أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    المريخ يكسب تجربة السكة حديد بثنائية    شاهد بالفيديو.. "جيش واحد شعب واحد" تظاهرة ليلية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور    لأهلي في الجزيرة    مدير عام قوات الدفاع المدني : قواتنا تقوم بعمليات تطهير لنواقل الامراض ونقل الجثث بأم درمان    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    تامر حسني يمازح باسم سمرة فى أول يوم من تصوير فيلم "ري ستارت"    وزير الخارجية : لا نمانع عودة مباحثات جدة وملتزمون بذلك    شاهد بالصورة والفيديو.. المودل آية أفرو تكشف ساقيها بشكل كامل وتستعرض جمالها ونظافة جسمها خلال جلسة "باديكير"    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    قرار بانهاء تكليف مفوض العون الانساني    عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق إبراهيم جابر يطلع على الخطة التاشيرية للموسم الزراعي بولاية القضارف    شركة "أوبر" تعلق على حادثة الاعتداء في مصر    معظمهم نساء وأطفال 35 ألف قتيل : منظمة الصحة العالمية تحسم عدد القتلى في غزة    عقار يؤكد سعي الحكومة وحرصها على إيصال المساعدات الإنسانية    بالفيديو.. شاهد اللحظات الأخيرة من حياة نجم السوشيال ميديا السوداني الراحل جوان الخطيب.. ظهر في "لايف" مع صديقته "أميرة" وكشف لها عن مرضه الذي كان سبباً في وفاته بعد ساعات    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    ((نعم للدوري الممتاز)    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    الكشف عن سلامةكافة بيانات ومعلومات صندوق الإسكان    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    لاعب برشلونة السابق يحتال على ناديه    محمد وداعة يكتب:    عالم «حافة الهاوية»    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من حقيبة الذكريات .. بقلم: أمير حمد - برلين
نشر في سودانيل يوم 16 - 08 - 2009


Amir Nasir [[email protected]]
في جلسة هادئة مثمرة دار هذا اللقاء مع خبير الاتصالات المهندس محمد زين عامر والدكتور حامد فضل الله والمهندس معز مكي.
لم أكن بصدد إجراء لقاء صحفي مع هذه النخبة إلا أنني وجدت نفسي في جلسة جديرة بالكتابة عنها فكان هذا اللقاء الذي أعقبه لقاء آخر مع الأخ الأستاذ بسام رشاد الظريف من لبنان للاستماع إلى وجهة نظره في موضوعة اندماج الأجانب , التي كتب عنها كثيرا وعايشها في حد ذاتها كمغترب لمدة طويلة في ألمانيا .
ربما يكون لنا لقاء آخر لتغطية قضايا مهمة تتداخل بين هموم الغربة والشخصية السودانية وسودان الداخل .
أمير حمد : كيف تقيم يا أستاذ محمد زين عامر تجربة الغربة بين الإيجاب والسلب ؟
محمد زين : لقد أتاحت لي الغربة فرصا لم تكن متوفرة في حياتي كما أنها أتاحت لي التعرف على مجتمع حضاري بألمانيا هذا إلى جانب التأهيل الأكاديمي .ثمة نقطة جديرة بالذكر ألا وهي أن الغربة مصحوبة بالخطر وسؤال مهم يتردد في حياة المغترب دائما:
كيف أتيت ولماذا؟ وعليه نجد أن الخطورة متمثلة تماما في ( عدم رجوع) المغتربين إلى موطنهم علما بأنهم قدموا منذ البدء بأهداف معينة وارتباط وثيق بموطنهم الأم .
لقد قدمت إلى ألمانيا مع د \ حامد فضل الله في إحدى سفرياته من وإلى ألمانيا .
حدث هذا صدفة وقد كنت وقتها غير (مستعد) لدخول أوروبا .
إنني أنظر الآن إلى هذه المزالق من منظور مختلف تماما بحكم تقدم السن والتجربة ومعايشة المجتمع الألماني أقول هذا وأعني به تغير المعايير الحياتية , وهيمنة ظاهرة العولمة " العالم قرية صغيرة " .
إنني أنظر إلى الغربة بشقيين :
شق يمس شخصي وحياتي الذاتية .
وشق آخر هو الأسرة
فأرى في أطفالي جزء من العالم الجديد المنفتح الذي سقطت الحدود منه, فكل تداخل وانفتاح هو إضافة لهم , بهذا المفهوم يكون أطفالي غير غرباء في ألمانيا .
أما ما يخص شخصي فإني أمد الجسور بيني والسودان وأسعى من خلال تواصلي معه أن يكون مرقدي الأخير .
أمير حمد : الأخ الدكتور حامد فضل الله لقد كتبت وحاضرات
في قضية (اندماج الأجانب في المجتمع الألماني في أكثر من مرة وفي مواقع كثيرة . هل نجح (الاندماج ) أم فشل ؟.
د \ حامد فضل الله : اوردت آخر إحصائيات وزارة الداخلية الألمانية بأن 70 % من الأجانب مندمجين في المجتمع الألماني غير أن هناك معلومات خاطئة بثت من أجهزة الأعلام الألمانية تعكس عدم اندماج الأجانب في المجتمع الألماني بهذا تكون هذه الأجهزة مساهمة في خلق صورة منافية للواقع بتقديمها صورا ومعلومات خاطئة .
نعم هنالك عوامل عديدة تقف في وجه اندماج الأجانب في المجتمع الألماني كانتشار الفضائيات التي يستغلها الأجانب سلبيا بتقوقعهم حولها في منأى عن الألمان كما أن نساء الأجانب هم في الغالب الأعم( ربات بيوت)لا يساعدن في تفعيل اندماجهن وكذالك أطفالهن
هذا كما أن ظاهرة (التحوصل) التي يتهم بها الألمان الأجانب هي ظاهرة لا علاقة لها بعدم رغبتهم في الاندماج , وإنما لارتفاع الإيجارات في بعض الأحياء الألمانية الأمر الذي دفع بالأجانب إلى التجمع في تكتلات سكنية بعيدا عن المجتمعات الألمانية .
أما ما يخص تعليم أبناء الأجانب فهناك فرص عديدة لا سيما التدريب المهني المشهور به ألمانيا . نعم هنالك صعوبات في تعين أبناء الأجانب ضمن المتفوقين من التلاميذ الألمان .
لا أظن أن اختيار طالب ألماني بدلا من طالب أجنبي \ عربي يقوم على اضطهاد ومقياس عنصرية وإنما لأن الألماني يتقن اللغة الألمانية الأم في كل دقائقها وديناميكي في تعامله داخل موقع العمل بل وخارجه .
لقد اختلقت مشكلة عدم اندماج الأجانب في المجتمع الألماني لتبرهن السلطة الألمانية بأنها مهتمة بشؤون الأجانب على صعيد اندماجهم في المجتمع الألماني متعدد الثقافات.
أن الأحياء الشعبية ببرلين ك (كرويزبيرغ و فيدينغ و نويكولن ) مثلا ليست أحياء (تحوصل) بسبب عدم الرغبة في الاندماج وإنما لعدم مقدرة الأجانب المقيمين فيها على تحمل تكلفة الإيجارات الغالية في الأحياء الألمانية الأخرى , هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يعيش معظم هؤلاء الأجانب من المساعدات الأحتماعية التي تجعل وضعهم الاجتماعي غير متوافق
مع الألمان العاملين في الأحياء الأخرى" لا سيما السكنات الخاصة" . أخيرا أن المجتمع الألماني لا يزل يتهيب من (الغريب \ الآخر المختلف ) "لأن ألمانيا ليست ذات خبرة طويلة مع الأجانب كفرنسا وانجلترا " تجربة الاستعمار ".
- أمير حمد: ما إجابتك على السؤال السابق الموجه للأستاذ المهندس محمد زين بخصوص محاسن الغربة ومساوئها من منطلق معيشتك بألمانيا لفترة طويلة ؟
- د \ حامد فضل الله : لقد قدمت إلى ألمانيا كطالب مبعوث فكان اهتمامي وتحركي في (اطر جامعية ) فلم أعش المشاكل التي يعيشها الآخرون كشريحة الأجانب اللاجئين مثلا .
لقد أصبح العالم قرية واحدة بفعل وسائل الاتصالات الحديثة وحرية وسهولة التنقل الأمر الذي خفف من عدم التواصل مع السودان , وحافظ على الوشائج الاجتماعية والذكريات العتيقة بجيل وحقبة زمنية جميلة أثيرة لدي .
لقد أخطأت في عدم حرصي ان يتعلم أبنائي اللغة العربية لاعتقادي بأن تعلمها قد يربك ويؤخر تعلمهم للغة الألمانية .اما من جانب اخر
فإنني أنظر إلى سلبية الغربة في شريحة_بعض ابناء الجيل الجديد_علما بانهم في الغالب الاعم قدموا إلى ألمانيا لاسباب اقتصادية وضيقة المعيشة في السودان وعليه تختلق اسباب الخروج منه .
هذا كما تكمن الخطورة "سلبية الغربة في سرعة انجراف بعض هؤلاء الشباب القادمين فيقعون في تجارب سيئة لأنهم في الأصل قادمون بلا هدف معين علما بأن للتربية السليمة دور كبير في تحمل المسؤولية وتحديد الهدف وبلوغه .
أي أن إنتفائها يعني السقوط في التجارب السيئة كما ذكرت .مثلما هنالك تجارب كهذه فهنالك تجارب جيدة وناجحة للعديد من السودانيين الذين إنضبطوا خلقيا , وتحملوا المسولية , ودرسوا , وتوفقوا في حياتهم بخطى متوازنة .
- الأستاذ محمد زين : إن السودانيين (محليون ) الأمر الذي ينعكس في عدم استعدادهم والمقدرة على اختراق الحاجز للوصول إلى الآخر \ الألماني وهم كذلك شخصيات متشظية , يكثرون من المجاملة .
وما يثير النظر كذلك هو عدم رغبتهم في العودة إلى السودان \ أهلهم !!!!! أنني أتساءل إذا كانوا لا يرغبون في العودة – وهو سلبي جدا – هل لا يرغب أهلهم في عودتهم إليهم وحوجتهم لهم !
إن الإجابة بالإيجاب دون شك . لهذا نجد أن قطعيتهم عن السودان قد مهدت منذ الجذور , فلا غرابة أن يظل أبناءهم بلا جذور كذلك .
إن عودة السودانيين إلى السودان نعني عكس تجاربهم الايجابية في الغربة والدفع بعجلة التغير الذهني والتخلي عن الإتكالية ومحاسبة الذات .
- -أمير حمد : بهذا تكون قد تحدثت عن بعض معضلات الشخصية السودانية وهذا موضوع كبير فمثلما للشخصية السودانية سلبياتها لها إيجابياتها كذلك كالشهامة والكرم كما ذكرت وكذالك الاخ المهندس معز مكي في حديث آخر و كما ااشار د \ حامد الى مأساة المثقف السوداني حاليا متذكرا " كفاح جيل" مضى .
هنا نخوض في تحليل الشخصية السودانية التي ليست من محاور هذا اللقاء كمحاور عدة تعنى بالغربة وسؤال لماذا فشلت الجالية السودانية ببرلين ؟
امير حمد _
كيف تقيم ياستاذ بسام الظريف مشروع الاندماج في المانيا !
- الاستاذ بسام الظريف
هناك قضايا تمس الاجانب في المانيا فشلت في تحقيق مشاريعها كقضية الاندماج بدليل أن ألمؤتمر الاسلامي الالماني بكل جلساته الاربع لم يختلف قيد انمله عن مؤتمر القمة العربية ( ألمهم ان نلتقي ونسجل حضوراً والسلام ) يجب بادىء ذي بدء بدأ أن نفسر ماهو الاندماج ؟ ان السلطة االالمانية لم تضع جدولا واضحا لتعريفف بنوده هذا كما أن الكثير من الشرائح الاسلامية لايوجد لهم ممثلً في المؤتمر الاسلامي الذي دعا اليه شويبلة وزير الداخلية الالماني ، هذا يعني عدم حرص السلطة الالمانية على مشاركة كل الفرق الاسلامية مما يعني ان هناك عزل وفرزغير منصف وأن السلطة الالمانية تريد ممثلي لإسلام اوروبي أي تغيير عادات ابنائنا وبناتنا الاسلامية الى عادات اوروبية كسباحة الفتيات والرحلات المختلطة أن المؤتمر الاسلامي الالماني يريد تفريغ الاسلام من مضمونه او كما تقول ياستاذ امير " نمر مقلم المخالب "
اعود واكرر أنه يجب تعريف الاندماج وحل اشكالية الفرز والاختيار لتضح للمسلمين الصورة الالمانية كاملة " دون تمويه
هل تريد السلطة الالمانية. أن نتخلى عن الاسلام! ولماذا لايوجد جدول معين لفحوى الاندماج ؟ أليس غريباً ان المسلمين بألمانيا لايعرفون –ولو نذراً" من يمثلهم في هذا المؤتمر الاسلامي الالماني. أن هؤلاء الممثلين للاسلام بعيدون جداً عن الشارع الاسلامي . اخاف أن يفرغ االمضمون الاسلامي من معينه وأن تتهرأ الهوية العرية الاسلامية.
ثمة نقطة اخيرة اود الاشارة اليها وهي عدم تكافؤ عدد التلاميذ الالمان بنظرائهم الاجانب في الفصل ولكي اوضح, هناك فصول بها 95 بالمائة من الاجانب والبقية المان فقط ، كيف يمكن تحقيق الاندماج اذا واسسه هشة منذ البدء ! لايمكن أن يتحقق وينجح الاندماج الاٌ بالتعرف السليم على الاخر المختلف " المسلم " في المانيا.
- امير حمد
– للغربة همومها وانجازاتها هل بموسوعك تحديد محاسنها ومساوئها وفقاً لمعيشتك " الطويلة في المانيا"
بسام الظريف
من محاسن الغربة احساسنابأننا مواطنون من الدرجة الاولى مساوون للالمان في الحقوق والواجبات كما أننا نتمع بحرية كاملة ، في الفكر والتعبير والكتابة والممارسة نقيضاً لأوطننا في الشرق هذا الى جانب تمتعنا بجميع الضمانات الاجتماعية كما منحت عوائلنا مكانتها والدعم الماليً وأتيح لإ ابنائنا التعليم والخروج من مهالك الامية التي تلاحقهم في الشرق ،
- من مساوىء الغربة في المانيا عدم فهم الالمان الحقيقي للإسلام وذلك لسبب واحد هو أن المسلمين لا يمثلون اسلاماً واحداً بل تيارات عدة ومنهم جزء متورطون في التطرف ونظرية التامر
في لقاء محمد زين
تمر صورته في مخيلتي كفيلم سينمائي عميق الأبعاد جذاب متعدد المشاهد فمرة هو محمد زين الشاب الأنيق الوسيم , ومرة شخصية واقعية تترفع على الحضور بتحدي منطقي وبراءة نادرة فأتذكر
( ألفه الفصل )المناط به تأديب المشاغبين , وما أكثرهم في برلين ...." .
لا أدري متى التقيته أول مرة فكلما حاولت تثبيت تاريخ أو معلم معين انفلت كبارقة قصيدة , أو شبح مرح في قصر مهجور . ألا إن ثمة لقاء لا أنساه يوم التقيته يدفع بدراجته في ( فست أند) وهو يهم الانطلاق بها . تصافحنا وقال لي أنه عاد من رحلة جيولوجية خارج ألمانيا .
تحدثنا طويلا وافترقنا ..... نظرت إليه وهو يمخر موج الريح بدراجته ناشدا هدفا ما . أفضيت إلى ذاتي وقتها بأنه ( محمد زين ) واضع الهدف نصب عينيه ) وما أجمل اسمه الذي يذكرني دائما بأستاذي الروحي محمد زين أبو كساوي تلميذ الشيخ العبيد ودبدر.
سألته في ذات يوم أن كان ثمة صلة بينهما فرد بابتسامة عذبة"يا زول عرب الخلا كلهم ,لو سألت أي واحد فيهم تلقى اسمه محمد زين " حسنا إذا هو ليس من أحفاد ( محمد زين أبو كساوي ) ولكنه من كوستي من خواجه كوستي اليس في هذا فخر له ؟
كما أنه تكرم على شرق النيل في الجريف شرق موطن فباب أجدادي بفتح أستديو تصوير ثم أغلقه ولو صبر قليلا إلى أن تم إنشاء جسر المنشية الرابط بين الجريقين المحمولين على أكتاف الشيخ ودبدر11 , لأصبح من كبار المستثمرين ؟ من يدري ربما هو كذلك يخصف الدنيا ويقلبها بدربه ولكن خلف الكواليس .
قال في إحدى الجمعيات الأدبية – وهو سكرتير الجالية السودانية المرموق . سأتحدث في المحاضرة القادمة عن موضوع بعنوان (طبائع الاستبداد). كنت أعلم في سري بأنه كتاب للكواكبي ولكن ما الذي دفع به للحديث عن هذا الموضوع ؟ ألانني (ترفعت) مازحا في موقف ما ؟ سألت الصديق الكريم الفاتح عبد الماجد عن السبب فلم يرد لأنه كان كعادته في عجلة من أمره لاستقبال ضيوف في منزله الذي وصفه الصحفي محمد شريف (بالبانهوف تسو)2.
ربما نفاجأ يا أخي محمد زين بهذه الأمسية المقامة احتفاء بك فأنت لست غريب علينا ولا بعيدا عنا رغم أنك تسكن في قلب مطار فرانكفورت أو كرانكفورت4 كما يسميها الأستاذ حسن عبد الوهاب .
ربما فوجئت بهذا الاحتفاء بشخصك الخليق بالاحتفاء إلا أن المفاجأة
لن تكون بمثل الصدمة التي عشتها في دار الجمعية الأدبية في ذات مرة حينما شرعت في محاضرة عن أسطورة عرس الزين للطيب صالح .
أتدري ماذا حدث في عرس الزين يا ابن زين؟ نعم لقد كانت صدمة بحق لن أنساها طيلة حياتي إذ دخل الأخ الصديق دكتور حامد فضل الله برفقته الأديب العالمي الطيب صالح . لا أدري كيف حاضرت, وأي أخطاء وتهويمات أتيت بها من كثرة إرتباكي بحضور الراحل المقيم الطيب صالح, غير أنه فاجأني بقوله : أبعث بهذه الدراسة إلى دوريات ذات مستوى رفيع . طلب مني الأخ حامد فضل الله في ختام الجلسة
أن اصطحبه مع الأستاذ الطيب صالح لنستأنس في مقهى ليلي. اعتذرت لأنني مرهق كنت وتوقعت أن يظل الأستاذ الطيب صالح في برلين فإلتقيه من ثم. لم يحدث شئ , فقد غادرر الأستاذ الطيب صالح مسرح الحياة دون عودة دون ان أحظ بلقائه ثانية .
لا أدري يا خبير الاتصالات محمد زين ما الذي جعلني أربط شخصيتك بشخصيات معينة .ربطا ليس وثيقا أقرب إلى التماس والتقاطعات في نواحي معينة .
إنك تذكرني بشخصية محجوب ليس محجوب الطيب صديفنا البرليني ابن البركل حاضره أقدم وأرقى حضارات العالم وإنما محجوب المتميز (بموضوعية عالية )في رواية موسم الهجرة الشمال للطيب صالج فكان ينظر إلى الحياة ة والناس في قريته \ ود حامد من منطلق الجد والمسؤولية, ومثلما كان يمنح الناس والحياة عطاء ثرا ككل المزارعين مثله , كان يطالب بحقه فلم يطمئن إلى السلطة والأحزاب , فأسس حكومته بنفسه , فكان رئيس المشروع في القرية والمسئول الأول عن شؤونها .
أما أنت يا أخي (محمد) فكنت (الفه الفصل) في جمعيتنا الأدبية ومثلما منحتك ألمانيا من مميزات التعليم والمنحة والعمل إلا أنك قد كونت حكومتك بنفسك.... عدت وتزوجت من السودان وتواصلت معه كانقلاب سري على ألمانيا .
لا أدري ماذا أسميك ؟مثقف فوضوي ؟ وطني قلق ؟ جيولوجي صبور ينخل أهاب الأرض كالدود ويتنبأ بانفجار بركان هنا أو بئر بترول هناك؟ أأسميك محمد زين عامر كما نعرفه ولا نعرفه !
إنك تذكرني بأكثر من شخصية لا مجال للحديث عنها , فإننا نود
الاستماع إليك وقد ألفتك موسوعة في الأمثال والحكم السودانية .
هذاهو محجوب المزارع متكأ على معوله , يتصبب العرق من جبينه في الحقل , لم تمنحه الحياة أكثر من قوت يومه وهاهو محمد زين يبارح العمل الميداني في العراء كجيولوجي متمرس ليقتعد كرسيا وثيرا في مكتبه بفرانكفورت قبالة نهر (الراين) متصفحا ذاكرته ساخرا بعد من صراع روبرت كوخ والسيده أبسلانتي .3
أقول هذا وأعلم أنه منح بحق قسطا في الحياة لا بأس به لأنه موضوعي , وجاد, وبهدف حياتي كالشخصية ألالمانية الننمطية وهو فوق كل شيء سوداني بقلب كبير كالزين في أسطورة عرس الزين رغم اننا لم نحضر عرسك ياابن زين .
إشارات:
_1 إشارة إلى عبارة الشيخ محمد بدر (جريفاتي فوق كتفاتي, أي أن الجريفيين شرق وغرب على أكتافي دلالة على اهتمامه بهما .
_2 بانهوف تسو هو اسم محطة القطارات الكبرى ببرلين , وقد أراد الصحفي محمد شريف بأن يربط دخول وكثرة ضيوف الفاتح عبد الماجد بكثرة المسافرين في هذه المحطة .
_3إشارة إلى رئيس وزراء ولاية هسن بألمانيا ورئيسة الحزب الاجتماعي الديمقراطي سابقا في هذه الولاية .
4_هكذا يسمي الاستاذ حسن عبد الوهاب مدينة فرانكفورت ب كرانكفورت أي مدينة المرض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.