاء تعيين اى عضو من الحزب مالم يتم عبر قنواته
3- 3- توجيه من تم تعيينهم فى الوزارة من مجموعة عبدالخالق بعدم اداء القسم مالم يتجاوب المجلس مع شروط الحزب
وهكذا عبر الانقسام فى الحزب عن نفسه بهذه الصورة الحادة التى شكلت العلاقة السالبة بين الثورة والحزب مجموعة عبالخالق حيث عرف الانقساميون كيف يستغلون موقف الحزب الذى فجر بيانه غضب قيادة الانقلاب ولانه وضع بجانب هذا الانقلاب امام خيار صعب حيث يطلب الحزب اعترافا رسميا به فى السلطة ووفق شروطه الامر الذى مكن الانقساميين من صب الزيت على النار لتوسيع الجفوة والفرقة بين السلطة ومجموعة عبدالخالق والتى تصاعدت حدتها حتى انتهت باعتقاله كما هيأت المسرح لمؤامرة انقلاب 19 يوليو التى استهدف بها الحزب ليكون كل من الحزب ومايو فى نهاية الامر ضحايا ذلك الانقسام حيث تمت تصفية الحزب وقياداته كما انقلبت مايو على نفسها من اقصى اليسار لليمين تحت حكم الفرد الواحد. وما كان هذا ليحدث لولا الانقسام الذى افرزته ثورة اكتوبر.
شخصيا لقد كان لاصدار الحزب لبيانه الاول حول الانقلاب ولما اثاره من ردة فعل غاضية كان هو السبب المباشر لدخولى القيادة العامة فى ثانى يوم للانقلاب عندما تلقيت اتصالا هاتفيا من الرائد ابوالقاسم هاشم عضو مجلس الثورة يطلب حضورى للقيادة العامة على وجه السرعة لما يعرفه عن انتمائى لمجموعة عبدالخالق ارتباطى به شخصيا مع مجموعتنا من قيادة اتحاد الشباب اليسودانى الموالية له ولمعرفته بما يربطنى مع اعضاء مجلس الثورة والذين تجمعنى بهم جميعا علاقة شخصية قوية لهذا كنت اول مدنى شيوعى يدخل القيادة العامة صبيحة اليوم الثانى للانقلاب و عندما التقيتهم كانوا فى قمة الانفعال والغضب على بيان الحزب الذى تهددهم ان حادوا عن الطريق بينما كانوا يتوقعون منه ترحيبا بما انجزوه ويتوافق مع الحزب فحملت احتجاجهم لعبدالخالق والذى كان يومها قد قوبل بيانه باعتراضات من بعض الكوادر الموالية له وبالفعل تجاوب عبدالخالق واصدر الحزب بيانا توضيحيا للتخفيف من ردة الفعل الغاضية ولكن وبالرغم من ان البيان الثانى لطف الاجواء الا انه بقى نقطة سوداء عرف الاتقساميون كيف يستغلونها لمزيد من التعقيدات فى علاقة الحزب مع مجلس الثورة وبسب هذا الواقعة وبينما كنت بصددمغادرة السودان لبعثة دراسية للتحضير لدكتوراه فى الاقتصاد يوم 28 مايو الا انى تخليت عن البعثة استجابة لطلب عبدالخالق لابقى حلقة وصل بينهم ومجلس الثورة لحاجته لمن يلطف الاجواء وكان هذا هو السبب فى دخولى القيادة العامة كما اشرت فى حلقة سابقة.
عودة لانقلاب 19 يوليو:
.بديهى انه ما كان الانقلاب الذى راح ضحيته الحزب لولا ذلك الانقسام ولقد اشرت
فى الحلقات السابقة للملابسات التى اثارت الكثير من الشكوك حول علاقة الحزب الشيوعى باتقلاب 19 يوليو وبصفة خاصة ما وردعلى لسان قيادة الحزب من انه مسئول عن انقلاب 19يوليو ولاعلاقة له بانقلاب مايو مع انه فى الواقع كان على علم بانقلاب مايو ةسكت عليه حتى نفذ ثم ارتبط به ارتباطا مباشرا بعد نجاحه بينما لم يكن على علم بانقلاب يوليو الا انه اجبر عليه بعد ان نفذ ويحمل اسمه يؤكد هذا ان قاعدة الحزب استقبلته بحذر شديد بعكس ما استقبلت به انقلاب مايو ولعل التناقض الاكبر للحزب حول هذا الامر ان هذا الانقلاب الذى ادعى الحزب انه يتحمل مسئوليته انه لم يتطرق له في المجلد الذى اصدره الحزب بمناسبة عيده الاربعين.الذى اصدره فى عام 1988
هذا المجلد صدر عن الحزب بعد سبعة عشر عاما من انقلاب 19 يوليو وكانت فترة كافية ليكشف الحزب عن رؤيته للانقلاب ان يقدم اجابة وافية على العديدمن التساؤلات التى احاطت بالانقلاب وان يزيل الضبابية عن مواقفه من الانقلاب بصفة خاص
1- هل كان انقلاب 19 يوليوحقا انقلابا شيوعيا نظمه الحزب ؟
2- اذا لم يكن هناك قرار من الحزب فهل هناك اى جهة او فرد او مجموعة افراد تورطوا فيه باسم الحزب ومن هى هذه الجهة او من هم هئولاء الافراد وماذا كان موقف الحزب منهم؟
3- وتحديدا هل تورط سكرتيرالحزب الشهيد عبدالخالق فى الاتقلاب وانه المخطط له وماهو موقف الحزب منه عنئذ اذا ثبت انه تورط فيه او ورط الحزب فيه؟
ولكن الحزب لم يقدم اى اجابة على هذه التساؤلات حول اهم حدث ارتبط به حقيقة او نسب اليه زورا وهو انقلاب 19 يوليو والذى راح ضحيته اهم قيادات الحزب بل واصل الحزب فى مجلده تدعيم الشكوك حول تورط سكرتيره فيه بالرغم من تاكيد السكرتير نفسه انه لم يكن له علم به او له علاقة به وانما وضع امام الامر الواقع من منظمية لكونه نفذ بعد ايام من تهريبه وتحت قيادة من قام بتهريبه وترتيب اقامته .
وكم كان غريبا ان يسهب الحزب بالتفصيل فى مجلده و يتناول الاحداث منذ نشاته فى 1946 حتى وصل الى حادثة هروب سكرتير الحزب من معتقله فى يونيو 1971 قبل ايام من الانقلاب ولم يدلى براى حول هذه الواقعة ثم جاء شهر يوليو الذى شهدالانقلاب ولكن المجلد صمت عن الادلاءباى وقائع حول اهم حدث فى تاريخ الحزب الذى شهده هذا الشهر الا انه جاءت اشارته فقط فى صفحة 184 حيث نشر ما اسماها اخر وثيقة خطها سكرتير الحزب من المعتقل قبل هروبه وكانت الوثيقة نفسها مصدرا لمزيد من التساؤلات والتى نشر نصها بالمجلد حيث جاء فيها ما يلى:
( ان روح الاستسلام الناتجة عن انتصار الثورة المضادة تعلن ان الطريق للحركة الثورية اصبح مقفولا ونحن نشهد ذلك فى سلبية اقسام هذه البرجوازية الصغيرة – ويواصل الى ان يقول- ومن نفس الموقع تنموالاتجاهات اليسارية التى تبشر بانه لامكان للنضال الجماهيرى ولا امل من ورائه وكل ما تبقى للثورة هو ان تنكفئ على نفسها وتقوم بعمل مسلح
مثل هذا الخط يمكن ان يستهوى فى الواقع العناصر السياسية التى لم تتمرس بعدبالنضال الثورى)
ماورد فى المجلد عن اخر حديث لسكرتير الحزب قبل الانقلاب بايام وبعد هروبه لايخرج عن ماجاء فى قرارات المؤتمر الرابع للحزب فى 1967 وكان المعنى بهذا القرار يومها الانقساميين بقيادة احمد سليمان الذن فقدوا الثقة فى النضال الجماهيرى وايدوا العمل المسلح بديلا له فما هو القصد من الاشارة لهذه الوثيقة فهل ارادت قيادة الحزب ان تبرئ سكرتير الحزب من الانقلاب باعتباره رافضا للعمل المسلح وانه ليس من السياسيين الذى فقدوا الثقة فى النضال الجماهيرى ولو ان هذا كان مقصدهم فلماذا لم ينفوا عن السكرتير تورطه فى الانقلاب صراحة ام انها ارادت ان تدفع باتهام غير معلن يترك لفهم القارئ بان الحزب يعيب على السكرتير ان يتورط فيما نهى عنه وانه اصبح من السياسيين الذين فقدوا الثقة فى النضال الجماهيرى وانصرفو للعمل المسلح مما يؤكد تورطه فى الانقلاب فلماذا ترك الحزب الامر للاجتهاد الخاص ولم يتخذ من حديثه تاكيد لعدم تورطه ليرفع التهمة عن سكرتير الحزب الذى نفى بنفسه اى علاقة له بالانقلاب. مما يعنى ان نشر الوثيقة دون اتخاذها دليلا على براءة السكرتير مما نسب له يعنى ادانة غير مباشرة له. .
ولكن هل كان سكرتير الحزب متورطا فى الانقلاب وهو نفسه نفى علاقته به وهو ما اكدته الكثير من الادلة التى تناولها باهتمام وحيادية الكثيرون من خارج الحزب الشيوعى كما اكد عليها شهودعيان وقف على راسهم الصحفى المصرى احمر اللون احمد حمروش والدكتور منصور خالد واللذان كانا حضورا وقت المحاكمة وكلاهما نقلا على لسانه انه لم يكن على علم بالانقلاب .فلقد اكد هذا الدكتور منصور خالد فى كتابه (السودان والنفق المظلم) صفحة 41 وهو يوثق الوقائع كشاهد عيان كان حضورا فى المحكمةاورد فى كتابه ما يلى:
(كان عبدالخالق منهك القوى مشقق الشفتين فطلب كوبا من الماء صبه له عمر-عمر الحاج موسى- ثم اردفه بثان وثالث نهل اثنين منهم بيد عمر اذ كانت يداه مقيدتين وكاد عبدالخالق يكمل الثالث الا انه اثر ان يتناول لفافة تبغ فطلب واحدة منى اشعلتها ووضعتها بين شفتيه وبعدها استانف ابوالقاسم-ابوالقاسم هاشم- استجوابه الهادى مسائلا عبدالخالق مرى اخرى عن اسباب الانقلاب قال عبدالخالق انه لا يعرف شيئا عن الانقلاب)
هذا ما قاله عبدالخالق واكده عنه اكثرمن جهة قبل وفى المحاكمة والذين يعرفون عبدالخالق –واحسب ان قيادة الحزب على راس هئولاء يصدقون قوله لانه ليس من ذلك النوع الذى ترهبه المواقف فينكر اعماله يؤكد هذا صموده امام المحكمة ومواجهته تنفيذ الاعدام بشجاعة وثبات اذهلت من اعدموه ولو انه كان مخططا ومتورطا فى الاتقلاب لكان رده عنيفا معددا مبرراته.
فلقد اهمل المجلد ان يؤكد على نفى سكرتيره علاقته بالانقلاب وان يتخذ من حديثه المثبت دليلا ماديىا لتبرئة ساحته وتبرئة الحزب من الانقلاب فهل كانت قيادة الحزب ترى ان هناك ما يستحق ان تؤكد عليه اكثر من براءة سكرتير الحزب والتى هى تبرئة للحزب نفسه .
وبهذا اختتم هذا الجزء الخاص بالانقلاب ولكن يبقى السؤال الاكبر:
لماذا هرب قائدالانقلاب ابوشيبة سكرتير الحزب الشيوعى ومكنه من الاقامة الامنة ومع ذلك لا يحيطه علما به كما اكد عبدالخالق بعضمة لسانه وقائدالانقلاب يعلم ان قرائن الاحداث ستشير لتورطه فيه ليضاف هذا للسؤال الثانى حول موقف قائد الانقلاب الذى لم يعين نفسه رئيسا لمجلسه او حتى عضوا فيه وانه لما اصبح صاحب القرارجاء فى رئاسة مجلس يوليو بمن سبق اعترض على اختباره عضوا فى مجلس ثورة مايو بحجة انه اجق منه لمشاركته فى الانقلاب فكيف جاء بالمقدم بابكر الذى لم يشارك فيه.
خلاصة ما اردت توضيحه ان الحزب جاءت مواقفه رافضة لكل الحيثيات التى تبرئ ساحة سكرتيره رغم المؤشرات العديدة شككت فى ان الانقلاب كان مؤامرة على الحزب ومايو لهذا جاءت مواقف الحزب داعمة لمن يكابرون ويغالطون الوقائع ويصرون على ان سكرتيره هو مخطط الانقلاب مما يثير الشكوك حول احداث بيت الضيافة التى اشارت كل الدلائل انها من صنع المتامرين على الحزب بغرض تصفيته وقد حققوا ما يريدون فقدنجح مخططوا المؤامرة فيما هدفوا الي توريط الحزب فى حركةفاشلة وفى الاستيلاء على مايو بعد خلع ثوبها القديم عنها وقد نجحوا فى تصفية الحزب الذى ظل حتى اليوم يبحث عن استرداد موقعه فى السياسة السودانية كما انهم نجحوا فى تصفية مايو بحل مجلس الثورة وانفراد النميرى بالحكم والذى التفوا من حوله بعد عزل رفاقه عنه حيث تحولوا بالثورة من اليسار لاقصى اليمين وهو ما تخوف منه السوفيت. عندما طالبوا الحزب بتهدئة الاوضاع مع ثورة مايو
حل مجلس الثورة
اما حل مجلس قيادة الثورة وتنصيب رئيس المجلس وحده رئيسا للدولة بلا رقيب عليه انما كان كما قلت انقلابا داخليا لهذا اسميت مابعد حل المجلس بمايو تو وانتهاء ثورة مايو بقرار حل مجلس الثورة فمايو ماقبل الحل يسارية التوجه وما بعده يمينية مفرطة فى اليمينية
وللوقوف امام هذا الحدث الكبير لابد من رجعة للوراء للوقوف مع بعض الاحداث التى سبقت حل المجلس. وهيأت المسرح للانقضاض على مايو ولكن من بوابة رئيسها.
الحق يقال ان النميرى شخصية متواضعة سودانى جاد فى خدمة وطنه ولكنه قليل الخبرة بالشان السياسى وسهل الانقياد لهذا كان تقلبه فى المواقف تعبيرا عن من يحكمون قبضتهم عليه بالالتفاف حوله بعد ان تم عزله عن المجموعة التى جاءت به على راسها رئيسا لمجلس الثورة والذين كان يشكل معهم مجموعة متجانسة اعنى بهم اعضاء مجلس الثورة من غير عضويته الشيوعية حيث كانوا فى بداية مشوار الثورة مجموعة متناسقة وموحدة مترابطة اجتماعيا فى اسرة واحدة الا ان ظروف الثورة والمهام الموكلة لهم باعدت بينهم مما افسح المجال لان تحتضن النميرى مجموعات تسللت اليه وسط غفلة من زملائه اعضاء المجلس خاصة وان ما يحمد للنميرى وان- كلف هذا الثورة كثيرا- انه اسلم امره للمثقفين وكان سريع التاثربهم ولو ان من اولاهم ثقته منهم كانوا قدر المسئولية وكانت لهم اجندة سياسية متوافقة مع مايو كانوا جادين لقدموا للوطن الكثير ولكنهم لم يكونوا على قدر الحدث واصحاب غرض فنجحوا فى ان يفرقوا بين النميرى واقرانه حيث بدا النميرى ينفرد بالكثير من القرارت تحت تاثير المثقفين الذين كان يثق فيهم ثقة عمياء وما درى ان بعضهم كان يخطط للفتنة بينه واقرانه ولتصفية اهداف الثورة
وحتى لا اظلم النميرى فانه عندما حل مجلس الثورة كان تحت تاثير الانقلاب الفاشل كما ان هناك واقعة خطيرة .افقدته الثقة فى رفقاء دربه واثارت مخاوفه من ان يطيحو به مما سهل للمتأمرين على مايو ان يدفعوه للتخلص منهم بحل مجلس الثورة .
وماسبق هذه الواقعة من احداث شكل مفارقة كبيرة حيث ان رفاق النميرى من غير الشيوعيين والذين ساندوه يوم اعترض اعضاء المجلس الشيوعيين على انفراده بالقرارات دون الرجوع للمجلس فساندوه فى اصدار قرار طردهم من عضوية المجلس فلقد عادوا انفسهم ليعانوا من تخطى النميرى لهم والانفراد بالقرار دون الرجوع اليهم ليجدوا انفسهم فى مواجهة نفس الموقف كما كان حال الاعضاء الشيوعيين الذين شاركوا فى طردهم لينتهى هذا السيناريو بعد ان لاحت الفرصة على اثر ردود فعل اتقلاب 19 يوليو بان ينجح المخطط الذى استهدف مايو بان تم التخاص من كل اعضاء المجلس لينفرد النميرى بمايو ويبقى تحت قبضتهم ولينجحوا فى تغيير مسار الثورة من اليسار لليمين ثم لاقصى اليمين
وحتى لا اظلم النميرى فاننى اجد له العذر فى تبدل موقفه من رفاقه لانهم ارتكبوا خطأ كبيرا فى التعبير عن رفضهم انفراده بالقراروكان هذا قبل الانقلاب بفترة ولو انهم اتبعوا يومها اسلوبا عقلانيا للتعبير عن رفضهم انفراده بالقرار فى جو ودى لايخلوا من معاتبة الاخ لاخيه لربما تفهم وجهة نظرهم ولكن ماحدث منهم وانقله هنا حسب رواية زين العابدين شخصيا لى وهو ماسجلته فى كتابى 25مايو وانهيار السودان عام 92 واطلع عليه كمااطلع عليه مامون فى القاهرة 92 ولم يصدر عن اى منهما نفيا للواقعة خاصة زين العابدين الذى نقلت الرواية على لسانه والتى افادنى فيها انهم استاذنوا النميرى ان يصحبهم فى مشوار بحكم ثقته فيهم واستجاب لرغبتهم دون مقاومة او شك وانهم حسب رواية زين العابدين انطلقوا بالعربة فى اتجاه الكلية الحربية وادى سيدنا حتى ابدى النميرى دهشته فاستفسرهم عن هذا المشوار وهنا كما اكد زين العابدين انهم واجهو النميرى بعنف شديدلانفراده بالقرارات دون الرجوع اليهم وان مامون شخصيا لوح له بمسدس كان يحمله ووجهه نحو راسه قائلا له (هذه الثورة عملتها انت حتى تنفرد بالقرارات) وبهت النميرى لحظتها واعتذر لهم النميرى لهم قائلا انه يفعل هذا بحكم الثقة بينهم ووعدهم الايفعل هذا وعادوا بعد ان تصافوا.معه
هكذا كانت الواقعة كما حكاها لى زين العابدين واطلع عليها مع مامون فى كتابى ولم ينفها اى منهم
لما حكى لى زين العابدين هذه البواية قلت له بالحرف ( اعتقد ان الثورة لن تسعكم كمجموعة واحدة كما كنتم وان النميرى لن يغفر لكم هذا الموقف وانه لابد ان يفكر فى التخلص منكم) ولكنى لم اكن اعرف كيف سيحقق هذا الى ان تهيا له المسرح بانقلاب يوليو الا ان ردة فعله تجاه مامون كانت الاسرع ولعلكم تذكرون كيف ترصد به مع مجموعة من اصدقائه.
وبالطبع فان من حق النميرى ان يكون له راى مخالف لهم بعد ذلك وهو ماحدث حيث انه ما ان لاحت له الفرصة بعدانقلاب 19 يوليو تجاوب مع الرفضين لمايو وتسللوا للقرب منه سارع بتنفيذ الفكرة التى راوده بها من يحملون الغبن عليه وعلى مايو فكان ان اعلن قرار حل مجلس الثورة بقرار منفرد لم يصدر عن مجلس الثورة بالرغم من انه اعلن قرار الحل كانما صدر عن مجلس الثورة بارادته وهذا يجافى الحقيقة فالمجلس لم يجتمع ولم يصدر هذا القرار وانهم فوجئوا به عندما اعلن فى اجهزة الاعلام لانهم كانوا جميعا خارج ولاية الخرطوم حيث اتجه كل واحد منهم لولاية ليلتقى بجماهير الولاية فى لقاءتنويرى باستثناء الاخ خالد حسن عباس الذى كان متواجدا فى الخرطوم ولكنه لم يشارك فى اجتماع الحل فلقد كان زاهدا ومعتكفا بسبب فقد شقيقة بين ضحايا بيت الضيافة.
لهذا فان قرار حل المجلس لم يكن الا انقلابا داخليا وفى حقيقة الامر كان النميرى قد مهد له قبل انقلاب يوليو بتغييرات كثير قام بها فى سكرتارية مجلس الثورة وفى القوات المسلحة بل وفى حرسه الخاص.
الثابت ان اعضاءمجلسالثورة عندما قطعوا رحلاتهم للولاياتوعادوا مسرعين نحو الخرطوم كانوا فى قمة الانفعال الصامت لهذا القرار المفاجئ الذى غدر بهم وهذا ما سايعرض له فى الحلقة القادمة والتى ساتناول فيها السؤال/
لماذا حل النميرة الجهاز المركزى للرقابة العامة.
alnoman hassan [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.