فى بداياتنا الدراسية قيل لنا " الكلب حيوان أليف " , لم نعترض بالطبع , فالمدرسة مدرسة , رغم أننا وفى ذلك الزمن الباكر كانت قد رسخت فى أذهاننا نتيجة غير تلك التى توصلت اليها المدرسة , دعك مما تلى ذلك من أيام وليالى وسنين حينما بتنا نخشى الكلاب أكثر من " ناس البوليس و الرباطين والحرامية " وذلك حينما تسييدت الكلاب شوارعنا وأزقتنا وحلّالنا , ناس البوليس وقطاع الطرق والحرامية يمكن التعامل معهم فهم من بنى جلدتنا , يبكون ويضحكون ولكن ماذا نفعل مع كلابنا فى السودان ؟ فهى لا تفرّق بين الصاحب ولا الغريب . وحتى وظيفتها الأساسية لا تجيدها فهى شاردة و تائهة معظم الأوقات . ومرّت الأيام وأتيحت لنا الفرصة وشاهدنا كلاب شعوب أخرى , فإندهشنا للإختلاف , فهى ليست أليفة وحسب بل تكاد تبكى وتضحك من شدة الإلفة . ومفيدة للحد الذى جعل تلك الشعوب أن تستخدمها لأداء كثير من المهام والواجبات التى يضيق بها بنو الإنسان ذرعاً و ضنكاً. وعندما طفقت أبحث عن سبب ذلك الإختلاف , كلابهم وكلابنا , تبادر الى ذهنى ذلك العنف الممتد والمتطاول فى السودان والذى لا يريد أن ينتهى ولا نعرف له خلاص . لم أسأل على طريقة " من أين أتى " الأسطورية تلك , ولكن سألت , منذ متى ذلك العنف ولماذا ؟ فتداعت إجابات مذهلة ومخيفة . ثم سألت أيضاً , وماذا عن التسامح الذى يوصف به السودانيين ؟ فوجدت أنه تماهى مع العنف والشر لا من أجل المودة والخير , فأشفقت على كلابنا المسكينة التى إنتقلت إاليها تلك الثقافة دون " يد أو كراع " فأصبحت غير أليفة. وأنا هنا أطالب المسئولين من المناهج التربوية بتغيير تلك الجملة الخاصة بالكلاب إلى " الكلب حيوان أليف بالتأكيد ولكن " . نبيل منصور